1-الحبكة: منصور راينار حفيد أحد خواجات مصر من عهد الحملة الفرنسية، يعود باحثا عن كنزه الخاص، المتمثل غالبا في الفابريكة. القصة مشبعة بمجموعة من الأفكار الأصيلة، أهمها العلاقة بين الآلة العجيبة (الفابريكة)، والبيئة القروية بأناسها البسطاء. ومن خلال ربط ذكي بين أفكار (الفلاحين) البسيطة والعميقة في آن، وأفكار شغلت أكثر العقول العلمية ذكاءا ومعرفة، تعرض الكاتب لمجموعة من العناصر الشائعة في أدب الخيال العلمي؛ مصنع كامل يتغذى بشكل كامل من الطاقة الشمسية، إكسير الحياة يطيل العمر، وصولا إلى أقل العناصر أهمية بالنسبة لي (ظاهرة التمسخ أو الانمساخ) لأن الكاتب وجد صعوبة في توظيفها، وفي ختمة قصته الواقعة في عدد لا بأس به من الثغرات.
2-الإيقاع: مع ذلك، جاءت الرواية ممتعة جدا، بسبب التوليف بين ثلاثة عناصر خكائية، أولها الإغراق في المحلية دون ابتذال، من خلال تسليط الضوء على زاوية جديدة في تناول الحياة القروية، تلك الحياة التي كانت مفتاح الربط بين الأفكار الريفية، ونظيرتها العلمية، من خلال قماشة الأساطير الصالحة لكل زمان ومكان طالما في كاتبها مقدرة وإمكان. العنصر الثاني هو تلك الأفكار نفسها، وأخص بالذكر منها -إضافة إلى ما ذكرنا- حديثه عن الشائعات -في إشارة إلى كون المرأة مركوبة- والأطفال المقدسين، المشار إليهم بكونهم هم أطفال الشوارع وأبناء الزنا وغير ذلك من نماذج طفولية منداسة ومنساقة في عبث الحياة. العنصر الثالث هو قوة الأسلوب.
3-السرد: فالسرد كان موفق على نحو كبير، تقليدي وإن كان غير مبتذل بعد، حيث يستعمل الكاتب ضمير المخاطب، حيث يوجه حديثه إلى القارئ مباشرة، وربما كان ذلك أسهل على الكاتب. فهو لا يسرد من وجهة نظر إحدى الشخصيات، بل يقحم الراوي العليم بالأمور في أحداث القصة. رغم أن الرواية ممتعة، والأسلوب متماسك، والحبكة فيها أفكار كثيرة، والجهد عموما واضح أثناء الكتابة، إلا أن الملل تطاول علينا مع طول الرواية التي تخطت الـ 400 صفحة، ذات من حدة الخيبة، نهاية لا تعلق بالذاكرة، وإن كان ذلك ليس معناه إني لا أوصي بقراءتها لا سمح الله.
4-الخطاب: بعكس من يحسب البعض، أن الرواية أتت بوصفها مجرد رواية، فهي لم تكن كذلك فحسب، ولا أعتقد أنه يمكن قراءته سوى على مستوى واحد من الوعي، نظرا لوضوح الرمزيات فيها بين الحاكم المستبد ماثلا في العمدة، وبين المناضل المثقف المقهور على أمره ماثلا في بطل القصة منصور، الأوروبي ذو الخلفية الإسلامية، بل والمعتقد أيضا.
5-الشخصيات: كل الشخصيات أتت في خدمة منصور، وعدا الحضور الطاغي للعمدة، تشعر أن الرواية مسرحية من بطل واحد، أو مسرحية من بطلين (العمدة ومنصور) بينما يقع في الظل كل من جد البطل، وردة التي لاطفته، صخر رغم تأثيره على القصة، وباقي سكان القرية.
6-الوصف: لهذا كان الوصف منجاة للرواية، وعلى نحو مثير قادر على اجتذاب القارئ إلى النهاية. شيء أخير فقط لم أرى أنه مناسب في القصة، حين فصّلها إلى ثلاثة فصول عند بداية القصة، وفصل بعنوان (يحكى أن) في منتصف القصة، وختمها بـ فرغت الحدوتة. وإن كان ذلك يدعم فكرة الراوي الموجه روايته إلى القارئ مباشرة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.