رواية من واقع حياة تربي يعيش في المقابر المصرية، ممزوجة بالتراث الشعبي عن الموت، وتوابعه؛ غسل، وكفن، وتشييع، ودفن، وجنازة، وخلافه، وغير ذلك مما بعد الموت، على أرض الأحياء، ليست كرواية أيمن العتوم التي تتناول رحلة ميت في عالم البرزخ، هذه رواية عن رحلة حي، بين الأموات، يرويها التربي عادل (عم عادل) عبر مجموعة من اليوميات المتتابعة بدون انتظام معين، أو تسلسل في الأحداث، إلى موت المرحوم الذي تعود على الموت، وإن ظلت هيبته فيه إلى مماته. عم عادل، رجل طيب عمل العمايل، ولكن سوف تتعاطف معه رغم ذلك، ويمكنك الاستمتاع بما يحكيه من قصص، يمكنك تلقف أي قصة عبر المرور على اي فصل من فصول الرواية إذا تغاطينا على الإهداء أو الفهرس أو حتى الغلاف أو أي مما ليس له لزوم والتوجه مباشرة إلى متن العمل المتكون نصه من 23 فصل، هي المعنونة بـ اعترافات تربي، تمهيدا للحكاية على لسان راويها، الذي عايش الأحداث الغريبة بين المقابر، منها ما اتصل به مباشرة، ومنها ما لزم فيه دور المراقب فحسب، ربما يكون هذا الفصل، هو الفصل الوحيد الذي يمكنك الابتداء به قبل التوجه مباشرة إلى أي فصل آخر، وفيه حكاية عن إرث من مهنة الحانوتية يرثها ولي العهد عادل وهو الولد الوحيد بعد فتاتين. ويوضح منذ البداية أن الحانوني، مهنة تتجاوز تجهيز الميت إلى مثواه الأخير، لتشمل حراسة الموتى من اللصوص وسارقي الجثث. وتشعر في الراوي حماس غير عادي، نابع من ما يمكن تسميته بـ مفخرة الأسبقية، حيث كان يعتبر نفسه حانوتي أصيل لأنه وارث المهنة أبا عن جدا، على خلاف غيرهم من الحانوتية (الأرزقية). كما أنه يعطيك خلفية عن تحول المقابر والمدافن إلى نوع من المساكن العشوائية، بسبب ازدحام الأحياء مع الأموات لقلة البيوت. هناك حوار جميل بين الأب والابن أثناء انتقال المهنة إليه بينما الأب يحتضر متعجلا موته!.
محمود بن عم حسين، وحكاية عن عودة طفل بعد موته، دون غرابة تابع القصة ليؤكد لك الراوي أن الصدمة، جزء أصيل من تفاصيل الموت والقبور. العضامة، وتفاصيل سوف تتعرف من خلالها على واحدة من أهم معالم القبور الجماعية داخل مصر. صرخات سمر وسوف نعلم أن الموتى، يخافون! بل وتسولات الدنيا قد تذهب معنا إلى الآخرة. فصل آخر بعنوان أطفال تطوف ليلا (في الترب ترى العجب). سامحيني، وقصة مؤثرة جدا عن النعش الذي يأبى أن يدخل بصاحبه إلى القبر، تذكرنا بقصص القبور التي تحترق بأصحابها أول ما يحتضنهم اللحد، أو الكفن الذي يأبى أن يستر جسد امرأة، ولكنه أجمل، وتحرق القلب حقا، وتؤيد فكرة أنه لنا في الموت عظة. الكيف والليلة المشئومة تشعر أنهما قصة واحدة أو فصل واحد، فالكيف، هو ما قادنا إلى الليلة المشئومة، ورغم أن هذه الفكرة تم استعمالها من قبل، ولكنها تظل ممتعة خاصة لما نجربها مع دافن الموتى الذي يوشك على الموت الآن.
وقد تعمدت ألا أتلو الفصول مرتبة، ولم أذكرها كلها، فأغفلت بعضها، وهي الصديقين، عبير، التربي بيحب، تجارة الأعضاء، سيدي المغترب، صفية، مذبحة الآثار، السحر، حودة، قطع غيار البني آدمين، شيطان الإنس، محمد أخويا، الجن، صراخ التوابيت، بعد الثورة.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.