في عالم تدور فصوله بين موسمين فقط؛ صيف طويل يقضي معنا شهور وشتاء أطول قد يدوم لسنوات طويلة، وتدور فصول الرواية بين عالم من المؤامرات السياسية والحروب الدموية في ظل غفلة الجميع عن الأخطار الحقيقية.
في هذا العالم، تتمثل الأخطار الحقيقية في خطرين رئيسين؛ ظهور التنانين مرة أخرى، والخطر الثاني متمثل في رياح الشتاء وضبابه وما يختفي فيه من مخلوقات، تبدأ أحداث قصتنا بمؤامرة كبرى تُحاك حول الملك روبرت براثيون الذي انتزع المُلك عن سلفه بالقوة، يستشعر الخطر حين يموت مستشاره في ظروف غامضة (تم اغتياله على الأرجح) مما يضطره لاستدعاء اللورد إدوارد ستارك صديقه الوفي وتتابع الأحداث.
هناك بون كبير بين ما يحدث داخل زمن الرواية، وبين ما يحدث سابقا، أو ما سوف يحدث لاحقا، تتميز روايات الفانتازيا بأنها قادرة على إعطائنا نظرات سريعة أو كثيفة للمستقبل حسب ما ينجح الكاتب في توظيف مجموعة من الأدوات السردية تعد التنبؤات أبرزها بالنسبة إلى التصنيف الأجناسي للرواية، لكنه غير مفتقر للأدوات السردية المتاحة عبر أنواع كبرى ومهمة وعلى رأسها الرواية التاريخية ورواية الأجيال، بما يُتاح له من تعاقب الأجيال ومرونة لا بأس بها في التجول بين الأزمان، تلك المرونة مكتسبة بالطبع من تمرد روايات الفانتازيا والخيال العلمي، مثال من الخيال العلمي، هي (القاعدة) لإسحاق آزيموف.
يبدوا أن ستيفن كينج كان محقا حين قال عن جورج مارتن: (مارتن راوي قصص بالفطرة، ويتمتع بخيال واحد في المليون). حين يجتمع السرد الفطري للحكاية، مع الخيال الفريد (واحد في المليون) ماذا يتبقى لنا نحن الكُتّاب الغلابة!.
مع ذلك، فـ جورج مارتن، رجل مسن، أكل الدهر عليه وشرب، ذلك صحيح من عدة نواحي، أولا، حتى لو نحن الكتاب الروائيين، لم نتمكن من أن نأكل عيشنا من وراءه، فقد تمكن نوع آخر من الكتاب من تحقيق ذلك، هم صناع المحتوى، سواء كانوا يكتبوه كما هو كلمات وراء كلمات، أو يكتبون نصا يجري إعداده بصريا أو صوتيا، كما الحال مع الكثير من مقاطع الفيديو أو شرائط البودكاست. مقاطع الفيديو منتشرة تقريبا في كل مكان؛ يوتيوب، تويتر، فيس بوك، إنستغرام، تيك توك، إلخ …
تذكر إني أيضا صانع محتوى، فلماذا لا أحاول أن أستفيد من كل هذا الزخم الأدبي / التلفزيوني، على أي حال، نحن كعشاق ومتابعين لعالمه، تصادف أننا صناع محتوى، يمكنني القول بأن جميعنا نأكل من خير هذا الرجل!.
ولكن سأؤجل ذلك، وقد أدرجه ضمن القوائم المذيل بها مراجعتنا تلك، بما إني أعشق القوائم، وقد أعلنت منذ مدة طويلة عن وسم #لانهائية_القوائم متبنيا آراء أمبرتو إيكو حول الموضوع.
الحبكة والإيقاع
لعبة العروش
نفهم لماذا قد لا يحب بعض المترجمين استعمال لفظة صراع العروش، لأنه لم يكن هناك صدام مباشر فعلا في أهم أحداث أولى الروايات .. الجزء الأول (لعبة العروش) مخصص بأكمله للصراع السياسي الدائر حول الملك روبرت، وحول مساعد الملك الوفي إدوارد ستارك، نعرف أن آل لانيستر لهم يد في الموضوع، ويتحقق أول أهدافهم، وربما أكبرها، لما يتمكن تايون في الإطاحة بروبرت دون أن يرفع عليه سيفه حتى، وهي سمة سوف تظل لصيقة بالقائد المحنك والسياسي المخضرم تايون لانيستر طوال أحداث القصة.
في المرحلة التالية من المؤامرة يتم الانقلاب حول نيد ستارك، وأسرته لإيقاف تحقيقاته وتحقيقات زوجته حول مقتل الملك، الأهم من ذلك، للسيطرة على تبعات قراره بإعلان شقيق الملك روبرت، اللورد ستانيس براثيون وريثا شرعيا للملك وهو الأحق بالحكم من بعده. ذلك، لأنه تحقق لدى يقين أدوارد، أن أبناء الملك ليسوا أبناؤه، فقد حملت بهم الملكة بشكل غير شرعي من شقيقها في غفلة من ذلك الثور / الوعل المنشغل بالحروب أو حلبات القتال أو رحلات الصيد.
ولكن نيد ستارك له وضع صعب للغاية بصفته لورد آل ستارك، كبيرهم وحاكم الشمال، وقد أعلن حكام الشمال ولده ملكا هناك بعد موته مباشرة. الشمال هو الإقليم الأكبر مساحة في البلاد، والمملكة الأكثر ضراوة بين الممالك السبع كلها بحكم المناخ البارد القاسي الذي يعيش فيه سكان الشمال.
تم إصدار حكم الإعدام على مساعد الملك بتهمة الخيانة، وأمر الملك جوفري براثيون، كواحدة من أكثر قراراته الغبية كارثية، جلاده بقطع رأس إدوارد ستارك (نيد)، وقد كان. والآن الشمال كله ثائر لمقتل حاكمه، يتبع مليكهم (روب ستارك) من أجل الانتقام لأبيه.
ليس الشمال فقط الذي يُعلن تمرده على آل لانيستر، كذا يفعل آل براثيون بعد انقسام راية روبرت وتوزعها على شقيقيه ستانيس براثيون، ورينلي براثيون وانقسم الجيش لجيشين شطره الأكبر مع أصغر الأشقاء الثلاثة رينلي (لفروسيته المشهود بها)، وشطره الأصغر مع القائد الأكثر حنكة وبراعة في الحروب ستانيس.
كذا فعل بايلون غريجوي الذي استعاد سيطرته على الجزر الحديدية وبعض المناطق، وسوف تُعرف هذه الحرب باسم حرب الملوك الخمسة (روب، ستانيس، رينلي، غريجوي، جوفري). وهي المحور الرئيس لأحداث الكتابين التاليين كما يظهر من اسمهما؛ صدام الملوك، عاصفة السيوف. ونلحظ في مذيلة الجزء الأول تقديم الكاتب للعائلات الكبرى المؤثرة في الحرب، باراثيون، ستارك، لانستر، آرن وتلي (حلفاء ستارك)، تايرل (حليف باراثيون ثم لانستر)، جرايجوري، مارتل (حليف غير مضمون لآل لانستر)، تارجاريان (حروب آل تارجريان تخوضها دينيريس تارجريان خارج قارة ويستروس).
صدام الملوك
معركة الطاحونة الحجرية
“كتب أخوها أن اللورد تايون حاول العبور من دستة من المخاضات المختلفة، لكن هجماته صُدّت كلها. غرق اللورد ليفورد، وفارس كراكهول الملقب بالعفر القوي سقط أسيرا، بينما دُفع السير أدام ماربراند إلى الانسحاب ثلاث مرات … لكن المعركة الأعنف دارت عند معبة (الطاحونة الحجرية)، حيث قاد السير جريجور كليجاين الهجوم، وسقط عدد كبير للغاية من رجاله، حتى كادت جثثهم تصنع سدا في النهار، وفي النهاية استطاع الجبل وعدد من أفضل رجاله العبور إلى الضفة الغربية، لكن إدميور دفع قوّاته الاحتياطية إلى مواجهتهم، فتشتت صفوفهم وانسحبوا دامين مهزومين، وفقد السير جريجور نفسه حصانه وعاد يعبر الفرع الأحمر يترنح وينزف من عدة جروح بينما أمطرت السماء من حوله سهاما وأحجارا. [الكتاب الثاني، الجزء الثاني، ص 174].
عوّض ستانيس بذكاءه وحنكته العسكرية، النقص الحاد في الجند بسبب ما استولى عليه أخيه، الذي أصبح لديه 100 ألف جندي بعد تحالفه مع آل تايريل، وكانت لديه علاقة مشبوهة مع فارس الزهور لوراس تايريل. عوض ستانيس كل ذلك بخبرة مددها السنين، وذكاء حاد في التخطيط وإدارة الأزمات في الحروب، مع هوس فظيع للسلطة، فارتكب فعالا ليس أسوأها اغتيال شقيقه بواسطة السحر (مغتال من نوع خاص) للاستيلاء على نصف جنده.
في المقابل، كان كل من روب، ورينلي، غبيا، لأنهما أعلنا أنفسهما ملوكا، رينلي كانت لديه مطامعه الشخصية وكان مزهوا بقوته وبقوة الجيش تحت لواءه، كل هذا أعماه عن حقيقة أن آل لانيستر هم أقوى عائلة في الغرب، وأن ظروف الحرب في صالحهم، بالإضافة إلى أن شرعيتهم (الزائفة) في الحكم تجعل مقدرتهم على جمع الحلفاء أكبر، مقابل شرعية مزعومة من ستانيس أكثر وهنا من المزاعم حول حقيقة مولد جوفري في الحرام، ولم تتخطى كونها مجرد زعم بسبب ما فعله رينلي حيث بدا كل من الإخوة براثيون مجرد طامع للعرش. كان يمكن لرينلي أن يتبوأ مكانا بارزا بين اللوردات لو تحالف مع شقيقه.
أما روب كان سعيه الأكبر هو الثأر لأبيه، مسعى يمكن الوصول إليه على نحو أسهل لو كان تحالف مع ستانيس، وأعلنه ملكا، وترجع المياه لمجاريها أو كان بإمكانهما الوصول لاتفاق جديد لاحقا للحفاظ على التحالف قائما، أو حتى تكوين ائتلاف (تحالف مؤقت) يحقق لكل منهما الغرض الرئيس لهما. لكنه هو الآخر اغتر بقوته، وقوة الجيش تحت لواءه، الذي لم يكن الأكبر عددا (20 ألف مقاتل) ولكنه كان الأشرس في ميدان المعركة كما تأكد لدى تايون الذي خسر جميع معاركه أمام روب، وتم أسر جيمي رغم بسالته في القتال، وجيمي غير كونه فارس مغوار، هو أيضا الوريث الشرعي والوحيد تقريبا لراية آل لانيستر، نظرا لكون كلا من جوفري وتومين غير صالحين لقيادة جيش أو إدارة مجلس للحكم، ناهيك عن الضبابية حول إنتمائهما إلى باراثيون أم لانستر!.
تشكل هذه الرواية، المرحلة الأولى من حرب الملوك الخمسة، وهي حرب لا تزيد عن كونها مناوشات عسكرية وصد وردّ بين الملوك الخمسة دون أي تقدم حقيقي حتى بعد اغتيال رينلي. وهي تركز أكثر على مساعي الأميرة دينيريس تارجريان للحصول على حقها الشرعي في الملك، نظرا لكون أبوها إيريس تارجارين كان الملك الفعلي للمالك السبع قبل ثورة روبرت.
عاصفة السيوف
رأى (بثا السوداء) تحترق، وكذا (الأيل الأبيض) و(الرجل الوفي) على جانبيها، و(الخشوع) و(القطة) و(الشجاع) و(الصولجان) و(الغداف الأحمر) و(الشمطاء) و(المخلص) و(الثورة). حتى (مركبة الملك) و(بركة الآلهة) كانتا مشتعلتين كذلك، الشيطان يلتهم بني جلدته. (كانت فخر دريفتمارك) سفينة اللورد فيلاريون البرّاقة تحاول الدّوران، لكن الشيطان مد إصبعا أخضر بكسل ومس مجاذيفها الفضية فاشتعلت كعشرات من فتائل الشموع، وفي لحظة بدت كأنها تخوض النهر بصفين من المشاعل الطويلة الوهاجة على جانبيها. [مشهد غرق الأسطول، صدام الملوك، ج2، ص351،352 فصل باسم دافوس].
تعد رواية (صدام الملوك) امتداد للجزء الأول، ويركز الراوي على آل ستارك، الذين علقوا بين المطرقة والسندان، بين خيانة ثيون جرايجوري في الشمال، ومواجهات مع جيش لانيستر في الجنوب، وهناك خيانة لاحقة في الكتاب التالي تحدث من قبل آل بولتون، بالتعاون مع آل فراي، بالإضافة إلى تخلي آل كارستارك عنهم (كل هذا يحدث لاحقا).
هذا الكتاب -عاصفة السيوف- تحديدا يركز على الصراع بين أقوى خصمين في الحرب حتى الآن؛ روب ستارك، وتايون لانيستر، ومساعي روب ستارك للثأر لأبيه، بينما يحافظ تايون لانستر على استقرار المملكة. ويذيل الكاتب بتعداد لخمسة ملوك هم جوفري باراثيون (الملك على العرش الحديدي)، وستانيس باراثيون (الملك في البحر الضيق)، ورنلي باراثيون (هايجاردن)، وروب ستارك (الملك في الشمال)، ودنيرس تارجاريان (الملكة وراء البحر). يتبعها بقائمة من العائلات المؤثرة في الحرب كبيرة كانت أو صغيرة، وهم، آرن (حليفة لستارك ولكن لم تتدخل في الحرب)، فلورنت (راية تايرل)، فراي (راية تلي، وخونة لاحقا لصالح آل لانستر)، جرايجوري (لصالح أنفسهم)، لانستر (الملوك الحاليين)، تايرل (حلفاء رنلي ثم لانستر بعد مقتل رنلي)، مارتل (لازالوا على الحياد)، رجال حرس الليل (على الحياد كما ينبغي عليهم أن يكونوا).
وليمة للغربان
يمكن تقسيم سداسية أغنية جورج مارتن، بغض النظر عن وجود جزء سابع، إلى قسمين رئيسين مشتملين على سياقين متتاليان لأحداث هذا العصر الذي يسجله مارتن منذرا بعودة حكم التنانين؛ الجزء الأول، والمشتمل على العناوين الثلاثة (لعبة العروش، صدام الملوك، عاصفة السيوف) محوره الرئيس هو الصراع الدائر بين الملك روب ستارك، والقائد تايون لانستر.
الجزء الثاني، المشتمل بشكل رئيس على رواية وليمة الغربان، وقد خصصها الكاتب لسرد أحداث الجنوب والغرب في ويستروس، مع بعض أخبار من الشمال والشرق. حكم اللانيستر لازال غير مستتب لهم، جيمي لانيستر يطارد فلول الستارك وآل تالي في مواجهة مع السمكة السوداء. وفي ظل غياب جيمي بعيدا عن العرش، هنا مؤامرة تُحاك حول سيرسي من قبل العصافير تظهر نتائجها بقوة في قدرة العصافير من خلال جيش غير نظامي على أسر وحبس سيرسي لانستر.
رقصة التنانين
من مزايا تناول العمل من قبل مترجم قدير مثل هشام فهمي، أننا يمكننا إلى حد كبير، ولو بشكل نسبي، التعرض بالنقد سلبا أو إيجابا لأسلوب المؤلف الأصلي دون أن نحيل إلى فرضية أن النص الأصلي ربما أكثر إتقانا من الناحية الأسلوبية (السردية وليس اللغوية) من نظيره العربي، و/أو أن المترجم، في عملية نقله العمل إلى لغة أخرى أفسد جمال الأسلوب!.
قال ستانيس: (خير الصنيع لا يمحو سيئه، وسيئه لا يمحو خيره، ولكل جزاؤه). وكأنها حكمة إسلامية.
وكما يعرف أي كاتب في الدنيا، السرد هو الوجه الآخر للحبك، فيه الوصف، وفيه تظهر حركة الأحداث المرسومة سلفا حسب حبكة لا يعلمها القارئ، وربما لا يعلم مسارها الكاتب نفسه، وفيه يظهر أهم ما يتميز به كاتب عن آخر؛ الأسلوب.
ومن جمال الوصف، أو جمال عالم الروايات، أنه أثرّ في الجيل الجديد من الكتّاب، وربما نعدهم لاحقا أدباء، نعم، أقصد صناع المحتوى الشبكي، وأنا واحد منهم، أولئك هم: أسامة، العدواني (ثريد عن ثورة روبرت براثيون)، ثريدات الجليد والنار (ثريد عن آل أومبر)، محمد (ثريد عن آل ماندرلي، آل أومبر، تمرد روبرت، أعظم 13 جيش، خمس معارك مائية عظمى، أعظم 10 معارك حدثت في تاريخ أغنية الجليد والنار، كائنات أسطورية، الدوثراكي، تاريخ ويستروس، آل تالي، الرجال الأوائل، حاملي الرايات)، لورد ستارك (أفضل المقاتلين في عالم الجليد والنار)، أمجد (ثريد عن إمبراطورية جيس القديمة)، فيصل (جميع عوائل الشمال) آشارا داين.
هذا على تويتر، وهناك مثلهم على يوتيوب؛ راكان الشايع، إحسان مصطفى، حمادة كورنر، وحتى كتّاب شباب معروفين بكتاباتهم في أدب الفانتازيا، مثل عصام منصور (أقوى المحاربين عبر التاريخ)، أو مواقع ويكي مجهزة بالكامل: ويستروس (ملوك الأيادي الخضراء، إلى أي حد تؤثر اللغة في عالم جورج؟).
بل لقد استدرج أو استدعى فيلسوف عملاق، فيمكن للاستزادة قراءة مقال سلافوي جيجك: جنون دينيريس فانتازيا ذكورية.
نقد جيجك الذي يسلط الضوء على سلبيات اللغة، ربما لأنه عالم لغات، يستدعي بالضرورة أن نشير إلى إيجابيات أن تكون أمريكي (عموما) وامتزاج مشائج من الواقعية السحرية، فـ واحد من أسحار العالم، أنه ورغم وجود سحر حقيقي فيه، إلا أن تأثيره غير مباشر على الأحداث، يقول ستانيس ساخرا:
((لو قال أحدهم إنني سحرت نفسي وقتلت روبرت في هيئة خنزير برّي، فسيصدقون هذا أيضا)) [الكتاب الثاني، الجزء الثاني، ص 126]. وكأن السحر غير موجود!!.
الشخصيات والعالم
من أجل أن يحكي قصته، استعمل الكاتب نمط سردي فريد من نوعه، يعد هو مبتكره وأول (أو أشهر) من استعمله؛ مزيج بين منظور الراوي (للدقة وجهة نظر الراوي)، والرواية متعددة الرواة، تقريبا لا وجود لأي راوي عليم في القصة، ما يدخل الشك دائما تجاه القارئ حول ماهية المنظور الصحيح للأحداث، فمن خلال شخصيات مركبة، كل شخصية تروي الأحداث من وجهة نظرها، تتوالى الأحداث وتتقاطع وتتشابك ما يسمح بالغوص عميقا إلى دواخل هذه الشخصيات. ومن خلال أعين الشخصيات، نتعرف أيضا على العائلات الحاكمة في ويستروس، حيث تشعر أن كل عائلة لها شخصية متميزة كانعكاس عن سمات وطباع أفرادها.
يمكن تقسيم ويستروس إلى خمس أقاليم أساسية، كل أقليم يشكل مملكة خاصة به عليها حاكم كان ولا يزال يُنظر إليه كأحد الملوك لولا وحدة الممالك السبع (وليس الخمس) تحت لواء من يجلس على العرش الحديدي. والعائلات الخمس والأقاليم الخمس موزعة على الروايات الخمس.
الكتاب الأول لعبة العروش، والبطل هو روبرت باراثيون ونيد ستارك
تتأرجح الأحداث شمالا وجنوبا بين مجموعة من الشخصيات يمكن عدها شخصيات رئيسية؛ بران ستارك، كاتلين ستارك، إدوارد ستارك، جون سنو (ستارك)، آريا ستارك، سانزا، على التوالي من حيث ترتيب ظهور الفصول المسماة بأسمائهم.
ومن آل لانيستر في الجنوب يستلم الدفة تيريون لانستر من عائلة لانيستر حكام الغرب ومن سوف يصبحون الحكام الفعليين للمالك السبع.
هناك خط ثالث موازي لما يحدث في الشمال والجنوب، حيث في الشرق، هناك دنيريس تارجيريان.
يعد تيريون لانستر، واحد من أبرز شخوص الرواية والروايات المتتالية، وهو محاولة من الكاتب لإنصاف هذا الصنف من البشر، وهي محاولة لا تفتقد الكثير من الصحة التاريخية، فقد ورد في التاريخ الوسيط شخصيات مشابهة، من مثل بالتازار جيرار Balthasar Gerards (من القرن السادس عشر وطوله لا يتعدى الأربعة أقدام / 120 سم، كان جيدا في استعمال الغدارات النارية)، دانيال لامبرت Daniel Lambert (من القرن الثامن عشر، كان مفرط البدانة على نحو يخلق تشوهات وإعاقات في جسده، مع ذلك كان محاربا قويا)، ريتشارد الثالث Richard III (الملك الأحدب في حرب الوردتين الذي استوحى من شخصيته مارتن كل من تيريون لانستر، ولاريس سترونج).
وبسبب حالته الجسدية الفريدة، وموقعه السياسي المتميز كونه واحد من أبرز النبلاء والابن الثاني لتايون لانستر حاكم الغرب ومساعد الملك، وبحكم نشأته على القراءة، كون تيريون وجهة نظر تميل إلى الصوابية الأخلاقية حول ما ينبغي أن يكون وما لا ينبغي أن يكون، وصولا إلى تكوين فلسفة أو نظرة خاصة حول الموت نفسه:
الموت نهائي تماما ولا رجعة منه، بينما الحياة ملأى بالاحتمالات.
الكتاب الثاني صدام الملوك، وبطولة روب ستارك وتيريون لانستر
وفيه تظهر كاتلين، جون، بران، آريا، سانسا،
تيريون
برون، شاجا
ثيون
دنيرس
دافوس
المرأة الـ مايجي التي قتلت كال دراجو
باريستين سيلمي (مشهد تحفة بدئا من الصفحة 785 من لعبة العروش)
“لقد قاتلت إلى جوار الثور الأبيض وليوين أمير دورن، إلى جوار السير آرثر داين سيف الصباح”.
هذه المرأه أسقطت صخرة على روبن رايجر ، وصارعت دباً بسيف مثلوم ، وقضمت أذن ڤارجو هوت ، و قاتلت چايمي حتى أعيته ” •السير (جايمي لانيستر)
“خير لك لا تسحبه وإلا حملنا جثتك أنت ، الفتاه بقوة جريجور كليجاين، وان لم تكن بوسامته”
• السير (جايمي) للسير (لوراس تايرل) بعد طالبها الاخير بسحب سيفها
“لا بد أن ند كان يعرف، واللورد آن من قبله، فلا غرو أن الملكة قتلت الاثنين. هل يمكنني أن أفعل أقل في سبيل أطفالي؟.”
ليدي كاتلين تتحدث عن سيرسي مع نفسها، الكتاب الثاني صدام الملوك، ص 7،8.
الساحرة الحمراء:
“لاهثة، جلست القرفصاء وباعدت بين ساقيها، وسال الدم على فخذيها أسود كالحبر. صرختها كانت إما ألما أو نشوة أو الاثنين، ورأى دافوس قمة رأس الطفل تدفع نفسها من داخلها، ثم تحررت ذراعان وتلمستا طريقهما، قبل أن تلتف أصابع سوداء حول فخذي مليساندرا المشدودتين وتدفع، إلى أن خرج الظل بأكمله إلى العالم وارتفع وقد فاق دافوس طولا، ارتفع طويلا كالنفق ذاته فوق القارب. لم يملك دافوس طولا، ارتفع طويلا كالنفق ذاته فوق القارب. لم يملك دافوس أكثر من لحظة واحدة رآه فيها قبل أن يتلوى بين قضبان الشبكة الحديدية ويهرع على سطح الماء، لكن لحظة واحدة كانت تكفي.
إنه يعرف هذا الظل، ويعرف الرجل الذي ألقاه
فصل دافوس، الكتاب الثاني، الجزء الثاني، ص 136.
ستانيس
ما بين الحلم في سرد الراوي، وكلام ستانيس إلى دافوس، وكأنه للتو خرج من كابوس هيتشكوكي أو ديستوفيسكي
قال
فقط رنلي القادر على تكديري هكذا بثمرة فاكهة. لقد حكم على نفسه بالتهلكة لخيانته، لكني أحببته يا دافوس، أعلم هذا الآن. أقسم أني سأذهب إلى قبري وأنا أفكر في خوخة أخي.
الكتاب الثاني، الجزء الثاني، ص 127.
يتكون عالم الأغنية من عالم طبيعي يعيش فيه البشر، سوف نفترض أنه كرة أرضية أو مسطح أسطواني، لا يهم، فالكاتب لا يُغرقنا في التفاصيل الفلكية والجغرافية والعلمية حول معالم وظواهر وكائنات هذا العالم، لسبب بسيط، أنه في طياته، وحتى ولو على نحو مستتر، ينتشر فيه السحر والشرور الخارقة.
مع ذلك، جزء من السحر الحقيقي لقصص الأغنية، أن السحر لا يتدخل بشكل مباشر وصريح في أحداث يصنعها البشر، وهم وحدهم المساهم الرئيسي في تشكيلها، حتى ذلك الخطر الأكبر المعروف بـ (الموتى السائرون)، يشير الكاتب أن أطفال الغابة، وهي كائنات غير بشرية، كانت تعيش في الغابة، وتمثل أشجار الغابة نفسها (في دعوة صريحة من الكاتب للحفاظ على البيئة والحد من قطع الأشجار) لولا أن حروبهم على البشر كادت أن تبيدهم، أو أنهم انقرضوا بالفعل. وفي صناعتهم للسائرون البيض، استعملوا السحر، وهذا لا يميزهم عن البشر كثيرا، فالبشر أيضا قادرين على استعمال السحر، ومنه تسخير التناين التي يمكن أن نتعامل معها كنوع من الأسلحة النووية اليوم، على عكس ما أنكر تولكين أن خاتمه الشهير يرمز للقنبلة الذرية، لم ينفي -وربما لم يؤكد- مارتن بأن التنانين تصلح كأسلحة دمار شامل، وقد أشار إلى إلى هذه الحقيقة تلميحا وتصريحا على طوال قصص الأغنية الأساسية والفرعية.
المتحكم الرئيسي في تسيير الأحداث الجسام داخل هذا العالم، هو النظام السياسي / العسكري، الذي اخترعه البشر، ومن خلاله وزعوا حصص القوة على مجموعة من الأفراد أو المؤسسات.
أهم المؤسسات الحاكمة في هذا العالم تأخذ ثلاث أشكال؛ شكل سياسي ممثل في الملك / المملكة، وشكل عشائري ممثل في العائلات الحاكمة، وشكل عسكري ممثل في بعض الفرق والجيوش والعصابات المسلحة ذات الجموع الغفيرة، أو التنظيم المتين، أو النفوذ الكبير، أو القوة الغاشمة.
هذه القوى، موزعة على قارتين من أصل ثلاث قارات في عالم أغنية الجليد والنار، هما ويستروس، إيسوس، بينما القارة الثالثة سوثوريوس Sothoryos مجهولة ومهجورة ومعزولة تماما.
أي أن البشر يسكنون ويعيشون في القارتين؛ ويستروس و إيسوس.
بناء العوالم
هاري بوتر، وتوايلايت
موبي ديك وتنانين جورج مارتن
“وكتنانينهم لم يكن آل تارجارين يخضعون لآلهة أو بشر”
ليدي كاتلين، صدام الملوك، ص 7.
سيف الـ خوبيش Khopesh
يحاول مارتن تقديم ملاحظاته السياسية على ألسن بعض شخصياته، جورا مورمونت يقول متحدثا إلى داني:
((الشعب يصلي لنزول المطر والأطفال الأصحاء وصيف لا ينتهي أبدا، ولا أحد منهم يهتم بلعبة العروش الدائرة بين السادة طالما تركوهم في سلام، ولكنهم يجدون أنفسهم جزءا من الصراع دائما)).
إلا أن هذا قد ينطبق على مجتمع رعوي؛ ريفي، مزارع، أو صياد سواحلي أو بدوي، ولكنه لا يصلح بالنسبة إلى مجتمع مدني، وهو ما حصل فعلا بسبب الحصار على كينجز لاندينج في مسلسل بيت التنانين (استحضر المسلسل لأضرب لكم مثالا قويا).
بول ريكور في الزمان والسرد كان شايف ان الرواية التاريخية في سبيل صناعة الحبكة ، ان تتحول مجموعة من الأحداث المبعثرة إلى حكاية أو سردية متماسكة ، تكون السردية التاريخية انتقائية بالضروروة لان الاحداث تتحول من نقاط في الزمان الحقيقى إلى نقاط في الزمن المتخيل في عقل كاتب القصة او الرواية التاريخية ، الاحداث في الزمان الكونى مبعثرة ، بينما في زمان السرد احداث مترابطة بمعنى ان لابد للسردية ان توجد ثمة علاقة بين النقطتين في الزمان بحيث ان احد الاحداث ليس فقط تاليا لحدث ولكنه ايضا بسببه او نتيجة له ، وعلى ذلك فاذا كان الزمان الحقيقى انتهى وتحول إلى ماضى ولكن الزمان السردى لا ينتهى ويعيد انتاج نفسه لان وظيفته هو انتاج المعنى واضفاء معنى على التاريخ لأجل الحاضر ،
الآسفون (يهمسون آسف جدا قبل قتل ضحيتهم) رابطة مقدسة عتيقة من القتلة المأجورين
جزاء سنمار
لطالم تردد الكلام عن وجود ممرات سرّية داخل (القلعة الحمراء)، ويُفترض أن ميجور المتوحش قتل الذين بنوا القلعة ليحافظ على السرّ” [وليمة للغربان].
الكتاب الثالث، وبطولة تايون لانستر
الكتاب الرابع، وبطولة سيرسي لانستر وجيمي لانستر
الكتاب الخامس، وبطولة ستانيس باراثيون
سياسة الملك الخادم
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.