أمرت الحكومة بإعدام الطبعة الأولى من هذا الكتاب(١٩٨٣م) من
خلال حظر التعليق أو النقد، وتعقب الكتاب في الأسواق وتحريض الموزعين على رفض قبوله.. ماذا يوجد في الكتاب يبرر مثل ذلك التصرف؟!
الخطايا العشر هي محاولة لتحليل أسباب الخلل التي أوصلت مصر إلى حالة متردية بعد ثورة ٣٢ يوليو بالوقوف على أبرز الحوادث السياسية في تلك الفترة، ومن خلال التركيز بشكل أساسي على السادات مع العودة بكل حدث إلى مقدماته في فترة حكم جمال عبد الناصر..
يبدأ الكتاب بمشهد المنصة ومقتل الرئيس أنور السادات وينتهي أيضا بهذا المشهد وبينهما يحاول الدكتور إبراهيم دسوقي أباظة تتبع الأسباب المؤدية لهذه النهاية لتجربة الثورة كاملة وليس لشخص الرئيس السادات أو لنظام حكمه فقط.
يحلل الكاتب ما طرأ على الساحة المصرية من تغيير بعد هزيمة يونيو ثم نصر أكتوبر، فقد كانت بين الحدثين فترة كافية لحدوث تحولات عميقة في الشخصية المصرية وأصبحت الأجيال التي تربت على إذاعة صوت العرب ودروس الاتحاد الاشتراكي في حالة من انعدام التوازن، وبانهيار أسطورة عبد الناصر انهار البناء العقائدي للمواطن المصري.
١- التستر على الأخطاء: وأهمها هزيمة يونيو ١٩٦٧م التي اكتفى جمال عبد الناصر بتسميتها بالنكسة ولم يجب عن أي سؤال حول أسباب الهزيمة، وبعد موته ورث السادات هذه الهزيمة بأسئلة الرأي العام، ووعد السادات بفتح ملف التحقيق ولكن ما حدث انه أوكل الأمر لنائبه أي للسلطة التنفيذية وليس للسلطة القضائية المعنية بذلك فعلاً وكان هذا دليل للناس بعدم جدوى أو جدية هذا التحقيق.
٢- رموز الفساد: في مرحلة ما بعد الثورة كان معيار الاختيار قائما على الولاء والثقة وليس الكفاءة ومعه زادت مظاهر الفساد وغياب الرقابة والمحاسبة وسوء استغلال النفوذ وبشكل أوضح في القطاع العام..
ولتظهر بشكل ديمقراطي أنشأت حكومة السادات جهاز الرقابة الإدارية الهزلي الذي اتبع أسلوب كبش الفداء أي دائما ما يكون المسئول عن الرشوة من صغار الموظفين أو المغضوب عليهم من أهل الثقة.
٣- الانفتاح المنحرف: الذي كانت صورته ظاهريا مبشرة ولكنها في الحقيقة سياسة بدون إجراءات جذرية لإصلاح الهيكل العام للاقتصاد. فخرج الانفتاح عن مقصوده إلى مظهر استهلاكي.
ومن آثار الانفتاح السلبية، هجرة العمالة والعقول بشكل غير منظم أو مقنن مما أعاق ميادين حيوية مثل الزراعة والصناعة وغيرها مما أفقد مصر الكثير من الكفاءات في وقت حاجتها لها أكثر من أموال العملة الأجنبية.
٤- سلام بغير سلام: كان الخطأ الأكبر في مشروع السلام هو التكتم على كواليس هذا المشهد والموقف العربي من دعم مصر بعد خروجها من حرب استنزفت مواردها وطاقاتها، وبدلا من التصريح بكل ذلك للشارع المصري والعربي، اتبع أسلوب السرية في اتخاذ قراره وعدم الاكتراث بضرورة قبول الرأي العام لهذا القرار.
ومن اخطر مشكلات هذا المشروع هو تجريد مصر من تواجد عسكري كامل في أبعاد معينة من سيناء وفي نفس الوقت احتفظت إسرائيل بحقها في التواجد العسكري الكامل على الحدود الشرقية وكان هذا انتقاص للسيادة المصرية.
٥- الطبقة العازلة: وهي طبقة تظهر في كافة النظم الديكتاتورية من أعوان الحاكم، وفيما يخص هذه الطبقة لم يغير السادات موقفه منها كثيرا عن سابقه إلا في جانب واحد تعلم فيه من خطأ عبد الناصر وهو عدم الإبقاء على شخص في نفس المنصب لمدة طويلة قد تقوي شوكته في مواجهة قوة ونفوذ الرئيس، كحالة عبد الحكيم عامر.
٦-أحزاب القمة: أراد الرئيس رفع شعار التجربة الديمقراطية ولكن دون السماح بوجود معارضة حقيقية.
وعندما صرح السادات بأنه سيعيد حرية الرأي التي صودرت في عهد عبد الناصر مع إغلاق الأحزاب، كان ذلك عملا بصعب تحقيقه لغياب المواهب والتجربة وذلك لاستمراره في انتهاج سياسة عبد الناصر في اختيار معاونيه.
وهذا الانتقال المفاجئ من نظام الحزب الواحد إلى النظام متعدد الأحزاب مع استمرار نفس العقليات التي نشأت في الأول جعل من شبه المستحيل عليها العمل في ظل منافسة حزبية حقيقية ومفتوحة.
٧- القمع بالقانون: لا ينفي وجود قانون ودستور في بلد ما أن يحدث باسمهما قمع وطغيان، فالعبرة بمدى التزام الحاكم بالدستور واحترامه للقوانين، أو على النقيض يضع دستوراً يوافق إرادته.
وعلى عكس عبد الناصر الذي اكتفى بقانون حالة الطوارئ لقمع معارضيه، كان السادات يفضل الظهور بمظهر الملتزم بالقوانين ومطبق الدستور فلجأ إلى تفصيل هذه القوانين بالشكل الذي يحقق إرادته فاخضع القانون والدستور للحاكم.
٨- صحافة السلطان: بدأت محنة الصحافة مع ثورة ٢٣ يوليو، من خلال الرقابة الشاملة على الصحف والضربات القاتلة التي وجهت إلى الصحفيين إنتهاءً بتأميمها وإخضاعها للدولة.
وبعد تصريح السادات بدعمه لحرية الرأي والقلم، كانت سياسته على أرض الواقع تضيق الخناق على كافة أشكال المعارضة والرأي والتعبير بما فيها الصحافة والتي لجأت لحيلة قانونية لقمعها وهي منحها لقب السلطة الرابعة والذي ظاهره تبجيل وباطنه التحكم في الصحافة وخضوعها للحاكم كالسلطات الثلاث التقليدية.
٩- الفراغ القاتل:كانت تلك حالة المجتمع بعد كل السياسات التي اتخذها السادات وطبقته العازلة. استخدمت الحكومة كل اساليب القمع وكان من ضمنها ضرب الشيوعيين عن طريق الجماعات الإسلامية، ثم لجأ إلى العنف ضد هذه الجماعات نفسها (قبل ذلك لم يكن يعارض انشطتها وفي نفس الوقت يحول دون مشاركتها في المجال السياسي) وهو في هذا التصرف لم يتعلم من سابقيه فلم ينجح العنف في إيقاف هذه الجماعات وإنما فقط جمد نشاطها وعادت بعده أقوى شوكة وأكثر عنفا.
١٠- الأسلوب القديم والزمن الجديد
كانت حادثة اعتقال الرئيس لكافة معارضيه بشكل جماعي على اختلاف مراتبهم وتوجهاتهم صدمة للمواطن المصري عادت به إلى الوراء وكانت تلك آخر الخطايا التي أوصلته لحادثة المنصة التي جاءت رداً على الاستبداد الذي عاشته مصر بعد تجربة ثورة انحرفت عن مبادئها.
أخيراً كل الشكر والامتنان لإسلام إنه أولا عرفني بالكتاب وشجعني أقرأه بمراجعته وثانيا بمشاركة الكتاب نفسه🌸❤️🙏 معايا.
مصدر المراجعة: جود ريدز
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.