هناك ثلاثة روايات أخرى لنفس الكاتب مشابهة في فكرتها وحبكتها لرواية كورالاين وإن كانت تلك أشهرها، وأبرعها في سبك الحبكة داخل إطار الفكرة الأساسية التي شكلت هاجسا مستمرا مع الكاتب. والفكرة هي عن طفل (مراهق أو بالغ) تنقلب حياته رأسا على عقب، أو تكون مقلوبة منذ البداية عما يعايشه البشر، وفي الحالتين تتغير مع طبائع الأشياء.
الروايات الثلاثة هي المحيط في الدرب، اللامكان أو أبدا، وكتاب المقابر.
كورالاين، وحتى الاسم مقلوب عن كارولين، تنتقل إلى منزل جديد، وأثناء استكشافها لمعالمه الداخلية تعثر على باب يؤدي مثل العديد من القصص الخيالية المشابهة منذ أليس في بلاد العجائب والباب خلف المرآة، يؤدي إلى عالم عجيب غريب فيه كل معالم العالم تصبح مقلوبة، بما في ذلك ما يحتويه من أشياء، أو بشر. مثل قطها الأليف، أو حتى أفراد عائلتها.
كانت الغرفة مظلمة بلا ضوء إلا الآتي من الردهة، فألقت كورالاين -الواقفة عند المدخل- ظلا طويلا مشوها على بساط الغرفة، لتبدو كامرأة نحيلة عملاقة.
عبر ثلاثة فصول يتخطى الأمر مجرد مغامرة جميلة، يتحول إلى رعب حقيقي، لأنها ورغم أنها في البداية استمتعت بخوض التجربة، لكنها تنصدم من حقيقة أنها تعيش الآن في منزل غير منزلها، وتحت سقف واحد من أم أخرى، غير أمها، بعيون مصنوعة من أزرار. أي رعب هذا!.
الأم الأخرى ضخمة، يكاد رأسها يمس السقف، ولونها شاحب للغاية كبطن العنكبوت، ويتلوى شعرها وتمعج حول رأسها، وأسنانها حادة كالخناجر.
نفس الشيء يحدث مع والدها، حين تتعرف عليه رجل آخر، غير والدها، وتتبين أن الشبه الذي كانت تحسبه فيه، كان وهما.
اليوم لا يبدو كأبيها الحقيقي بالضبط، ففي وجهه شيء ما غامض … كعجين الخبز عندما يبدأ ينتفش فيستوي ما فيه من كتل وشقوق وتجاويف.
والأم تسجن ابنتها، ليس داخل المنزل، بل داخل العالم المقلوب الذي وعلى اتساعه الهائل إلا أنه يضيق عليها
تابعت المشي. ثم بدأ الضباب. لم يكن رطبا كالضباب أو الغيم العادي، وليس باردا أو دافئا، بل شعرت كورالاين كأنها تخطو إلى العدم.
أمها هذه، لن تطعمها الحلوى
نظرت كورالاين في الكيس متوقعة أنه يحوي التوفي أو كرات حلوى الزبدة، لكنها وجدته مليئا حتى منتصفه بالخنافس السود الكبيرة اللامعة، التي يزحف بعضها فوق بعض في محاولة للخروج من الكيس.
الحكاية حول الأطفال الموتى / الأحياء (الأشباح) المحبوسين في عالم موازي رمادي يقبع خلف الجدران، هي فكرة مقتبسة عن
ولكنها نسخة أكثر تفاؤلا بالطبع، بالنظر إلى النهاية السعيدة التي ختم بها الكتاب قصته، ونجاح كورالاين في تحرير أشباح الأطفال المحتجزة في هذا العالم، إلا أن تفاؤلها هذا، واحتفاء الكاتب بالأمومة (تلك الأم الحقيقية الرائعة المستفزة العظيمة المثيرة للجنون)، لا يمنع من أن يجعل الرواية مرعبة بحق، حتى أنني استغرب عن الآلية أو التصنيف الذي يُعتمد به في تقديم أدب رعب للأطفال!. هذه الرواية، وفكرة أن أمك ليست أمك، هي فكرة مفزعة حتى بالنسبة للكبار!. بمجموعة من العناصر الفريدة، المخيفة، قل نظيرها في أدب الرعب، وتناول غير تقليدي ومزج بين الأزرار والعيون والثقوب.
خاصة رعب الثقوب وما أدراك ما رعب الثقوب.
https://www.innfrad.com/News/26/1176025/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AE%D8%B1%D8%AC-%D8%A8%D9%82%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%83%D9%88%D8%B1-%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%AD%D9%89-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%80
في الأخير، نختتم بذكر الأشياء، هكذا كما هي، كما أوردها الكاتب داخل نصه
في الغرفة مختلف الأشياء العجيبة التي لم تر لها مثيلا من قبل؛ ملائكة خزفية تعمل بالزمبرك وتخفق بأجنحتها في المكان كالعصافير المفزوعة، وكتب فيها صور تتلوى وتزحف وتومض، وجماجم دينوصورات راحت أسنانها تصطك مع مرورها، وصندوق لعب كامل مليء باللعب الرائعة.
تطلعت في أنحاء الغرفة التي بدت مألوفة للغاية، وهذا تحديدا ما يشعرها باستغراب شديد. كل شيء كما تذكره تماما؛ أثاث جدتها برائحته الغريبة، والصورة المرسومة لوعاء الفاكهة (عنقود عنب وبرقوقتان وخوخة وتفاحة) على الحائط، والمنضدة الخشبية الواطئة بأقدامها المنحوتة على شكل أسود، والمدفأة الخالية من الحطب التي تبدو وكأنها تمتص الحرارة من الغرفة امتصاصا. لكن ثمة شيء آخر، لا تذكر رؤيته من قبل. كرة زجاجية على رف المدفأة.
في صغري، حين كنا نعيش في منزلنا القديم قبل مدة طويلة جدا، أخذني أبي لنتمشى في المنطقة المقفرة بين منزلنا والسوق. لم تكن أفضل بقعة للتمشي حقا، كانت مليئة بمختلف الأشياء التي يتخلص منها الناس هناك؛ أواني طبخ قديمة وأطباق مكسورة ودمى بلا أذرع أو سيقان وعلب فارغة وزجاجات مهشمة.
كورلاين مذكر، فلويد الجدار
العروس الميتة
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.