“كتب أحمد خالد توفيق رواية «المتحف الأسود» في سلسلة ما وراء الطبيعة بأسلوبه البارع في الأنثولوچيا (مجموعة قصص قصيرة معقودة معًا في إطار قصة أكبر) سنة 2003. في سنة 2017، طُرِحت آخر حلقات الموسم الرابع من مسلسل Black Mirror بالاسم نفسه، المتحف الأسود، وكانت مُقدَّمة بطريقة السرد نفسها مع اختلاف القصص بالتأكيد. أبونا الروحي الله يرحمه لو كان عايش في بلد آخر كانت أعماله اقتُبِست في عشرات الأفلام والمسلسلات في حياته، وهو الشيء اللي عاش يحلم بيه قبل احترافه للكتابة، ومات ولم يره.
جدير بالذكر إن العملين (رواية أحمد خالد وحلقة Black Mirror) جايين على الأرجح من مصدر إلهام واحد. متحف الجريمة أو الـCrime Museum اللي دُشِّن سنة 1874 في مقر الشرطة اللندنية اسكوتلانديارد، واللي كان معروف في البداية ولحد فترة قريبة بشكل غير رسمي باسم «المتحف الأسود». المكان بيضم تذكارات جنائية مختلفة، وكان الهدف منه مساعدة الظباط في دراسة الجريمة والمجرمين، وفي سنة 1875 بقى متحف رسمي، على الرغم من أن بابه لم يُفتح للجمهور.
لو دققت النظر في الصورة هتلاقي الإيد الشهيرة المحفوظة في سائل الفورمالين!”.
النص أعلاه نقلا عن المترجم نادر أسامة على صفحته الشخصية يقارن بين حلقة الرعب السادسة من سلسلة ما وراء الطبيعة، وبين حلقة بعنوان المتحف الأسود ضمن حلقات الموسم الرابع من مسلسل المرايا السوداء من إنتاج نيتفليكس. لم يتهم المترجم -حفاظا على مستقبله المهني- أكبر شركة إنتاج تلفزيوني بالسرقة، ولا حتى بالاقتباس، بل أشار إلى مصدر آخر هو المتحف الأسود المعروف في الواقع. ولكن الاقتباس قائم بالفعل ولدواع عديدة، بدئا بأسبقية طرح الفكرة لأحمد خالد بفارق زمني شاسع يتجاوز العقد من الزمن، ونتجاوز تشابه الفكرة مرورا بالتشابه المريب في الحبكة، وفي أكثر من موضع كما نوضح في عدد من النقاط
- يحمل كلا العملين نفس الاسم (المتحف الأسود).
- الأجواء متشابهة إلى حد كبير في الوصف من إضاءة خافتة وواجهات زجاجية موضوع بها عينات غير مفهومة، ولكن هذا قد يبدوا مفهوما بالنظر إلى نظام المتاحف المعتمد تقريبا منذ نهايات القرن الثامن عشر. وحتى في المكان البعيد النائي مع اختلاف بين الظهور بالصدفة لفتاة بمقربة من المتحف، وتلقي رفعت إسماعيل الدعوة من مدير المتحف.
- تشابه بين شخصية الشرير الرئيسية في كلا العملين؛ عالم مجنون غريب الأطوار مبهم التصرفات، يسعى لتحقيق طموحاته وشهواته الملتوية في جمع التحف الخاصة به.
- بالإضافة إلى فكرة طرح القصص المنفصلة ضمن سلسلة من المختارات الثقافية، حيث يُحكى في كلا العملين عن مجموعة من الواجهات زجاجية بما تحمله داخلها من قطع فنية أو أثرية تحمل في طياتها قصة مختلفة عن كل قطعة أخرى.
- حكي المسلسل ثلاث قصص حول الواجهات الزجاجية حيث قام مالك المتحف المجنون رولو هاينز بسرد قصص وكانت كل قصة منهم تحمل تجربة غير آدمية على أحد الأشخاص، بعض قصص الرواية هي تجارب غير آدمية.
الملاحظة الأخيرة، تظهر، أنه وإن كان توجه الرواية يميل إلى عرض منتخبات من رعب ما وراء الطبيعة، بينما المسلسل مهتم أكثر بعرض منتخبات من رعب ما وراء المستقبل وأخطار التقنية، إلا أن بالرواية أيضا، بعض التجارب اللافتة من أدب الخيال العلمي.
ظهرت في الواجهات الثلاثة داخل الحلقة: (دمية لقرد، وجهاز ناقل للمشاعر، وصورة رقمية لأحد الأشخاص).
ظهرت في الواجهات الستة داخل الرواية: (يد بمخالب، عباءة دراكيولا، جنين في إناء زجاجي، كلب أحمر، عينان).
ولا يتوقف الاقتباس عند هذا الحد، بل يتجاوزه ويصل إلى درجة أن اقتباس فكرة أخرى قدمها أحمد خالد توفيق في أولى روايات سلسلة فانتازيا عام 1995، وطوّرها على مدى أكثر من ستين عدد، تم اقتباسها في حلقة بعنوان جماعة الـ يو إس Colloster US هي الحلقة الأولى من نفس الموسم الرابع لمسلسل المرايا السوداء. ولا يخفى على أحد إطلاع شركة نيتفليكس على أعمال أحمد خالد توفيق، بدليل اقتباسها لاحقا لسلسلة روايات ما وراء الطبيعة، في مسلسل من إنتاج مصري وتوزيع عالمي، عُرض لأول مرة على الشبكة عام 2020.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.