خريطة أدباء الكرد كما وضعها أحمد شاكر بالتعاون مع جان دوست
القائمة مقتصرة فقط على الأسماء التي تكتب بالعربية أو لها أعمال مترجمة لها
أكراد سوريا:
– جان دوست (دم على المئذنة، مهاباد، ميرنامة، عشيق المترجم، مارتين السعيد، نواقيس روما، ثلاث خطوات إلى المشنقة)
– سليم بركات (هياج الأوز، سجناء جبل أيايانو الشرقي، كهوف هايدراهوداهوس، السيرتان، فقهاء الظلام، السلالم الرملية، دلشاد فراسخ الخلود المهجورة، السماء شاغرة فوق أورشليم، سبايا سنجار)
– لقمان ديركي (الأعمال الشعرية ، من سيرة الهر المنزلي، لا غبار عليك، الأب الضال، كما لو أنك ميت، ضيوف يثيرون الغبار، وحوش العاطفة)
– مها حسن (الراويات، مترو حلب، حبل سري، طبول الحب، بنات البراري، تراتيل العدم، عمت صباحا ايتها الحرب)
– جولان حاجي (ميزان الأذى، ثمة من يراك وحشا، إلى أن قامت الحرب.. نساء في الثورة السورية،
– إبراهيم اليوسف (شارع الحرية، مدائح البياض، هكذا أكتب قصيدتي، استعادة قابيل)
– هيثم حسين (إبرة الرعب، عشبة ضارة في الفردوس، رهائن الخطيئة، الرواية والحياة)
– عبدالباقي يوسف (روهات، إمام الحكمة، حساسية الروائي وذائقة المتلقي، كتاب الحب والخطيئة، خلف الجدار، سيمفونية الصمت، جسد وجسد)
– هوشنك أوسي (وطأة اليقين، قلائد النار الضالة)
– طه خليل (ملك أعمى، قبل فوات الأحزان)
– مروان علي (غريب لا شيء عنك في ويكليكس، الطريق إلى البيت)
– أحمد عمر (هدهد في زجاجة، خلاف المقصود)
– عارف حمزة (الكناري الميت منذ يومين، كنت صغيرا على الهجران، لا أريد لأحد أن ينقذني، قرب كنيسة السريان)
– نيروز مالك (زهور كافكا، أحوال البلد)
– مصطفى سعيد (أكراد.. أسياد بلا جياد، مغلق للصلاة، الظالمون، سامي الشوا امير الكمان)
– خلات أحمد (زهرة الأوكاليبتوس، أوشحة الفجر/ الترياق)
– لقمان محمود (البهجة السرية، القمر البعيد من حريتي)
– علي جازو (ممرات الشمس، ابتهالات، يوميات وقصائد)
– فرمز حسين (الهبوط الآمن)
– محمد رشو (عين رطبة، انتظر الهواء لأمر بك، الجوكر)
– محمد باقي محمد (فوضى الفصول)
أكراد العراق:
– شيركو بيكه س (سفر الروائح، انبهارات من الشعر الكردي المعاصر، الكرسي، كتاب القلادة، إناء الألوان)
– بلند الحيدري (الأعمال الكاملة “دار سعاد الصباح”، إلى بيروت مع تحياتي، دروب في المنفى، زمن لكل الأزمنة)
– شيركو فتاح (العم الصغير، في أرض على الحدود)
– صبري سيلفاني (مريم امرأة من زمن آخر)
– طفل فوق القمر (هيوا قادر)
– بدل رفو (قصائد حب كوردية، انطولوجيا شعراء النمسا، قصائد حب نمساوية)
أكراد تركيا:
– يشار كمال (الصفيحة، الأرض حديد.. السماء نحاس، الوجه والقفا، الفتوة التشغرجوي، محمد يا صقري)
– حسن مته (متاهة الجن)
– صلاح الدين بولوت (العاجز)
– أحمد عارف (لأجلك عتقت قيودي)
– روهات آلاكوم (المرأة في الفلكلور الكردي)
تتناول الرواية عدّة موضوعات من خلال محاور متداخلة، منها التعرّف المغلوط إلى العالم، والردّ العنيف على الظلم اللاحق بالشخصيّة، ومحاولة الشخصية الانتقام لتاريخ مديد، ثمّ الدخول في تفاصيل الفساد والتهميش والإتجار بالبشر، والتحوّل الجنسيّ، وبعض ممهّدات التطرّف، ودور بعض السوريّين في الحرب الأهلية اللبنانية، وكلّ ذلك في سياق روائيّ، يصوّر عدّة أمكنة، ابتداء من قرية نائية في شمالي شرقي سورياً ومروراً بدمشق وريفها وصولاً إلى بيروت. وقد اعتمد الكاتب في هذه الرواية تعدّد أصوات الرواة، وحاول الخوض في موضوعات إشكاليّة خطيرة، متجاوزاً الخطوط الحمر التي تفرضها الأنظمة السياسيّة أو المنظومة الاجتماعيّة. [موقع الكاتب].
هيثم حسين كاتب كبير حاصل على جائزة كتارا، قرر في عام 2013 تجديد اهتماماته الأدبية واقتحام الساحة الخيالية بروايته إبرة الرعب, وهي مرعبة بالفعل. فنبدأ بالحبكة التي تحكي عن
-ممرض مختل يستغل معرفته الطبية لتحقيق أغراض جنسية على بسطاء قريته.
لاحقا يتطور الأمر إلى ما هو أكثر من ذلك، موزعا روايته على 29 فصل.
وهذه هي الفكرة العبقرية التي تتمحور حولها حبكة الرواية -وتقريبا لا شيء آخر للأسف- إستغلال بعض الأفراد في المجتمع لمكانتهم الوظيفية أو الإجتماعية لتفريغ شهواتهم الجنسية. وهي ظاهرة مخيفة ومنتشرة بكثافة في كل المجتمعات المعاصرة من الشرق إلى الغرب. وكان هذا هو الإشكال الرئيس الذي بنى عليه المؤلف خطابه الروائي أو رسالة الرواية، خاصة وأن المجتمع العربي يمتلئ بالعديد من الانحرافات الاجتماعية التي لا يحدها القانون. والحبكة كلها -بالرغم من نضج الفكرة المستندة إليها- ليست إلا عرض لنزوات ممرض في قرية صغيرة يتوسع لاحقا بأفعاله من دائرة معارفه ومرضاه ومريديه إلى شبكة أكبر من المعارف المبنية على علاقات مهنية (زمالة) أو عاطفية (عاشقة).
ولكن الحبكة مع ذلك، كانت عرض مغري ولذيذ ويرضي تطلعات القارئ, ويشعل المزيد من الحطب على النار المتقدة لفضول لا يرتوي, نحو تلك الجوانب المظلمة من النفس الإنسانية. جاء هذا العرض في صورة رحلة بطل القصة من القرية إلى خارج القرية, ثم عودة إلى القرية أو استقرار في مدينة ما كما ألمح الراوي في آخر الرواية. تنقسم الرحلة إلى ثلاثة محطات أساسية تتوزع على القرية، وهي المحطة الأولى، ثم المستشفى، ثم محطة ثالثة أقرب إلى الضبابية لأن أغلبها وإن كان مطوقا بأربع جدران لغرفة، إلا أنها تشكل داخل المكان رحلة إلى اللامكان، داخل الأثير، حيث هام بطل الرواية حبا بالشبكة (الإنترنت) لما تتيحه من تنويعات لا تنتهي على ملذاته. شكلت هذه الملذات، إيقاعا ثابتا للرواية، والمصدر الرئيس للخوف والغرابة فيها. والرواية مرعبة, لا شك في ذلك, بسبب إغراقها في النشاطات المَرضية لبطلها وعلاقاته النفسية المعقدة بالشخصيات من حوله. ولكن هل أي مرض يستلزم بالضرورة أن يكون مخيفا. قد تكون الإجابة نعم. ولكن التأكيد قد يتحقق إذا ما كان ذلك المرض نفسيا. ويمتزج الخوف بالقرف بالشهوة إذا كانت العلة نفسية جنسية في ربط بين النفسي والجسدي. يغلف كل هذا فضول كبير لدى القارئ لإستكشاف تلك المناطق الوعرة خلف الأفق.
بالإضافة إلى كونها رواية مخيفة, فهي وكما أشرنا، تتمتع بقدر عال من الغرائبية, غرابة تنبعث من تلك السلوكيات الشاذة التي يمكن تعليل غرابتها إلى ثلاثة أسباب
أولا لأن السلوك نفسه منفر للغاية, ومغالي في جرعة القرف.
ثانيا لأن عدد المهتمين والمستمتعين بولوج مثل هذه المسارات المنحرفة أكثر مما قد يتصور القارئ.
ثالثا بسبب السرية التي غلفت الأحداث, فالرواية عبارة عن مؤامرة كبيرة الجميع متواطئ فيها بشكل أو بآخر. هناك الكثير من الفضائح التي لم تفضح بعد. ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها لم تكشف, إلا أن قانون الصمت أقوى من الجميع.
ومن نفس المصدر الذي يخرج منه الرعب والشهوة والقرف، يقدم لنا الكاتب دعوة للتفكر. فقد حاول العمل, وبجرأة من الكاتب أشجعه عليها, أن يسبر أغوار تلك المنطقة المعتمة من النفس البشرية, في الدرك الأسفل حيث يمتزج الجنس بالعنف والموت والتسلط. تلك المنطقة التي حاول استكشافها قبله أدباء عظام من وزن الماركيز دي ساد وباتريك زوسكيند وألبرتو مانغويل.
فكرة العمل تدور حول الاستغلال الخاطئ للوظيفة المهنية أو الدور الإجتماعي من أجل إشباع رغبات جنسية لدى الفرد. وأمثلة ذلك كثيرة في مجتمعنا العربي.
-أخ يغتصب أخته ثم يقتلها بحجة أنه يغسل عاره بافتراض أن أحدا غيره اغتصبها.
-أب يغتصب إبنته مستفيدا بسلطته الأبوية في الكتمان, مهددا بدفنها حية لو استلزم الأمر.
-مدرس, ولأن سطوة التعليم مهيمنة بسبب تفشي الوساطة والمحسوبية, يفرغ بعض رغباته, في تليمذاته.
-رب العمل، لا يعرف أي شيء عن الربوبية ولا التربية، يحاول أن يفرد قليلا بفتاة (غلبانة، وربما ساذجة) تعمل عنده.
-أطفال يلعبون ويمرحون, ويمارسون الفحشاء ذكورا أو إناث متدثرين بالغطاء الإجتماعي الذي يوفره لهم حقيقة أنهم مجرد أطفال.
هذه مسألة واحدة, و”كثيرة هي الأسئلة والمسائل التي تطرحها رواية (إبرة الرعب) للكاتب والناقد السوري هيثم حسين، فمن سؤال الهوية، الى سؤال القاع الاجتماعي وما يقع عليه من تهميش وإقصاء، إلى الرهان على الإنسان في مواجهة قدره أو التسليم له .. وغيرها من إشكالات تدور رحى الرواية حول محاور عدة متداخلة، منها التعرف المغلوط إلى العالم، والرد العنيف على الظلم اللاحق بالشخصية الإنسانية، ومحاولتها الانتقام لتاريخ مديد من الظلم، ثم الدخول في تفاصيل الفساد والتهميش والإتجار بالبشر، وبعض ممهدات التطرف، ودور بعض السوريين في الحرب الأهلية اللبنانية” كما جاء في تقديم الكتاب. والحرب الأهلية اللبنانية ربما هي المسألة الأكثر خصوصية ضمن طرح الروائي, تليها الأزمة الكردية التي تعرض لها بشكل سطحي أو متعجل, أما عن بقية المواضيع فيمكن تعميمها بشكل أوسع على المجتمع العربي كله, وليس المجتمع السوري فحسب.
هذا غير تعمقه -ويختلف ذلك عن السطحية المقصودة فيما يأتي- في سلوكيات هؤلاء المرضى بالجنس, واستخراج وصف دقيق ومفصل عن سلوكيات هذا النمط من البشر, وعن رؤيتهم للأشياء المثيرة جنسيا, وعن رؤية موسعة شهوانيا وإدمانيا.
وقد تحدث أحد المدونين في موقع القراءات الجيدة في مراجعته للرواية, عن ضرورة العمل بـ إزاحة للأحكام الأخلاقية حتى نتمكن من تذوق عمل نفسي عميق على حد قوله. والعمل يتوغل في النفس البشرية بالفعل -وما خير من الجنس مفتاحا لذلك- إلا أن هذا لا يمنع إدانته بشيء من التلوث الأدبي الذي اعترى الرواية في كثير من جنابتها وصفحاتها, فكان يمكن له التخلي عن بعض الزيادات التي لم تكن لتضر أحدا, وهي لم تكن مفيدة للنص بأي حال من الأحوال. ولو كان كتب أقل لكنت طلبت أقل منه قليلا. وأنا هنا لا أعني بـ (الزيادات) كل التوصيفات الجنسية والمفردات النابية المستخدمة في عرض تلك السلوكيات المشينة, والتشبيهات من قبيل القول بأن اللسان مثل القضيب في العديد من الصفات الجنسية (ص26). ومن مثل التعبير الجيد حين “تلبسه وسواس الارتواء منها. تجمع عقله في رأس عضوه” (ص56). أو “فرك رضوان مؤخرتها، لم يلتفت إلى الشعر الذي يغطي جسدها، لأن اكتشاف جسدها الذي كان مشعرا أكثر من جسد كثير من الرجال، شكل إغناء لممارسته، توسيعا لمشاهداته، وتكنيزا لشتّى الصور المختلفة التي يجمعها ويؤرشفها في ذاكرته عن المؤخرات” (ص80). هذا الوصف يتكرر في (ص83). وفي مذيلة (ص84) وخاتمة الفصل يصف البطل نفسه بأنه صار (سيد الأحواض)، وحين يشبه الباب بالمؤخرة (ص 119). هناك إشارات خفية إلى الثقوب، والمؤخرات، والبلل، وبشيء من الإباحة فيما حدث مع المرأة والطبيب (ص 121). والمفتاح في القفل (ص 138). والنتوء والمغارة (171). والفأر (ص 173)، والماوس (ص 177،178).
فهذا مما يضطر به الكاتب لعرض صورة صادقة عن طبيعة الحال ,, لكن أقصد بها كل (ما زاد عن حده وانقلب ضده) وكل ما كان زائدا لم يكن له قيمة إلا في المعنى الواضح لكلمة (المزيد) من القبح والقرف الجنسي. خاصة وأنه يلعب على نقطة حساسة مثيرة للاشمئزاز, وهي الشذوذ الجنسي المصنف بوسمه (المثلية), فهي مما يقشعر لها بدني, ولو كان يتوغل ويسرف في وصف إمرأة مركوبة لاستمتعت بالأمر على صعيد الجمال والشبق وبحكم عكسية توجه مشاعري الجنسية من طبيعة كوني ذكر يشتاق لأنثى. أما رجل طريح الفراش مع رجل آخر, فهذا الجحيم عينه بالنسبة لي، شيء مقرف يدعو للتقزز. هذه نقطة. نقطة أخرى أن المؤلف لم يوضح موقفه تجاه المثلية (الذكورية أو الأنثوية) مؤيدا أو رافضا, كأنه يوجه مبضعه إلى الجرح الذي بين يديه, متجاهلا الجروح الأخرى في جسد المجتمع عامدا أو مضطرا. وإن كنت أخشى، في اختيار أسمي رضوان ونضال لبطلي الرواية، فأحدهما ارتضى فعله الشاذ، والآخر ناضل من أجل تحوله الجنسي!. خاصة مع عادية اسميهما وسط مجموعة كبيرة من الأسماء الغريبة الغير معتادة على أذني، ولكن بحكم مصريتي، اعرف أن هذه الأسماء شائعة في بلاد الشام، لكن إلى هذه الدرجة؟. (ابن جمعاكي) على سبيل المثال. أو كريزو القاص!. أو موسو وهو زعيم عصابة عند جسر نهار البارد في لبنان. وعلى سبيل تعداد الشخصيات نذكر بالمرة شموسة ابنة البردكي، والعديد من الشخصيات في العمل لم يكن لها أي أهمية ولا دور حتى من باب الشخصيات الثانوية. موسو هذا، ورغم أن الكاتب يعمد إلى تكرار ومغالاة في وصفه بوصفه حكاء، لم أجد له قيمة كبيرة داخل النص. وبالرغم من التعبير الحزين لفراق الأحبة، ثم اللامبالاة بهم (ص100) إلا أن الكاتب بتر حزني بذكر اسم أخو البطل (على ما أتذكر) واسمه (كاوكو).
خاصة، وأنه، وبعد أن أشدنا بجرأة الكاتب, نشير إلى احتمالية أنه ربما كان يعمد الصدمة, بالطبع هو يقصد صدمة القارئ, ولكنه ربما كان اعتماده على هذا أساسيا أكثر مما يظهر من النص. ولنا في شيرين هنائي مثلا شهيرا وناجحا عن ذلك في بدايتها الأدبية من خلال رواية نيكروفيليا. وهذا لا ينفي عنه تهمة (الحشو الجنسي لأهداف تجارية سوقية)، خاصة مع تواجد مفردات مثل (بعبص البعض، وفرك للبعض) أو (العرصة رضوان) دون الحاجة إلى ذلك، مما أضعه تحت باب (التجاوزات) (ص 102). أو الإشارة إلى (أنواع المؤخرات) (ص115) دون التفصيل في الفروق الحقيقية بالنسبة لشهواني جنسي (وهذه نقطة محورية في علم النفس وعلم النفس المرضي). هذا على خلاف التفصيل في تعبيرات جيدة مثل “يبدأ بآهة ويختتم بتأوه” (ص116). وعلى خلال تفرعه لأنواع النشوة، في أطوار مبهمة، ثم، وذلك أفضل، وإن لم يخلو من ضاببية، حيث تفرع بالنشوة إلى فرعين، حين جمع بين شاذ ومتحول. وفي ص 156 يشير الراوي داخل القصة، وربما خارج القصة، إلى (الهوية الجنسية) يعثر عليها ويتعامل من خلالها بصدق مع من حوله!
ولكن يظل هذا العمل -وكذا عمل هنائي- الغني بالمفردات والتوصيفات الجنسية (انظر ص 131 ووصف النهد بالعلوّ الذي تتحرق لضمه، أو صفحة 140 والخرزة الزرقاء) واحدة من الروايات الأيروتيكية (الأدب الجنسي) المبكرة في أدبنا العربي الحديث. خطوة أشك في مقدرة العديد من الكتاب على اتخاذها بنفس القدر من الجدة والجدية.
في الأخير، ربما يشير الكاتب أيضا، إلى تزايد الطابع الجنسي بشكل طردي مع تزايد الخواء الديني، مثل الإشارة إلى صلاة العشاء التي لا يحضرها أحد (ص81).
الخطاب الثاني هو تسليط الضوء على الفساد المتغلغل في كل أجهزة الدولة ومؤسساتها, وخاصة المؤسسات العيادية, وأنشطتها الغير شرعية، من بيع السلع الدوائية, مرورا بعمليات الإجهاض، وصولا إلى بيع الأعضاء البشرية. وإن كان ذلك، لم يزد فيه الكاتب عن مرور الكرام.
خاصة حين أتينا إلى أنه لم يعمد إلى تعرية المجتمع بالكامل، بل جذب الثوب فقط ليس إلا. يقول الراوي: “البارحة جيء إلينا بجثة فتاة، قتلها أخوها انتقاما لشرفه المهدور. ثم سمعنا بعد التحقيقات التي أجريت، أن أخاها هو الذي كان قد اغتصبها، وقتلها ليداري فلته ..”. (ص 122). إن هذه الواقعة، ورغم ما تحمل من صدمة إلى القارئ السوي، إلا أنها تتكرر بشكل غير منتهي، في سوريا وهي بلد الراوي، وفي صعيد مصر، بلد كاتب هذه المراجعة، وفي مختلف البلدان العربية، ما يشير بأصبع الاتهام إلى العائلة، كونها المؤسسة الأكثر أهمية في المجتمع كله.
“الحمد لله أن الفتاة كانت سائحة أوروبية قادمة لزيارة المناطق الأثرية، لولا ذلك لكانت عائلتي كلها قد أبيدت.” في لفتة طريقة ألمح الكاتب إلى قضايا الثأر التي تنهش هي الأخرى في المجتمع الثوري، والمصري أيضا.
الخطاب الثالث في الرواية, هو خطاب الثرثرة, التي يخرج عنها مفردات السرد والقص والحكي والتنويعات المختلفة غير ذلك. بالإضافة إلى الإشارة لقدرة الكلام على المناورة والانتقال من فصيل إلى فصيل مما يعجز اللسان عن تفصيله، مثلما جاء عن ما تفعل عصابة موسو (ص19).
[4] الشخصيات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-رضوان
رضوان بدون رضوان الله عليه. رضوان ابن موسو (ربما تحريف لإسم موسى) اللبناني, وهو ممرض,واختيار جيد من الكاتب لمهنة ذات حساسية كبيرة ووصول نافذ إلى العديد من طبقات المجتمع أولا,وإلى مستويات من طبقات الجسد ثانيا (لاحظ المحاكاة الجيدة للكاتب والتشبيه بين المجتمع والجسد في مفردات إبرة, مبضع,ممرض,مؤخرة). وهو مع كل هذا,لا يقع في نفس المكانة الإجتماعية التي يحظى بها الطبيب. كما لا يتمتع بخبرته التي يرتقي بنفسه من خلالها,أو بسمعته التي قد يخشى عليها, أو بالعائد المادي الذي قد يلهيه عما يفعل (نظرية القاع الإجتماعي) أو بالوسط (الراقي) الذي قد ينتزعه من جهالته,أو الضمير العلمي الذي قد يتميز به الطبيب. وهنا قدم الكاتب من خلاله نموذج ثري لإحدى الشخصيات من قاع المجتمع ومزبلته / مؤخرته. وهناك شخصيات أخرى تستحق النظر (المنظف / المحصل / المعلم / البائع / السائق). ورغم كل ذلك,خرجت الشخصية سطحية جرى اختزالها في صفتها / وظيفتها كونه (ممرض). كأنها رواية آتية من النمطيات المظلمة في السينما المصرية عن تلك السيدات ذات الخبرة الطبية في إجهاض الأجنة من بطون النساء. (والفرج موضوع آخر اقترحه على الكاتب بعد تناوله الشرج موضوعا لروايته).
-نضال
شخصية أخرى أتت سطحية,ومشوهة,لا يمكن القول عنه أكثر من كونه شاذ جمع القبيحين, فهو مثلي الميول بادئا ومتحول جنسيا لاحقا.
والعمل عموما يوهم الغوص في نفوس شخصياته,وقد فعل جزئيا,إلا أنه في عمومه ليس إلا مجرد عرض لأحداث احتوت هذه الشخصيات,وتصبغت بلون مرضي قاتم.
في الفصل الثاني، ظهرت مجموعة من الشخصيات التي عُرفت في القرية باشتغالها في التطبيب والمداواة، حسبت أن لها أهمية كبيرة، لكن سرعان ما تم نسيها تماما من قبل الراوي والقارئ معا، وإن كان ظهورها في البداية يكثف الأجواء المريبة للرواية ويدخلك سريعا إلى عالمها وأحداثها.
هؤلاء هم الرشملي الذي عُرف بقدرته على إزالة الثآليل، يقرأ عليها بعض الأدعية والصلوات!. ثم هناك المختار الذي نال المخترة، وتزوج امرأتين معالجتين هما فريزة وربعيكا. وهناك الجدة وطفة (ص 12) الأقرب إلى ساحرة عجوز شمطاء. تشبهها كثيرا عجوز أخرى هي العجوز بريكة. “أما البردكي، فقد اكتسب سرّ مداواة الحبوب والبثور التي تظهر على الجلد، التي توصف وتسمى (نار الليل)، ولا يلتفت إلى تقسيمها بين حبّ الشباب، أو تلك الناشئة عن التهابات معينة، لأنها تجمع في نسق واحد، ودواء وحيد شاف، هو شرارات يقدحها البردكي المعروف بتطبيبه لهذا النوع من الحبوب” [ص 12،13].
ثم هناك الملّا (ص13) وهو الملاذ الأخير. اعتقد كل ذلك بالطبع قبل ظهور رضوان.
رواية (إبرة الرعب) وجبة جنسية دسمة ومخيفة، مزدحمة بالمفردات الجنسية، وفوق، أو تحت كل ذلك، تخرج لنا إبرة مخيفة فعلا.
في نهاية الفصل السادس والعشرون يقول بطل الرواية:
-إبرتي التي كنت أظنها أنفذ فعلا وتأثيرا من إبرة كليوباترا بارحت رغبة الانتقام التي أعمتني، وأرغمتني على الانسياق وراءها.
للمزيد من القراءات، على موقع الرواية
ملاحظة: هناك طبعة أخرى عن دار خطوط
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.