تعد أسطورة الملك آرثر Arthurian legend واحدة من سلسلة الأساطير الكلتية Celtic التي ارتبطت بأبناء شعب ويلز الذين غزتهم قبائل الأنكلو سكسون، وأخرجتهم من إنكلترة، ثم غزاهم فيما بعد النورمنديون. وتدور الأسطورة حول شخصية الملك آرثر وفرسانه.
قصة الأسطورة
آرثر هو ابن أُثر بيندراغون Uther Pendragon ملك بريطانية، والدته ايغرين Igraine التي كانت زوجة غورلويس أوف كورنويل Gorlois of Cornwall والتي استمالها أُثر بوساطة السحر. توّج آرثر ملكاً بعد وفاة أبيه، حين كان في الخامسة عشرة من العمر. وكان يملك سيفاً سحرياً يدعى اكسكاليبور Excalibur يقال إن سيدة البحيرة Lady of the Lake أعطته إياه، وبسيفه هذا غزا كلاً من اسكتلندة وإيرلندة وإيسلندة واسكندنافية وبلاد الغال وجزر الأوركني Orkney، تزوج فيما بعد من سيدة نبيلة تدعى غوانهامارا Guanhamara أو (جنيفر Guinevere) وكان بلاطه في كاميلوت Camelot. ويقال إن أخته مورغان لو فاي Morgan le Fay كانت من ألد أعدائه، وظهرت في الأسطورة ساحرة شريرة تخطط مع حبيبها للاستيلاء على العرش، وظهرت أحياناً أخرى ملكة محبة للخير وتطابقت صورتها أحياناً أخرى مع سيدة البحيرة. طلب الامبراطور الروماني لوسيوس Lucius of Rome من الملك آرثر أداء ماوجب عليه للامبراطورية، ولكن آرثر رفض وأعلن الحرب على الامبراطور الروماني وترك زوجته والمملكة تحت رعاية ابن أخيه مودرد Modred. وحين كان آرثر على وشك الدخول إلى رومة لمواجهة الامبراطور، علم أن مودرد استولى على العرش وسجن زوجته. عاد آرثر إلى بلاده فتراجع مودرد إلى كورنويل حيث لقي حتفه هو وكل فرسانه في المعركة التي واجه بها الملك آرثر ولكن ليس قبل أن يجرح الملك جرحاً بليغاً، أُخذ بعدها إلى جزيرة أفالون Avalon لتشفى جراحه ويعود يوماً ما إلى شعبه، ويقال إن زوجته أصبحت راهبة هناك. أما فرسان الملك آرثر فهم عدة من أهمهم: سير تريسترام Sir Tristram الذي تورط بعلاقة حب غير شرعية ومأساوية مع الملكة إيسولد Isolde زوجة عمه الملك مارك، وسير لونسيلوت Sir Launcelot الذي تورط أيضاً بعلاقة حب غير شرعية مع غوانهامار زوجة الملك آرثر نفسه. وهناك عدد آخر من الفرسان ذوي الأهمية في الأسطورة مثل: سير بيلياس Sir Pelleas الذي وقع في حب فتاة فظة القلب تدعى ايتار Ettarre، وسير غاوين Sir Gawain ابن أخ الملك آرثر الذي كانت له مواقف بطولية وفروسية، وسير بالين Sir Balin وسير بالان Sir Balan الأخوين اللذين قتل أحدهما الآخر، وسير غالاهاد Sir Galahadابن لونسيلوت الذي انتقلت إليه مهمة البحث عن الكأس المقدسة، وسير بيرشيفال Sir Percivale، وسير غاريث Sir Gareth، وسيرجيرينت Sir Geraint وسير بيديفر Sir Bedivere، وغيرهم من فرسان المائدة المستديرة ولكن تظل شخصية الملك آرثر محور الأسطورة. لشخصية الملك آرثر عدة جوانب: الجانب التاريخي الذي ظهر في كثير من كتب التاريخ اللاتينية والفرنسية والإنكليزية التي أبرزت الملك آرثر شخصية تاريخية حقيقية وقائداً عسكرياً دافع عن الشعب البريطاني إزاء هجمات الأنكلوسكسون. ظهرت الإشارات الأولى إلى اسم الملك آرثر في كتب المؤرخ البريطاني غيلداس Gildas عام 540م ثم ورد في قصيدة بعنوان Gododdin عام 600م. ورد ذكر الملك آرثر مطولاً في كتاب بعنوان «تاريخ بريطانية» Historia Britonum عام 800م يذكر فيه الكاتب نينّيوس Nennius كيف دافع الملك آرثر عن شعبه وحارب الأنغلوسكسون في اثنتي عشرة معركة وانتصر عليهم. ثم جاء ذكر الملك آرثر في حوليات تاريخ ويلز Annales Cambriae عام 1000م. تذكر هذه السلسلة أن الملك آرثر حارب عام 518 في معركة جبل بادون Mount Badon وهو يحمل صليب السيد المسيح على كتفيه وأنه سقط في معركة كاملان Camlan عام 539م. أما الجانب الأسطوري فقد ظهر حين تطورت قصة الملك آرثر ونُسجت حوله أساطير عدة أضافت إليه صفات بطولية وسمات إلهية. ظهر هذا الجانب للملك آرثر في كتاب آخر بعنوان «تاريخ بريطانية» Historia Regum Britanniae عام 1135 للكاتب الويلزي جيفري أف مونموث Geoffrey of Monmouth الذي جمع معلوماته من كتّاب وشعراء قدامى ومن التراث الويلزي وبمساعدة خياله أضاف إلى صورة الملك آرثر، القائد التاريخي البطل، صفات الأسطورة والفروسية والمغامرة حتى بات من الصعب تمييز الجزء الواقعي من الأسطورة من الجزء الخيالي أو التراثي.
أما صورة الملك آرثر الفارس فقد نمت بنمو الفروسية في العصور الوسطى فجاءت الأسطورة لتبرز روح الفروسية ومثلها ومنجزاتها. وضع الكاتب النورمندي ويس Wace مؤلفاً بالفرنسية بعنوان «رواية بروت» Roman de Brut عام 1155م مزج فيه الأسطورة التي اقتبسها من كتاب مونموث بالفروسية. ومنه اقتبس الكاتب الإنكليزي لايمون Layamon وأضاف إلى شخصية الملك آرثر صفات أخرى كالبطولة والقومية والسحر في كتاب بعنوان «بروت» Brut عام 1200م. ثم تطورت الأسطورة فيما بعد في مؤلفات عدد كبير من كتاب القرون الوسطى وكان أكثرها أهمية مؤلف الكاتب توماس مالوري Thomas Malory الذي ظهر عام 1480 بعنوان «موت آرثر» Morte d’Arthur وهي النسخة المعتمدة للأسطورة باللغة الإنكليزية التي استند إليها كثير من الكتاب الذين أتوا بعده. وامتزجت الأسطورة فيما بعد بالشعور الوطني البريطاني، في العهد الاليزابيثي خاصة، بسبب تنامي هذا الشعور حينذاك وأصبحت مادة إلهام غنية لكثير من الشعراء وكتاب المسرح. قدمت مسرحية بعنوان «سوء حظ آرثر» The Misfortunes of Arthur للكاتب توماس هيوز Thomas Hughes بحضور الملكة إليزابيث عام 1588. وفي عصر عودة الملكية في إنكلترة كتب جون درايدن John Dryden عام 1691 أوبرا بعنوان «الملك آرثر» King Arthur. وفي العصر الفكتوري كتب ألفرد تنيسون Alfred Tennyson قصيدة بعنوان «أنشودة الملك» Idylls of the King. وعموماً، تعد أسطورة الملك آرثر من أكثر الأساطير شعبية حتى اليوم، فهي ماتزال تظهر في الأفلام السينمائية وفي كتب الأطفال، وهناك مقولة خرافية تقول إن الملك آرثر لم يمت وإنه سيعود يوماً ليحكم بريطانية.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.