وماريو بوزو من مواليد ايطاليا حيث تستمد أغلب عصابات المافيا الأميركية جذورها من هناك إلا أنه حاصل على الجنسية الأميركية، وهو مولع بلعب القمار والتنس.
والرواية فيها محاكاة للواقع الأميركي وتسلط الأضواء على ما يجري تحت السطح في الحياة الأميركية المغرقة في الفساد، وما صورة الفضائح التي تبرز فوق السطح بين الحين والآخر ـ وعلى أرفع المستويات ـ في أميركا إلا صورة مصغرة لذلك المستنقع المتعفن الذي تطفو أميركا فوقه.
جلس »أميريجو بوناسيرا« في قاعة محكمة نيويورك البدائية الثالثة بانتظار صدور الحكم على الشابين اللذين أدميا ابنته بشكل وحشي وحاولا أن يلوثا شرفها بعملهما الفظيع.. هكذا تبدأ الرواية. وبعد أن تصّنع القاضي الصراخ في وجه المتهمين،
وبعد أن أظهر علامات السخط عليهما قرأ منطوق الحكم: نظرا لصغر سنكما، ولعائلتيكما المحترمتين، وحيث أنه لم يسبق لكما أن حُكمتما من قبل، ولأن القانون لا يهدف في أحكامه إلى الثأر من أحد وإنما ينشد العدالة، فقد حكمتُ عليكما بالحجر ثلاثة أعوام في السجن، مع وقف التنفيذ!
ولم يكن بوناسيرا الوحيد الذي ينشد عون »الدون كورليون« عندما تلم بهم النوائب، بل كان هناك آخرون يفكرون مثله أمثال »جوني فونتان« المغني الذي أفُل نجمه، أو »نازورين« الخباز المهدد خطيب ابنته بالترحيل من أميركا فهو أسير حرب، والحرب انتهت، ولا بد وأنه سيعاد إلى ايطاليا وهو الأمر الذي سيمزق فؤاد ابنته. هؤلاء وغيرهم كانوا يفكرون جديا بالتوجه إلى »عرابهم« الدون كورليون أملا في مساعدته..
وهم جميعا يشتركون في أمر واحد، جذورهم الايطالية وتحديدا من صقلية الايطالية. وكانت دعوة الدون كورليون ـ الذي لا ينسى أصدقاءه القدامى لحضور حفل زواج ابنته كونستانزيا مساء السبت الأخير من شهر أغسطس 1945 في مسكنه في »لونج بيتش« فرصتهم الثمينة.
وخلال حفل الزواج استطاع نازورين الخباز الحصول على وعد من العراب لتجنيس خطيب ابنته بالجنسية الأميركية، فهو صديق طفولة حميم أما بوناسيرا متعهد دفن الموتى فقد وبخه العراب للجوئه إلى الشرطة والقضاء، وبعد أن أقسم بوناسيرا على أداء فروض الطاعة انتقم له من اللذين اعتديا على ابنته وأدخلهما المستشفى منهارين تماما.
أما المطرب جوني فونتانا وأبن العراب بالمعمودية فأراد الحصول على الدور الرئيسي في فيلم ينتجه وولترز أحد البارزين في الانتاج السينمائي ليستعيد مجده الذي ينهار بسبب زواجه من الممثلة المشهورة مارجو أشتون والتي تخونه علناً، بعد أن طلق زوجته السابقة أم أولاده بسببها.
وعندما امتنع وولترز معتمدا على نفوذه وحماية البيت الأبيض له ذُبح حصانه المفضل »خرطوم« الذي اشتراه بستمئة ألف دولار وعُلق رأسه أمام غرفته، بعد أن اختُرقت جميع وسائل الحماية للحصان، وكان ذلك الإنذار الأول الذي نبهه أنه غيرمخير فاضطر الى الاذعان واسناد الدور الأول في الفيلم إلى جوني فونتان.
عرض سولوزو المشهور بلقب التركي والمسيطر على تجارة المخدرات، عرض على الدون كورليون المشاركة بتجارة المخدرات مقابل مساهمة من الدون كورليون بمليوني دولار وحماية من الدون لهذه التجارة، على أن تضمن عائلة تاتاجليا التي تعيش على تجارة البغاء ضمان المبلغ. رفض الدون العرض لأن تجارة المخدرات تضعف نفوذه.
وفي الوقت الذي كانت هذه المفاوضات تحدث بحضور سكرتير الدون توم هاجن والأبن الأكبر للدون سوني، تدخل سوني قائلا: هل تكفل عائلة تاتاجليا أن ترد الينا المليوني دولار دون أن تطلب نسبة مئوية ؟
وذلك ما اعتبره الدون غلطة كبيرة تسببت فيما بعد بكارثة كبيرة. فسولوزو التركي انصرف في جو يخيم عليه القنوط والخوف بعد أن اكتشف النقص في عائلة الدون كورليون. فلم تمضِ ثلاثة أشهر على ذلك اللقاء حتى جرت محاولة لاغتيال الدون كورليون.
أعلنت حالة الطوارئ في مسكن الدون واتصل سوني بمجموعة من الرجال أمثال لوكا برازي القاتل الأجير الذي لا يخاف الله ولا الشيطان ولا الناس، وفاريل، وتيسيو وغيرهم، وقد أرسل تيسيو خمسين من رجاله لحماية المسكن والدون في المستشفى. كما تواجد إلى جانب سوني أخواه فريدريكو وميخائيل.
رسمت خطة على عجل بعد أن تحدد وجود عائلتين على الأقل من العوائل الخمس التي تسيطر على نيويورك ضالعة في محاولة اغتيال الدون، سولوزو التركي وعائلة تاتاجليا! وعلى عجل وضعت خطة دفاعية، وأخرى هجومية، وضمت قائمة الاغتيالات سولوزو وفيليبس وجون تاتاجليا وسرعان ما دفع الخائن بولي جاتو حياته ثمن خيانته وتناثرت جمجمته من طلقة قريبة.
وقام سولوزو بالتخلص من لوكا برازي. كما أطلق سولوزو سراح السكرتير توم هاجن وحملّه رسالة إلى سوني يدعوه إلى التفاوض، وفي الوقت نفسه حاول سولوزو التخلص من الدون وهو في المستشفى بالتعاون مع النقيب ماك كلوسكي إلا أن خطتهما فشلت..
هذه الأحداث المتسارعة عجلت في الإسراع بلقاء التفاوض الذي حضره ميخائيل ممثلا لعائلة الدون كورليون مقابل سولوزو التركي والنقيب ماك كلوسكي، وهو اللقاء الذي أسفر عن مصرع الأخيرين بيد ميخائيل كورليون من خلال خطة مُحكمة رغم حذر سولوزو الكبير، فرّ بعدها ميخائيل إلى صقلية.
وبعد مرور ثلاث سنوات من الهدوء المقرون بالحذر وبعض التجاوزات، تزوج خلالها ميخائيل من عشيقته السابقة كاي ورزق بمولودين، عزمت عائلة كورليون على الانتقال إلى غرب الولايات المتحدة، وأبدى خلالها الدون كورليون الرغبة في التقاعد ونقل سلطاته إلى ابنه ميخائيل، وخيم جو من الترقب والحذر!
مات الدون كورليون بالسكتة القلبية وهو في حديقة مسكنه يجمع الورود، ولبس المسكن الكبير السواد على فقده، وخلال تشييع جثمانه شارك حشد كبير من الناس في الموكب المهيب جلهم من البسطاء الذين لم يكونوا يستطيعون أن يأخذوا أو يصلوا إلى حقهم إلا بواسطة الدون كورليون في مجتمع لا يحترم الا القوة.
وتقاطعت المصالح، وبرزت عائلة بارزيني طامعة تساندها عائلة تاتاجليا، وأفرزت الأحداث الأخيرة خونة جدداً، ولكن البادرينو الجديد أو الدون أو العراب ميخائيل، سمه ما شئت كان يستشعر الخطر الزاحف، وأيقن من حتمية المعركة أنها ستكون الفيصل الذي سيحدد مصير عائلة كورليون ومستقبلها!
ودقت ساعة الصفر بين الأطراف المتحاربة، وكان من المقرر التقاء الدون ميخائيل مع بارزيني الذي ظن الأخير أن الدون فيه سيكون لقمة سائغة. ولكن الدون تغدى به قبل أن يتعشى هو بالدون وكان أول الدماء التي سالت غزيرة في الشوارع العريضة. ثم جاء الدور على تيسيو الخائن وكارلو ريزي ثم قُتل فيليب تاتاجليا.
كما انتقم الدون من فابريزيو الذي تسبب بمقتل زوجة الدون الحامل في صقلية. ثم جاء دور الصهر كارلو ريزي زوج كونستانزيا الذي تآمر في عملية اغتيال الأخ الكبير سوني. وأعاد الدون ميخائيل للعائلة نفوذها في أوساط الكونغرس والأحزاب السياسية والسلطات القضائية والإدارية..
وهكذا أنهى الدون الجديد أعداء العائلة الأقوياء منهم والخونة وعاش في جلباب أبيه.
مصدر المراجعة: البيان
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.