الفانتازيا

الدائرة؛ التاريخ الصناعي والثقافي

1-الدائرة

2-العجلة

3-الحلقة, والسوار؛ ثقب محتفظ بجماليته الدائرية

4-الزر الأزرار

5-الثقب

6-الحفرة, والبالوعة, والحقيبة, والميدان

7-العين / العدسة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1-الدائرة

[1]

قبل الحديث عن مفهوم الدائرة, أشير إلى أنني كنت أود لو احتفظ بالعنوان السابق الذي ارتأيته مناسبا لمادة هذا الكتاب وموضوعه؛ الثقب. لولا أن شغلني التفكير حتى توصلت إلى أن الدائرة تعد مفهوما أوسع وأشمل.

 

والدائرة رياضيا هي المحل الهندسي لنقاط تقع على سطح مستو وتبعد بعدا ثابتا عن نقطة ما

 

هذه النقطة (المحورية) هي مركز الدائرة. وهذه النقاط هي حلقة الدائرة أو الإطار الذي يطوق كل ما في داخل الدائرة بما في ذلك المركز نفسه. هذه العلاقة بين الإطار والداخل هي أهم ما يميز الدائرة عن الأشكال الأخرى, ويساهم في تغلغلها إلى الوعي والثقافة البشرية بشتى الطرق المختلفة. لأنها أكثر شكل يوضح ويؤكد على مقدرة الإطار على احتواء الداخل كما لا يفعل أي شكل آخر عدا الصندوق ربما, الذي يعد تكرار ثلاثي الأبعاد للمربع, والمربع برغم تقديره وتقديمه على أنه (خانة) تحصر أشياء عن أشياء, إلا أن قدرته على الحصر تظل مقصورة على فكرة الاتجاهات الأربعة في المربع أو الستة كما في الصندوق. أي أنه إلى حد ما يمكن اعتباره نوع من دائرة مضلعة إن جاز لنا التعبير. ولكنه مقيد باتجاهاته بينما الدائرة تغطي جميع الاتجاهات الفرعية والمتكررة بشكل غير محدود من كل الجوانب. وفي حالة الكرة (التكرار الأقصى للدائرة على مستوى ثلاثي الأبعاد) فإن علماء الرياضيات أشاروا إلى مقدرة الكرة على احتواء جميع النقاط وتوزيعها على سطحها بشكل لانهائي مما يغلق جميع الجوانب والنوافذ بشكل تام. وهذا ما تأكد عسكريا عبر التاريخ, خاصة حين اخترع هانيبال مصيدة الدائرة وحاصر به جنود الرومان. فكرة الحصار نفسها صار يشار إليها على أنها (دائرة مغلقة) وتكيفت الدائرة وفق ذلك, لتأخذ شكل هيولي (غير محدد) يراد به أي تطويق أو إغلاق إطاري / جداري على مجموعة من العناصر المراد حصارها أو جمعها. لهذا استخدمت الدائرة رياضيا بشكل هندسي, أو رياضيا / مجازيا في نظرية المجموعات. ومن عادتي في هذه السلسلة أن أبدأ بالحديث عن الأشكال المادية, لولا أن الدائرة لها حضور دلالي غير عادي, وذلك منذ عرف الإنسان الأول كيف يبصر بعينه. لأن الدوائر أشكال مميزة يُنظر إليها في كل مكان. ينظر إليها تحديدا في صورة الثقب أو الحفرة في باطن الأرض,ورغم أنه في البداية عجز عن رؤية استدارة الشمس في السماء, ولكنه اكتشف ذلك لاحقا, وألّه الشمس (أي جعلها إلها أو كيانا ساميا) ورسمها على جدران الكهوف والمعابد. كان هذا قبل آلاف السنين من مرحلة تأليه الدائرة في صورة مادية أو مرئية ذات قيمة مالية ملموسة ومؤثرة؛ وهو ما نتعرض له في ختام الكتاب ببابه الأخير. أما عن مفهوم الدائرة هنا, فلا يأتي بوصفه رسما أو شكلا, لا نقصده إلا مجازا. أو في شكله الرياضي الخاص والخالص والأكثر تجريدا. ولكن حتى إذا تجسدت الدائرة هي لا تعنينا بأي شكل من الأشكال إلى في صورة واحدة محددة. هذا معناه أن الدائرة تحمل أكثر من صورة. نعم, تحمل صورتين, وربما ثلاث. الأولى هي الدائرة بالنظر إلى شكلها الدائري؛ الإطار المحيط بالفراغ داخلها. هذا الشكل الأسطواني / الدائري هو الذي يعطي للعلامة (علامة الدائرة) سحرها البصري. الثانية هي التجويف الكامن داخل الإطار. هذا الشكل نستفيد به في نظريات المجموعات (خاصة غير يتحور إلى شكل ثالث أقرب إلى الفوضوي أو الهيولي). كما أنه يشكل الهيكل الأساسي لطبيعة الثقوب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[2]

اشتهرت الدائرة في العالم بوصفها علامة تجارية حتى غزت العالم كله, وهناك نوعين من الدراسات التي حاولت أن أقيمها على أساس رياضي لأثبت وأقدر حجم الأثر الهائل للدائرة على مجريات العمل والفن في العالم كله؛ البحث الإحصائي, والذي يحتاج إلى ذخيرة كبيرة وكافية من البيانات من أجل الوصول إلى نتائج سليمة عبر منهج استقرائي واضح. والبحث الاستقصائي, وهو يتبع نفس منهج الاستقراء, ولكن على عينات أقل وأكثر عشوائية, أو أكثر نخبوية بحث الحاجة والمساحة المفتوحة لمجال الدراسة. أو على الأقل هذا ما أفهمه منها. وفي العموم, جمعت وحققت عدد كبير جدا من البيانات, ثم دعمتها بالميل إلى طريقة ثالثة تمزج بين الدراسات التسويقية واللوجستية وبين علوم النفس, والاجتماع, والثقافة, والإعلام, وحتى العلامات, لأثبت أثر الدائرة الهائل, والذي يحتاج إلى دراسة مستقلة لعرض أفكارنا من خلال هذه النتائج التي لا أزعم وصولي إليها, بل توصل إليها باحثين ثقاة من قبل. وأقصى ما استطعت فعله, وعبر مشروع سابق لي, وفاشل, بسبب ضعف أو عدم توفي أي إمكانية مادية أو تقنية لاستكماله, وكان اسمه السابق سالم7 Salem7, لا أذكر الاسم الذي عدلته إليه لاحقا.

 

ناهيك عن كون الدائرة هي الرمز المستخدم لتصوير حرف الواو اللاتيني (الأو O) وكذلك مستخدمة في تصوير العدد صفر (0) بشكل أو بآخر, نجدها أيضا, بشكل أو بآخر, في حلقات حروف الواو والجيم (جي) من كلمة جوجل الإنجليزية. أكبر سلسلة مطاعم للوجبات السريعة في العالم, تعرض شعارها على تصميم محاط بإطار خفي دائري, وكذلك الأمر مع أشهر سلسلة مقاهي في العالم؛ ستاربكس. وأشهر شركة مشروبات باردة في العالم؛ بيبسي, بالتوازي مع شركة كوكا كولا. ماستر كارد, وشركة إتش بي للحواسيب والأجهزة التقنية. استعمال شكل الحروف في أوبو, وأديداس. شركة نيسان, وشركة مرسيدس, وعدد لا بأس به من شركات السيارات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[3]

العلامات التجارية, هي المعادل الأكثر مادية, للرموز الأسطورية في العالم القديم, لكن لا يمكننا قط، أن نغل الدور الحيوي الذي لعبته ولا زالت تشغله تلك الرموز من قديم الزمان وسالف العصر والأوان، حتى يومنا هذا.

 

 

 

الكرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2-العجلة

[1]

تستفيد العجلة من خاصية استدارتها التي تشكل نصف الانحيازات الشكلية في الكون, فالشكل حسبما نعلم لا يخرج عن كونه إلا مستقيم أو منحنى, ومن خلال خط كامل الانحناء ومغلق على نفسه, مشكلا الدائرة. لا نقصد هنا الاستفادة من فكرة الإحاطة التي يوفرها هذا الشكل المتميز, لقد تعرضنا له في مفهوم السوار ضمن تشكيلات الجدار بمقال آخر. وإنما نقصد القدرة الآلية المتولدة عن القوى الحركية عندما تأخذ الحركة شكل خطوطا دائرية, ومن خلال الاعتماد على الشكل الدائرية كنقطة جهد أو ضغط, وبالاحتكاك مع مواد أخرى تشكل حمولة ما, يمكن تساعدنا القدرة الآلية المتولدة على نقل أو رفع أو ضغط الأشياء بقدر أقل من الجهد, وهو ما يعرف بالآلات البسيطة, التي تعمل على تحويل الجهد من اتجاه, إلى اتجاه آخر أكثر ملائمة للوضع القائم. أو هذا ما أفهمه من الموضوع بعيدا عن أي تعقيد رياضي. ولكن الثابت أن هناك نقطة تسمى الارتكاز هي الآلة البسيطة نفسها. مقاومة وهي بين القوة وبين النقطة التي تسمى الارتكاز, مثل الجاذبية التي تجعل الأشياء أثقل. وهناك نقطة الحمل الذي يمثل الحمولة المبذول من أجهل القوة أو الجهد البشري, فالجهد واقع دائما بين نقطة الارتكاز والحمولة, مثل شد حبل عبر بكرة, عملية الشد, تسهل رفع صخرة دون التعرض مباشرة لقوى الجاذبية (حتى لا يتحطم ظهرك). بشكل أبو بآخر تساعد الدائرة في صناعة نصف منتجات الآلات البسيطة؛ العجلة, الرافعة, البرغي, البكرة, المقلاع, المفك, والمفتاح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[2]

ولكن ما يعنينا أكثر, هو العجلة نفسها, هي تستفيد بشكل شبه مطلق, من استدارة كاملة, ومن قانون العجلة الفيزيائي, بالإضافة إلى قوانين أخرى, تفيد كلها الجمع بين التسارع, وبين جعل المسألة أسهل في ركوب العربات وتحريكها وقيادتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

3-الحلقة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

4-الزر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

5-الثقب

[1]

الثقب هو كل فجوة أو خرق حادث في سطح أو جسم ما.

 

وفي عالم من ثنائيات الأبعاد, يظهر الثقب على أنه فجوة في منتصف الدائرة, وحتى في التكرارات ثلاثية الأبعاد للدائرة ممثلة في شكل مثل الأسطوانة,يتحول الثقب إلى مساحة نفقية تعد امتداد بين جانبين يؤدي أحدهما إلى الآخر, وإلا لن يكون الثقب ثقبا. حتى إذا كان أحد الجانبين مغلق, فهذا اتجاه, وخارجه اتجاه آخر. فالثقب بشكل أو بآخر, هو فجوة, تصنع مساحة جزئية داخل الفجوة, أو هو نافذة تعد مساحة واصلة بين طرفين أو اتجاهين. ومثل الإطار المميز للدائرة, بكون دائرة غير دائرية, يمكن أن يكون الثقب أي شيء داخله فجوة ما تحمل جميع العناصر الممكنة لحلقة الدائرة (أو إطار الهيولي) ولكن بشكل عكسي منبعث من ذاتها. الثقب مثل الدائرة, لا يلزمه أن يكون ذو شكل دائري. يمكن صنع مجموعة من الثقوب على شكل دوائر أو مربعات أو مثلثات كما في لعبة ملء الخانات الشهيرة بين الأطفال. لذا يمكننا القول أن الدائرة تمثل الحلقة أو الإطار, بينما الثقب يمثل الفجوة أو الداخل, هذا الحاجز بين الداخل والخارج هما المكون الأساس للدائرة في معزل عن العنصر الثاني في تكوينها, وهي استدارة الحاجز بشكل متناسق ومستو ومحافظ على نفس مسافة البعد من نقطة مركزية في منتصف الدائرة. ومثل الدائرة تتشكل الثقوب على عدد من التنويعات فمنها الثقب, وهو ما سوف نعني به في هذا الباب, ومنها الحفرة, وهي تنويع مهم على مفهوم الثقب, وهناك الكوة, والنافذة, وكلاهما سوف يأتيان فيما يلي. وهناك تنويعات أخرى هي من أنواع الدائرة في عمومها, مثل العين, والعجلة, والحلقة. وكلها تظهر كأنها ثقوب حتى أبعدها عن مفهوم الثقب؛ وهي العجلة, ولكنها تحتاج أن تكون ثقب حتى ترتكز حول نقطة ارتكاز, فتصير ثقبا للسماح بتركيب أداة مساعدة تدور العجلة حوله.

 

وقبل البدء في كتابة كتابا عن موضوع معين؛ في العادة ألجأ إلى نص آخر يكون مرجعي آخذ وأنهل منه, أو يكون نصا مخاطبا أتناقش معه -آخذ منه وأعطيه- حول موضوعا كان عنوانا لكلى الطرفين. ويقع اختياري عادة على نص من بين دفتي كتاب, ولكن هذه المرة وقع أمام ناظري نص من نوع آخر, كأنه نص منتمي إلى مجلة علمية رصينة, ولم يكن حتى في وعاء ورقي, وسوف يعتبر لاحقا من المقالات التأسيسية لمدونة مدينة, وهي إحدى المدونات الرقمية في العالم العربي, والتي تعطى مفهوما جديدا لمعنى الصحافة والتدوين, وما ينبغي أن تكون عليه.

 

 

 

 

 

 

 

 

الثقب من مدونة مدينة

 

ديفيد فينشر والثقوب في نسيج المجتمع

 

 

الثقوب في التفكير المونتاجي

 

 

الثقوبة والجاثوم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

6-الحفرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

7-العين

[1]

العين هو أصل الشيء أو ذاته أي عينه

 

لهذا يقول العرب, الشيء عينه أي الشيء ذاته, وهو بعينه أي هو بنفسه, ولأن العرب يمزجون بين شخص المرء وبين سلسلة أجداده وآباءه, كان الشخص عينه, هو أصله وحسبه. فعين الشيء أصله أو مصدره أي منبعه. ولهذا كان النبع عينا.

 

 

 

فهذا الفصل هو حديث عن الثقوب التي تلد, بالأخص تلك التي تلد أو تسكب ماءا؛ أي العين هي البئر.

 

 

 

-بئر برهوت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *