فلسفة الاختلاف مجموعة من المذاهب المختلفة تسعى إلى هدم أي معرفة ثابتة
حول الحقيقة أو الهوية أو أي قيمة أخرى كان يقرر إطلاقها قبل سعي الوصول إليها. أي أنها تسعى إلى تفكيك أي فلسفة ثابتة,وتنادي بتعدد المذاهب الفكرية,و (لا تحديد) مذهب معين. ربما لهذا هناك إشكالية كبيرة حول تعريف هذه المدرسة وبيان معالمها,فلا يمكننا فتح المصراع على آخره لكل (الإختلافات الممكنة) لأن هذا أولا يدخلنا في قلب (الفوضى) وثانيا يبطل مفهوم (الإختلاف) نفسه. وبهذا تصير الاختلافات غير ممكنة.
لهذا ركز منظري فلسفة الاختلاف على نقد بنية النظام الحالي,أي المركزية الغربية, والتركيز بالمقابل على الهامش. وأول من فعل ذلك هو الفيلسوف الفرنسي الجزائري الكبير جاك دريدا. الذي قسم جميع المقولات إلى ثنائيات ضدية تعرف أحدهما بالأخرى.
أو كما يقول فولتير,ويؤيده سارتر في أكثر من موضع ”
وبهذا فهي تلتقي مع الفلسفة الوجودية في نقطة محورية,
وهو أعمق من ذلك
رفع الاختلاف إلى مرتبة القيمة يعني وجوب أن يقوم على أسس جديدة تربط الفاعل بمحيطه المادي والإنساني. وإذا كان الاختلاف كقيمة يستلزم إعطاء الاعتبار للآخر، فهو يقتضي في ذات الوقت الاعتراف المتبادل، من غير مفاضلة، مع حق كل طرف في حفظ خصوصياته. فالاختلاف لا يعني رد بعض إلى بعضه الآخر، أو الدخول في المقايسة والمقارنة، بل قد يشكل منطلق الإجماع أو التوافق، أو على الأقل التعايش في ظل الاختلاف. ليصبح الاختلاف المحرك الأساس للتفاعل بين الأطراف التي تتجاذب القول أو الفعل، إيجابا وسلبا. فعبر الاختلاف نسعى إلى فهم كيف ينتقل الشيء من حال إلى حال.
نعني بالقيمة تقدير الشيء واعتباره، ومن الوجهة الفلسفية البعد الخلقي الذي يتطلع إليه المرء علما وعملا. والمبتغى من إيراد مفهوم القيمة هو رفع الاختلاف إلى درجة يصبح فيها قيمة إنسانية،وليس مجرد حقي الذي أستند فيه إلى خلفية دينية أو عرقية أو لغوية، إلخ. ومن ثم، وجب النظر إلى الآخر دون تمييز يقوم على الجنس أو الدين أو اللغة أو اللون، إلخ. ذلك أن الاستناد إلى إحدى المرجعيات قد يُفهم منه أنني أنتظر من غيري أن يعطيني هذا الحق، بينما جعله قيمة إنسانية، يعني أن لكل منا الحق في الاختلاف مع غيره، دون تمييز أو انتظار إذن من غيره. فلكل منا الحق في الاختلاف بعيدا عن أي نظرة ضيقة يمكن أن ينظر إليها الآخر من منطلق عنصري؛ فمن حقي كإنسان أن اختلف مع الآخر ضمن حقوق وواجبات مصونة لكل طرف.
Raven Fergany –
الفلسفة وقيمة الاختلاف
https://www.mominoun.com/articles/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%81-4797