الفانتازيا

المخيلة، أو تحطيم الخيال

 

التخيل

أرى أن المعيار الأول في الفن والأدب، هو الاختلاف، وعليه، هذا الطرح قد يعبر عن رؤيتي النقدية في مسائل بعينها, أو في كل المسائل, وقد لا يعبر عن شيء, فما هي إلا ثرثرة رجل عجوز لم يبلغ سن الشيب بعد. وهو طرح ينطلق من السؤال؛ ما هي العوامل التي استند إليها في إعداد قوائمي عن السبعة الأفضل, أو المائة الأفضل والأعلى من كل شيء؟. تأتي الإجابة بالقول

 

-حتى الآن يبدوا أن المستقر على أمرين

 

1-الأصالة

2-التأثير

 

يأتي التأثير بوصفه في المقام الأول, إحداثا لتغيير مخالف لما سبق, وعلى هذا البناء يتضح أنه ليس إلا امتداد لكل ما هو أصيل في ذاته. مع ذلك يتبدى لنا جانبين من التأثيرات المؤثرة وإن لم تكن أصيلة بالضرورة. الجانب الأول هو تأثير ينبثق بالضرورة عن مسايرة السائد أو من خلال نظم تسويقية واقتصادية محكمة, تصدر هذا التأثير إلى المتلقي, ما ينتج عنه شهرة نجوم بعينها في عالم المعرفة والمعروف, وبالتالي يمكن أن تُحفظ بعض صور المشاهير في الذاكرة الإنسانية كنتيجة شبه حتمية عن هذه التبعية في الإنتاج الإبداعي (الغير إبداعي) على الصعيد الفني أو الفكري. الجانب الثاني هو نوع من التأثيرات المغاير للسائد وإن كان لا يحمل في باطنه بذورا أصيلا أو أصولا يرجع إليها, وبالتالي هذا قد يؤثر على استقراره الزمني, فلا يحفظ بالذاكرة لمدة طويلة إلا ويتلاشى أو يتحول من المركز إلى الهامش. هنا, للزمن كلمته العليا, وليس للمال. ورغم قول الكاتب أشرف فقيه بأن العبرة بالتاريخ والإحصاء ومآلات أمم القراء حول العالم, ورغم أن هذا إشارة إلى مؤشر (فني) مهم, وشبه قاطع, كما يؤكد الكاتب الكبير, إلا أنه يلزم ألا نغفل بالخلل الكبير في هذه (الإحصاءات) وأنها غير سوية, غير عادلة, ومعدلة, كما أنها مبنية على سياقات متلاعب فيها من قبل المؤسسات الإعلامية للتأثير على أذواق القراء. وأن هذه المآلات هي عينها السبب وراء ظاهرة العمل الفني / الفكري مُبخَس القيمة أو المهدر حقه underrated.

 

الأصالة هنا, لا تعني الكمال, بل تعني الاختلاف, أو التغيير. بينما الشهرة لا تأتي إلا بوصفها واحدة من لواحق (التأثير). أما (الأهمية) فهي إلى حد كبير تنبثق عنهما معا (الأصالة والتأثير) وإن كان بدرجات متفاوتة لدى كل منهما.

 

وإذا أخذنا مفهوم مراوغ وسمج وحاد ومتداول جدا مثل الشهرة, ألفينا أنه على ضربين؛ إما الشهرة المحلية, وإما الشهرة العالمية, ولكل منهما قدره من الأهمية وحظه من التقدير.

 

وهذه المناهج في التعريف والتصنيف تكاد تكون قريبة من المنطق من حيث كونها الأقدر على التعميم والتجريد. فمثلا, حين أتناول شخصية ما, لا يعنيني كثيرا إذا ما كانت شخصية حقيقية أو خيالية (مثلما أحاول أن أفعل في مشروع الـ The 100 والمبتدئ من عند السبة والـ13). كما لا يعنيني عند تناول نص ما, إن كان نص أدبي أو علمي أو فلسفي. ففي كل الأحوال, حتى الآن, لا تخرج النصوص عادة عن كونها مزج بين أسلوب ومضمون. إذا سقط أحدهما سقط الآخر بالتبعية, إلا في حالات نادرة. وكلاهما متقاربان إلى حد بعيد؛ فالأسلوب لا يخرج عن كونه سردا أو وصفا, وكذلك المضمون, أو السرد, في الأدب مثلا لا يخرج عن كونه سرد أو وصف. وإن كان التركيز في السرد على سير الأحداث وحركة الشخصيات, فإن مفهوم (التشخيص) الأسلوبي هو المعني بالقول (فكسونا العظام لحما) فتصير الشخصيات حية, نابضة. وكل من الأسلوب والسرد إطارهما اللغة, فلا كتابة بدون لغة نكتب بها, أو نقص بها شفاهيا. وكذلك المكان والزمان, يأتيان بوصفهما توابع للحدث أو مؤطران له. سواء داخل القص أو خارجه, أي أثناء القص. ونجد أن الكاتب البارع يجيد الوصف أثناء الحدث, دون إغفال أصالة المحتوى, بغض النظر عن أي (إسقاطات فكرية) قد يدبج بها مصفوفته اللغوية / الأدبية, وبغض النظر عادة عن كون الإيقاع سريع أو ثابت, فلا يعني ثباته أن يكون رتيبا بمعنى مملا, فالكاتب هو المتحكم بإيقاع السرد, وهو الذي يطعمه نكهته. وطالما السياق متماسك, فللكاتب الحق أن يفعل ما يشاء.

 

هنا يبرز المنطق كمعيار آخر مهم إلى جوار الأصالة, لكن يجب التنبه إلى ضرورة وجود منطقيات تفرض نفسها علينا وعلى الكاتب وعلى الواقع الحقيقي فالأدبي بالضرورة, وهناك منطقيات يضعها الكاتب في عمله, وعليه أن ينجح في فرضها على قارئه, لا أن نبرر نحن له (مثلما يعمل مروجي الكتب الآن). هذا ما يُعرف بالمنطق الافتراضي, والذي يمكن تطبيقه على الأدب.

 

هناك الكثير من الإشكاليات والمسلمات والتنويعات التي يمكن أن يلعب بها الكاتب, ويمكن أن يلعب معه القارئ, ويتماهى ويستغرق حتى في لعبة (دعني أخدعك – دعني انخدع) على حد تعبير أحمد خالد توفيق. ولكن أين دور المناهج النقدية من كل هذا؟

 

جميع المناهج النقدية حتى الآن لا تخرج عن القول بالفن للمجتمع مثل المدارس الكلاسيكية والسياقية, أو الفن للفن, مثل المدرسة البارناسية.

 

وهناك تصنيف آخر بحسب

 

المبدع: فن الكتابة-التكوين والبناء-اللغة (السياقية)

العمل: النوع الأدبي-الأصالة والتقليد-الأعمال (البنيوية)

المتلقي: النشر-القراءة-الترجمة-السينما والإقتباس (التفكيكية)

 

وكل هذه التصنيفات تسقط في جعبة تصنيفات رائجة مثل

 

1-الواقعية: الكلاسيكية-الرومانسية-الفلسفية-التاريخية-المسرحية

2-الخيالية: الرعب/الفانتازيا/الخيال العلمي/الإثارة

 

وهي التي يجري إتباعها من قبل القراء رغما عن أنف النقاد (وهذا حقهم الصريح).

 

إن الأدب ينقسم من حيث الموضوع إلى نوعين تشمل جميع الأعمال الأدبية والفنية وهي الخيالية والواقعية أو أدب الواقع وأدب الواقع الإفتراضي, وهذا التصنيف مبني على فكرة المحاكاة والتعبير؛ فالأولى هي نسخ الواقع في صورة أفكار أو تجسيد الأفكار على صفحة الواقع, والثانية هي التعبير عن الواقع أو الأفكار بلا تقيد موضوعي (تصنيف نقدي آخر).

 

ولهذا أطلق عليها أدب الواقع الإفتراضي لأنها تفترض واقعا آخر قد يشابه أو يختلف بدرجات متفاوتة مع واقعنا, وفي هذه تجتمع أربعة أجناس رئيسية هي الرعب والإثارة والفانتازيا والخيال العلمي, ويمكن تعريفهم كالآتي.

 

الرعب: الخيال المخيف

الخيال العلمي: الخيال الممكن

الفانتازيا: الخيال الجامح

 

وهناك

 

الإثارة: الخيال الموتر

الغرابة: الخيال الغريب

 

ونلاحظ أن كلمة (الخيال) ارتبطت بكل التعريفات, بينما يعبر النصف الثاني من التعريف عن ذاته بشكل كافي وإن يبدوا أنه غير دقيق ظاهرا ولكني أرى أن الكلمات؛ مخيف, موتر, ممكن, جامح, كل منها تشكل تعريفا جامعا مانعا للجنس الأدبى الذي يعرف عنه, ولكن يحدث أن يختلط جنسين في عمل ما فلا يتبين المتلقى النوع الذي ينتمي إليه هذا العمل, فقصص الأبطال الخارقين يعتبرها البعض خيال علمى ولكنها تنتمي إلى الفانتازيا لاستحالة أحداثها رغم ما قد تقدمه من تفسيرات مغلفة بهالة العلم وهي ليست كذلك, وليس الاستحالة فقط ما يمنعني من تصنيفها خيال علمي بل والجموح أيضا, كما أن بعض الأعمال النفسية قد تلعب على خط رفيع بين الرعب والإثارة.

 

نلاحظ أن الفانتازيا شقيقة الخيال العلمي, بينما الرعب شقيق الإثارة رغم أن الجميع أبناء عمومة واحدة, وتفسير ذلك هو بعض السمات التي تتميز بها هذه الأجناس, فالإطار الزمني مثلا هو الماضي غالبا في أدب الفانتازيا وهو الحاضر في أدب الرعب وهو المستقبل في أدب الخيال العلمي, ولكن الخيال العلمي قد يحدث في الماضي, وذلك لأنه مبني أساسا على سؤال (ماذا لو) والذي يمكن أن يُبنى عليه الأدب كله, ولكنه في الخيال العلمي يمكن تبسيطه لعبارتين: (هل من الممكن؟) و(كان من الممكن), الأولى يتم توظيفها عادة في إطار المستقبل والحاضر والثانية في إطار الماضي, مثل هل من الممكن أن ينقلب علي البشر مشروع العقل الاصطناعي؟ للأولى, وكان من الممكن أن ينتصر هتلر في الحرب! للثانية.

والذي يجعل الخيال العلمي يتشابه مع الفانتازيا هو ذات السؤال (ماذا لو) ولكن بشكل مطلق مع أدب الفانتازيا وهو ما يقارب من الخيال العلمي نظرا لكثرة الإمكانيات والإحتمالات التي تطلق العنان لخيالنا للكثير من الأحداث والعوالم الممكنة.

 

كذلك قد يتشابه الرعب مع الإثارة فالاثنان يدوران غالبا في إطار زمني هو الحاضر, وكلاهما مدمر للأعصاب. كما قد يتشابه الرعب مع الخيال العلمي ويستبدل الوحش بالآلة والساحر بالعالم المجنون, فهما قد يرتكزان على ما يتجاوز قدرات البشر العادية. وقد يتشابه أدب الرعب مع الفانتازيا, فالأول يحكي لنا عن كائن خارق في عالم طبيعي, والثاني يحكي لنا عن كائن خارق في عالم خارق, وكذلك قد يتشابه الرعب مع الخيال العلمي, ويمكن الحفاظ على صورة الحبكة مع استبدال شخصيات مثل الساحر بالعالم المجنون والوحش بالآلة.

 

لذا هذه مقالة تهدف إلى ضغط المخيلة البشرية حتى تبلغ أقصاها, وهو هدف مستحيل نحاول أن نمسك بأشباهه. أي شبه المستحيل. المستحيل كلمة توضح مقدار الصعوبة في الطريق لتحقيق مسعانا.

 

وأول خطوة في ذلك المسعى هو تبيان أنوع التخيل البشري, والذي يمكن تقسيمه إلى نوعين أساسيين؛ التخيل البصري, والتخيل السردي.

 

ولكن يجب قبل ذلك أن نوضح مفهومي الإبصار والبصيرة

 

الإبصار هو إدراك الموجودات بواسطة عملية الرؤية المستندة إلى الإحساس بالأطياف الضوئية وما تحمله من أشكال وألوان إلى العين, ثم المخ.

 

البصيرة هي خلق الصور الحسية والذهنية داخل المخيلة البشرية.

 

ومنها ننتقل إلى واحدة من أهم العمليات العقلية؛ التخيل.

 

ما هو التخيل؟

 

التخيل هو فعل تخليق الخيال, وهو (عملية عقلية).

 

والخيال هو كل ما يمكن تحققه واقعا أو لا يمكن تحققه. ولكن الخيال في الحالتين ليس واقع.

 

ولهذا يُميز بين الخيال بوصفه حدثا واقعا, أو حادثا افتراضا. وهو ما يميزه الفلاسفة بـ وجود بالقوة ووجود بالفعل إتباعا لأرسطو -مما قد نستفيض في الحديث عنه لاحقا- أي أن هناك حوادث لم تحدث, ولكن وارد أن تحدث. هذا خيال. إلا أن شطحات الخيال تستمر في الإدماج والتوليد لخلق حوادث أو صورا مستحيلة الحدوث (ولكن آخر المستجدات العلمية تزعم بأنه لا وجود لمستحيل بنسبة 100% وأن كل ما يمكن تصوره يمكن تصور وجوده بالفعل).

 

ولا نريد أن نكثر هنا ولكننا نركز على طريقتين لعرض الخيال على الذات (الأنا أو الآخر).

 

وهما, إما

 

1-التخيل البصري

2-التخيل السردي

 

التخيل البصري هو استرجاع الصور أو خلقها.

 

فالتخيل البصري قائم على التقاط العناصر المشكلة للصورة البصرية, مثل الشكل واللون والأبعاد. وتمر بعمليتي التفكيك والتركيب,أو التحويل والتكوين. وتأتي العناصر الحسية الأخرى مدرجة تحتها, أي الرائحة والطعم والملمس والأحاسيس الحركية والباطنية.

 

وقد رصد الباحث محمد قاسم أربعة تصورات لا يمكن للعقل البشري تخيلها, وهي

 

1-العدم

2-اللانهائية

3-اجتماع النقيضين

4-ما فوق البعد الثالث

 

وقد نسى أن يضيف ما يتعدى الطيف اللوني للعين البشرية

 

-فوق الأشعة البنفسجية

-تحت الأشعة الحمراء

 

وربما يمكننا إضافة الألوان والأشكال (الصور) ضمن ما لا يمكن تخيله بالنسبة للأعمى.

 

أما التخيل السردي فيتفوق في المقدرة على الإبحار في الخيال أكثر من البصري (مع أن البصري غير محدود في إمكاناته وآفاقه هو الآخر),حيث يملك مولدات خارقة وقودها متمثل في المُثل والمفاهيم,وخاصة عبر عملية التجريد.

 

والتخيل السردي هو استرجاع الأسماء وخلقها.

 

والأسماء هنا المقصود بها المفاهيم,أي أن التخيل السردي بشكل أو بآخر هو مرادف لنشاط عقلي معروف باسم إنشاء المفاهيم.

 

والمفهوم هو فكرة مجردة تمثل الخصائص الأساسية للشيء الذي تمثله.

 

ولكن عممنا المعنى هنا لتشمل المفاهيم جميع الأشياء.

 

أي أن التخيل السردي هو عبارة عن صورية غير بصرية (إلا في بعض ما يلزم) عن الشيء المتخيل. فالنوعان (البصري والسردي) يتمازجان في مطلق عملية التخييل العقلية,أيا كان استخدامها فكريا (فلسفيا – علميا) أو فنيا.

 

وتندرج جميع العمليات التخييلية بصرية كانت أو سردية,فنية أو فكرية تحت نوعين أو عمليتين رئيستين

 

1-التكوين

2-التحويل

 

التكوين

وهو يتراوح ما بين التكوين التجريدي (تكوين المفاهيم) والتكوين التجسيدي (الخلق التخييلي). إنه إعادة تعريف وتشكيل كل الموجودات التي تتحول إلى معطيات لآلة الخيال (العقل / المخيلة) التي تعيد إنتاجها في صور وصياغات (تحاكي الواقع المعايش,أو تعبر عن واقع آخر). وهذا هو أشهر وأهم تقسيم فكري (المحاكاة والتعبير) للأنواع الأدبية التي تنقسم طبقا لمعايير فكرية أو عاطفية. وعادة المعايير العاطفية هي الأكثر حضورا أو الأسبق ذكرا -في نظرية الأنواع الأدبية- بعد التقسيم الفكري الأشهر الذي يقسم الأنواع الأدبية (وكل السرديات الفنية بما في ذلك السينما والمسرح وغيره) إلى المحاكاة (المدرسة الواقعية) والتعبير (المدرسة الخيالية). يعني تقسيم فكري يليه تقسيم عاطفي ثم المزيد من التقسيمات العاطفية وتداخلات أجناسية لسنا بصدد الخوض في تبيانها هنا.

 

المدرسة الواقعية,وتشمل الأنواع الواقعية والتاريخية وحتى التشويقية والفلسفية.

 

المدرسة الخيالية,وتشمل الأنواع الرعب والفانتازيا والخيال العلمي والغرابة.

 

وتقع جميع العناصر والموجودات داخل المخيلة البشرية -للأسف هذا حاجز ربما لن يمكننا تحطيمه في هذا الجزء من المقالة- ضمن حدود تلك المدرستين.

 

أول موجود يمكننا أن نتناوله كمثال,وأهم موجود بالنسبة لذاته,هو الإنسان.

 

عبر مسارين

 

1-تعريف الإنسان

2-تجسيد الإنسان

 

[1] التعريف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طلاب المدرسة الواقعية سيحاولون تعريف هذا الإنسان نفسيا واجتماعيا وتاريخيا عبر تخيل مجموعة من الأحداث الممكنة الحدوث في الواقع. ولكن ضغط المخيلة تكمن في تخيل أكثر الأحداث قسوة أو هزلا أو إثارة أو عبثية. أحداث قد تقع ولكن لم يقع مثلها من قبل. أو إنها قد تكون حدثت ولكن لم يتخيل أحد حدوثها. ويمكن الاستفادة في تحقيق ذلك من كتب التاريخ والأدب وحتى الفقه.

 

طلاب المدرسة الخيالية سيحاولون تعريف هذا الإنسان (ربما نفسيا واجتماعيا وتاريخيا) ولكن عبر ظروف مستحيل أو متعذر تحققها في الواقع. وربما يكون هذا هو الهدف الأسمى للفانتازيا وللخيال العلمي والذي يجعلهما تضارعا هدف الواقعية في تصوير الواقع. لأن الخيال (العلمي أو العجائبي) يعرض الإنسان ويدرسه وفقا لواقع آخر أتفق الأدباء والفلاسفة على أن يكون أحد خيارين. إما أفضل من واقعنا (وتتراوح درجة الأفضلية من عالم لآخر حسب مخيلة الكاتب),وإما واقع أسوأ من واقعنا (وتترواح درجة السوء من عالم لآخر حسب مخيلة الكاتب). ويرى أحمد خالد توفيق في مقارنة له بين اليوتوبيا والديستوبيا أن الكتاب والقراء أميل إلى النوع الآخر,وأتفق معه ويتفق معه أغلب الكتّاب. بينما هناك كتّاب من نوع ثالث نادر يتحدون أنفسهم من خلال تقديم واقع ليس أفضل ولا أسوأ من واقعنا. ولكنه مع ذلك يختلف عن واقعنا. ويعد الكتاب الأول من سلسلة القاعدة نموذج صارخ عن هذا النوع (ترجمها أحمد صلاح المهدي عن دار كيان),وربما كذلك رواية كثيب لفرانك هربرت.

 

وقبل الخوض في تخيلات الواقع نعرض بعض تخيلات الإنسان,والإثنين متصلان.

 

ومن ذلك,تعريف الإنسان تجريديا ونظرة على النفس البشرية من خلال أدب الرعب والأدب الغرائبي. ثم تخيل علاقات إجتماعية ربما لم تكن لتوجد قط في واقعنا. مثل العلاقة بين الإنسان وجنس آخر عاقل غير الإنسان,سواء كانت علاقة شخصية (حميمية أو كراهية) أو حيادية (مجتمعية / مهنية).

 

إن طبيعة العلاقة نفسها لا يمكن إضافة جديد لها,إلا لو كنت علّامة في علم الإجتماع. ولنأخذ المخلوقات الفضائية مثالا,نجد أن العلاقة بين البشر والفضائيين لا تخرج غالبا عن

 

-الاتصال

-اللقاء

-الغزو

-الحرب

-الاستكشاف

-المطاردة

-التعايش

 

وحتى إذا تجاهلنا العلاقة بين الإنسان وإنسان آخر,وركزنا على العلاقة بين الإنسان ونفسه, نجد أن الإنسان يقع في وجوده بين الأصل والمصير.

 

1-الأصل

وانظر في المقالات الهامة المنشورة ضمن دورية مبادرة لأبعد مدى الرقمية.

 

2-المصير

وهنا يبرز أهم مصير ينتظر الإنسان؛الموت. والذي له قصة أخرى ليس هذا مسردا لها ولا متسعا لها,لنركز بدلا منه على الحياة. فالإنسان من حيث هو كائن حي عاقل,يملك مجموعة فريدة من الصفات المتدرجة بين

 

-العواطف (الأحاسيس الداخلية شبه الجبرية)

-الأخلاق (الأحاسيس الداخلية شبه الاختيارية)

-الصفات (الصفات الجسدية المولدة للأحاسيس الداخلية الجبرية مثل الجوع أو الظمأ أو الإنهاك,وبعض الأحاسيس المعرفية شبه الاختيارية مثل الفهم المتقيدة بذور إمكاناته بالشكل الداخلي للمخ). فالأخيرة أقصد بها الصفات الجسدية المرتبطة بالجهاز العصبي أو العضلي مثل الذكاء أو القوة.

 

أما عن الواقع,فيتم تسليط الضوء عادة على جوانب معينة به,هي

 

1-المجتمع (فئة من العالم)

2-العالم (ونقصد الكوكب,وهو فئة أكبر من العالم)

3-الواقع (الفئة الأكبر من العالم)

 

هذه هي ثلاثية الواقع من الأصغر إلى الأكبر,ولكن نؤجل موضوعة (الواقع) إلى حين باعتباره مثالا آخر غير الإنسان.

 

[2] التجسيد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ونقصد به تكوين الإنسان تجسيديا,أي خلق الإنسان. وهذا يتم عبر ثلاث طرق أساسية.

 

الأولى خلق الإنسان نفسه,كما هو في واقعنا مع تغيير واقعه,كتغيير الزمان مثل إنسان في حاضر بديل أو إنسان من المستقبل “أصلا تكاد تشعر أنه لا يمكن إضافة جديد مبتكر لحبكة الانتقال عبر الزمن،فقد تم جوب الخط الزمني بطوله وعرضه في كل الروائع السابقة” [وائل رداد],” كما أن أفلاما مثل العودة للمستقبل والمفني قد قتلت الفكرة قتلا واستكشفت كل جوانبها”. [أحمد خالد توفيق].

 

أو تغيير المكان مثل إنسان في مكان مجهول أو على كوكب آخر (ولقد جبنا تقريبا كل الكواكب وآخرها رحالات كريستوفر نولان السينمائية المذهلة). أو تغيير عالمه مثل العوالم الفانتازية الأخرى التي أكبر سماتها هي

 

1-إنها عالم غير عالمنا

بطبيعة الحال,نحن نقدم عملا لا يمكن أن يُسمى خياليا,إلا إذا ابتكر عالما خياليا,غير عالمنا.

 

2-نظام غير نظامنا

وبالتالي هناك لغات غير لغاتنا,وليس هذا هو التغيير الاجتماعي الوحيد المحدث على الأنظمة الفانتازية الجديدة. تولكين ومارتن من أبرز النماذج الفانتازية الذين قدموا لغات أخرى غير التي يتحدث بها البشر في واقعنا. وهناك لغة لافكرافت التي يعجز البشر عن التحدث بها. أيضا هناك نظم غير لغوية,مثل النظام الاقتصادي الجديد في رواية القاعدة,أو كثيب,أو المنظومة السياسية الحاكمة لعالم حرب النجوم.

 

3-الإنسان يتعايش مع كائنات أخرى

وهذا في إطار المجتمع,ولكن مرة أخرى نؤجل (الواقع) إلى حين باعتباره مثالا آخر غير الإنسان. ولكن هنا ننتقل إلى الطريقة الثانية,أي تجسيد الإنسان من خلال تصور نظيره الغير إنسان. لكنه يتشابه معه بالطبع. أهم هذه التشابهات هي كونه كائن عاقل. وهذا رصد لبعض الكائنات العاقلة الغير بشرية.

 

-المخلوقات الفضائية

-الحيوانات الناطقة

-الوحوش

-الجن

-الآلهة

-الملائكة

-الأشياء الناطقة

-مصاصي الدماء

 

انظر مثلا إلى فيلم (القاعدة 9) يعرض مخلوقات فضائية قبيحة,لكنها عاجز عن تقديم أي سمة إنسانية إلا من خلال الجسد شبه البشري,والأعين,وأخيرا التفكير المركب والمتطور.

 

والطريقة الثالثة -ويوجد طرائق أخرى لا يسعنا المجال هنا لذكرها- هي تخليق نماذج غير تقليدية لشخصيات بشرية أو شبه بشرية. مع المحافظة على واقعية هذه الشخصية,أو الاستعانة بعوالم خيالية تُقدم في إطارها. أشهر مثال عن ذلك هو شخصية دون كيخوته في روايته المعروفة. التي قيل في وصف درجة ما بلغته من أصالة,بأنها الشخصية الوحيدة التي ابتدعت ابتداعا.

 

إن ابتداع السمات الشخصية صعب جدا,لذا معظم الشخصيات تأتي نقلا عن شخصيات أخرى. والذي يندرج ضمن هذا في مقدار الصعوبة,هو تحديد السمات البشرية,قولبتها أو إعادة تدويرها,أو اختراع صفات جديدة غير التي يتصف بها الإنسان (ولكن من الممكن أن يتصف بها). ونلحظ أن أغلب الصفات البشرية واقعة بالفعل على كائنات غير بشرية (فنحن من نكونها في مخيلاتنا). ويفيدنا التعرف على الكائنات الأخرى -عبر الثقافة والمجاز والفانتازيا- في التعرّف على كائن الإنسان نفسه. وهو ما نتناوله بشكل أكثر تفصيلا في القسم المخصص لـ (غير الإنسان) بعد المرور على تعريف (التحويل).

 

التحويل

التحويل هو تغيير شيء إلى شيء آخر.

 

فالتحويل قد يقع على مادة الشيء,أو صورته,كما يتضح أكثر في الآتي.

 

عبر الصور (على سبيل المثال) حيث يملك رسامي الكاريكاتير ومصممي الجرافيك المحترفين رصيد كبير من الأفكار البصرية المبتكرة,الذي لا يتجاوزهم فيها إلا ربما بعض العباقرة الجامعين بين السينما والمسرح وفنون التصميم التجسيمية والحركية.

 

ثم هناك السرد (الشكل / النوع),حيث يمكن تناول الحبكة,والتعديل / التحويل عليها,لتتناسب مع أنواع أخرى لم تطرأ على هذا المسار من القصص من قبل (وذلك قد يشتمل ليس فقط على تحويل الشخصيات,بل تحويل العالم وخلق عالم جديد نوعا ما).

 

في كتابه عن (كيف تكتب الخيال العلمي والفانتازيا؟) يؤكد أورسن سكوت كارد كاتب الخيال العلمي الشهير على هذه العلاقة بين الخيال العلمي والفانتازيا “فمعظم روايات الخيال العلمي يُمكن بسهولة تحويلها إلى فانتازيا بإعادة السفن الفضائية مرة أخرى إلى سفن تبحر في المحيط. يمكن لرواية كثيب من تأليف فرانك هربرت أن تتحول بسهولة إلى واحدة من أفضل ملاحم القرون الوسطى,فقط إن تحولت الكواكب إلى قارات وصارت التوابل مصدرا من القوة السحرية بدلا من مخدر (نوع من النفط أو مصادر الطاقة) ضروري للإبحار عبر الفضاء. لا يوجد شيء جديد تحت الشمس,ولا من فوقها.” [كيف تكتب الخيال العلمي والفانتازيا؟ / أورسن سكوت كارد / ترجمة أحمد صلاح المهدي,ص 19,20.].

 

هناك مواقع خفية في السرد قد تظهر حين يجري معالجة العمل من وسيط إلى وسيط آخر, يشير أحمد خالد توفيق إلى السينما (التي وكما نعلم لم تترك رواية صالحة إلا وقدمتها) على حد تعبيره.

 

وكان نيل جايمان “مولعا بالقصص المصورة جدا,والسبب أنها كانت مصدر ثقافته الأولى منذ تعلم القراءة. وكما قال : (كما أنها مجال بكر نسبيا يمكن تحقيق الجديد فيه,بينما هناك عدة قرون سبقتك في كتابة الأدب التقليدي,فليس بوسعك أن تتميز). [مقدمة أحمد خالد توفيق في ترجمته لغبار النجوم.].

 

ولكن لا يقتصر هذا النوع من (التحويل) على تغيير دفة السرد من نوع خيالي إلى نوع خيالي آخر,فقد يكون استكشاف لبعض المناطق السلوكية الوعرة فعلا,كالجنس مثالا بارزا عن هذا,وهو ما جعل الماركيز دي ساد من أوائل المستكشفين وأعظم الأدباء عبر التاريخ. وفي زماننا الحاضر,وعبر وسيط آخر مثل السينما,نجد في فيلم الشعب ضد لاري فلينت, قصة عن رئيس تحرير مجلة إباحية قام بتطوير حبكات قصص كلاسيكية مثل بابا نويل وساحر أوز (وحتى آدم وحواء) لتتلائم مع سياقات إباحية جديدة. مثلا كانت دوروثي تمارس الجنس الجماعي مع الأسد ورجل القش ورجل القصدير. وفي فيلم حفلة نقانق Sausage Party 2016 ذو العنوان الموحي جدا,نشاهد حفلة جنسية بين المنتجات الغذائية,والفيلم من بطولة أيقونة الإغراء النسوية سلمى حايك. الفيلم له أبعاد أبعد بكثير من مجرد حركات جسدية مولدة للمتعة بين أصبع السجق والخبز الفرنسي!. مثل التطرق لطبيعة العلاقة بين الإنسان والإله في جرأة غير معهودة منذ شطحات الصوفية,يا إلهي!.

 

 

 

[1] البشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ربما نترك المجال لغير مقال عن الإنسان,مقال آخر يحمل هذا العنوان؛الإنسان. ويكون أكثر رصانة في مادته العلمية من هذا النص -ربما,وربما هذا افتراض خاطئ يحاول الضحك على نفسه للإشارة إلى عبث / لهو هذا النوع من المقالات. أي أن أسميه (الإنسان) انطلاقا من قاعدة إنثروبولوجية.

 

أما هنا,وإن كنا لم نخالف القاعدة كثيرا,إلا أن التوجه,كما ربما قد يكون اتضح من منتصف هذه المادة البحثية,يسير نحو إتجاه آخر يميل للأدب ربما عن الدراسات الثقافية. ودعوة مفتوحة للخيال أكثرت من دعواتها.

 

البشر,ربما جاء الإسم من البشر -بكسر الباء بدلا من رفعها- للدلالة على الإنسان بوصفه كائنا إجتماعيا. إذا أقبل عليه إنسان آخر أبشر. على حد التعبير المصري الدارج (جنة من غير ناس لا تنداس).

 

إذا قررنا عمل بطاقة تحمل البيانات الآتية

 

1-النوع: إنسان,وحش,فضائي,متحول.

2-اللون: (لون البشرة).

3-الزي: أو الثوب أو الملبس.

4-الاسم:

5-الجنس: ذكر,أنثى,غير ذلك.

6-الشخصية: غامض,مرح,عصبي,إلخ.

7-عشوائي: صفات أخرى عشوائية,مثل قصة الشعر,وإن كان قصيرا أو طويلا أو مجعدا

 

نجد أنه يمكن التلاعب ببيانات البشر إلى حد كبير,للوصول إلى المزيد من البيانات الجديدة.

 

ويكاد مفهوم البشر أن يحتوى على أكثر من نصف الخيارات المطروحة في قائمتنا,لأن البشر بشر في المقام الأول. وثانيا فالأسماء مقترنة بالبشر أكثر من ارتباطها بالأشياء أو سائر الأحياء. والأجساد قد تكون أقرب إلى الذهن من الأسماء,لأنه بالفعل أقرب شيء إلى الإنسان هو جسده. ومع ذلك لا يجب أن نغفل أن الجسد هي مادة أو مجسم تملكه كائنات أخرى تعيش معنا على سطح الأرض. كائنات حية مثل الحيوانات,وغير حية مثل الآلات. بل وهناك نوع جديد من الأجساد واقع بين كونه جسد طبيعي وجسد صناعي مثل الأطراف الاصطناعية. ناهيك عن اعتبار بعض أنماط الثياب امتدادا للجسد. لذا فإن طرحنا للأجساد قد يقع بين تاريخها الطبيعي والثقافي. على سبيل المثال,فإن أي مقدمة ثقافية عن اليد,لا يجب أن تغفل القفاز الذي قد ترتديه اليد (والذي يلبسه الطبيب والقاتل على حد سواء),أو نغفل السلاح في هذه اليد,أو لو كانت اليد طرفا اصطناعيا. وقد يأتي تاريخ الجسد تابعا للتاريخ الثقافي لمكان ما,مثل غرفة النوم. إن تاريخ الأشياء والأماكن,قد يتبعه تفصيل لتاريخ وظائف بعينها,تلك الوظائف (المهنية أو الاجتماعية أو السردية) المقترنة في العادة بشخصيات من بني الإنسان أو أشباه الإنسان أو حيونات مؤنسنة.

 

الوظائف السردية,مثل كونه بطلا أو شريرا أو محايدا,والوظيفة المهنية هي ذلك الدور الاجتماعي الذي يؤديه شخص ما مقابل أجر نظير عمله في هذا الدور,مثل نجار أو سباك أو جزار. وهذه الوظائف قد تلحق تأريخنا الثقافي للطاولة أو الحمام أو الطعام. أما عن الوظيفة الاجتماعية فهي التي تعّين العلاقة بين الشخص والأشخاص الآخرين,وهي علاقة غير مهنية بالضرورة,وإن كانت ترتبط بها في العديد من الأحيان,وهي تشبه الوضع السردي ولكن في عالم الواقع,مثل تصنيف الشخص أو الجهة أنه منتمي إلى تنظيم العصابات أو المؤسسات أو حتى العائلات,كالعلاقة الأخوية بينك وبين شقيقك. ولكني قررت أن أعين أربعة مواقع اجتماعية تحمل من العمق والتعقيد والتنوع ما لا يسعنا إزاءه إدراجها ضمن تلك الوظائف التقليدية. وهم المحبين,يقابلهم المقاتلين,ثم السحرة (لأن السحر عنصر أساسي في كل من الثقافة والفانتازيا والمخيلة). والموتى,لأن الميت يتقلد وظيفة اجتماعية تعفيه تماما من عمل أي علاقة من أي نوع مع الأحياء,إلا في الموروث المتخيل. وأخيرا النساء,لما تمثله المرأة من دور اجتماعي بارز ومهدور ومعقد ومثير لمخيلاتنا,نضيفها كنموذج خامس.

 

يشمل تصنيف البشر أيضا -بالإضافة إلى أسمائهم وأجسادهم التي تعكس أو تجسد ذواتهم- الانعكاسات والتصميمات والصور والنسخ والألوان المنبثقة عنه بسبب ظاهرة طبيعية (مثل انعكاس صورتنا على مسطح مائي أو سطح أملس,أو مثل الظلال المصاحبة لنا في كل مكان) أو بسبب اشتغال صناعي (مثل لوحة مرسومة أو صورة معدلة أو فيلم سينمائي). كذلك يشمل الاصطناعات الأخرى المشابهة بالبشر,مثل الدمى والآلات والأقنعة والاستنساخات. كما قد يشمل الصور الذهنية / البصرية مثل التخيلات النمطية أو الشائعة ومثل التحولات (وهناك مقدار محدود من نماذج التحول رغم تعدادها الهائل وتنوعها الغني). ونحن لم نذكر بعض الحيوانات المؤنسنة أو تشيؤ الإنسان. هذه التصورات قد لا تشمل البشر فحسب,بل وغير البشر أيضا.

 

هذا غير مجموعة من المواقف الأخلاقية والحالات الإنسانية التي تتلبس الإنسان تباعا لمعاييره الأخلاقية وظروفه ومزاجاته,والتي مع امتزاجها جيدا بالوظيفة المهنية أو السردية قد تقودنا إلى توفير أو توليد حالة مشابهة لدون كيخوتي أو لشخصيات شكسبير. يقول أحمد خالد توفيق معددا بعض الصور النمطية,ولكن المشحونة بمجموعة من العواطف والقصص الحيوية المحتملة:- “لا أعتقد أن هناك كثيرين يريدون معرفة شيء عن المؤلف٬ فأنا أعتبر نفسي، بلا أي تواضع ـ شخصاً مملاً إلى حد يثير الغيظ.. بالتأكيد لم أشارك في اغتيال “لنكولن” ولم أضع خطة هزيمة المغول في “عين جالوت”.. لا أحتفظ بجثة في القبو أحاول تحريكها بالقوى الذهنية ولم ألتهم طفلاً منذ زمن بعيد.. ولطالما تساءلت عن تلك المعجزة التي تجعل إنساناً ما يشعر بالفخر أو الغرور.. ما الذي يعرفه هذا العبقري عن قوانين الميراث الشرعية؟.. هل يمكنه أن يعيد دون خطأ واحد تجربة قطرة الزيت لميليكان؟.. هل يمكنه أن يركب دائرة كهربية على التوازي؟.. كم جزءاً يحفظ من القرآن؟.. ما معلوماته عن قيادة الغواصات؟.. هل يستطيع إعراب (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)؟.. هل يمكنه أن يكسر ثمرة جوز هند بين ساعده وعضده؟.. كم من الوقت يمكنه أن يظل تحت الماء؟.. الخلاصة أننا محظوظون لأننا لم نمت خجلاً من زمن من فرط جهلنا وضعفنا.”

 

غير الإنسان

 

إن أي حديث عن الشخصيات الخيالية يلزمنا التعرض لمجموعة كبيرة من الأطوار التي قد تمرّ بها تركيبة أي شخصية عند التكوين,وإن كانت محدودة في الأخيرة.

 

وإذا أعطينا مثالا عن شريحة من الشخصيات هم البشر,حتى ولو تواجد بينهم أشباها للبشر. سوف ننظر هنا إلى موقع الإنسان بين الشخصيات,هل يمكن أن نقول عنه أنه شخصية عظيمة. إلى أي حد هي شخصية جيدة,لدرجة قد تصل إلى وصفها بالعظيمة. هذا يستدعي خلق شخصية جديدة تماما لا تشبه أحد. ناهيك عن تعيين موقعها ما إن كانت تنتمي إلى الأبطال أم إلى الأشرار. حاول الكثير من الكتاب تجاوز هذه الثنائية المحتومة وقدموا شخصيات مركبة تلعب على وتر (الشرير المأساوي) أو (ضد البطل) أو (الشخصية المركبة) التي يصعب أن نصفها بطلا أو شرير. بالإضافة إلى الشخصية العادية (المغرقة في عاديتها). وهل تستطيع أن تخرج على الخيارات الثلاثة (بطل / شرير / بين) لتأتي بنوع رابع من الشخصيات لم نعهده من قبل؟. قد يقول أحدهم نعم,هناك الشخصيات الهامشية,التي لا نركز على طبيعتها الأخلاقية بقدر من نعني ببيان وظيفتها السردية في القصة (وهو توجه بدأ يسود الألوان الأدبية والسينمائية مؤخرا). وهذا قد يجلب إلينا نوع آخر من (الشخصيات الصامتة) التي لا تحمل الكثير من الملامح أو المعالم الإنسانية. إنها مثل الآلهة أو الكيانات الكونية أو القوى العلوية. وربما هي شخصيات بلا أي معالم تشخيصية,وهي أقل من الجراثيم أو البرامج الحاسوبية المهملة. ولكن ألا تعد هذه بشكل أو بآخر تنوعات على الـ (بين بين). وحتى ولو سلمنا بأنها مجموعة تشكل نوعا رابعا. أهذا هو منتهانا؟ أوليس بوسعنا الإتيان بالمزيد؟.

 

ومع ذلك,تبدوا لنا المساحات الضيقة بين هذه الأنواع والتصنيفات,وكأنها أوسع وأرحب من أن تتخطاها قدم (كأننا في معضلة زينون). فلا يسعنا بعد النفاذ إلى جميع الشخصيات الممكنة في ظل الأنواع الرئيسية الكبرى. كما أن التنقل بين فئات معينة إلى فئات أخرى بعينها يتيح لنا أكبر قدر من المتعة والعبث مع الشخصيات,فنجعلها حتى أكثر حيوية من حيواتنا. الأبطال الخارقون نموذج صارخ عن هذا اليوم,وهو نموذج يحاول الاستفادة من بطولات الساموراي ورعاة البقر والعديد من تراث الشعوب,فهم “أبطال فولاذيون أكبر من الحياة،أصحاب هُويات سرية،يتسع مسرحهم الزمني لهرقل وشمشون وسوبر مان”. على حد تعبير صاحب كتاب (الأبطال). كي يقدم لنا صورا بطولية وإن كانت جديدة,إلا أنها محاكاة أو تطوير للصور القديمة. ويبدوا أن النقلة القادمة سوف تكون من نصيب أعمال الخيال العلمي (أو ربما الرعب أيضا).

 

والظاهر لنا اليوم,أن أفضل منطقة للعبث فيها قليلا بالشخصيات البشرية,وهو ما يكشف عن الطبيعة المركبة للنفس البشرية,هي الأشرار. بالرغم من أن شخصية الشرير,تظل مع ذلك, شخصية محصورة في قالب وظيفتها السردية.

 

ومع ذلك,بالنسبة لي,إن أفضل تنويع على الشخصيات يمكن أن ينطلق (في مشروعي أنا على الأقل أو كنماذج لهذه الدراسة) من عشرين تصنيفا للشخصيات البشرية وغير البشرية من حيث هي

 

-أجساد

2-أسماء

3-بشر

4-سحرة

5-محبين

6-مقاتلين

7-موتى

8-نساء

9-وظائف

10-حيوانات

11-أشياء

12-أقنعة

13-آلات

14-دمى

15-تحولات

16-تخيلات

17-ألوان

18-صور

19-نسخ

20-وحوش

 

وكما سنلاحظ,هناك تداخل بين كل هذه التصنيفات بعضها ببعض. على سبيل المثال يمكن إدراج الموتى والوظائف ضمن سياقات البشر. وإذا طبقنا عليها تقسيمنا لها إلى أربعة أقسام؛ بشر,وغير بشر,وحيوانات,وأشياء. نجد أن تناولنا لهذه الموضوعات قد يسير كالآتي.

 

 

 

 

 

 

 

[2] غير البشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا الجانب قد يشتمل على جميع ما ذكرناه بالأعلى,إن البشر تعطينا أكبر قدر من التنوع والقدرة على التلاعب ببشريتها مما يجعلنا قادرين على صنع مجلد معجمي وحاوي لجميع الصفات البشرية. جميع الصفات الغير البشرية هي أيضا بشرية. ما هي إلا توسع وتوسيع لخيالنا إلى ما يتجاوز حدوده,أو على الأقل نموت ونحن نحاول تجاوز هذه الحدود.

 

في العموم,يشتمل هذا التصنيف على جميع الكائنات العاقلة غير البشر,ولأننا قررنا ترك الحيوانات والأشياء للفقرتين الأخريتين,فما يتبقى هو

 

1-إما شخصيات بشرية مغايرة للبشر,مثل المستنسخين والأموات,رغم أن هؤلاء أيضا يمكن تصنيفهم ضمن البشر,وهم لم يتخلوا تماما عن بشريتهم,ويمكن أن نضيف إليهم مجموعة من المقترحات الأخلاقية لبشر غيروا جلدتهم بشكل مجازي أو حقيقي,فالمخلدين نموذج واضح لهذه الحالة.

 

2-وإما كائنات صُنعت لتشبه البشر,هم أقرب إلى بشر من صُنع البشر,مثل الإنسان الآلي. وكان من الممكن اعتبار هذه الآلات,ضمن نطاق الأشياء,لولا أنني أردت أن أميز بين الوعي العاقل نتيجة لعلاقة بين جسد آلي (شيء) ونظام ذكي (مفهوم),وبين أشياء مؤنسنة فقط من باب السحر أو العجائبية أو لأي أسباب أخرى فوق واقعية. وإن كنت سأتطرق إليهم في القسم الخاص بالأشياء.

 

3-وإما كائنات أخرى مشابهة للبشر ولكن لا تمت بصلة إلى البشر,مثل المخلوقات الفضائية وبعض أنواع الوحوش,والجن والملائكة والآلهة أو أشباه الآلهة,وما شابه ذلك.

 

4-وإما كيانات كونية تجسد مفاهيما كلية أو ماورائية / ميتافيزيقية,مثل ملاك الموت أو إله الموت الذي يجسد مفهوم الموت. أو أي إله آخر يتقلد دورا ما في هذه الدنيا. بعض الكائنات في الخيال العلمي عبارة عن كواكب أو أضواء عاقلة. وتجسد المفاهيم والقوى في كائنات عاقلة (أو غير عاقلة) مشابه لأنسنة الأشياء أو تشيؤ الإنسان,لولا أننا جعلنا هذه بمعزل عن تلك.

 

الحيوانات

تفرض البهائم دائما نوع من الحضور الجمالي علينا,لهذا نحن لا نتوقف عن خلقها دائما وتكرارا في وعينا. ولهذا أيضا ينظر البعض إلى النمور كحيوانات أكثر جمالا من الخراف, وأكثر جمالا خارج القضبان (مع أنها سوف تأكل الخراف هكذا).

 

والوحوش والأشباح لا تكون عاقلة دوما,قد يكون الوحش هو مجرد قوة حيوانية وقد يكون الشبح مجرد قوى روحانية تفتك بما أمامها (هذه القوة هي المهيأة إلينا في النوع الثاني من غير البشر).

 

ورغم أن هذا امتداد لما سبق,إلا أن هنا تكمن قمة الالتقاء بين الأثر الخيالي والأثر الثقافي. وكنت سابقا أقصد إلى نفس القصد بسلسلة من المقالات تحت عنوان (أشهر الحيوانات في التاريخ),على سبيل المثال (أشهر سبعة أسود في التاريخ) أو خيول أو نمور. ولكن يمكن تلخيص الموقف الأدبي / الثقافي في عبارة أفضل؛(التاريخ الطبيعي والثقافي للحيوان) وهو عنوان سلسلة كتب ذائعة الصيت والشهرة تصدر عن مشروع دار كلمة تحت رعاية هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة,نقلا وترجمة عن دار رياكشن بوكس Reaktion Books التي تصدر السلسلة وتملك حقوقها. علما أن هناك دور نشر أخرى تنشر السلسلة مثل دار نشر ومطبعة جامعة برنستون Princeton University Press. السلسلة تجري على العناوين مثل الآتية

 

-الغراب؛التاريخ الطبيعي والثقافي

-الذبابة؛التاريخ الطبيعي والثقافي

-الكلب؛التاريخ الطبيعي والثقافي

-الحوت؛التاريخ الطبيعي والثقافي

 

وعلى هذا المنوال. المهم أن الرابط هو التاريخ الطبييعي والثقافي Natural and Cultural History للحيوان,وهي فكرة إبداعية بات يتبناها عدد كبير من المؤرخين وعلماء الإنسانيات فيما يعرف بنوع من التوجه ينتمي إلى دائرة (التأريخ للتاريخ) أو الكتب التاريخية متعددة النطاقات (Multidisciplinary). وفي الأصل الفكرة راجعة من حيث الاستخدام لأول مرة إلى الجاحظ في كتابه الموسوعي عن الحيوان. ويجب أن أذكر هنا أن سلسلة الكتب التي أضعها بين أيديكم ربما ما هي إلا مراجعات (أو استرجاعات) مفصلة لهذه الكتب,مع المزيد من الرصد والعمق من خلال تحليلنا لكتب أخرى ومظاهر اجتماعية أكثر اقترانا بثقافتنا العربية. ليس لكتب الحيوان فقط,بل أن هناك العديد من العناوين عن الأشياء,على سبيل المثال كتاب (الباب؛مقاربة إثنولوجية). هذا ينقنا إلى الفقرة التالية

 

الأشياء

النوع الثاني من أنسنة المخلوقات والخلائق الغير عاقلة يشمل الأشياء,فإذا كانت الحيوانات كائنات (فيها روح) أو جزء من عقل. فإن الأشياء,وبغض النظر عن أي تصور بوجود عقلانية خوارقية (كون جميع الكائنات تسبح بحمده حسب المعتقد الإسلامي) فهي كائنات غير عاقلة.

 

الشيء هو إسم يطلق على كل موجود حسي غير محدد,لذا ربما هناك تصنيفات أخرى,إلا أننا سنركز هنا على كل ما ذكرنا أعلاه حاليا.

 

وعلى غرار التاريخ الطبيعي والثقافي للحيوانات,وجدت أن العنوان المناسب هو التاريخ الصناعي والثقافي للأشياء.

 

والأشياء تنقسم إلى أنواع بحسب استخداماتنا المختلفة لها,فمنها الأدوات التي قد تشمل أدوات القتال (مثل الأسلحة) وأدوات الكتابة (مثل الأقلام) والأدوات المنزلية مثل الأقمشة والأثاث المنزلي,الأريكة والطاولة والباب والنافذة والحبال,وأدوات الزينة (مثل الحلى وكماليات الملابس),وأدوات قياس الوقت (مثل الساعات),ومثل المعازف والمفاتيح والمنظفات والأوعية. وتنقسم إلى أشكال,فتشمل الأشكال الدائرية والبيضاوية والكروية والهرمية والمربعات والمثلثات والمستطيلات والمسدسات والمكعبات والصناديق والحروف والخطوط والنقاط وغيره. ثم هناك الألعاب. ونوع كبير هو الأماكن المشتمل على المباني والمدنيات والمواصلات والجغرافيات وخلافه. وهناك نوع آخر كبير هو الطعام المشتمل على الثمرات والخضروات والأطعمة والأكلات والطبخات المختلفة. وهناك الكتب. وهناك الملابس. وأيضا هناك المواد المختلفة,مثل القماش والحديد والخشب والحجر. أيضا يمكننا أن نضيف أنواع كبرى مثل الأقنعة,والآليون,والدمى,وحتى ربما نضيف الصور والألوان. ثم هناك الحديث عن (الأشياء) الغير مصنفة في أي ما سبق.

 

و(عن الأشياء) هو عنوان كتاب لي. أيضا كان عنوان مقال مهدى إلى صديقي العزيز هاني الطرابيلي لمدونته الرائعة عرب كوميكس. كنت أعده ليكون مقالا بصريا عن الأشياء. فجمع الأشياء هوايتي,وهي أحد الركائز التي بُنيت عليها واحدة من أكبر المدارس الفنية وأكثرها تاثيرا على حركة الفن عبر التاريخ. أقصد المدرسة الشعبية,أو البوب آرت Pop Art.

 

وفي السنوات الأخيرة,خاصة بعد الثورة,وبعد وفاة محيي الدين اللباد,ومع مطلع العقد الثالث من الألفية الثالثة,نشهد صحوة جديدة لهذه الحركة الخلابة الكامن جمالها فيما لا نتوقع من الأشياء المغرقة في الإعتيادية. مع إهتمام متزايد في المنشورات الرقمية من جهة ثلاثة مؤسسات هي

 

1-عرب كوميكس,وأيضا كوميكس جيت

2-مدينة

3-كايروبوليتان

 

بالإضافة إلى المطبوعات الورقية لمحيي الدين اللباد بالطبع.

 

زد على ذلك اهتمامي المتزايد يوما بعد يوم بفن جمع الأشياء الذي أعده واحد من الفنون الغريبة والخليطة بين عدد من الفنون.

 

عمليا أنا أجمع الأشياء.

 

أيضا أحاول التنظير لجمالها.

 

وكنت مبدئيا قد صنفت الأشياء البصرية إلى سبعة أنواع

 

1-الأشياء

وهي عموم الأشياء,وكل ما لا يندرج تحت التصنيفات الستة التالية.

 

2-الأدوات

وهي الأشياء العملية التي تستعمل لتنفيذ عمل ما بأقل كلفة من المال والوقت والجهد. وكنت سأدرج الأشياء تحتها. ثم فضلت اعتبار الأشياء نوع مستقل,وربما نحصل له على فرع هنا.

 

الأداة هو ما يستعان به لأداء غرض من الأغراض. وإذا امتزجت أكثر من أداة وفق نظام حركي معين لأداء أغراض معينة,سميت الأدوات آلة. وسمي نظامها آلي.

 

3-الأشكال

ويقع فيه كل ما يجسم شكل معين دون أن ينتمي إلى أي التصنيفات الأخرى. في مجسم ثنائي الأبعاد أو ثلاثي الأبعاد. وفيه جانب كبير من كل الأشياء,فجميع الأشياء لها أشكال.

 

4-الألعاب

وهي كل الأشياء عكس الأدوات التي تستخدم فقط من أجل اللعب واللهو / عبث وبعث البهجة في النفس.

 

5-الطعام

وهو كل ما يؤكل من الأحياء والأشياء. على أن يكون له طعما جميلا وإشباعا سمينا.

 

6-الملابس

وهو كل ما يلبس من المصنعات والمنسوجات ومستلزماتها وخلافه.

 

7-الكتب

وهي أكثر الأشياء الجامدة حيوية. فالكتب حاملة / حاضنة لأهم آثار الإنسان الثقافية والعلمية والفنية. بل وأرواح الشخوص التي كتبتها.

 

ثم هناك نوع آخر مغاير تماما,وهو الأجساد. الأجساد تقع تماما بين التاريخ الطبيعي والصناعي,ولكن لأني أريد أن أميز بين سلستين رئيستين لهذه الكتب,قسمتها إلى مجموعتين كبريتين رغم إمكانية تقسيمها إلى مجموعات كبرى. وهي (التاريخ الطبيعي والثقافي للحيوان) و(التاريخ الصناعي والثقافي للأشياء) والمشترك بينهم هو الذاكرة الثقافية للإنسان. بعض الأشياء,مثل المنتجات النباتية والطعام,ومثل الصخور والرمال,لها تاريخ طبيعي بالفعل,ولكن لا نحتاج هنا لأي تنظير لنبين مدى استقلالية الحيوانات عن غيرها من منتجات الطبيعة,نحن نذهب إلى حديقة الحيوانات لنشاهدها,وإلى المحميات لنشاهدها مع الصخور والرمال,وبعض أنواع الملاهي والسيرك والمسرحيات,ونقتنيها أو نربيها في بيوتنا,ونشاهدها في الأفلام. شعور طبيعي أن يشعر الإنسان في الحيوان صديقا له. والنباتيون يغالون من هذا الشعور ويضخموه إلى مداه. ولكن هذا قد لا ينطبق على الأجساد, فهي أجسادنا قبل وبعد كل شيء آخر!. إلا أن ثلاثة أسباب دعتني لوضعها هنا. أولا لأننا فصلنا بين الحيوانات والأشياء وربما لاحقا أضع سلسلة ثالثة عن الأجساد,ولكني حاليا أريد أن أقصرها هذا النوع من الكتب والمواضيع على مجموعتين فحسب. أنا كثير وسريع التشتت,ولا أريد أن يتشتت القارئ معي. وبما أنني لن أضع الإنسان مع الحيوان,وضعته مع الأشياء والمصنوعات. وثانيا لاقتران بعض أجزاء الجسد,أو كله,بالعديد من المصنوعات, مثل اليد والقفاز,القدم والحذاء,الرأس والقبعة,الجسد والرداء أو الفستان. وثالثا لأن الإنسان مبدع وخلاق في تصوير وتخليق أنماط اصطناعية جديدة تحاكي جسده (كما في الأقنعة والدمى والآليون) ناهيك عن تصور أنماط خيالية محاكية لجسده (مثل الملائكة والشياطين والمخلوقات الفضائية). بل وهو يخلق (واقعيا أو خياليا) أنماط اصطناعية جديدة من جسده هو,سواء على صعيد الجسد الفردي (التعديل الصناعي على الجسد) أو على صعيد الجسد الكلي,كما في تخليق الإنسان والمستنسخات والمسوخ والمؤنسنات والأنيسيانيات (هومنكلوس Homunculus). ووالله حتى هذه يستحق شطرا رابعا من التصنيف ضمن مجموعة أخرى غير ما ذكرت. لذا سوف نحاول أن نجمع جهودي وبحوثي هنا وهناك. مع ترك بعض المتناثرات لمقالات مستقلة هنا وهناك.

 

فعادة لا ينظر إلى الجمادت في الخيال إلا من خلال منظورين طبقا للمدرستين

 

فإما هي جمادات غير عادية,عبارة عن إحياء للجماد,وتشيؤ للأحياء,أو مزج مع البشر.

 

وإما هي جمادات عادية في الواقع,وهنا لا يضاف شيئا إليها عدا ما يدور حول خمس محاور رئيسية

 

-التنويع بين الجمادات وهو ما نتناوله في أنواع الجمادات

-المعاني والرموز تسقط عليها

-بعض الاستعمالات الغريبة تستخدم بها

-التقنيات المبتكرة عنها

-تساهم في بناء الصورة أو المكان

 

أي هي جمادات فانتازية تساهم في بناء الواقع,وهو ما نتناوله في الفقرة الخاصة بالواقع. دون أن ننسى أنه تتداخل مع عملية التحول الموصوفة بـ (التشيء).

 

والتشيء هو عملية وهمية / خوارقية لجعل شيء ما (جماد) يفكر أو يشعر أو يتكلم!.

 

وللتشيؤ ظهورات عديدة في الأدب والسينما آخرهم فيلمنا المذكور عن الفاكهة,وفيلم بينوكيو.

 

ونموذج صارخ عن هذا التيار الأدبي في العالم العربي ممثل في أديبنا الكبير زكريا تامر.

 

.

.

.

 

بعد ما سبق فالأمثلة الكبرى التي يمكن تناولها هي الإنسان,والواقع الذي يتواجد هذا الإنسان داخله. ولكن إذا تعمقنا في الإنسان وجدنا أنه يمكن تقسيمه كما ذكرنا إلى الإنسان,وشبيه الإنسان من الكائنات الأخرى العاقلة,والتي يشترط كونها عاقلة مدركة لذاتها كامل الإدراك بالمفهوم الإنساني. على ناحية أخرى,هناك الكائنات الغير عاقلة,والتي يمكن تقسيمها إلى بهائم,وجمادات,ومفاهيم. ولكننا في السابق حاولنا أن نراوح بين الكائنات العاقلة والغير العاقلة (من الحيوانات على سبيل المثال) لكي نوضح أكثر السمات البشرية في كائنات غير بشرية. ففي الفقرة السابقة شخصنت الأشياء فحوّلتها إلى شخصيات.

 

إن شخصنة الأشياء هو انعكاس لشخصياتنا المركبة والتي تحتمل في اتساعها إدراج أي شيء وكل شيء تقريبا في نطاقها من خلال الوعي الإنساني. أن نشخصن شيء,لا أقصد به تحويل المسألة إلى صراع شخصي (وإن كانت المسألة شخصية هنا بالنسبة لجميع الأشخاص) بل أقصد به تشخيص الأشياء أي تحويلها إلى شخصيات. وهي ممارسة معروفة في الآداب الخيالية (وبعض مقاطع من النصوص الواقعية) ولازالت جارية إلى اليوم. ولكني هنا لا أقصد ممارسة أدبية منسوبة إلى مؤلف بعينه,بقدر ما أركز أكثر على الهالة الثقافية التي نسبغها على شخصيات من غير البشر. إن وجود شخصيات من غير البشر معناه وجود شخصيات ذات استقلالية,وتفرد,ووعي بذاتها (حتى ولو كان هذا الوعي مجرد انعكاس لوعينا بذواتنا). هذا الوجود لا يوجد إلا في نوعين من الشخصيات (على حد علمي لا يوجد أي نوع ثالث حتى الآن).

 

النوع الأول هي الشخصيات البشرية وشبه البشرية. وقد يشتمل هذا النوع أيضا على شخصنة بعض المفاهيم والأشياء أو التصورات المجردة.

 

النوع الثانية هي الشخصيات المشابهة للبشر من خلال عقلنتها أو شخصنتها من أشياء (جمادات) أو حيوانات.

 

ويمكن تقسيم كل نوع إلى قسمين,أي أربعة أنواع؛الإنسان (الإنسان وغير الإنسان),والحيوان (الحيوان والأشياء).

 

وهنا من الممكن لتصنيف (غير الإنسان) أن يشمل كل المخلوقات

 

أقصد بالمخلوق هنا كل موجود بالحياة

 

هذه النقطة بالذات بلغت من الصعوبة ما لا يطيقه أحد,ولا يقبل عليه أحد. أقصد هنا أن لا يوجد بعد كاتب قادر على الخوض في هذه النقطة الوعرة متحديا قدراته البشرية المحدودة.

 

فكما هو معروف يوجد البشر (ربما لهذا انبثقت عنا الفلسفة الوجودية بإعتبار أن الوجود الإنساني هو الوجود الأكثر أهمية بالتقابل مع الوجود الطبيعي). وغير البشر تنقسم كل الكائنات الحية إلى -ودون الدخول في جدالات تصنيفية بين علماء الأحياء- خمسة ممالك كبرى هي

 

-الحيوانات

-النباتات

-الفطريات

-الجرثوميات

-الأوليات

 

هذا من ناحية فيزيائية,أما من ناحية ميتافيزيقية تنقسم الكائنات غير البشر إلى وحوش غير عاقلة. أو كائنات -وهي قد تكون وحوش أيضا في قدراتها أو صفاتها- عاقلة.

 

تلك الكائنات العاقلة,يمكن تقسيمها من حيث المكان كما الآتي

 

1-مخلوقات من كوكبنا

مثل

-البشر الخارقون / المتحولون / الممسوخون

-حيوانات ناطقة

-وحوش ناطقة

-مصاصي الدماء كجنس من المخلوقات فريد من نوعه

-الآلات والإنسان الآلي

-المزيد من أشباه البشر

 

2-مخلوقات من خارج كوكبنا

وعلى رأسهم المخلوقات الفضائية,والمخلوقات الواقعة خارج نطاق عالمنا.

 

3-مخلوقات من العالم الآخر

مثل الموتى العائدون من الموت,وأيضا مثل الكيانات الكونية أو المخلوقات الآتية من خارج نطاقا عالمنا مثل الجن والآلهة. من الجدير بالذكر أن الإله (الواحد) أو (الأعلى) يعطينا تصورا مغايرا لجميع أنواع المخلوقات الواردة هنا. إنه تخيل ما لا يكمن تخيله.

 

4-مخلوقات أخرى

وبعد أن تم استنطاق الحيوانات,وكتبت شيرين هنائي رواية أسفار النهايات حيث استنطقت الأيام والشهور. ولأن “نصوص نيفين تتحدث عن مخلوقات الفضاء الخارجي ذوات الرأسين،وعن التواصل بواسطة التخاطر،وعن الحركة النشطة في الزمن قفزا إلى الأمام والى الخلف … عن مبدأ تحطم المجرات،والمركبات ذات النفث الخارق التي تقطع المجرات في غضون ثوان ودقائق معدودات،وعن الضوء العاقل… الخ.” [انظر فيصل الأحمر] ولأننا خصصنا للحيوانات والأشياء الفقرات الآتية. لازال البحث جاري عن المزيد من الخيارات الغير مطروقة عن المخلوقات الأخرى.

 

بعض النماذج الواردة هنا لا يتبين بدقة هل هي كائنات عاقلة أم لا,ولكن القصد من القول أنها كائنات متخيلة بدون أي إعتبار لتشابهها مع البشر.

 

-انظر الوصف الغامض لأحمد خالد توفيق ولافكرافت

 

والآن لننتقل إلى القسم التالي من هذا الكتاب؛الواقع.

 

الواقع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أول مشكلة تصادفنا هي الأوصاف الفانتازية والقوالب الجاهزة,يعتمد كاتب الفانتازيا اليوم, وخاصة العربي على الذاكرة البصرية للقارئ في عصرنا هذا,والممتلئة بصور كثيرة ومتكررة وثابتة ونمطية عن الوحوش بمختلف أنواعها (تنانين / شياطين / جان / غيلان) وغير ذلك. لذا قد يقول كاتب “تنين كما في الأفلام” معبرا عن ظهور تنين في قصته!. ما هذا (الإسترخاص,والإستسهال) والشح في الخيال؟

 

ثاني مشكلة هو إمكانياته الضعيفة إذا ما طرح على نفسه الأسئلة الصعبة عند العمل على نص أدبي. وخوضه في مجموعة من الألعاب السردية والكتابية من أجل الارتقاء بالنص محاكيا رمزيا عن الواقع يؤكد جهله بما يعبث به.

 

ولا يصبح أمامه إلا خيارين يعجز عن العمل على أحدهما

 

-إما خلق عالم جديد

-وإما التأقلم مع العالم القديم

 

فإذا قلنا جديد,يعني إبتداع نظم جديدة للتعايش في هذا العالم (بإفتراض أن هناك كائنات تعيش داخله,أما العوالم الصامتة فنمر عليها في موضع آخر) مثل اللغات (تولكين) والديانات (جورج مارتن) والاقتصاد والسياسة (أورويل) والأعراف والسلوكيات الإجتماعية. وحتى الفرديات النفسية. يا إلهي,هذا قد يستلزم إطلاعا كبيرا على آخر ما بلغته البشرية في هذه المجالات عند أعلامها مثل ماركس,فرويد,نيتشه,تشومسكي. وآخرين.

 

هذا غير إحتفاظه -كما مهدنا أعلاه- برصيد بصري هائل يغني به عمله,أو يطوره متجاوزا إلى نصوص تفاعلية أكثر فاعلية في حركيتها من حياتنا التي تكاد تخلو من أي حيوية.

 

انظر مثلا نموذج الإغتراب الإجتماعي Alienation الذي تقدمه صالة بلاسيبو لألعاب الهروب من الغرفة

 

Placebo – Role Playing Escape Rooms

https://www.facebook.com/placeboegypt/

 

وهي من نوع بيوت الخيال الواقعة في واقعنا مما عرضنا له في سلسلة مقالاتنا المعنونة.

 

ولو تناولنا العالم بوصفه المكان الذي يعيش فيه البشر,فإن أصغر نموذج قوي للمجتمعات البشرية هو على ما يبدوا هو مفهوم المدينة. لتقدم مدونة (مدينة) نموذج آخر لما قد يكون عليه السرد.

 

وقد تم تقديم جميع الأشكال الممكنة,وغير الممكنة,الصالحة للعيش,والغير صالحة

 

-اليوتوبيا

-الديستوبيا

-مدينة ما بعد الكارثة (نهاية العالم)

-المدينة في مكان آخر خارج حدود جغرافياتنا المعروفة

-المدينة على كوكب آخر

-المدينة المستقبلية

-المدينة في الماضي

-المدينة في عالم مواز

-المدينة كما نعرفها في واقعنا

-المدينة المتحركة

-المدينة الحية

-المدينة الغير موجودة

-العالم كمدينة واحدة

 

وغير ذلك من التنويعات على مفهوم المدينة. وهذا يقودنا بعد تناول الشخصيات التي تصنع الحدث,إلى الحديث قليلا عن الحدث والمفاهيم المرتبطة به. وأول هذه المفاهيم هو الحديث عن المكان الذي يحدث فيه الحدث.

 

[1] المكان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[2] الحدث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المفهوم,هو ما به يفهم طبيعة الشيء,فالمفهوم فكرة مجردة تمثل الخصائص الأساسية للشيء الذي تمثله. هذا المفهوم يتجسد من خلال جميع الحالات الفعلية أو المحتملة سواء كانت هذه الاشياء في العالم الحقيقي أو أفكار خيالية. فالمفاهيم مرتبطة بكل ما سبق لأنها قادرة على إستيعاب جميع الأشياء والأحياء. وهي نوعان في سياق السرد الأدبي,إما المفهوم بوصفه كيانا عاقلا ذو استقلالية ووعي خاص به. مثل رسول الموت أو إله الموت في أساطير الشعوب والذي يكون تجسيدا عاقلا لمفهوم وحدث الموت. وكيانات مارفل أو كيانات لافكرافت.

 

وإما المفهوم بوصفها مفهوما غير مجسدا في شخص,ومنفصلا تماما عن أي شخصية إلا بما تحتمله الشخصيات من أدوار فاعلة مع المفهوم,وليست أدوارا مجسدة للمفهوم.

 

من هذه المفاهيم,وأكثرهم إلتصاقا بكل المفاهيم,هو مفهوم الحدث.

 

الحدث كلمة تدل على كل واقع بما يقتضيه ذلك من حركية حتمية وضرورية لحدوثه

 

وعلى صعيد الحدث سنحاول التمييز هنا بين مستويين

 

-المستوى الفانتازي

-المستوى الميتافيزيقي

 

وهو ما سبقنا إليه العظيم بورخيس من الأرجنتين,وقبله العبقري الألماني كافكا.

 

ولكن في هذا كلام يطول,بينما نكتفي هنا بأن نستعين مرة أخرى بالتصنيف السابق للأفعال الكائنية / الوجودية بما هي منسوبة إلى كائن أو حدث.

 

1-المواجهة

في قطعة نصية مشحونة بمشاعر الغضب والإعتراض الجمالي,ذكر وائل رداد مثال واحد يوضح حجم الصعوبات التي تنتظرنا حتى بعد أن تجاوز أي قيود أيديولوجية أو معرفية قد تحجم أو تكبح جماح خيالنا.

 

“في مسلسل (Supernatural) صنع الثنائي سام ودين كل شيء يمت بصلة لعوالم الميتافيزيقا تقريبًا،لدرجة مواجهة الملائكة ونعتها بأقذع النعوت،وزيارة الجحيم والجنة والمطهر. وحتى الذات الإلهية لم تسلم من لسان دين،فلم يتبق عقب الكم الهائل من الأشباح والشياطين والمتحولين ومصاصي الدماء والزومبي والغيلان والسحرة والجان وآلهة الميثولوجيات المتعددة والملائكة سوى مواجهة الله شخصيًا!”

 

2-التنقل

“وفي أفلام مثل (12 قردًا،دوني دراكو،ثلاثية العودة من المستقبل،جرائم زمن،محتوم) تكاد تشعر أنه لا يمكن إضافة جديد مبتكر لحبكة الانتقال عبر الزمن،فقد تم جوب الخط الزمني بطوله وعرضه في كل تلك الروائع.

 

فبعد عشرات الحبكات العبقرية مثلًا عن الانتقال عبر الزمن، طالعتُ مؤخرًا رواية عربية مبتذلة تم اقتباسها مباشرة من رواية هربرت جورج ويلز (آلة الزمن)،أي من المصدر المباشر!

 

حقًا!

 

لم يلهمك -على الأقل- عمل روائي من نوعية (زوجة المسافر عبر الزمن) أو (11.22.63)؟.

 

ألم تتمكن من إيجاد إلهام مؤثر ما -دون اقتباس صريح- من أفلام الانتقال عبر الزمن العبقرية الأخري مثل (12 قردًا) أو (دوني داركو) أو (جرائم الزمن)؟.

 

حتى التأثر المزعوم،إما أن يكون من رواية (دراكيولا) و(فرانكنشتاين) وإما أن يكون من (آلة الزمن) أو (حرب العوالم)،ألهذه الدرجة ثمة محدودية أفق؟! حتى في الخيال الذي من المفترض أن يكون كالنبع بالنسبة للمؤلف؟.

 

يوجد كتّاب خيال علمي لم يسمعوا بالعبقري (فيليب ك ديك)،لكنهم يفخرون أنهم طالعوا أعمالًا لهربرت جورج ويلز وجول فيرن،أي نوع من الخيال العلمي الصدئ والمهترئ هذا؟”

 

ناهيك عن التنقل غير مقصور على الانتقال عبر الزمن فحسب,فهناك قطع المسافات الطويلة,وقد يتداخل البعدان. (هذا غير التنقل بين الأبعاد اللامكانية-لازمانية).

 

3-الاتصال (اللقاء أو الغزو)

” ويمكن قول ذات الشيء عن تلك الأفلام التي تتحدث عن ملاقاة الكائنات الفضائية أو غزوها لنا،فلو عرف كل أديب عربي امتهن أدب الرعب والخيال العلمي مدى أهمية وصعوبة اختياره فقط!”

 

4-الموت

“لو عرف كم هو خيار شجاع،ولكن ليس بالضرورة أن يكون صائبًا إذا ما كانت الأفكار التي يود طرحها مسروقة من حبكات الأفلام الأجنبية مع تعديلات بسيطة،وبأن مهمته أصعب حتى من الكتاب الأجانب ذاتهم،الذين جابوا كل شيء وكتبوا عن كل شيء تقريبًا وبحرية تامة دون خشية من مجتمع أو دين،وطرحوا أجمح النظريات في كتاباتهم،فلم يتبق أمامنا سوى التأثر بهم مع كثير من الإدانات ذات الطابع الديني.

 

البحث عن حبكة تناسب رواية رعب أو خيال علمي عربية ليست مهمة سهلة نهائيًا،فالكاتب العربي متهم دومًا بالاقتباس المباشر أو بالسرقة حتى ولو بتأثر طفيف،وبخاصة من الأفلام كونه لا يُطالع الأعمال الروائية لتلك الصنوف الأدبية باللغة الإنجليزية.

 

يصعب لومه على ذلك،فقد لا يجيد الإنجليزية،وحتى طلبة اللغة أنفسهم سواء في المدارس أو الجامعات العربية أو الأجنبية حين يُطلب منهم كتابة مقالة عن رواية ما أو قصة أو مسرحية يبحثون عن الفيلم الخاص بها،ولكن،ماذا لو كانت مهمة الكاتب العربي في تلك المجالات -رغم عسرها- شائقة وأقرب لتحدٍ عليه بدحره؟

 

ماذا لو كان عليه كمحام إيجاد الثغرات المناسبة والأقرب لتحايل قانوني ماكر على الدين والأخلاق ونظرة المجتمع الشرقي.. إلخ؟

 

بعث الموتي حرام؟ ابحث عن حل آخر!

 

الأشباح بمفهوم الديانات الأخرى كذلك؟ ابحث عن ثغرة ما،تلك الثغرة مدعاة للتفكير والابتكار والتجديد،خصوصًا وأنهم كتبوا عن تلك الظواهر الشيء الكثير،فلِمَ لا تكون المعالجة العربية أكثر ابتكارًا -خصوصًا وأنها وجهة نظر ميتافيزيقية شرقية- بدل التشبه بما كتب سابقًا؟”

 

5-التعايش

والتعايش الوجودي المتباعد,مثل أن نحكي عن التعايش بين البشر ومخلوقات أتت من الفضاء الخارجي,أو نحكي عن عيش مخلوقات فضائية لم تتصل قط بالبشر ولم نتصل بهم. أو نحكي عن مخلوقات,ربما بشر أو مثل البشر,يعيشون في عوالم أخرى,أقرب إلى عوالمنا الحاضرة أو المستقبلية أو الماضوية.

 

وقد يحدث التعايش في الحرب (مثل الغزو أو المطاردة) وفي السلم,مثل الاتصال والتنقل والاستكشاف. والمعايشات السلمية قد تأخذ منحى أكثر حيادية في تعيين طبيعة العلاقة بين الإنسان وكائن آخر.

 

6-اللغة

الإبداع في اللغة (الذي لم تجر العادة بمثله). ونفهم من هذا التعريف,بأن الإبداع هو إعطاء شيء جديد أو إنتاج شيء ليس على شاكلة أو صورة أخرى سبقته,وهذا التعريف يأخذنا إلى مفهوم ومعنى الجديد والحديث الذي هو مرتبط بعلاقة بديهية مع الإبداع والحداثة. [ناصيف نصار,التفكير والهجرة من الإتباع إلى الإبداع / طالب محمد كريم / مجموعة من الدراسات داخل كتاب بعنوان (الفلسفة العربية المعاصرة) عن موسوعة الأبحاث الفلسفية للرابطة العربية الأكاديمية للفلسفة,تحرير إسماعيل مهنانة,تصدير فتحي المسكيني,تأليف مجموعة من المؤلفين,ص 241.].

 

7-العلم

العلوم المرنة / نورمان سبينراد

ترجمة: فيصل الأحمر والسعيد بولعسل

 

:-

 

بقدر ما يمكننا تعريف  السياسة والخيال العلمي على أساس كونهما مجالين لمعالجة الممكن، بقدر ما يمكننا تعريف الدين والعجائبيات “le fantastique” على أساس كونها ميداني معالجة المستحيل.

سنسلم بيسر بأن السياسة نظرة ثاقبة صوب ما وقوعه محتمل جدا، في حين أن الاحتمالات القوية ليست الهاجس المركزي للخيال العلمي، بل إن هذا الأخير كلما كان قليل الحظ من قوة احتمال الوقوع كلما كان الأمر أفضل، دون تخطي الحدود الفاصلة بين الخيال العلمي والعجائبي، أي دون الانزلاق من دائرة ضعف إمكانيات الوقوع إلى دائرة استحالة الوقوع.

في إطار هذه المسلمات التي سنرى أن فيها كثيرا من التفاصيل غير المسلم بها يأتي مقالنا هذا لرسم صورة دقيقة للحد الغامض الفاصل بين الخيال الافتراضي والعجائبية التكنولوجية، هذه الساحة التي أصبح كتّاب الخيال العلمي شديدي الولع بها.

يقدم لنا منظرو الخيال العلمي التكنولوجي تعريفا بسيطا ومعقدا في الوقت ذاته لهذا المصطلح، لقد تعودنا على التعامل مع المفهوم التبسيطي القائل أن ماهية الخيال العلمي التكنولوجي تتجلى حسب الكم المحتوى في العمل من المعلومات العلمية الصرفة… ولا نستبعد كون هذا التعريف اكتسب مصداقية كبيرة لسبب واحد هو قلة مناسبات الحديث عن تعريفات واضحة للمصطلحات التي تتناسل – من خلال الصحافة- أكثر مما تتم معاينتها نقديا – على أيدي الأكاديميين والمنظرين- … وهذا التحديد ينطلق من فكرة أن الخيال العلمي يتعامل مع حقائق علمية ثابتة (أو – على الأقل- مع نظريات علمية تسير البحث وتحدد معالم العلوم) … والسؤال المطروح هو: هل هذه المعطيات دقيقة إلى الدرجة المدعاة؟

إن كل خيال لا بد له أن ينبني على الوهم وعلى ما يبتعد عن الحقيقة والواقع والملموس والمعاين والاعتيادي، وإلا لكان هذا الخيال ضربا من التراجم أو التاريخ أو التحقيق.

الخيال العلمي (science fiction ) أو الخيال الافتراضي (spéculative fiction) كما صار يسمى منذ ستينات  القرن العشرين هو ذلك الضرب الذي ينطوي بالضرورة على عناصر واقعية تتحرك في إطارها شخصيات خيالية… وكل ذلك يجب أن يكون خياليا (ممكن الوقوع لصلته بالمعطيات الواقعية) لا مستحيلا ولكن بعده عن الاستحالة لا ينفي ضرورة ابتعاده عن المعطيات المتعارف عليها في حياتنا اليومية، والمشتركة بين الكاتب والقارئ… هذا المشترك الذي يعد مدخلا إلى ما نسميه بالافتراضي spéculative.

في ظل هذه المسلمات، أين يكمن خيال علمي تكنولوجي؟

سنلاحظ بأنه إذا اختفى وجود العنصر الافتراضي فإن المكتوب لن يكون خيالا افتراضيا أصلا، وحيث أنه إذا حدث العكس ووجد هذا العنصر في الخلفية العلمية للكاتب فسيكون بصدد تقرير الكم التكنولوجي للعمل حسب سلم لا بد منه لما سيسمى الصورة “الدرجة التكنولوجية للعمل خيال علمي”!

لنأخذ مثلا الكاتب لاري نيفين Larry Niven، إنه محسوب ضمن قائمة كتاب الخيال العلمي التكنولوجي، وهي قائمة تستبعد كاتبا مثل جيمس غراهام بالارد J.G.Ballard .. وإذا دققنا النظر في نصوص كل منهما سنجد نصوص نيفين تتحدث عن مخلوقات الفضاء الخارجي ذوات الرأسين، وعن التواصل بواسطة التخاطر، وعن الحركة النشطة في الزمن قفزا إلى الأمام والى الخلف… عن مبدأ تحطم المجرات، والمركبات ذات النفث الخارق التي تقطع المجرات في غضون ثوان ودقائق معدودات، وعن الضوء العاقل… الخ … ّأما إذا ألقينا نظرة على كتابات بالارد فإننا نجدنا قبالة صورة قريبة من أناس يشبهوننا، … أعماله كلها تنطلق من مبدأ التقاطب المحدد بالتغيرات الجذرية التي تصيب المحيط والناتجة ساعة عن تغيرات في الجو، وساعة عن التلوث وساعة عن التطور العادي الذي يعيشه الكوكب… قد يقول قائل إن الأسلوب الذي يكتب به بالارد يضفي على النصوص جوّا من الغرابة، وشيئا من الغموض يصعّب حتى  عملية استيعاب كل تلك المعطيات ” العلمية” الحاضرة على متن الحكاية، وكل تلك الافتراضات المدفوعة إلى الأمام بكثير من الجرأة.

إنه من الغريب حقا أن يدرج القراء والنقاد المخلوقات الفضائية العجيبة للكاتب هال كليمنت Hal Clément ضمن الخيال العلمي التكنولوجي في حين تبدو بكثرة عند الكاتب القدير كوردوينر سميث Cordwainer Smith أقل جدارة بهذا الصنف الممجد من الخيال العلمي… والظاهرة نفسها نجدها حين نرى التصنيف الجيد للعوالم القروسيطية المتموضعة في الفضاء (!!!) والتي يهيم بها بول أندرسن Pool Anderson ، ونجد تصنيفا مستصغرا للعوالم المستقبلية التي ابتكرها ماك رينولدز Mack Reynolds والتي هي – في الواقع – مشكلة واضحة لمعطيات ومؤشرات اقتصادية وسياسية بالغة التعقيد والدقة. من جهة أخرى، ليس عسيرا التعارض التام القائم بين الخيال العلمي التكنولوجي وأوجران الفضاء (Space Opera) الرديئة… والتي هي – باختصار- كتابات عجائبية سخيفة مقنعة بقناع الخيال العلمي، أبطال يلبسون حلة مميزة، يحملون سيوفا من الليزر و ينتقلون بها من فضاء خارجي إلى فضاء آخر، والمراكب تسبح بنزق فوق البساط الكوني الأخضر، تدفعها عصي البيلياردو التي هي هيئات وكينونات تنتمي إلى البعد 27، وتتبادل الخير والشر كما بدا لها… وكل هذا لا هدف من وصفه إلا تحديد إطار مغامرة بطل هذه القصص التافهة، الذي هو دائما المعارض الوحيد في عالم مستكين لوضع أكبر منه بكثير.

مشكلة هذه القصص واسعة الانتشار، والتي قرأناها جميعا (أو رأيناها على الشاشات) أنها أسهل بكثير مما يليق بالعمل الإبداعي، سهلة إلى درجة تمكن أي قارئ منا من كتابتها بيسر.

يمكننا أن نرصد الكثير من الأنواع التحتية للكتابة خ.ع منذ انتفاضة هيوغو غرنسباك حتى آخر التيارات المسيطرة ولكننا سنجدنا نتراوح دائما بين خيال علمي للتسلية وخيال علمي جاد (Hard S-F) أو تكنولوجي – كما يحلو للمنظرين أن يسمونه-

فإذا عدنا على البداية لنطرح سؤالا حول ماهية كلمة SF حينما تقرأ على أنها الخيال الافتراضي Spéculative Fiction  ستكون أبسط إجابة ممكنة كالتالي: إنه ذلك الأدب الذي يتمكن من إقناع القارئ بأن محتواه جاد وصادق إلى أبعد الحدود لأن القضية في نهاية الأمر قضية محتوى بالدرجة الأولى لا قضية تقنيات تصبح غاية في حد ذاتها. هذا المقال يهدف إلى فحص دراسة بعض تقنيات الأداء التي تجعلنا نبلغ الهدف العظيم الذي هو إلباس الخيال العلمي (أو الافتراضي) لبوسا مقنعة تجعلنا نقتنع بإمكانية تحقق القصد على أرض الواقع (أي واقع كان)… أليست هذه هي لغة كل كاتب خيال علمي؟

يحدث أن ينظر إلى من يكتب خيالا علميا دون الانطلاق من معطيات علمية ثابتة نظرة استهانة واستخفاف، إلا أن التجربة أثبتت أن الجهل في الأمور العلمية بالتفصيل (أو الأمور التكنولوجية إن شئنا) لا يعيق الكتابة في الخيال العلمي ولا يغير كثيرا تلك الخامات التي تصنع منها الروايات، وفي حين نعلم جيدا أن الكتابة نفسها تتطلب زادا كبيرا من المعارف كأسس ابستمولوجية صلبة لبناء هيكل العمل الأدبي الذي يريد نفسه جادا ومحترما، وهو زاد مشكل من علوم الفلسفة والتاريخ وعلم نفس العلوم والتقنيات… إضافة إلى ما هو معروف باسم الخيال العلمي التكنولوجي.

بناء على ما مر يمكننا الجزم بأن كاتب حاذقا قادرا على قراءة مقال في جريدة ” التايم” حول موضوع علمي كهندسة الوراثة أو زرع الأعضاء أو الثقوب السوداء أو تصميم كبسولات الفضاء والروبوطات المتطورة، ثم استعمال هذه المعلومات كنقطة انطلاق أو كديكور لقصة ما، لن يكون بقدورنا إزاءه أن نفرق بين ما كتبه هو وما كتبه أي شخص آخر حول أي موضوع غريب عنا ما لم تكن بين أيدينا معطيات كافية للتعرف على الموضوع المذكور أو المكان المتناول.

عندما نتطرق لموضوع التكنولوجيا المستقبلية لا بد من الإلمام بالنشاط العلمي كما عايشه الباحثون، نقاشات البحث، آراء العلماء المتضاربة، الفرضيات، التجارب … وكل ما يظهر على صفحات المجلات وأثناء الملتقيات  المتخصصة من أجواء الموضوع الذي أنت بصدده.

أما إذا جاءت معالجة شيء جديد جدا، أو معطى تكنولوجي أو علم جديد مستلهم من خيالك الخاص، فإنك لن تستطيع أن تضفي بكل دقة الإحساس بصدق الأحداث الجاري سردها لأنه في الحقيقة لا يوجد شيء من هذا القبيل في عالم القارئ ولا في عالمك أنت ككاتب… فلكي تكون دقيقا وجادا في سرد قصة ما لا بد أن تكون قادرا على إضفاء معقولية ومصداقية وواقعية كبيرة على العالم الذي أنت بصدده، ويتم ذلك بتوظيف معلومات حقيقية أو شديدة القرب من الحقيقة حتى تقنع القارئ بأنها تحققت أو أن تحققها قاب قوسين وأدنى.

سأضرب مثلا لما أسميه “العلم المرن” سنطلق مصطلحا جديدا غير قابل للنقاش في الأطر المعروفة (لأن العودة بالمفاهيم إلى مصطلحات معروفة تجعلنا أمام حرج لا ريب فيه) ونسمي (س. أ. ض) للدلالة على السفر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، والمقصود هو الدفع القوي إلى ما وراء الفضاء بواسطة المركبات فوق الضوئية … وما شاكل ذلك وما هو متعود عليه في ميدان الخيال العلمي …إن معاينة علمية  صغيرة جدا لهذه المسلمة الخيالية العلمية تجعلنا أمام الواقع الاينشتايني المعروف الذي يقر بأن كل كتلة تسير بسرعة الضوء تنتهي إلى ما لا نهاية، ولكي يتجاوز جهاز ما سرعة  الضوء لا بد من توفير طاقة لا نهائية تتجاوز الطاقة السابقة (أي طاقة فوق اللانهائية) لتعدي حدود هذه السرعة. هذه الفرضية مستحيلة نظريا حسب نظرية النسبية.

هذا الكلام يتناسب أكثر مع مفاهيم الفضاء، او علماء الفيزياء الفلكية Astrophysique  فهو كلام سيقف حجرة عثرة أمام جمهرة كبيرة مثيرة وممتازة من قصص الخيال العلمي، وذلك أن الضرورة ” الأدبية” لتجاوز سرعة الضوء أصبحت لا ريب فيها منذ زمن بعيد … فبدون هذه الكتابات ستنغلق أبواب كثيرة لاكتناه المجهول … سنكون عاجزين عن معرفة إمبراطوريات المجرات الأخرى وحضارات الفضاء الخارجي ومختلف الكواكب المنتشرة بصورة مذهلة الشيء الذي يؤدي إلى انعدام وصف اللحظات المثيرة للقاء الأول… ما أفقر الخيال العلمي الذي لا يسمح بالخروج من نظامنا الشمسي! السؤال المطروح في هذه المرحلة من طرحنا هو: كيف يمكن للقارئ تقبل ذلك بكل بساطة؟ أي كيف يمكن تحويل ما يعد من المستحيلات العلمية إلى ظاهرة معقولة ومقبولة؟

يبدو أن الحل الأبسط هو تجاهل الإشكالية المذكورة أعلاه، والتصرف – سرديا- كأن الإشكالية/الاستحالة غير موجودة وغير مطروحة أصلا، … كأن نقول في معرض الكتابة مثلا: ” عن طريق عملية الدفع الفائق والتي تتم في وقت قياسي لا يتجاوز خمس دقائق …الخ” …  وهذا الميكانيزم السردي هو نفسه الذي يجعلك وأنت تكتب قصة واقعية تدور في الحاضر تنتقل ببطلك من هوليود إلى باسادينا بجرة قلم في غضون سطرين أو ثلاثة دون أن تكون مطالبا بشرح  طريقة عمل محرك السيارة التي ينتقل بواسطتها البطل.

الحل الأخر هو رمي بعض العناصر القصصية التي تتخيلها ثم تعبر عنها بشيء من الغموض الذي لا بد منه والذي نعلم جيدا أن قراء الخيال العلمي متعودون عليه لكثرة معايشتهم للغرائب، ولاستعداد شبه فطري لقبول هذه الاتفاقيات المنبنية على الوهم والتي هي جزء من هذا الجنس. ستكتب شيئا مثل هذا:”انطلق المحرك الضوئي و بعد خمس ثوان بلغ سرعة خمسين بوتسا من الأداء المتسارع وسبق بذلك مركبة القراصنة الهاربين …” ثم تواصل دون ان تكون مطالبا بأي شرح حول بلوغ المحرك هذه الدرجة، ولا حيثيات هذه الدرجة ..سيقول الجميع: هذا هو الخيال العلمي !

القراء لا يطرحون كثيرا من الأسئلة إلا أن لهم حاسة قوية جدا تمكنهم من التقاط الكتابة السيئة… لهذا فإنه على الكاتب أن يكون حذرا جدا أثناء تعامله مع المعطيات العلمية المخترعة … أي مع ” العلوم المرنة” كما سميناها سابقا.

سنقول انك إذا افترضت وجود طاقة محركة لهذا المحرك فإن القاعدة الأولى المتحكمة في العلوم المرنة تجبرك على وصف هذا المبدأ سواء خياليا أو علميا أو بطريقة وسط بين معطيات العلم المعروفة والمعطيات المقترحة … إلا أن هذا ليس هو أهم ما في الأمر … الأهم من ذلك هو محافظتك على هذه الفرضيات لتوظيفها لاحقا في حبكتك.

وسنقول أن ترسيخ هذه المعلومة المقترحة في بداية القصة هو القاعدة الثانية للعلوم المرنة، فكل معلومة مهما كان نوعها أو أي مبدأ علمي وجب استعماله في حبك عقدة القصة أو – في أحسن الأحوال- قبل أن يبدو هذا المبدأ كعنصر فاعل في أحداث القصة … فإذا اعترضتك نظرية النسبية لكي تبين استحالة تجاوز سرعة الضوء التي تكون قد استعملتها سابقا في قصتك، لن يكون أمامك إلا أن تقول أنه حدث للعالم غلوكنشبيل في القرن 25م أن أثبت خطأ نظرية اينشتاين وحرّر نظرية النسبية الجديدة.

المبدأ الثالث: يقول إنه علينا أن نعلم أين تبدأ الشروح وأين تنتهي وكيف يكون شكلها وحجمها … من الأحسن ألا تضيع التفاصيل النظرية التي تقطع الصلة بينك وبين قارئك… ومن الأحسن – كحيلة كتابية جيدة- أن تصوغ نظرية النسبية التي تعينك على تحريك محركك الفوق ضوئي على أنقاض نظرية  النسبية لأنشتاين، آنذاك ستجد معارف يقبلها القارئ وتجد خلفيات تختزل المسافة بين الواقع والخيال، فتكون خطوة الذهن القارئ المتخيّل قصيرة مختصرة لا تحتاج إلى قفزات تربك التمثل والانتباه وتتعب التخيل فتأكل من جسد القصة المتخيلة.

وفقا لهذا المبدأ ستجعل فيزياء القرن 23 أو 25 تتطور حسب الاكتشافات المتعلقة بالثقوب السوداء مثلا والتي سيكون العلماء قد اكتشفوا طبيعتها وكونها – مثلا – أنفاقا تصل بين فضائنا المعروف والفضاء الذي كان مجهولا والذي يوجد في خمسة أبعاد لا كفضائنا… ثم ستصوغ – أو تتخيل الصياغة – فيزياء للفضاء خماسي الأبعاد … والباقي عليك يا كاتب.

القاعدة الرابعة للعلوم المرنة: عندما نخترع علما جديدا أو نظرية مستحدثة يجب أن يكون لديك اطلاع جيد على ما واصلته المعرفة  في ذلك الميدان وأود هنا التخلي عن المثال الذي فرضته عليكم منذ بداية هذا المقال والمتعلق بعلم افتراضي (أليس هذا هو محور الحديث كله؟)يمكننا من إيجاد محرك يدفع مركبة ما (المادة عموما) بسرعة تفوق سرعة الضوء (وهو المعطى العلمي المستحيل حسب المقاييس العلمية السائدة!)

أود إعطاء نموذج للعلم المرن الذي أتحدث عنه، إنه الساينتولوجيا أو العرفانية وهي علم -بشكل ما – موجود ومعترف به وله أتباعه، والجميل في أمر السانيتولوجيا أنها معطى واقعي ذو أصول خ.ع؛  ذلك أنها من اختراع الكاتب L.Ron.Hubbard  كاتب الخيال العلمي البارع… فهي تقرأ كقصة خ.ع جيدة في الوقت نفسه الذي نقرأها فيه كمعنى واقعي وكاتجاه ذي أتباع وأشياع…

الساينتولوجيا بالأساس هي مزيج بارع من علم النفس الفرويدي القاعدي ومن نظرية المعلوماتية القاعدية، وهي تعتمد أساسا على تفريغ الذهن من كل أثقال الذاكرة تماما مثلما يتم محو الكمبيوتر … فالطبيب المستبطن يتم تعويضه في هذا العلم “بمستمع” يعمل على إعانة المعالج على المحو التدريجي للمواضيع المؤرقة له، يستعين المستمع بجهاز اسمه E-métre يشبه كثيرا جهاز كشف الأكاذيب، بحيث يتمكن المستمع من ملاحظة توتر الموضوع، ووضع اليد على مواقع الحرج من أجل معالجتها.

ما يهمنا ليس الحكم على الساينتولوجيا او تقويمها، ولكن تأملها كمعطى روائي، كعلم مرن يدفع أجواء رواية الخيال العلمي نحو الأمام، أول شيء نلاحظه هو كون السانتيلوجيا تقاطعا لعلمين موجودين معروفين: التحليل النفسي والمعلوماتية. ويجب التذكير دائما بأن كل علم مرن لا بد له من الاتكاء على علم موجود معروف موثوق فيه.

يحضرني هنا نموذج إسحاق عظيموف Isaac Azimov في سلسلة “البنية fondation” إذ اخترع علما سماه ” علم النفس التاريخي” وهو مزيج من التحليل النفسي والتاريخ والإحصاء… كما اخترع في كتب السلسلة نفسها علما آخرسماه “psionique” وفيه تقاطع بين علم النفس العلاجي وفسيولوجيا الأعصاب والالكترونيك…

القاعدة الخامسة للعلوم الافتراضية (المرنة) تقضي  بالقول بأن كل علمين متى تقاطعا يمكنهما إعطاؤنا علما افتراضيا آخر (والساينتولوجيا لن تكذّبنا في هذا الإطار) ويمكنها بدرجة أكبر وأهم ان تقترح علينا أرضية ثرية من المصطلحات التي يتم توليدها بالاتكاء على مصطلحات كل من العلمين وبالتقاطع بينهما أو النحت او التركيب وكل ما تمنحنا المعجميات من إمكانيات للعمل على الكلمات.

ومربط الفرس في هذه الأرضيات الاصطلاحية يكمن في بعض المصطلحات التي ينبغي أن تكون مفتاحية يهتم الكاتب برسم أرضيتها، وإدماجها في الحبكة وجعل الأبطال يتعاملون معها (أو بها) براحة وألفة تخرجها من الدائرة الافتراضية إلى شيء من الواقعية، في الساينتولوجيا مثلا مصطلحات مثل: وحدات الذاكرة Engramme والمحو Effacement والمستمع Auditeur….. كل مصطلح يأخذ مكانه بوضوح في ذهن القارئ، ثم تجتمع هذه المصطلحات كلها في جسد الرواية كي تعطي (او توحي بإعطاء) نظرة شاملة متكاملة عن عالم الرواية وعلمها المقترح (او الواقعي-آنذاك-).

القاعدة السادسة للمعلوم المرنة: تنظيم المصطلحات وربطها مع الباقي من المعرفة البشرية بحيث يتم اختيار البعض من هاته المصطلحات وإضفاء بعض الاستعارات عليها، كما يتعامل معه ذهن القارئ لأنه ينتمي أصلا إلى دائرة محسوساته ومعارفه السابقة.

يظهر ذلك لدى هوبارد مثلا في اختراعه لجهاز E-métre الذي ما هو – كما سبق- إلا جهاز كشف الأكاذيب محوّر تحريرا بسيطا، فما يبدو اختراعا ليس اختراعا في الحقيقة إلا أنه يبدو كذلك وبدرجة تحمل كثيرا من المصداقية فيعرف القارئ الذي يكون أنذاك مستعدا لتقبل كل ذلك.

القاعدة السابعة للعلوم المرنة – وهي شديدة الارتباط بالقاعدتين السابقتين- متعلقة هي أيضا بمصداقية هذا العلم الافتراضي. ويتم إضفاء مصداقية أوسع وأبعد مدى على العلم المبتكر بواسطة إدخاله في إطار دياليكتيكية  التطور العلمي، بحيث يصبح العلم المرن يأخذ وجوده من الوجود الفعلي لعلوم أخرى(واقعية، تنتمي إلى عالم القارئ)لباقي العلوم هواجسها وتحدياتها وحواريتها الثرية مع العالم.

وهنا بالذات تبدو مركزية الخيال العلمي الافتراضي وإضافته الحقيقة، فهو لا يقف عند نقطة وقوف العلم وهي العقبات المنهجية وعقبات محدودية البحث الذي لا بد له من حاجز مهما كان تطوره، ولا يقف عند التكهنات شبه الخرافية وغير المنبنية على أساس ملموس مثلما هي حال العلوم. إن الخيال الافتراضي يصبح إمكانية لصياغة المعرفة وجعل حاضرها وراهنها في حوار روحي سام مع مستقبلها وممكناتها وهي نظرة كونية ثرية جدا تجمع ملموس المعرفة ومكتسباتها تنفتح على محدوس الروح وأحلامها ولكن في إطار منظم ممنهج مبنى على أسس موصوفة سلفا.

ويبدو الخيال الافتراضي على عكس الخيال العلمي بشقيه (العجائبي ذي الخيالات المجنحة، والصارم ذي القواعد العلمية الصارمة غير القابلة للتجاوز) وكأنه يمنح الخيال معارف ومعطيات كي يطير صوب الممكن جدا والأقرب والأكثر جدارة بالتحقق، وتمنح العلوم أجنحة كي تدفع دائرة الممكنات إلى آفاق أوسع، إنه يقيد الحلم لكي لا يضل ويحرر العلم لكي لا يشل.

 

والعلوم النظرية

 

-المستوى الواقعي / المادي

 

-الدموية وأشكالها

 

“وبالنسبة للرعب، حسنٌ.. إن كاتب الرعب العربي يفاخر أنه طالع رواية (دراكيولا) لبرام ستوكر،وبأفضل الأوضاع،رواية (فرانكنشتاين) لماري شيللي .. لربما قصة أو اثنتين لإدغار آلان بو مثل (الهرّ الأسود) و(القلب الواشي)،والبقية عبارة عن مجموعة من أفلام ستيفن كينغ ومسلسلاته القصيرة،دون الرجوع لرواياته ضخمة الحجم طبعًا!

 

كف عن إيجاد الأفكار بين الأفلام والمسلسلات،وابحث عن الثغرة القانونية المبتكرة لرواية أو لقصة،كف عن إيجاد مصطلح متفرد ما شبه منزوٍ على موسوعة ويكيبيديا،تجده قمة العبقرية لبناء فكرة كاملة حوله.

 

والأهم .. كفَّ عن إيجاد فكرة ونشرها،ومن ثم الترديد طيلة الوقت أن الأفكار -من بعد فكرتك العبقرية- لم تعد كما كانت قبلها”. [لو عرف الأدباء العرب / مقال لوائل رداد نشره على صفحته الشخصية,ثم نشرته مبادرة لأبعد مدى الأدبية على موقعها تحت عنون (لو عرف الخياليون العرب). https://lab3ad.org/%d9%84%d9%88-%d8%b9%d8%b1%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%84-%d8%b1%d8%af%d8%a7%d8%af/].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إذن,ما الحل؟ الحل ببساطة يكمن في (الخيالات الجامحة), أو في الناتج عن العلاقة بين العقل واللانهائية. وهذا يجعلنا نتساءل إلى أي حد يمكن لنا أن نقيس مقدرات العقل البشري؟, ليس فقط على الاستيعاب, بل على كل شيء آخر. فلا يكفي فقط القول بأن شخص ذكي, لأنه أقدر على الفهم. نعم؛ الذكاء هو القدرة على تحليل الأشياء وفهم العلاقات بينها. ولكن لكلمة ذكي استخدامات أخرى في العربية, منها الفعل ذكي بمعنى حاد يخترق أي شيء, دلالة على أن العقل قادر على اختراق مختلف صور الأفهام, أو بمعنى غذى أو أشعل, دلالة على أن العقل الذكي, هو الذي يغذي وعي صاحبه بالمزيد من المعطيات, التي تكون وقودا لإنتاج نتائج ومعطيات أخرى. فالعقل لديه القدرة على الوصول إلى احتمالات شبه لانهائية من الإبداع. بل ويقال أن اللانهاية لهذه المقدرات لا وجود لها. العقل والقلب واحد, المكان هو الفراغ, والزمان ثابت لا يتحرك, والحركة في الكون هي حركة الأحداث. الخيال هو تمثيل لإحدى المقدرات اللانهائية للعقل البشري, هو الهبة التي تجعل الإنسان, حقا يشبه الإله.

 

الخيالات الجامحة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[1] الأصالة والتقليد؛ تتبع زمني للآثار الأدبية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تساءلت أكثر من مرة بيني وبين نفسي عن الفارق بين علم التاريخ وعلم الآثار,وإن كان شبه مستقر تماما في عقلي أن الفارق هو أن هذا تأريخ للأفكار الغير ملموسة,وإن كان أثرها المادي حدث بحكم وصفها أحداثا,فهو واقع ومؤثر على الأجساد والأشياء,وإن كان لم يعد للحدث أي حضور مادي حقيقي بسبب أنه صار منتميا إلى الماضي. أما علم الآثار فمعني بالآثار الحسية المادية أولا,ثم النصية. وها هنا,أحاول تقديم كورنولوجيا هائلة للأدب,تاريخ أم أحسبها آثار نصية. التعبيران واحد برأيي,وما أقوم به ليس فيه سوى إني أحير نفسي وبلا داع حاليا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أحمد خالد توفيق

لم أكُن أتخيل أن يستقبل الشباب الشخصية وتوابعها هكذا، الأمر الذي أصابني بالصدمة، فأعمالي في باب الرُّعب تجسيدًا لخيالات الطفولة ومحاولة لكبح رعبي”.

 

دفتر أو كراس (أوصاف الفانتازيا)

 

-النسخ

-أوصاف الفانتازيا

 

 

سبعة أحداث لهزيمة الخصم

-تحالف

-إنقاذ

-إنقلاب أو تطور

-تطور تقليدي

-خيانة

-تضاد

-هزيمة ساحقة للخصم

-ظروف غير مواتية (مثل حدث طبيعي أو قصة حب أو تكالب الأعداء)

-السقوط

-السقوط والصعود (العودة)

-شخص يثأر لموتك أو نهاية دراماتيكية

 

 

 

1-السفر للفضاء

2-التلاعب الجيني (وأغراضه: العلاج والتحسين والاستنساخ)

3-

 

 

 

الليزر والذكاء الصناعي وصناعة الروبوت وصناعة القنبلة الذرية وبطاقات الائتمان وغزو الفضاء وزراعة الأعضاء البشرية وأطفال الأنابيب والهندسة الوراثية والعلاج الجيني والاستنساخ والنانوتكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر)، وغيرها

 

-الحركة في الزمن

-عالم الفضاء

-المخلوقات الغير بشرية

-نهاية العالم

-ما فوق الإنسان

-الأسلحة الفتاكة

-حياة العلماء ووصف المخترعات

-تجسيد عوالم الإنسان الداخلية

-وصف العوالم الموازية لواقعنا

-افتراض تقاطبات معينة لأوضاعنا الحالية القائمة ثم وصف أثرها الافتراضي

 

عناصر الخيال العلمي

 

 

 

 

 

 

 

الأنواع المائة في أدب وسينما الفانتازيا والخيال العلمي

 

أماكن في عالمنا

 

[1]

الواقعية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعض ألوان الواقعية، قد تبدوا خارجة عن الواقع أو تميل إلى الفانتازيا، مع أنها قد تكون غير ذلك، فتقدم قصصا عن مدن، ليس هناك وجود فعلي لها، خارج عالم الرواية، لكنها داخل عالم الرواية، مدينة معلومة ومعروفة، وبطبيعة الواقعية التي تقود أحداث الرواية المعنية، تكون هذه المدينة واقعية أيضا، كل ما في الأمر، أن المؤلف تخيل اسما، وحدودا، أقحمها داخل تصور لجغرافية العالم وأراضيه بعد أن أضاف تعديلاته من مخيلته دون أن يتخطى ذلك إلى شطط الفانتازيا وجنوحها، لذا تظل في الواقع، مدينة واقعية.

 

نماذج عن المدينة العادية نجدها في روريتانيا Ruritania من سجين زيندا، لورانيا Laurania من رواية سافرولا Savrola.

 

الشخصية والوضعيات، مثل سفر أيوب، اليهودي التائه والشيخ خضر، قاطع الخيزران.

 

وعموم رحلة البطل

 

[2]

الواقعية السحرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هي أدب من الفانتازيا يختلط فيه الواقع مع الخيال, فيصبح التمييز بينهما من المحال. مع ذلك, هناك أعمال فانتازية تقحم الخيال في عالم الواقع بشكل فج, إلا أنها تظل محتفظة بسحريتها في رصدها لردود فعل الشخصيات والتعاطي مع الواقع الجديد. هذه هي الواقعية الجديدة, فالواقع أكبر من أن نعيه بشكل المعتاد فحسب.

 

[3]

استكشاف العالم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السفرة نوع يتردد بين الأدب الواقعي، وأدب الخيال العلمي

 

تشمل روايات المغامرة أعمالا مثل جزيرة الكنز روبرت لويس ستيفنسون, دون كيخوتي ميغيل دي ثيرفانتس, وأدب المغامرة مرتبط جدا بأدب الفروسية (والبحارة أيضا), هناك إيفانهو لوالتر سكوت وهو أشهر كاتب بالإنجليزية لقصص الفروسية, وهناك أيضا الفرسان الثلاثة للفرنسي ألكسندر دوما, وهو أيضا صاحب الروائع الكونت دي مونت كريستو (أمير الإنتقام) والرجل ذو القناع الحديدي, والزنبقة السوداء, وصحراء التتار دينو بوتزاتي, وسجين زندا أنتوني هوب, كنوز الملك سليمان, وعائشة لهنري رايدر هاجارد, وبالطبع طرزان سيد القرود والعالم المفقود لإدغار رايس بوروس, والمحارب كونان روبرت هوارد, وحتى دليل المسافر إلى المجرة لدوغلاس آدمز, أو روايات أكثر كآبة مثل قلب الظلام جوزيف كونراد, أو سيد الذباب ويليام غولدنغ. من البحار هناك غير جزيرة الكنز, قصة روبنسون كروز دانييل ديفو, أو قصص المغامرات الطفولية من مارك توين أو تشارلز ديكنز, وهما تقريبا أهم من كتبا الرواية في الإنجليزية. أي أنه تصنيف فضفاض قادر على احتواء أي نوع من الإثارة التاريخية أو المعاصرة أو المستقبلية, طالما يتم تقديمها في إطار من الحركة والمغامرة. ولكن أدب المغامرة, الذي أعرفه أنا, هو الأدب الذي تقصد فيه المغامرة لذاتها, أو التي قد يقع فيها البطل بالخطأ أو صدفة. وليست تلك التي تأتي في صورة آثار جانبية لمهمة من نوع, فذلك يسمى أدب الفروسية, وفي إطار من الفانتازيا قد يصبح اسمه أدب السيف والسحر.

 

باطن الأرض والمسطحات المائية

 

[4]

التغيرات المناخية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التغيرات المناخية تيمة تلعب على المساحة الواقعة بين الفانتازيا والخيال العلمي، نجد أن أبرز مثال عن الأولى هو أغنية الثلج والنار من جورج مارتن حيث أرض الشتاء الطويل، والليل الذي لا ينتهي. أبرز مثال عن الثانية؛ بلد أكتوبر.

 

 

المسطحات المائية في ون بيس

 

 

[5]

الأطلانتس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بغض النظر عن أي تصنيف أخلاقي للحضر ما بين المدينة الفاضلة كانت أو فاسدة (وهو ما سنأتي إليه)، تركز قصص المدن المفقودة على العثور على مدينة لا يسعنا التحقق من وجودها حقا. وأبرز مثال مشهور عن المدينة المفقودة هي مدينة أطلانتس الغارقة تحت الماء. وهي تيمة تتشابه على نحو كبير -أو تتطابق- مع تيمة (مدينة من خارج الزمن) وهو مفهوم يصف تلك المدن التي غفل عنها الزمن، ولم يعي البشر من خارجها بوجودها، وتخلفت عن ركاب الحضر، وتقانة الاتصالات، مع جعلها تظل مجهولة، وربما بدائية، أو في أحسن الأحوال ذات لوني تقني غريب عن المجتمع البشري المعروف، ولكن ربما تكون مدينة مثل كل المدن ولكن كل ما في الأمر أنها لم تكن معروفة دخل واقع الرواية المروي فيها عن هذه المدينة. كما أن بعض أو أغلب القصص (العجائبية) تستمد عجائبيتها تحديدا من هذا التوجه تجديدا، مثل تصور مدينة الذهب إلدرادو El Dorado التي تخيل فولتير بعض معالمها في روايته الأشهر كانديد Candide.

 

[6]

اليوتوبيا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هي المدينة الفاضلة، أي تلك التي تملك جميع المقومات التي تجعل من فكرة التعايش السلمي بين (الجميع) ممكنا، والجميع هنا معني بها كل البشر داخل المجتمع الواحد، باختلاف شرائح المجتمع، ألوانهم، وأجناسهم، وأعمارهم، وطبقاتهم، أو وظائفهم، أو مقدار تحصيلهم العلمي او الثقافي، أو مع اختلاف ميول كل فرد إلى أي شيء شرط ألا يضر اي فرد آخر.

 

[7]

الديستوبيا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يشير أحمد خالد توفيق وآخرين، إلى أن المدينة الفاضلة لم تعد تثير أي دهشة أو متعة لدى المتلقي المطلع على واقع أسوأ بمراحل، لقد فقدت التصورات الطوباوية غرابتها مع الوقت، وبات الباب مفتوح على مصراعيه للتطلع إلى مستقبل رهيب أو واقع أسوأ مما نعيش مدفوعا هذا المتلقي البائس بنزعة تطهرية تجلع الواقع المعاش أقل سوءا وأكثر تحملا. المدينة الفاسدة، هي المقابل الأكثر قتامة للمدينة الفاضلة، وأغلب قصص اليوتوبيا، سرعان ما تكشف عن وجهها متحولة إلى قصص ديستوبيا، حتى أن القارئ صار يعي ذلك ربما قبل البدء في قراءة النص حتى.

 

يمكنك أيضا الاستمتاع بمشاهدة هذه الحلقة عن الديستوبيا.

 

الأخ الأكبر

 

[8]

نهاية العالم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إحدى تنويعات الديستوبيا هي تلك القصص التي تتطلع إلى الأحداث المصاحبة لحدث عظيم وجلل هو انهيار العالم وصولا إلى نهايته، أو ما يشبه نهايته. دائما تكون محاولات البقاء البشري ممتعة، بل وثرية قدر ما أستطاع الكاتب أن يغوص في تفاصيل عالمه، يلعب دائما على شعرة تفصل بين بقاء العالم، وزواله. وهذا يقودنا إلى تيمة أخرى، تعد دائما امتداد لقصص نهايات العالم، وهي عوالم (ما بعد المحرقة). ومع دخولنا العقد الثالث من الألفية الثالثة، بدأ يتأكد تماما لنا أننا مقدمين على كارثة بشرية غير مسبوقة قط في تاريخ كل البشر!.

 

[9]

الأسفار الفضائية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المدن الفضائية سواء بسواء في الفضاء القريب، أو الفضاء البعيد، ومن ذلك تيمات عديدة، تتراوح ما بين (كوكب آخر) أو (مستعمرات فضائية). وبالنسبة لي، ومن هذه الزاوية، لا فرق عندي بين أوديسة الفضاء أو حرب النجوم.

 

[10]

الأسفار الزمنية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأول تيمة تقابلنا من ذلك هي تخيل (المدن المستقبلية) دون الحاجة إلى أي سفر، فالتطلع خارج حدود الزمان دائما يكون للأمام، حتى أن التطلع لتغيير الماضي، لا ينبثق في العادة إلا عن نزعة لتغيير الحاضر وتحسين المستقبل وفقا للقانون الذي يحكم بتتابعية الآثار من الماضي إلى الحاضر والمستقبل (هناك تصورات أخرى غير ذلك بالطبع). هذا التطلع لا يأتي في صورة السفر عبر الزمن، من خلال بطل القصة فقط، بل ربما، مجرد تصور، لزمن قريب أو بعيد، والأحوال التي ستجري فيه.

 

مدينة في مستقبل الماضي هي إحدى التنويعات الفريدة على المدن المستقبلية، تحت باب اسمه التاريخ الموازي أو التاريخ البديل.

 

السفر عبر الزمن قد يكون في الماضي، أو المستقبل، أو حتى الحاضر البديل (السفر عبر الأبعاد).

 

المفارقات الزمنية

المستقبلية الرجعية

 

 

[11]

الضفة الأخرى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كنت متحيرا بين استعمال (أرض العجائب) أم (الضفة الأخرى) وملت للأخيرة بحكم أسبقية وائل رداد في استعماله، وهو مصطلح أحاول أن أصف به المكان البعيد أو القريب، وهو المشهور في أدب الأطفال، ولا أقصد هنا استكشاف أماكن جديدة، هذا توجه خاص أكثر بالخيال العلمي، وقريب من عوالم المدن المفقودة، بل أقصد هنا أماكن بعيدة، أو قريبة، لكنها منعزلة واقعيا، واجتماعيا، عن أي مكان نعيش فيه، أي بيننا وبينها برزخ سحري. هذا التوجه مشهور جدا في أدب الفانتازيا عموما، وأدب الأطفال خاصة، وأبرز الأمثلة عن تلك الأماكن؛ أبدا أبدا وبطلها بيتر بان (جيمس ماثيو باري)، نارنيا وبطلها الأسد أصلان، أليس في بلاد العجائب وبطلتها أليس (لويس كارول)، أو عالم ساحر أوز وبطلته دوروثي (ليمان فرانك بوم)، وحتى أرض هوجورتس / بلدة هوغسميد وبطلها هاري بوتر (جوان كاثلين رولينج).

 

 

 

العالم المجاور، أو عالم خلف المرآة، عالم الأحلام، حفرة ما أو خزانة ملابس

 

أبدا أبدا وبيتر بان

 

بياض الثلج والأقزام السبع، الجميلة والوحش، الجمال النائم، سندريلا، روبنزل،

 

يمكن تقديم أي فانتازيا على أنها أدب للأطفال, لأن الفانتازيا تجمح بالخيال مما يتناسب مع فضولهم ومخيلتهم وتوقهم للمزيد, يجب فقط أن تكون القصة مفهومة إلى عقولهم التي يمكن أن تستوعب أكثر مما نحسب بالمناسبة.

 

[12]

الفانتازيا الحضرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبرز مثال عن ذلك هي سلسلة هاري بوتر،

 

[13]

المدينة الخارقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مدينة الأشباح، مدينة الوحوش (التل الصامت، الكوخ في الغابة)، مدينة الخارقين (جوثام)، ومعظم عالم العاصمة والأعجوبة،

 

عالم مارفل السينمائي MCU

 

، أو المدينة السحرية (أغربة Agrabah)، هاري بوتر، مملكة سليمان

 

عالم الجن عند العرب

 

 

أو حتى بلاد الواق واق

 

مارفل الأعجوبة MCU

 

غوثام

واكندا

 

[14]

المدينة الذكية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[15]

الواقع الافتراضي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ستيل رايزنغ Steelrising، أو جاتا

 

-أفاتار

-باندورا

 

[16]

الأحلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[18]

الآخرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العوالم الآخروية هي تجلي طبيعي للفانتازيا الأسطورية،

فالهالا

 

[19]

الأسطورة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولى صور العجائبية في العالم كله،

 

ومن العوالم الأسطورية؛ نذكر أسجارد،

 

وأول أنواع الفانتازيا هي الفانتازيا نفسها, فلا أرى لها جنسا أدبيا محددا. ويمكن أن نضيف هنا كل القصص الأسطورية غير محددة المؤلف, أو تلك القصص المجهولة المؤلف, أو تلك القصص المعلومة المؤلف.

 

الأدب التراثي

 

وهو مشابه إلى حد كبير للأدب الملحمي

 

[20]

الأرض الوسطى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا المفهوم، يمكن أن يمتزج فيه كل من الأدب الملحمي، وفانتازيا السيف والسحر.

 

والمدن السحرية

 

الملحمة شكلا هي مصفوصة طويلة من الشعر ذات خصائص مميزة, أما مضمونها, فيدور حول التركيز على فكرة (الصراع) الدائر بين الشخصيات, حيث يتطور هذا الصراع إلى آفاق يفترض أن لا يمكن توفرها في أي جنس أدبي آخر, لهذا تعد مسرحيات شكسبير ملحمية, ولهذا تعد الرواية الحديثة أو الحداثية هي ملحمة العصر. الملحمة القديمة, كانت تركز على رحلة شعب أو صراعه للبقاء, الرواية الحديثة أصبحت تركز أكثر على الصراع الداخلي في الشخصيات.

 

 

فانتازيا السيف والسحر

يرتبط هذا النوع بأنواع أخرى؛ فانتازيا المسعى، فانتازيا البطل المختار، والعديد من الفانتازيات الأخرى، Heroic Fantasy

 

Zero to Hero

رحلة التحول من خول إلى بطل

 

 

 

أوروبا الوسطى، حكايات ديزني

 

الحشاشين: قلعة آلموت

الغول الأحمر

الفايكنغ: راجنار لوثبروك، شارلمان، كانوت العظيم، هوريك

 

 

عروش الدم: شكسبير وكيراساوا

 

حروب اليونان (هيلينا)، وطروادة، وتأسيس روما

 

فلاد الرهيب، المخوزق، دراكولا

 

عالم الغول الأحمر من الدواخلي هو مثال آخر جيد عن الأرض الوسطى بالنسبة إلى العرب، والذي صار الجميع مقلدين له أو لغيره بطريقة مستفزة مثل كاتب اسمه هشام ياسين. أشرف فقيه قدم نموذج آخر في رواية المخوزق.

 

 

Rivendell

ميناس تريث Minas Tirith

 

 

 

 

الغرفة المغلقة:

 

 

الأبطال الخارقين

 

 

 

 

 

العالم الشخصاني: خيالات كافكا

 

 

التجسيدات: أفاتار وباندورا

 

 

 

عالم كتولو، أعتقد ميثيولوجيا كاملة

كينغز لاندينغ، نارنيا

 

 

 

 

المحاكاة: ماتريكس، ميتافيرس

 

 

 

 

العوالم الخيالية

كنت أقرأ روايات أغاثا كريستي وشرلوك هولمز بنهم، كما أنني أقرأ مغامرات بطوط وعم دهب بولع شديد منذ طفولتي، وفي سن مبكرة، بدأت أدرك أن لكل من هذه السلاسل عالم خيالي خاص، تمتاز شخصياته بسمات معينة، وتحدث فيه أحداث معينة لا تحدث في غيره. قد يصلح في عالم ما لا يصلح في العالم الأخرى، وقد تتشابه عوالم مع الواقع إلى حد التطابق شبه التام، إلا أنها في النهاية تتسم بسمات خاصة تميزها.

بدأت أدرك وجود الكون الخيالي، قبل أن استوعب هذا المفهوم الذي يمتزج بمفاهيم أخرى كالشخصية، والحدث، والمكان. ثم بدأت أستوعبه وأدرك قواعده عن طريق التعامل مع سلسلة هاري بوتر، وثلاثية سيد الخواتم. حيث تتضح سمات هذين العالمين الخياليين بوضوح تام، ففي سلسلة هاري بوتر، هناك عالم فيه السحرة والعامة، ويسير بقواعد معينة لا تنطبق على الواقع الحقيقي، لكنها تحاكيه، وتقيم منطقها الخاص المستقيم. أما في ثلاثية سيد الخواتم (وغيرها من ملاحم الأرض الوسطى)، فيأخذ مفهوم العالم الخيالي بعداً أوسع، حيث يتحول إلى كون كامل غير عادي، لكنه -بشكل أو بآخر- يحاكي الواقع الإنساني. ففي كون الأرض الوسطى، هناك أقوام وأعراق عديدة مختلفة، هناك شعوب وممالك مقامة بكاملها من الخيال، هناك تواريخ وعصور، تستقي مادتها من التواريخ والعصور الأرضية، لكنها ترتبها وفق منطق خاص بها، يبني شبكة كاملة من العلاقات المتبادلة بين عناصر السرد لينشئ كوناً خيالياً متكاملاً له قواعده وقوانينه الخاصة، وله نمط شخصياته ومثله وأفكاره الخاصة.

أمثلة الأكوان والعوالم الخيالية في الأدب لا تكاد تُحصى، فالبنيويون يعتقدون أن الرواية كون من ورق، وبالتالي فإن كل قطعة أدبية هي عالم خيالي خاص بها. الأمر الذي يوجب تحديد مفهوم الكون الخيالي بشكل أكثر دقة.

كثيراً ما توصف عوالم سردية بأنها عوالم كافكاوية، أو دوستويفسكية، أو توكنية نسبة إلى الأدباء الذين ارتبطت بهم هذه الأجواء السردية أكثر من غيرهم، الأمر الذي يمكن البدء منه في تحديد مفهوم العالم الخيالي. فحين يوصف عالم ما بأنه غوغولي، هل يعني هذا أنه عالم خيالي أنشأه نيقولاي غوغول وجاء آخرون من بعده ليبنوا على أساسه ويقوموا بتوسيعه؟ أم أنه يعني وجود سمات معينة لعالم شبيه-واقعي امتاز غوغول بنشرها في أدبه، أو كان أول من ركز عليها؟

ما هي خصائص الكون الخيالي؟ والكون الأدبي؟ كيف تطور كل منهما؟ وكيف يمكن التفريق بينهما؟

لا أدعي حرفية النقد، لكنني سأحاول فيما يلي من الأيام، بإذن الله، تحليل مجموعة مما اصطلح على أنها أكوان خيالية، ومجموعة أخرى من الأكوان الأدبية لاكتناه ماهيتها. هند هيثم.

 

 

 

 

[21]

جسم الإنسان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[22]

عالم الحيوان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[23]

العمائر القوطية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[24]

الجانب المظلم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذي رآه رفعت إسماعيل ذات يوم، ثم عايشه طوال أيام  حياته

 

الوجه المظلم من العالم

 

[25]

سفر التكوين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

تصورات خيالية لمدن حقيقية، مثل أغربة

 

 

المدن السحرية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أماكن في عالمكم

 

 

 

 

 

 

هذه مائة مكان مختلف,كل مكان يمثل عالما مختلفا,عرفنا عنه أو تخيلناه في مصادر مختلفة من الأدب أو السينما أو الفن أو المسرح أو الأسطورة أو حتى الخيال العلمي والإفتراضات العلمية.

 

مع العلم إني أخذت بمقدار إرتباطي بهذه العوالم الأدبية أو السينمائية أو الخيالية من أي جهة جاءت في المقام الأول. أكثر من تكاملها أو شهرتها,لأن عوالم أخرى قد تتفوق. ومع ذلك, تجد الإختيارات مائة موفقة إلى حد كبير. أو هذا رأيي.

 

كما أنني قصدت هنا العوالم الخيالية,غير معني بالعوالم الحقيقية (وكأن الآخر غير حقيقي) في واقعنا أو تاريخنا,أو التي تفتقت عنها قريحة خيرة أدباء البشرية مثل دوستويفسكي ونجيب محفوظ.

 

ستجدون هنا أنني عينت مكانا محددا إنطلاقة أولى منه لبقية أرجاء العالم المحيط به,مثل مدينة ضمن المدن الخيالية في هذا العالم,أو مثل مملكة ضمن ممالك خيالية,أو ما شابه ذلك.

 

مكان أو بيئة مختلفة

 

 

مناخ العلم

 

كنت أعد لإعداد مقالة مستقلة حول الأنواع المائة في أدب وسينما الخيال العلمي

 

فى العدد الاول من المجلة تكلمنا عن الخيال العلمى، حاولنا تعريفه و التمييز بينه و بين الفانتازيا .. و قلنا انه يعتمد اكثر ما يعتمد على الافكار و الابداع فى تخيل او توقع ما سيحققه العلم .. دعونا نبحر الآن مع اهم تيمات الخيال العلمى..

مدارس الخيال:

من اهم التقسيمات المتداولة تقسيم الخيال العلمى حسب الدقة العلمية للتنبؤات و استخدام القوانين و الظواهر العلمية فى الاستنتاج و هذا يفرق الى مدرستين – الفروق بينهما ليست واضحة بالقدر الكافى و غير متفق عليها اتفاقا تاما- و هما :

1-الخيال العلمى الصعب ( hard science fiction):

كتاب هذا النوع من الخيال العلمى يلتزمون بقواعد العلم بدقة شديدة و يحاولون الاعتماد علي الدقة التقنية قدر الامكان مما يؤدى الى اهمال تطور الشخصيات و افتقارها للعمق اللازم .. و يلاحظ اعتماده على المواد العلمية البحتة مثل : الفيزياء و الكيمياء و علم الفلك..

من ابرز الامثلة لادباء هذا النوع :

جول فيرن (Jules Verne ) قديما.. و ارثر سى كلارك(Arthur C. Clarke) حديثا

2- الخيال العلمى اللين ( soft science fiction ):

لا يتم الالتزام بحرفية العلم و الدقة بقدر الاهتمام بالتشويق و الابداع فى السياق القصصى،و الاهتمام بالشخصيات و تطورها على مدار العمل .. و يلاحظ ميله الى العلوم الاقل مادية و الاكثر اجتماعية مثل : علم الاجتماع و الانثروبولجى و العلوم النفسية

ابرز امثلة ادباء هذا النوع:

هربرت.ج.ويلز ( H. G. Wells ) قديما.. و روبرت هاينلاين (Robert A. Heinlein ) حديثا .

 

هناك انواع اخرى من تصنيفات الخيال العلمى : مثل الخيال العلمى الاجتماعى و الخيال العلمى العسكرى و قصص السايبربنك و غيرها من الانواع الذى يمكن اعتبارها كتيمات و البعد عن وضعها كتصنيفات مستقلة .

المرة القادمة سنهتم بالتركيز على مدرستى الخيال اللين و الخيال الصعب، نتناول اهم الكتاب و نبحر مع بعض الأعمال التى تركت بصمات دائمة فى عالم الخيال .

 

ويمكن تقسيمها إلى أربع أنواع رئيسية

 

1-بشر غير البشر

2-سلوكيات غريبة

 

فخ ثوكيديدس

 

 

3-أماكن بعيدة

4-تقنيات جديدة

 

الانتقال الآني

 

 

 

 

أصالة الأسطورة، قبل جدة الحداثة

 

ويجب أن نميز بين الأصول الفانتازية، والتقنيات الفانتازية

 

 

لأسباب عديدة ترتبط بالمجلات الشعبية والأفلام السينمائية، صار هناك نوع من الضباب الواضح حول تعريف أدب الخيال العلمي، وبالتالي صارت الصورة الذهنية الجاهزة لدى المثقف العادي هي صورة أطباق طائرة وغزاة من الفضاء وسيوف ليزر.. بالطبع يضم الخيال العلمي هذا (أوبرات الفضاء)، لكنه يضم ما هو أعقد منه بكثير.

هناك تعريفات عديدة للخيال العلمي نذكر القارئ بها:

– الخيال العلمي هو خيال ممزوج بالحقائق العلمية والرؤية التنبؤية، وبالذات هو ما يكتبه جول فيرن وهـ. ج. ويلز. (هوجو جيمزباك 1926)

– تخمين واقعي عن الأحداث المستقبلية المحتملة، تم تأسيسه على معرفة كافية بالعالم الخارجي والماضي والمستقبل، وفهم الطريقة العلمية. (روبرت هاينلاين 1982).

– الخيال العلمي هو مصالحة بين الأدب والعلم اللذين حسبهما الكثيرون متعارضين، يقوم أحدهما على الخيال، ويقوم الآخر على التجربة والاستقراء (يوسف الشاروني).

يعتمد القالب الأدبي للخيال العلمي على مجموعة من الأبنية الفكرية المعقدة، التي تتصاعد من كتاب لآخر في شكل تراث تراكمي، وهذه هي بالذات مشكلة الأدب العلمي مع السينما، لأن صناع أفلام الخيال العلمي لم يثقوا قط في هذا الرقي، ولهذا كانت هناك تيمة واحدة أجمعوا عليها في أفلامهم هي لشدة الغرابة أن العلم شيء لا يمكن الوثوق فيه. واستخدموه ببساطة ليحل محل الرعب القوطي القديم، فبينما كانت قوى الظلام هي المسئولة عن إيجاد المسوخ في أفلام الرعب، صار العالم المجنون هو المسئول. أي أن السينما نظرت إلى العلم باعتباره نوعاً من أنواع السحر.

للخيال العلمي أنواع عديدة، يمكن أن نحصر منها 20 نوعًا مع ملاحظة أن الخلط بينها يحدث كثيرًا:

1- غرباء بيننا:

ربما كان أول من اصطك مصطلح (غرباء) Aliens بمعناه المعروف، هو جون تاين عام 1955 في مجلة (الخيال العلمي)، لكن أول قصة تحكي عن غرباء فضائيين يزورون الأرض كانت ميكروميجا لفولتير (1750). حيث يأتي عملاقان فضائيان إلى كوكبنا ليسخرا من فلسفتنا وقيمنا كلها.

قصة (كوكبان 1897) بقلم كورد لاسفيتش تحكي عن أول لقاء بين بشر وكائنات فضائية، حيث يعيش رجال المريخ في القطبين الشمالي والجنوبي وهم يبدون مثلنا تماماً.

(أوديسا المريخ) لفاينباوم (1934) تحكي عن مريخي يدعى تويل يملك ذكاء الإنسان، لكنه لايملك تفكير البشر المستقبلي… يحاول البطل الاتصال به ويفشل، لكنه يجرب الرياضيات في النهاية. معظم كتاب الخيال العلمي يعتقدون لسبب ما أن الرياضيات هي طريقة التفاهم المثلى مع الفضائيين، أو ربما سيتم التفاهم بالجدول الدوري كما في (اللغة الكونية) لبايبر (1957) و(الصور لا تكذب 1957) لكاترين ماكلين. سبييلبرج في القصة التي كتبها عن فيلمه (لقاءات لصيقة من النوع الثالث) جعل التفاهم ممكناً بوساطة خمس نغمات موسيقية.

(سولاريس – 1961) للكاتب البولندي ستانسلاف ليم، الذي يعتبره البعض أعظم كاتب خيال علمي على الإطلاق. تحكي عن كوكب كامل هو في الحقيقة كائن فضائي تتجاوز قدراته العقل البشري. هذا نموذج فريد لأدب الخيال العلمي الذي لا يضيع وقته في التكنولوجيا، ولكنه يناقش قضايا فلسفية من زاوية الخيال العلمي الغريبة.

2- لربما حدث التاريخ بشكل مختلف:

تدعى هذه القصص باسم التاريخ البديل أو Allohistory، حيث تحدث واقعة ما في لحظة تاريخية معينة، وتسبب وقائع تراكمية تؤدي إلى تاريخ مختلف تماماً عما نعرفه.. ومن المصطلحات التي تطلق على هذا الطرز الشعبي من الخيال العلمي: الخيال المضاد Counterfactuals.. ماذا إذا؟ What if…. Uchronias..

ومن الأنواع الفرعية شديدة الشعبية لهذا النوع ما يتحدث عن الحرب العالمية الثانية، وماذا لو فاز المحور بها؛ مثل رائعة فيليب ديك (الرجل في القلعة الشامخة- 1962). أو الحرب الأهلية الأمريكية لو فاز بها الجنوب مثل (بنادق الجنوب) بقلم هاري ترتلدوف. إن بقاء هتلر حيًا حتى اليوم موضوع يتكرر بإفراط في قصص الخيال العلمي.

سبراج دي كامب قدم (خشية أن يهبط الظلام) عام 1939. أما روبرت هاريس، ففي عام 1992 جعل النازيين يربحون الحرب (أرض الجدود). وكذا نذكر (غربي عدن) بقلم هاري هاريسون عن الديناصورات التي ظلت حية (1984).

ثمة تعريف مناسب للتاريخ البديل قدمه روبرت هاينلاين في كتاب قوائم الخيال العلمي- 1982 هو : افتراض واقعي عن مستقبل غير محتمل تم تأسيسه على معرفة كافية بالعالم الحقيقي والحاضر والمستقبل، وعلى فهم أمين للطريقة العلمية.

3- العوالم البديلة

هذه فكرة محببة لكتاب الخيال العلمي؛ حيث يمكن للمرء أن يجد نفسه مع بعض الاختلاف في بعد آخر. الحقيقة أن هناك أساساً علمياً لنظرية العوالم المتعددة. إن ميكانيكا الكم تقول إن الجزيئات الدقيقة تقسم الكون إلى نسخ متعددة تختلف فقط في حدث صغير جداً، وينقسم الكون ويعاود الانقسام ويتفرع إلى شجرة مذهلة من الوقائع البديلة، وقد استنبط هو إيفرت هذه النظرية علمياً عام 1957 لكن سبقته نظريات فلسفية تقول الشيء ذاته.

لقد أحرق جيورديانو برونو عام 1600 لأنه اقترح أن هناك عدداً لا نهاية له من العوالم في الكون، ولهذا يمكن أن يوجد أي عالم محتمل.

في القرن العشرين يخطو أديب الخيال العلمي الأشهر (هاينلاين) خطوة جريئة جدًا عندما يقدم لنا مفهوم (العالم كأسطورة World – as -Myth) الذي يتصور أن كل كون هو فكرة في خيال مؤلف في كون آخر. وفي قصته (رقم الوحش 1980) جعل أبطال قصصه المختلفة يلتقون، بل يقابلون أبطال قصص لمؤلفين آخرين. كما ناقش هذه الفكرة في كتاب (القطة التي تعبر الجدران 1985).

4- تحدي الجاذبية

أقدم حلم للبشرية: الطيران.. منذ قصة (إيكاروس) في الأساطير الإغريقية الذي اقترب من الشمس بجناحين من شمع مع أبيه (ديدالوس)، ثم ذاب الشمع فهوى في المحيط، مرورًا بمحاولات عالم الواقع مثل (ابن فرناس) الليبي و(أتولننتال) الألماني، ظل هذا الحلم يؤرق الإنسانية.. في (رحلة إلى القمر- 1650) جعل سيرانو دي برجيراك بطل قصته يبتكر عدة طرق لبلوغ القمر. تضمنت إحداها بناء مركبة حديدية يركبها البطل ثم يلقي مغناطيساً في الهواء ليجذب المركبة لأعلى، وكلما ارتفعت أكثر، قام البطل بقذف المغناطيس من جديد. أي أنه كمن يرفع نفسه لأعلى بحزامه. وقد تبنى سويفت الفكرة نفسها في جزيرة لابوتا الطائرة في (رحلات جليفر). وقبلها فعلها البارون (منخاوزن) أكبر فشار في الأدب العالمي عندما رفع نفسه من شعره ليطير في الهواء.

عام 1827 نشرت في نيويورك قصة (رحلة إلى القمر) بقلم جورج تاكر.. هنا كانت مركبة الفضاء مغطاة بمادة ضد الجاذبية تشبة الكافوريت في قصة هـ. ج. ويلز (أول رجال على القمر- 1901) بعد 75 سنة. الكافوريت هي مادة تقاوم الجاذبية صنعها عالم اسمه (كافور)، وقد صنع منها كرة كاملة يمكن أن يستقلها الإنسان، وتغطى الكرة بصفائح قابلة للفتح من الداخل. هكذا تكشف جزءًا من الكرة يواجه الأرض عندها تنطلق في الفضاء ويجذبك القمر، وعندما ترغب في مغادرة القمر تغطي هذا الجزء فتتحرر من جاذبيته.

الحقيقة أن مقاومة الجاذبية بمادة خاصة وجدت شعبية مع نظرية أينشتاين، لكن المثال الأقوى لها هو قصة ويلز آنفة الذكر.

5- الانتقال الجزيئي

الانتقال عن بعد Teleportation هو الاسم الذي اختاره كتاب الخيال العلمي للطريقة التي تجعل إنساناً أو مادة تتلاشى في موضع وتتكون في موضع آخر. يبدو أن التقنية تقوم على مسح الجسم الأصلي لأخذ كل المعلومات عنه، ثم يتم استخدام هذه المعلومات للتجميع في مكان آخر، ربما باستعمال ذرات أخرى لا تمت للأصل بصلة، لكن فقط تكون موجودة هناك. بهذا يكون جهاز الانتقال أقرب إلى الفاكس لكنه يمارس عمله على ثلاثة أبعاد. ولابد من أن يدمر الأصل.. هنا تنشأ المشكلات لو ظل الأصل والصورة معاً. وقد أقر العلماء أن الانتقال عن بعد ممكن بقواعد ميكانيكا الكم في الغد البعيد بشرط أن يتم تدمير الأصل، وإن لم ينظروا للموضوع كله بجدية.

من أمثلة الانتقال الجزيئي: (نجوم معادية) قصة باول أندرسون عام 1959. (القمر الأحمر) قصة ألجيس بيرديس (1960). توماس ديش (الصدى حول عظامه – 1967) وزيلازني (اليوم نختار الوجوه 1973). ويبدو أن هذا النوع بدأ مع إدوارد بيج متشيل في (الرجل الذي لا جسد له) عام 1877.

6- خلف الحقول التي نعرفها:

هذا المصطلح beyond the fields we know اصطكه لورد دونسي ليصف القصص التي تحدث بالكامل في عوالم لا تنتمي إلى عالمنا. من هذه الأمثلة القوية (سيد الخواتم) لتولكين حيث سعى إلى خلق عالم كامل له إقناعه الخاص، تتم فيه عملية بحث بطولية. ولسبب كهذا أطلق ديفيد هارتويل على هذا العالم اسم (الخيالات التولكينية) في كتابه (عصر العجائب -1984). هذا عالم مستقل له تاريخه وجغرافيته وأجناسه، وهناك مسحة من السحر الذي خلق ليؤخذ كما هو.

من أنواع هذا الأدب: (بنت القمر الساطع) لماكلين أبي وشارديك لرتشالرد أدامز، ولويد الكساندر في (القطة التي أرادت أن تكون بشراً). أيضاً فرانك باومز في (كتب أوز)، وجون برانر (المسافر في ثياب سود)، وروبرت هوارد في سلسلة (كونان).

7- مدن المستقبل:

منذ البداية لم يكف أدب الخيال العلمي عن ابتكار المدن العملاقة المركزية، التي تحوي كل إبهار وتقدم وفساد بابل كما وصفها العهد القديم. في عام 1771 كتب الفرنسي لوي سباستيان مرسييه رواية (العام 2440) ليجعل باريس مدينة مستقبلية يوتوبية. أما مدينة لابوتا التي ابتكرها سويفت عام 1726 فكانت تطير ضد الجاذبية الأرضية، ولها طريقة مبتكرة لعقاب المدن الأرضية حين تقف فوقها لتحجب عنها الشمس. قد تكون المدن المستقبلية يوتوبيات أو يوتوبيات مضادة، وربما كانت الاثنين معاً.

يقول بيتر نيكولز: لقد تعامل الرعب القديم مع إعادة بعث الوحش، أما الرعب المعاصر فيتعامل مع رعب ضياع الوحش.. ضياع الدفء الحيواني الذي هو جزء مهم من بشريتنا. مهما كانت مدن المستقبل، فإن سكانها أناس باردون عقلانيون يفتقرون إلى الحب والشهوة والغضب.

7- السايبر بانك

موجة السايبر بانك هي الموجة التي بدأت تنحسر قبل أن يفهم الناس معناها بالفعل. هذا المصطلح ابتكره الكاتب بروس بثك وصار شهيراً حين استعمله كاتب آخر هو ويليام جيبسون في رواية (ممزق الأعصاب) Neuromancer التي اصطك فيها مصطلحاً آخر شهيراً هو الفضاء السايبري Cyberspace. لكن سرعان ما استخدم مصطلح Cyberpunk بوفرة وتشوه، وصار يعني عدة أشياء في الوقت ذاته، حتى أن مؤسسيه اعترفوا بأنه قد استنفد أغراضه ومات. كان الصحفي بروس سترلينج هو داعية هذا النوع الجديد من الخيال العلمي، وقد أثر على كل شيء من السينما إلى الثياب إلى أغاني البوب. هذه التيمة تتكون من مفردات متجاورة لا تنفصل (الكمبيوتر، التسلل hacking، اليوتوبيا ونقيضها، السايبورج التمرد على المجتمع). من أمثلة السايبربانك (عدو النظام) لبرايان ألديس. (الرجل الراكض) لستيفن كينج و(ابن الجورجون) لستيف بيمس و(451 فهرنهايت) لراي برادبوري و(عالم جديد شجاع) لألدوس هكسلي.

8 – اليوتوبيا

لو اعتبرنا الخيال العلمي هو أدب البحث عن يوتوبيا، فلابد من اعتبار جمهورية أفلاطون نوعاً مبكراً جداً من الخيال العلمي. تلك الجمهورية التي أنشأها أفلاطون عام 360 قبل الميلاد، ويبلغ تعدادها 5040 مواطناً، وهو من مضاعفات السبعة.. معنى يوتوبيا باليونانية هو لا مكان.

عام 1516 نشر سير توماس مور باللاتينية قصته (يوتوبيا) مما يمنحه لقب كاتب خيال علمي هو الآخر. ومن عباءة توماس مور خرج جون فالنتين أندريه بقصته (كريستيانوبوليس 1619). ثم قدم بيكون (أطلنطس الجديدة 1627). هنا يزور البطل جزيرة بها كلية للبحث العلمي (بيت سليمان) حيث تجرى تجارب على التنبؤ بالطقس والتجميد وخزانات الأكسجين والغواصات والطائرات.. وهناك رسل بين الجزر اسمهم تجار النور.

تنبأ هالدين في مقال شهير عام 1928 بأن الإنسان سيحاول حتماً مغادرة الأرض. ولسوف يفشل عدة مرات قبل أن ينجح في استيطان كواكب ليست بالضرورة حول شمسنا. لا توجد حدود لمحاولات الإنسان السيطرة على كل ذرة وكل حزمة طاقة في الكون.

9- نقائض اليوتوبيا Dystopias

كثيراً ما يفاجئنا الخيال العلمي المعاصر بيوتوبيات نقيضة Dystopia.. كان الخيال العلمي لا يعرف إلا اليوتوبيا الفاضلة حتى انقض عليه ويلز في إنجلترا ولاسفيتش في ألمانيا وبدأوا يصورون مستقبلات كابوسية، حيث لا يوجد أي نوع من الإشباع الطبيعي للناس البسطاء. ثم لحق بهما هكسلي وبرادبوري ولندن، وبالتالي تعلمنا أن ننظر إلى المستقبل بخوف وتوجس. لقد لاحظ برادبوري أن أول استخدام للذرة كان للقتل الجماعي وليس لأغراض سلمية، وآمن ويلز أن التقدم العلمي خطر داهم بالنسبة لبشرية لم تنضج إنسانياً بعد. من الطريف هنا أن نلاحظ أن السينما الخيالية لم تتعامل قط مع اليوتوبيا وإنما بدأت بالتعامل مع اليوتوبيا النقيضة من البداية، ويرى بيتر نيكولز أن السبب في هذا هو أنه من العسير على فن بدأ أيام الحرب العالمية الأولى، أن يؤمن بأننا نتقدم باطراد، وأن حال البشرية يصير إلى الأفضل. لم تستطع السينما أن تتكلم عن الآلة التي ستخلصنا، بل تكلمت عن الآلة التي ستستعبدنا

من هذه اليوتوبيات النقيضة:

(آلة الزمن) لويلز (1895) حيث تحولت الطبقة العاملة إلى وحوش آكلة للبشر تعيش تحت الأرض، وتتغذى على الطبقة البرجوازية التي تحولت إلى مجموعة من الحملان. (نحن) ليفجيني زاميتين (1929). (عالم جديد شجاع) لهكسلي (1932). وهي تتحدث عن يوتوبيا نقيضة كلها هندسة جينية ورقابة ومحو لفكرة الأسرة. تم إلغاء الجنس في هذا المجتمع ولم يعد ثمة مفهوم محترم إلا الإنتاج. الإله الأوحد في هذا العالم هو فورد (ربما فرويد) ويعيش الناس راضين باستعمال دواء اسمه سوما، يعينهم على النوم والنسيان.. ويوجد إنسان (متوحش) واحد في المتحف… تنتهي القصة القاتمة إما بانتحار أبطالها أو تخديرهم بوساطة الحكومة أو نفيهم. لا ننسى كذلك جورج أورويل في 1984 التي كتبها عام 1948. و(اليوم الأمثل) بقلم إيرا ليفين (1970).

10- الإدراك الفائق للحواس

هنا يتم استعمال حواس غير الخمس التي نستعملها كي ندرك العالم من حولنا. ويقال إن هذه الحواس كانت لدينا جميعاً ثم انقرضت. في قصة (الورثة) لويليام جولدنج نجد إنسان النياندرثال ذا الشفافية القادر على التخاطر يتحول إلى كروماجنون الصاخب الثرثار.. نحن.. وبالتالي يكون الكلام في مفهوم جولدنج تراجعاً في الحضارة.

أطلق على هذا الموضوع أيضاً اسم باراسيكولوجي، ولهذا يطلق عليه بعض كتاب الخيال العلمي اسم Psi أو psionics

ويشمل التخاطر.. قراءة الأفكار.. الخ..

التخاطر يعطي مزية داروينية هائلة لصاحبه، ولو كان له وجود حقيقي في عالمنا لكان عدد من يمارسونه هو الأغلب.. بينما هم في الحقيقة نادرون جداً إن كان لهم وجود.. وهذا يهدم الفكرة من أساسها.

11- الخيال العلمي الصعب Hard Sci-Fi:

هذا طراز من الخيال العلمي الصارم، بالغ الدقة يتم تأسيسه على مفهوم علمي حقيقي.

مثلاً في قصة كليمنت (مهمة الجاذبية- 1954)، نرى كوكب مسلكين حيث الجاذبية تفوق الأرض 300 مرة في القطب وأقل بثلاث مرات عند خط الاستواء. ويقوم أهل الكوكب بالاستكشاف وهم يخاطبون الأرضيين، ويحكون لهم عن ملاحظاتهم. فنجد أن علم الفلك والفيزياء والكيمياء غاية في الدقة. هنا يقع على عبء كاتب الخيال العلمي أن يقدم قصة مسلية وأن يكون دقيقاً.

من أمثلة هذا النوع كذلك باول أندرسون في (كوكب يدعى كليوباترا 1974).

12- الأبدية بمعناها المادي:

هذه التيمة قديمة تعود إلى ملحمة جلجاميش الفارسية (حوالي 2700 قبل الميلاد) عن ملك قوي يبحث عن الخلود في أرض غريبة. وفي الأوديسة تعرض كاليبسو الخلود على أوديسيوس. ثم من جديد نقابل الخالدين الذين يولدون بوحمة حمراء على جبينهم في قصص جليفر لسويفت (1726) حيث يؤدي بهم الخلود إلى أن يتحولوا إلى مخلوقات مرعبة بشعة يتحاشاها الجميع، وهي نظرة للخلود تمتاز بالأصالة والجدة.

من ضمن هذا الموضوع الإحياء المؤقت.. إنه تبريد الجسم البشري بحيث لا يشيخ Cryonics.. نرى هذا المفهوم في قصة مرسييه (العام 2440) التي كتبها عام 1771. و(ريب فان وينكل) لواشنجتون إرفنج (1819). لكن أدق معالجة لها كانت في قصة إدمون دابو (الرجل ذو الأذن المكسورة 1861) حيث يتم تجميد رجل مصاب بمرض عضال إلى أن تمر قرون ويأتي أطباء بارعون بدلاً من أطباء العصر الجهلة. هذا المفهوم يتعامل مع الموت باعتباره مرضاً يمكن الشفاء منه فيما بعد.

13- الاختفاء:

هذه النوعية خرجت من الأساطير التي يفوز فيها البطل دومًا بخوذة تجعله خفيًا، كما حدث مع برسيوس، أو طاقية الإخفاء في تراثنا، ثم دخلت تراث الخيال العلمي بشكل رسمي مع (الرجل الخفي) لويلز.

14- الأراضي المفقودة:

يقول توماس كلاريسون في كتابه (نحو تأريخ الخيال العلمي): إن البريطانيين هم أول من ابتكر فكرة الأراضي والشعوب المفقودة التي غفل عنها الزمن، حينما استولت على البريطانيين المخاوف من توسع الإمبراطورية. وقد استعمل رايدار هجارد هذه التيمة بنجاح عظيم، بينما قدمها إدجار رايس بوروز مراراً وتكراراً. هنا دائماً ما توجد أرض لم يرها أحد بعد مثل أتلانتيس وليموريا. لسوف نجدها بوضوح في يوتوبيا توماس مور، ورحلات جليفر لسويفت. كما نجدها عند صمويل بتلر في (إريهون 1880) وهي كلمة Nowhere لو لفظتها بالعكس. هنا راعي غنم نيوزيلندي يقتاده أحد الأهالي إلى تلك الأرض حيث كل شيء جميل طاهر، والرذائل تعامل كمرض مثل البرد. بالمثل قدم رايدار هجارد (كنوز الملك سليمان 1885) و(هي 1887).

الآن مع التقدم العلمي، نجد أن رقعة هذه المدن المفقودة بدأت تضيق وتبتعد عن إفريقيا وأمريكا الجنوبية المكان المعتاد لها، لتنحصر تحت البحر تقريباً.

15- الخيال العلمي الشهواني

هناك كتاب خيال علمي كثيرون يهتمون كذلك بالأدب الشهواني. بالنسبة للجادين منهم هي مجرد طريقة لبيع أفكار أكثر عمقًا. من هؤلاء تشستر أندرسون صاحب (القصر الوردي) و(مخلص لثمان ساعات)، وريمون بانكس (مغتصبو القمر 1979). على كل حال صار ارتباط الفضاء بالجنس Space erotica نوعاً خاصاً من الأدب، ربما يظهر أكثر في القصص المصورة.

16- أوبرات الفضاء

هي تلك التمثيليات الفضائية التي لا نهاية لها.. وقد عرفها كاتب الخيال العلمي برايان ألديس بأنها تتضمن التالي: النمط تقليدي..القصة بأكملها تدور في أماكن لم يرها أحد من قبل.. بعض الحقيقة العلمية تشوهها الميلودراما.. لابد أن تكون الأرض في ورطة.. لابد من بحث.. لابد من مواجهة الكائنات الغريبة.. هناك سفن تنطلق في الظلام.. لقد كان (حرب الكواكب) جيداً لكنه ما زال يلعب الخيال العلمي بمنطق أوبرات فضاء العشرينيات حيث السفن تشق الفضاء بسرعة البرق، ورجال أقوياء يحملون مدافع الليزر يحاربون بها الغرباء ويكسبون دوماً. وخلاصة هذه القصص كما يعرفها الناقد فيليب ستريك هو هناك الكثير من القذارة في الفضاء الخارجي، ومن الخير لنا أن نبقى حيث نحن ولا نحاول الخروج.

17- السوبرمانات

شخصية سوبرمان التي ابتكرها سيجل ورسمها شوستر في أوائل الثلاثينيات لأكشن كوميكس ذات أهمية بالغة بالنسبة لأدب الخيال العلمي الأمريكي، بحيث يصعب تماماً فصل هذا النوع عن أدب الشرائط المصورة Strips والأدب المكتوب. ومن الذين كتبوا عن السوبرمان بشكل جدي ويلز في (طعام الآلهة – 1904.).

18- السفر عبر الزمن

إن الكتاب الذي تحدث بالتفصيل عن السفر في الزمن وبقوانين الفيزياء الحديثة هو كتاب بول ناهين (آلات الزمن: السفر عبر الزمن في الفيزياء والخيال العلمي 1993). أما بالنسبة للخيال العلمي فقد كانت هذه التيمة مما أثار شغف الكثيرين، ومنهم الكاتب النرويجي هرمان فيسل في (قصة العام 7603) (1781) حيث نرى السفر عبر الزمن من الحاضر للمستقبل، ثم القصة الأشهر (آلة الزمن لويلز 1895). بينما نرى السفر من المستقبل إلى الحاضر في (طيف غير معتاد 1879) لإدجار بيج ميشيل.

من القصص الأخرى المهمة (الإنسان في زمنه 1970) و(المحارب الصغير المسكين 1982) لبريان ألديس و(السؤال الأخير 1988) لأزيموف.

19- في أعماق البحر

ثمة اعتقاد شائع أن جول فيرن هو أول من وصف الغواصة في (عشرون ألف فرسخ تحت البحر 1870 )، بينما الحقيقة أن الأمريكي روبرت فلتون اخترع غواصته عام 1801 وكان اسمها نوتيليوس بالضبط كغواصة القصة. بل إن تيوفيل جوتييه كتب عام 1848 عن غواصة في قصته (النجمان) أي قبل فيرن بعشرين عاماً ونيف.

قدم جيمس بليش (توتر سطحي 1952) حيث يهبط رجال الفضاء على كوكب مهجور يغمره الماء، وتنتقل شخصياتهم إلى كائنات وحيدة الخلية. كذا قدم آرثر كلارك (المدى العميق 1957).

20- نهاية العالم

هنا لم تعد في الأرض حضارة.. إنه يوم القيامة.. ربما هي الأرض بعد حرب نووية أو وباء أو نضوب الطاقة أو غرق القارات.. هذا نمط القصص التي يطلقون عليها (بعد المحرقة). ربما نشأ هذا الفرع من الخيال العلمي من قصة جرينفيل (الرجل الأخير) التي كتبها عام 1805. ثم جاءت قصة (أوميجا: آخر أيام الأرض) التي كتبها عالم الفلك كاميل فلاماريون عام 1893. ومن الكتب المهمة التي عالجت هذه التيمة:

(الرجل الأخير) ماري شيللي، (السحابة القرمزية) لجاريت سيرفيس : هنا يغمر الطوفان الأرض ويفر بعض الناس بفلك ثان كفلك نوح، (الطاعون القرمزي 1915) لجاك لوندون.. هنا يقضي الوباء على البشرية. (حين تصطدم العوالم 1933) بقلم فيليب ويلي: كوكبان يقتربان من الأرض. أحدهما سيدمرها والآخر أملنا الوحيد.

من القصص المهمة جداً عن عالم ما بعد المحرقة، قصة هارلان إيليسون (ولد وكلبه) التي ترينا كيف أن حاجات الإنسان بعد المحرقة قد تتحول لأشياء مقززة جداً بالنسبة لنا.. الاغتصاب وأكل لحم البشر. بصفة عامة برهنت قصص ما بعد المحرقة عن حيويتها وأهميتها. من الممتع دوماً كما يقول بيتر نيكولز أن ترى مجتمعاً ذا اهتمامات بيروقراطية، وقد تحول إلى قطع حديد صدئ ومبان مهدمة وكتب بهتت ألوانها.

العرب والخيال العلمي

يمكن القول بلا خطأ كبير إن الحركة الأدبية العربية لم تتعامل قط مع الخيال العلمي بجدية، كما أنه لم ينمُ قط ليتخذ شكل تيار.. هناك محاولات فردية من الكتاب ومحاولات فردية من النقاد. فهل الخطأ يكمن في المتلقي أم في هذا الأدب ذاته؟.. وهل ما يناسب الغرب لا يناسب المتكلمين بالعربية؟.. من الممكن أن يكون التفسير المتفائل هو حداثة التجربة الروائية العربية أصلاً، بحيث لم تصل بعد لمرحلة التخصص في أنواع أكثر انتقائية مثل الخيال العلمي والأدب البوليسي وأدب الجاسوسية.. الخ.. ومن الممكن أن يكون التفسير المتشائم هو أن أدب الخيال العلمي قد ولد خاسرًا في بيئة تستهلك العلم ولا تنتجه.

الأسماء محدودة وتتكرر في كل مرة نتكلم فيها عن هذا الموضوع: من السعودية نجد الأديب أشرف إحسان الفقيه الذي أصدر مجموعات عدة من قصص الخيال العلمي هي (صائد الأشباح 1997) و(حنينًا إلى النجوم 2000 ) و(نيف وعشرون حياة 2006). من الجزائر تأتي الأديبة صافية كتو التي قدمت قصص (المحققة الفضائية 1967) و(القمر يحترق 1968) و(الكوكب البنفسجي 1969). ومن المغرب نجد أحمد عبدالسلام البقالي صاحب رواية (الطوفان الأزرق) الذي دخل في جدل مع نجيب محفوظ حول قيمة هذا الأدب، ومن لبنان قاسم قاسم (لعنة الغيوم). في سورية نجد الدكتور طالب عمران الذي صدر له ما يزيد على 52 كتابا في هذا المجال، وقدم برنامج (آفاق علمية) في التلفزيون السوري لمدة تزيد على 14 سنة، وقد صدرت دراسة موسعة عن أعماله للباحث السوري محمد عزام.

عندما نتحدث عن تجاهل هذا الضرب من الأدب، يجب استثناء الاهتمام السوري الواضح به، كما رأينا في دورة ابن طفيل التي أقيمت على هامش معرض مكتبة الأسد الدولي للكتاب، والاسم نفسه يذكر العالم بالتراث العربي ممثلاً في (أسطورة حي بن يقظان) التي هي الأب الشرعي لروبنسن كروزو. كذلك كانت هناك ندوة (لوقيانوس السوري) التي كرمت المصري نهاد شريف وأشرف عليها د. طالب عمران، وناقشت مجموعة أبحاث جادة عن أدب الخيال العلمي العربي.

أدبيات عربية

على مستوى الأديبات تنفرد الأديبة الكويتية طيبة أحمد الابراهيم بكتابة أدب الخيال العلمي، فقد كتبت خمس روايات في هذا المنحى، صدرت الرواية الأولى منها في الكويت عام 1968 وهي (الانسان الباهت)، كما صدر لها عام 1991 روايتان هما: (الإنسان المتعدد) و(انقراض الرجل). وقد كانت أول كاتبة عربية تنبأت بعملية الاستنساخ على الإنسان قبل تطبيقه العملي عام 1997. كذلك هناك الأديبة لينا كيلاني من سورية ولها ما يزيد على الأربعين عملاً في مجال الخيال العلمي.

في مصر كانت هناك محاولات لتوفيق الحكيم (في سنة مليون) و(رحلة إلى الغد)، ويوسف عز الدين عيسى في أعماله الإذاعية التي فقد معظمها مع الأسف، وفي الستينيات ظهر من كتبوا الخيال العلمي وهم يعرفون ما يفعلون جيدًا.. من هؤلاء مصطفى محمود بروايتيه (العنكبوت 1965) و(رجل تحت الصفر 1967).. ثم نهاد شريف الرائد الأهم في أدب الخيال العلمي، والأديب الوحيد الذي كرس نفسه لهذا النوع من الأدب فحسب، في روايته (قاهر الزمان) عام 1972 ومجموعته القصصية (رقم أربعة يأمركم) عام 1974 و(سكان العالم الثاني) عام 1977 و(الشيء) عام 1989 ورواية (ابن النجوم) عام 1997. كما كانت هناك العديد من الروايات بقلم صبري موسى وايهاب الأزهري وأميمة خفاجى التي تحدثت عن الهندسة الوراثية في روايتها (جريمة عالم) التي نشرت في موسكو عام 1990.. وغيرهم، وقد استعرضهم يوسف الشاروني بشكل موفق في كتابه المهم (الخيال العلمي في الأدب العربي). ثم جاءت كتابات رؤوف وصفي فبدأ بمجموعته القصصية (غزاة من الفضاء 1979)، كما قدم د. نبيل فاروق عددًا كبيرًا من العناوين في سلسلة (ملف المستقبل) ناقش فيها بجدية تامة كل تيمات الخيال العلمي تقريبًا.

التجاهل النقدي لهذا النوع من الأدب مع ضعف الإقبال الجماهيري ظاهرتان تستحقان البحث. يقول الأديب السعودي الشاب أشرف إحسان فقيه: «فكرة العمل القصصي عند المتلقي العربي تقوم علي تيمات محددة كالهزيمة السياسية أو الجنس أو تفصيل لواعج النفس والخاطر. وحين تحاول أن تلتف حول أي من هذه الرموز فأنت تخاطر بأن تصنف نفسك إما كدخيل أو كمغامر، واحتمال أن تجد نفسك منبوذاً من قبل سدنة وسطك الثقافي وارد جداً». آخر ما عرفته عن أشرف الفقيه هو أنه في كندا، ولا أعرف إن كان قد عاد أم استقر هناك بصورة دائمة.

يمكن أن نضيف كذلك أن العقلية العربية بطبعها تنفر من ضرب الأدب الذي يصف نفسه منذ البداية بأنه (خيال).. وكما يقول فاروق خورشيد في كتابه عن (أديب الأسطورة عند العرب)، فإن الراوي العربي القديم كان بحاجة دائمة إلى إقناع مستمعيه أن ما يحكيه أحداث واقعية شهدها بنفسه وإلا فقد اهتمامهم.. بالتالي انتحل الرواة قصصًا كثيرة إشباعًا لملكة الخيال عندهم، لكن الجمهور تناقلها كحقائق تاريخية بعد ذلك.

نظرة دونية

يقول عميد الخيال العلمي العربي نهاد شريف: الدولة تعتبر الخيال العلمي أدبًا دونيًا، وقد اتضح لي ذلك الأمر جليًا عندما تم تنصيبي عضوًا باللجنة العلمية في المجلس الأعلى للثقافة. إضافة إلى أن دور النشر الخاصة لا تقبل ذلك النوع من الادب، وإن خاضت تلك التجربة الشائكة فإنها تعترض أحيانًا على أمور عديدة في النص.

مشكلة أخرى طرحها الناشر المصري محمد هاشم، هي عدم وجود قواعد معرفية يُبنى عليها أدب الخيال العلمي بالعالم العربي، ولا حتى قواعد علمية للكاتب. أي أننا نتعامل مع فن لا ندرك مقاييسه ولا مواصفاته بشكل واضح. د. طالب عمران أديب الخيال العلمي السوري الأشهر يقول: «إن أدب الخيال العلمي في الوطن العربي مغيب لقصور النقد عن ملاحقة كتابه».

يقول الناقد والأديب يوسف الشاروني الذي كتب كتابًا كاملاً عن أدب الخيال العلمي العربي: «هناك الأمية الثقافية، أضف إلى ذلك الأمية العلمية، لكن هناك كتابًا تجاوزوا ذلك. معظم النقاد يتعاملون مع هذا الأدب باعتباره درجة ثانية، وهذا تقصير وتكاسل منهم، لأنهم يجرون وراء السائد ويهملون الجديد». يرى زهير غانم من سورية أنه يوجد لدينا أدباء خيال علمي لكن ليس لدينا أدب خيال علمي؛ بسبب حداثته وطزاجته وطفولته وبداياته المتعثرة نتيجة الظروف القاهرة: التخلف والأمية وغياب البنى العقلية والبحث العلمي وتغييب الإصلاح والديمقراطية وحرية الرأي. كلام صحيح تمامًا، لكنه يعقد الأمور أكثر، فبهذا لن يكون لدينا أدب خيال علمي إلا لو صرنا قومًا آخرين!.

 

 

أهم التيمات :

نعتمد هنا على ما قام به د. احمد خالد توفيق فى العدد رقم 40 من سلسلة فانتازيا .. مع بعض الاضافات الفرعية .

1- غرباء بيننا : هذا هو عالم الفضائيين الاوغاد الذين يغزون الارض .. سواء كانوا واضحين لنا (قصص الغزو) او مجهولين ( رعب هل امك هى امك حقا؟) .. كقاعدة لا تثق فى الكائنات الفضائية فتسعة من كل عشرة منهم سفلة .. اى تى ( ET) هو الاستثناء الوحيد الذى يؤكد القاعدة.

يضم الى هذا ما يعرف بالخيال العلمى العسكرى : الذى يتناول صراعات عسكرية ارضية او فضائية و تكون فيه الشخصيات الاساسية لجنود اوافراد قوات خاصة .. و تتضمن القصة تفصيلات عن تكنولوجيات متطورة للاسلحة و تقنيات حربية جديدة و قد يتوازى هذا مع صراعات تاريخية حقيقية او يكون امتدادا لها. هذا الخيال العسكرى نستطيع ضمه تحت قصص (ما بعد المحرقة) او قصص (نقيض اليوتوبيا).

2- التاريخ البديل: Allohistory او الاوكرونيا Uchronia

ماذا لو لم يغز (هتلر ) روسيا و بذلك احتفظ بقوته ليغزو انجلترا و امريكا؟ .. ماذا لو لم تهزم (روما ) هانيبال؟.. ماذا لو لم نكتشف لبترول كمصدر طاقة ؟

هناك كذلك العاب تاريخية اخرى عديدة مثل : التاريخ يكرر نفسه ( فى دورات زمنية طويلة او قصيرة المدى).. او ال ( psychohistory) و هو نوع من الخيال العلمى يمزج بين العلم التطبيقى و علم الاجتماع و الاحصاءات الرياضية ليصور – تقريبا – النمط الحرفى لمستقبل مجموعات كبيرة من البشر و ابرز كتاب هذا النوع الكاتب الشهير (اسحق عظيموف – Isaac Asimov) ..

ايضا فكرة ( التاريخ السرى – shadow history) من الافكار الشيقة جدا التى تفتح المجال لمحاولة مراجعة التاريخ و اعادة قراءة العديد من الاحداث التى تم تغييرها عن عمد او نسيانها .. مسلسل ( The X Files) له نصيب كبير من هذه الفكرة .. و كذلك كتاب (Foucault’s Pendulum) للمؤلف (امبرتو ايكو – Eco) .

3- العوالم البديلة (parallel worlds) : هناك مجرات اخرى، عليها ارض اخرى، و بكل منها نسخة منك اخرى ..

طبعا هذه الفكرة مع فكرة الفجوات الزمانية ( hyperspace) تستخدم كثيرا سواء فى السفر عبر الزمن او فى حروب الفضاء.

4- تحدى الجاذبية : هذا ببساطة حلم الطيران .

5- الانتقال الجزيئى ( الانتقال الآنى او اللحظى- teleportation ) : تدخل الكابينة فى مصر تذوب جزيئاتك و تظهر فى استراليا.

التطور فى وسائل النقل من اهم مفردات التنبؤ بالمستقبل و يضم العديد من الافكار مثل: الطرق المتحركة و الجيمات ( GEMS) اختصارا ل ( Ground Effect Machines) و- هى ماكينات تتحرك فوق وسادة هوائية و تعمل فوق البحر او الارض عن طريق الديناميات الهوائية- وهى ايضا تسمى ب ( الطوافة الهوائية – Hovercraft) .. وغيرها الكثير من الافكار و الاشكال الجديدة للمنطاد و الطيران العمودى او غير ذلك .

6- خلف الحقول التى نعرفها : عوالم اخرى تختلف عنا فى كل شئ .. يطلقون عليها القصص التولكينية نسبة ل ( Tolkien) صاحب سيد العوالم (Lord Of The Rings)..

هنا يتداخل الخيال العلمى مع الفانتازيا كما سبق ان فصلنا فى تبويب الفانتازيا العلمية او ال ( science fantasy).

7- مدن الغد : المدن التى يعيش فيها فضائيون او بشر الغد.

8- السايبر بانك ( cyberpunk) : عالم التسلل على الانظمة (Hackers ) والكمبيوترات او الروبوتات ذات الذكاء الصناعى (Artificial Intelligence) و السايبورج ( cyborg) و هو مزيج بين الانسان و الروبوت.. و عوالم محاكاة الواقع او ال ( Virtual Reality).. فيلم ماتريكس من ابرز الامثلة لهذا النوع ..

و هناك جانب اخر ميتافيزيقى و هو سحر الفودو و الزومبى على نطاق فضائى طبعا .. اذكر هنا مثالا من لعبة (نصف حياة – Half Life 2) حيث تقوم القوات الغازية للارض بتطوير جيل من البشر الفضائيين (combine) يقوم بدور الحرس و القوات المسلحة لهم على الارض .. و نتيجة حدوث العديد من الكوارث و الظواهر الغير طبيعية يتحول بعض هؤلاء الى زومبى !! – زومبى مزيج بشرى فضائى ذو ذكاء صناعى- و يطلق عليهم فى اللعبة اسم (zombine).

9- اليوتوبيا (Utopia) المدينة الفاضلة .

 

10-نقيض اليوتوبيا ( Dystopia) او ( Kakotopia) المستقبل الذى ينتظرنا شنيعا ككابوس .. ابرز مثال لهذه القصص هو رواية الكاتب (جورج اورويل – Orwell) الشهيرة 1984 و كذلك رواية الكاتب ( راى برادبورى Bradbury-) فهرنهايت 451 و غيرهم..

تنضم هذه القصص الى تصنيف يسمى الخيال العلمى الاجتماعي الذى يهتم بدراسة المجتمعات و يحاول كتابه ان يستشفوا مستقبل المجتمعات البشرية و تطور القيم الاخلاقية مع الابتعاد عن اوبرات الفضاء و التكنولوجيات المعقدة .. هذه القصص لها وظيفة تنبؤية و كذلك تحذيرية مع محاولة لنقد الاوضاع الحالية الخاطئة و فى بعض الاحيان محاولة تقديم الحلول ..

11- الادراك الفائق للحواس ( ESP = Extra Sensory Perception) و فى هذه السلة ضع قارئى الافكار و المحركين عن بعد و المستبصرين و العرافين و غيرهم ..

يتداخل هؤلاء مع السوبرمانات و اصحاب القوى الخارقة عامة .

ايضا ال psi (psyche) + electronics ( machines) : (Psionics) .. و هو مصطلح شهير فى عالم الخيال العلمى يدمج بين القوى النفسية و القدرة على تحسينها او تطويرها تكنولوجيا.

12- البحث عن الخلود : بكل اشكاله ومتضمنا الاحياء المؤقت و الكرايونيكس (Cryonics) و هو التجميد .. هناك افكار كثيرة تتعلق بهذا المفهوم و هو يشغل الانسان منذ الازل . و نجد له اثارا فى اغلب الاساطير الشعبية و التاريخية مثل : جلجاميش .

13- الارض التى غفل عنها الزمن : العنوان لا يحتاج لتوضيح فهناك الف رواية تدور على هذا المحور بدءا ب (اطلانتيس) و قارة (ليموريا) و انتهاء بمجاهل الكونجو.. ادجار رايس بوروز (Burroughs) من ابرز الكتاب هنا.

14- الاختفاء : لا يحتاج العنوان الى تفسير..

15- الخيال العلمى الشهوانى ( Space Erotica) : نوع شائع جدا فى الغرب

16- اوبرات الفضاء ( Space Opera) : و الحقيقة ان اغلب الناس يعتقدون ان هذا هو الخيال العلمى و لا شئ سواه .. سيوف اليزر و الامبراطور و معارك مكوكات الفضاء .. فيلم حرب النجوم ( star wars) نموذج باهظ التكاليف من هذا النوع .. يقول ناقد امريكى ان هذه القصص تتلخص فى (ان هناك الكثير من القذارة فى الفضاء الخارجى) .. و هى معلومة لا تبرر كل هذا الانفاق .

17- السوبرمانات (Superhuman ) : هذه سلة تضع فيها سوبرمان و الرجل العنكبوت و كل من يتسلل الى زقاق مظلم ليبدل ثيابه ثم يطير ليمنع الطائرة من السقوط .. هذه من النقاط الامريكية المهمة التى يلتقى فيها الخيال العلمى بفن الشرائط المصورة ( الستريبس)او ال (comic strips) و هما صنوان لا يفترقان فى الثقافة الشعبية الامريكية.

18- السفر عبر الزمن: طبعا هذه تيمة لم يستطع كاتب خيال علمى واحد ان يفلت منها منذ ان بدأها الكاتب النرويجى (هيرمان فيسل) مرورا بالقصة الاشهر ل ( ويلز)

19- اعماق البحار : تيمة اخرى لن ننساها .. و قد تتداخل مع التيمة رقم 14 غالبا ما يقابل الغواص قارة مغمورة هى (اطلنتس) على الارجح.

ايضا الرحلة الى مركز الارض – على عنوان قصة جول فيرن الشهيرة – تظل دائما تشغل تفكير البشر

20- ما بعد المحرقة ( Post-apocalyptic Fiction) : الارض بعد حرب نووية او وباء او نفاد الطاقة حيث يعود الانسان لحياة الكهف و يصير اقرب الى الوحوش .. طبعا هذه من اهم التيمات لدى كتاب الخيال العلمى

21- العلم ينفلت عياره : هنا كل انواع التجارب الخاطئة التى لا تكف عن صنع المسوخ او طفرات وراثية يقوم بها مخابيل او علماء عديمو المسئولية .. هذه قصص رجعية جدا ترى ان العلم فى حد ذاته خطر داهم و هنا يظهر العسكريون لينقذوا العالم .. انهم الاكثر حكمة و كفاءة حسب هذه القصص..

سوف نلاحظ هنا انها نفس اجواء الرعب القوطى .. فقط انزع مصاص الدماء او الشبح و ضع بدلا منهما مسخا او اختراعا مخيفا .

التكنولوجيا الحيوية او ( البيوتكنولوجى – Biotechnology) بكل وسائلها و منتجاتها تدخل تحت هذه التيمة من الخيال العلمى كما يمكن استخدامها فى تيمات اخرى عديدة .. تكنولوجيا ال )دى ان ايه معاد الاتحاد – Recombinant DNA ) فتحت ابوابا عديدة فى هذا المجال.. و اهم مجالات البيوتكنولوجى : الاستنساخ و الهندسة الوراثية و الاعضاء الصناعية او مايسمى بال ( artificial organs) و كذلك نقل الاعضاء ..و تداعيات كل هذا .

ايضا مصطلح ال (Bionics) يجذب الانتباه فى هذا المجال و هو مكون من :

Bio (biology) + electronics و هو يحاول تعريف محاولات الهندسة العلمية لتصنيع ميكانيزمات او بدائل لظواهر طبيعية حيوية (المضاهاة او المشابهة الحيوية – (biomimetics و هو يفتح المجال امام العديد من التطبيقات شديدة الاهمية مثل (artificial neurons) او (الخلايا العصبية الصناعية) و غيرها من التطبيقات.

22- النوع الذى يضم اكثر من تيمة او يضم هذا كله

 

 

بشر غير البشر

 

للتعرف أكثر على سمات الكائنات الفضائية يمكنك قراءة مقالية ياسين أحمد سعيد على إضاءات، بعنوان الكائنات الفضائية بين الروايات والسينما.

 

 

مفارقة فيرمي

 

تقنيات جديدة

 

وللاستزادة حول المركبة الفضائية، يمكنك قراءة هذا الملف، بعنوان المركبة الفضائية والآفاق غير المنظورة.

 

[1]

أدب الأطفال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2-الغرائبية (منظور الأشياء)

 

[2]

الواقعية السحرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والواقعية السحرية، قد تمتزج أو تتقاطع أو تتوازي أو تتساوى مع الغرائبية، وبكل ما تحمله من أبعاد فلسفية، مثلها مثل الرمزية كذلك. أنا أحاول تقديم نموذج يمتزج فيه الأدب الغرائبي مع أدب الواقع العجائبي هذا في قصصي حول حي السرايا.

 

مائة عام من العزلة

 

والغرابة

 

[3]

أدب الأدباء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Beautiful Creatures

 

كنت أقرأ روايات أغاثا كريستي وشرلوك هولمز بنهم، كما أنني أقرأ مغامرات بطوط وعم دهب بولع شديد منذ طفولتي، وفي سن مبكرة، بدأت أدرك أن لكل من هذه السلاسل عالم خيالي خاص، تمتاز شخصياته بسمات معينة، وتحدث فيه أحداث معينة لا تحدث في غيره. قد يصلح في عالم ما لا يصلح في العالم الأخرى، وقد تتشابه عوالم مع الواقع إلى حد التطابق شبه التام، إلا أنها في النهاية تتسم بسمات خاصة تميزها.

بدأت أدرك وجود الكون الخيالي، قبل أن استوعب هذا المفهوم الذي يمتزج بمفاهيم أخرى كالشخصية، والحدث، والمكان. ثم بدأت أستوعبه وأدرك قواعده عن طريق التعامل مع سلسلة هاري بوتر، وثلاثية سيد الخواتم. حيث تتضح سمات هذين العالمين الخياليين بوضوح تام، ففي سلسلة هاري بوتر، هناك عالم فيه السحرة والعامة، ويسير بقواعد معينة لا تنطبق على الواقع الحقيقي، لكنها تحاكيه، وتقيم منطقها الخاص المستقيم. أما في ثلاثية سيد الخواتم (وغيرها من ملاحم الأرض الوسطى)، فيأخذ مفهوم العالم الخيالي بعداً أوسع، حيث يتحول إلى كون كامل غير عادي، لكنه -بشكل أو بآخر- يحاكي الواقع الإنساني. ففي كون الأرض الوسطى، هناك أقوام وأعراق عديدة مختلفة، هناك شعوب وممالك مقامة بكاملها من الخيال، هناك تواريخ وعصور، تستقي مادتها من التواريخ والعصور الأرضية، لكنها ترتبها وفق منطق خاص بها، يبني شبكة كاملة من العلاقات المتبادلة بين عناصر السرد لينشئ كوناً خيالياً متكاملاً له قواعده وقوانينه الخاصة، وله نمط شخصياته ومثله وأفكاره الخاصة.

أمثلة الأكوان والعوالم الخيالية في الأدب لا تكاد تُحصى، فالبنيويون يعتقدون أن الرواية كون من ورق، وبالتالي فإن كل قطعة أدبية هي عالم خيالي خاص بها. الأمر الذي يوجب تحديد مفهوم الكون الخيالي بشكل أكثر دقة.

كثيراً ما توصف عوالم سردية بأنها عوالم كافكاوية، أو دوستويفسكية، أو توكنية نسبة إلى الأدباء الذين ارتبطت بهم هذه الأجواء السردية أكثر من غيرهم، الأمر الذي يمكن البدء منه في تحديد مفهوم العالم الخيالي. فحين يوصف عالم ما بأنه غوغولي، هل يعني هذا أنه عالم خيالي أنشأه نيقولاي غوغول وجاء آخرون من بعده ليبنوا على أساسه ويقوموا بتوسيعه؟ أم أنه يعني وجود سمات معينة لعالم شبيه-واقعي امتاز غوغول بنشرها في أدبه، أو كان أول من ركز عليها؟

ما هي خصائص الكون الخيالي؟ والكون الأدبي؟ كيف تطور كل منهما؟ وكيف يمكن التفريق بينهما؟

لا أدعي حرفية النقد، لكنني سأحاول فيما يلي من الأيام، بإذن الله، تحليل مجموعة مما اصطلح على أنها أكوان خيالية، ومجموعة أخرى من الأكوان الأدبية لاكتناه ماهيتها.

 

نقلا عن هند هيثم في تدوينة بتاريخ يرجع لعام 2007 (قبل انتشار الكلام حول أدب الفانتازيا عربيا) في مدونتها الجميلة (تصدعت المرآة).

 

ستيفن كينج في برج الظلام

نيل جايمان في رجل الرمال

تيري براتشيت في

 

 

 

الكوخ في الغابة، وكل الوحوش

 

نيل جايمان

برج الظلام

فانتازيا أحمد خالد توفيق

 

عجلة الزمن

 

أدب معجبين Fan-Fiction

 

 

[4]

المتاهة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ألعاب الخروج من الغرفة المغلقة أو الـ بلاسيبو Placebo هي نموذج ممتاز يمثل هذا التوجه الجديد والطارئ على أدب الفانتازيا، وراج مع مفهوم غرف الهروب escape rooms في العالم كله. وفيلم (الكوخ في الغابة) هو إعلان سينمائي عن هذا النوع الجديد في عالم الترفيه.

 

[5]

عالم من الرموز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المتعارف عليه، أنه يمكن لأي قصة أن تحاكي قصة أخرى، حتى أن هناك قناة شهيرة على اليوتيوب، أشارت إلى تمثل شخصية النبي آدم في شخصية الأسد سيمبا.

 

[6]

وجهة نظر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من وجهة نظر الأشرار كما في فيلم ماليفسنت Maleficent،

 

 

ميثيولوجيا كاملة، مثل عوالم تولكين، لافكرافت، جورج مارتن

 

 

 

 

الأنواع المائة لأدب وسينما الخيال العلمي

 

 

بشر وبشر

[1] الإنسان الآلي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منذ ابتكار الكاتب التشيكي كارل تشابيك لفظة روبوت في مسرحية الخيال العلمي (روبوتات روسوم العالمية) والكلمة صارت متداولة بشكل يجب أي لفظة آخر تحت ظلها, وصار تقديم الإنسان الآلي, لا يخرج في العادة عن إطار الروبوت إلا إلى نسخ متشابهة, خاصة منذ أن رسخ العبقري الروسي إيزاك أزيموف للقواعد الثلاثة الناظمة لحياة وآليات عمل الروبوتات.

 

1-لا يجوز لآلي إيذاء بشريّ أو السكوت عما قد يسبب أذًى له.
2-يجب على الآلي إطاعة أوامر البشر إلا إن تعارضت مع القانون الأول.
3-يجب على الآلي المحافظة على بقائه طالما لا يتعارض ذلك مع القانونين الأول والثاني.

 

ويستمر التطور وصولا لمرحلة تسمى اليوم بـ الفرادة التقنية Singularity, حيث التطلع إلى ابتكار أجهزة ذكاء اصطناعي خارقة ستحدث طفرة تقنية غير معهودة من قبل, تتخطى حاجز الثورة الصناعية الرابعة, إلى جيل ثوري خامس من مستوى التصنيع.

 

[2] الذكاء الاصطناعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[3] المخلوق الفضائي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

[6] أشباه البشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

[6] أشباه البشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنسان ناليدي, وإنسان نياندرثال,

 

 

[4] غرباء بيننا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[5] أوبرا الفضاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حيث السفن تحلق بنا معظم الوقت في الفضاء

 

الصورة تظهر تواريخ أفلام الخيال العلمي الوهمية ذات الطابعين المستقبلي والديستوبي.

 

 

 

[7] تطور الحيوانات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[8] الاستنساخ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[9] الأبطال الخارقين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[10] الكائنات الدقيقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[11] طيبة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأقصد هنا مصطلح المدينة الفاضلة

 

[12] المدينة الفاسدة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أكثر المواضيع رواجا اليوم, لأن العالم صار من سيء إلى أسوأ, وزاد استيعابنا لمقدار هذا السوء في العالم, وبالتالي زاد تخوفنا من واقع العالم في اليوم قبل الغد.

 

[13] المستقبليات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أدب من الخيال العلمي يمتاز بطابعه الشكلي أكثر من المحتوى, فهو بحثي أكثر منه أدبي

 

مشكلة البجعة السوداء

 

[14] حرب الأفكار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جنس أدبي شاع مؤخرا ويزداد رواجه مع ازدياد ضراوة النظم السياسية والعسكرية في قمع الأفكار.

 

-تحت الأرض

-تحت الماء

 

[15] الفضاء القريب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[16] واقع افتراضي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واسمه في الانجليزية (سايبر بانك)

 

[17] ما بعد نهاية العالم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

[21] الوباء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[22] الزومبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[23] الحرب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[24] الكارثة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[31] الاتصال مع الفضاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[32] الاتصال مع الأرض

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[33] السفر عبر الفضاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفضاء الفائق Hyperspace هي التقنية الأكثر استعمالا في هذا المجال

 

[34] السفر عبر الزمن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[35] الجينات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[36] التقانة الحيوية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

BioShock

 

[37] التقانة الآلية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[38] التقانة الرقمية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[39] التقانة الطبيعية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[40] التقانة الفلكية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[41] التقانة الصوتية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[42] التقانة البصرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[43] التقانة الجنسية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[44] التقانة الحالية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[45] التقانة القديمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتشمل أنماط من التقنية مستلهمة من عصر الثورة الصناعية الأولى

 

Steampunk

 

 

[46] التقانة الحجرية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[47] التقانة الخارقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الانتقال الآنية Teleportation, والتواصل عن بعد Telepathy

 

[48] التقانة الفائقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[49] التقنية الدقية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[50] تقنية الكائنات الدقيقة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[51] الأبطال الخارقين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[52] الغزو الفضائي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأطباق الطائرة

 

[53] الإحياء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[54] التقانة الشبحية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[55] التقانة المعمارية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

[56] الذكاء الاصطناعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

 

 

الأماكن التي نعتقد أنها ليست موجودة (الأرض المسطحة)

 

أماكن في عالمهم

 

[1]

الافتراضات العلمية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

-بماذا يشعر من يبتلعه ثقب أسود؟ (ومواقف حقيقية مخيفة أخرى)

هو عنوان كتاب للكاتب إبراهيم عبد الله العمّار عن دار مدارك.

 

[2]

تصورات فوق مستوى الوعي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

-لافكرافت

-تخلخل الاتزان الحراري بين المجرات

 

 

 

 

 

الثقوب السوداء والفضاء الفسيح: أوديسة الفضاء

 

حرب النجوم

 

 

 

 

 

حدث ولم يحدث

هذا ما يُسمى بـ المفارقة، وأغلبها متعلق أساسا بالزمن، مثل مفارقة الجد Grandfather Paradox.

مفارقات زينون

 

 

 

 

 

 

 

 

المجتمع الآلي: بليد رانر

 

 

قصص الأنبياء، وقصص الآلهة

 

 

الميثيولجيا الكاملة، وتأسيس لغات أخرى، كيانات أخرى وبشر وأنظمة معقدة

 

 

 

العوالم بين الواقع والخيال، مثل ديزني

وانظر: أماكن من الخيال على ألسن العوام، وبيوت خيالية في عالمنا

 

ما قبل نهاية العالم وما بعد نهايته (أدب المحرقة)

العوالم الموازية: تعدد العوالم وتداخلها

اللعب على السرد: بناء العوالم الوهمية، الرواية الرسائلية أو متعددة الرواة، أو القصة الإطارية والقصة داخل القصة، إنثولوجيا، مونوغرافيا

 

ميثوبيا، صنع الأساطير، والأسطورة الحضرية

 

انزلاقية سليبستريم

 

 

حيوانية: المقامة

 

سايبر بانك، بايونيك (حيوية)

طفولية: أدب الأطفال

الظلامية أو الفانتازيا المظلمة

طوباوية

 

 

الفانتازيا المدعومة بأجواء رومانسية، بوليسية،

 

 

 

 

بوستسايبربانك، الخيال العلمي، والخيال العلمي الصعب،

 

فانتازيا علمية

 

لا مدنية (ديستوبيا)

 

الغرابة والغريب

المغامرة، المغامرات

 

الفانتازيا الملحمية، أو الفانتازيا العليا / الراقية، فانتازيا السحر والسيف، الأساطير، والسير الشعبية، فانتازيا الحكام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *