لطالما كنت منشغلا بأدب الرعب، وعلى نحو أوسع؛ فلسفة الرعب. ولم يكن دور أحمد خالد توفيق في تطوير أدب الرعب مقتصرا على الشق الإبداعي فحسب، بل واشتمل التنظير على نواحي متعددة منها النقد، والترجمة، والنقد الثقافي (عن أدب الرعب في بلد مرعوب)، و(سيكولوجية جمهور الرعب)، و(من فعلها) و(خيال علمي عربي .. هل هو خيال علمي؟)، و(عن سينما الرعب نتحدث)، ومقالة (كيف تنجو من فيلم رعب؟)، ومقاله الأكثر أهمية (تعددت الأسباب والموت واحد)، بالإضافة إلى مؤلفاته المتعددة (موسوعة الظلام، هادم الأساطير، الحافة، عشاق الأدرينالين). ومن بعده، وأنا أعد أن الدور الأهم، ليس هو تصدير المزيد من الأدبيات في لون الرعب، قدر ما يهمنا التنظير لهذا اللون الأدبي البارز جدا على المستوى الشعبي. هذه الملاحظة، تداركها سريعا بعض من أبرز تلاميذ العرّاب، مثل الناقد وكاتب الخيال العلمي ياسين أحمد سعيد صاحب مبادرة لأبعد مدى الأدبية، ومدونتها الرئيسية المنشورة بشكل منتظم ضمن دورية مجلة ومضات، وسلسلة مقالات (الرعب تحت المجهر) ومجموعة من المؤلفات المدهشة مثل (خياليون). بسمة الخولي وأرشيف B11، ومنال عبد الحميد وسلسلة مقالاتها المنشورة على موقع ما وراء الطبيعة، أحد المواقع المشهورة خلال العقد الثاني من الألفية إلى جوار مواقع أخرى مثل كابوس، معبد الغموض، مملكة الخوف، كريباستا أرابيك Creepypasta Arabic، أحمد صلاح المهدي (الخيال الغريب بين آرثر ماكين ولافكرافت، نون بوست)، نادر أسامة (لماذا نهوى أفلام الرغب؟)، و(ثلاث مراحل في تذوُّق أفلام الرعب الرخيصة).
هناك سند راشد دخيل الذي يحسب في نفسه جوزيف بانكس راين (جامع الأساطير، موسوعة الظلام، مسكون، ليلة العجائب، خلف أسوار العلم، حدث في الكويت)، وريادة بأسبقية عمله مع أحمد خالد توفيق نفسه، وتامر إبراهيم، وائل رداد (أساطير الإنترنت المرعبة) التي كانت فاتحة لمزيد من هذه النوعية في الترجمات، حسن الجندي الذي كتب سلسلة من المقالات تحت عنوان أدب الرعب في العالم العربي، كتبها في فترة مبكرة جدا عام 2013. وسلسلة مقالات عن أدب الرعب وأنواع الرعب بقلم أحمد سامي منذ 2011.
وحتى شيرين هنائي يبدوا أنه قد تتوجه في أي وقت إلى هذا النمط من الكتابة النقدية.
ولا يمكن أن نغفل بعض جهود مجدي يوسف (شخصيات الرعب)
بالإضافة إلى مقالات من مدونة رصيف 22، ومقالات للمدون السوري رافائييل لاسبندر على مدونة التحولات (عودة الرعب الذكي)
وبالإضافة إلى عدد من المقالات والدراسات هنا وهناك؛ تجليات أدب الرعب في رواية فرانكتشتاين في بغداد، وربما نضيف خيري الذهبي وكتابه (التدرب على الرعب) الصادر عن دار الفكر، رغم إني لم أطلع عليه بعد.
ثم إنضمام كوكبة من الكتاب والأدباء الكبار و/أو الصغار إلى هذا التوجه؛ رايفين فرجاني (70 شخصية أرعبت البشرية، الشق .. الخوف؛ المفهوم وتمثلاته)، محمد عبد العليم (تاريخ الرعب العربي)، محمد عصمت (حدث بالفعل، كيف بدأ الرعب؟)
ولكن، ورغم تعدد المساهمات العربية في هذا المضمار، لازلنا متأخرين جدا عن اللحاق بالغرب، لأنهم لم يطرقوا بابا في الموضوع إلا وطرقوه، ولم يتركوا زاوية إلا وطؤوها، من رأس القائمة ستيفن كينج (فن الكتابة، رقصة الموت Danse Macabre)، مرور بـ إريك جاي غينيار Eric J. Guignard،
وصولا إلى بحاثة من العيار الثقيل، من وزن لافكرافت في مقالته الطويلة أدب رعب ما وراء الطبيعة Supernatural Horror in Literature، نويل كارول وكتابه المعنون؛ فلسفة الرعب، الفيلسوف النرويجي لارس سفيندسون Lars Svendsen قدم عنوانا مشابها هو فلسفة الخوف A Philosophy of Fear، موسوعة الرعب والخوارق من بنجوين Penguin Encyclopedia of Horror and the Supernatural لجاك سوليفان، توماس ليغوتي وصور القيامة Pictures of Apocalypse والمؤامرة ضد الجنس البشري The Conspiracy Against the Human Race، ديفيد بونتر David Punter وأدب الرعب The Literature Of Terror، وأعمال تيريزا باين Theresa Bane، وأعمال دافيد سكال David J. Skal.
مدخل إلى الأدب العجائبي تزفتان تودوروف ت محمد برادة
شاكر عبد الحميد (الغرابة؛ المفهوم وتجلياته في الأدب، الخيال، وقد صدر الكتابان عن عالم المعرفة)
وثلاثة كتب متقاربة في العناوين
السرد العجائبي والغرائبي
الغرائبية في الرواية العربية
الواقعية السحرية في الرواية العربية لـ حامد أبو أحمد
بالإضافة إلى مجموعات الكتب حول الأساطير من قبل دريني خشبة، حنا عبود، وخليل حنا تادرس،
كويزومي ياكومو، كوايدان: قصص ودراسات حول حوادث غريبة كويزومي ياكومو
التحليل النفسي للحكايات الشعبية – برونو بتلهايم
لارس سفيندسون فلسفة الخوف
الرعب وما تبقى، أو تاريخ موجز للخوف
[1]
في سلسلة مستقلة / موازية غير منتمية تحديدا إلى مجموعة معينة من مقالاتي, بقدر ما هي تعد جزء أساسي منهم. أتناول مجموعة من القراءات, ليس لكتب, بل لمقالات عربية كُتبت عن أدب الرعب. هي مقالات جيدة تستحق الحديث عنها. فأنا -ولا أستعيذ من كلمة أنا- اعتبر نفسي من أبرع من كتبوا في الرعب, كتبت فيه كثير, وأكثرت الكتابة, حتى أن لي مقال بعنوان (بيت الرعب) أو ربما (بيت الأوهام) لا أذكر عن ماذا كنت أتحدث فيه, وهكذا الكثير من المقالات صراحة. أنا شخص جرب الخوف من كل شيء تقريبا، فلم يعد يخيفه شيء, إلا من باب التوتر أو بعض مكتسبات الخوف مما تقتضيه الطبيعة البشرية (الظاهر نضجت أو عقلت).
وأول هام يأتي في هذه السلسلة, التي أضم بعضها هنا ضمن مقالة واحدة موحدة، هو موضوعة الرعب، وتعريفه.
تتجلى عظمة اللغة في إرتباطها الوثيق الصلة بالعديد من الجوانب الحياتية والمجالات الفلسفية الإعتيادية أو العميقة. لذا ينعكس من خلال صياغة سليمة للغة, والتعرف على مفرداتها والعلاقات بينها, فهمنا للعديد من الأمور. ومنها تعريفنا هاهنا للرعب وتمييزنا بين أنواع الخوف إنطلاقا من المفردات الأكثر شيوعا لوصف مشاعر الخوف. أي أننا نحاول تعريف الرعب لغويا، ومعرفة (هوية الرعب) من خلال باب معجمي. فكل الألفاظ الواردة تساهم في تكوين صورة واضحة حول ماهية الرعب، وهوية الرعب (التي نتعرض لها في الفقرات التالية).
تشمل مفردات الرعب ومشتقات الكلمة؛ لفظة الرعب (وهو شدة الخوف)، والخوف (وهو الخوف الخالص عموما بدون أي إضافات)، القلق (وهو الرعب المتواتر)، التوتر (هو أحد أعراض القلق، هو ذاك التواتر)، الذعر هو الرعب الشخصي، الفزع والهلع وهو ما لا يحتمل من الرعب الفردي، الهول وهو ما لا يحتمل من الرعب الجماعي، الجذع وهو ما لا يحتمل من الخوف العاطفي المرتبط بالآخرين والخوف عليهم (ولكنه قد يكون شخصي أيضا)، الجبن هو ردة فعل سلبية تجاه الخوف، الرهبة خوف ممتزج بالدهشة، الهيبة خوف ممتزج بالاحترام، الترقب خوف لحظي من اللحظة القادمة، التوجس خوف لحظي من اللحظة الراهنة، الندم خوف وألم عن اللحظة الفائتة، الريبة خوف ناتج عن الشك، الروع خوف غير معقول بعد، التطير خوف ناتج عن التشاؤم، الصدمة خوف قوي جدا وغير معقول أيضا وقد يتبعه انهيار عصبي ويتآلف مع العقدة أو الفوبيا وهو الخوف الهوسي وكذلك قد يكون له علاقة بالهيستريا وخوف الصرع، الحذر هو خوف من باب الشك ويكون أكثر حكمة، والخشية هو خوف في محله.
هذه تقريبا هي أنواع الخوف، وطبيعته ودرجاته، أما عن مصادره، فكما يقال عن الخوف، والألم، والموت؛ تعددت الأسباب والشيء واحد. هذا تقريبا هو موضوع (تيمات الرعب) الذي تعرضنا له في موضع آخر تحت نفس العنوان، وأيضا ضمن عنوان آخر هو (الشيء) أو (نظرية الشيء).
[2]
منابع الخوف، من خلال الاطلاع على موسوعة الأساطير، أو التطلع لقراءة أحدث روايات الرعب، أو حتى من خلال تجربة شخصية ذاتية أو غيرية، أو أي طريقة تناسبك، ولكن المتفق عليه عندي وعند صحبتي أن مصادر الخوف أربع حول محورين أساسيين (الخوف من المجهول والخوف من المعلوم)، تلك الأربع هي
في سلسلة من المقالات التي تعني بتعريف الرعب نفسيا,نستهلها بمقال عن منابع الخوف نحاول أن نجيب فيه عن سؤال (مما نخاف؟).
وبعد بحث طويل تخلله عدد هائل من القراءات والمشاهدات في أدب وسينما الرعب,وغيره من تذوق للموسيقى والصورة المرسومة أو المصورة. وشمل البحث دراسة للنفس والمجتمع والتاريخ. تخرج سلسلة من المقالات بعنوان فلسفة الرعب. وفي أولها -وربما في آخرها أو قبل ذلك أستطيع جمع كل تلك القراءات أو أغلبها وأعرضها في رابط واحد على مرة واحدة ليتحقق القراء منها- يمكن حصر مصادر الخوف في أربعة منابع أساسية. أصلان وفرعان يتباعنهما. وهم
1-الغريب
2-المجهول
3-الخطر
4-المفاجأة
والأصليان هما المجهول والخطير. والتابعان هم الغريب والمفاجأة.
[1] الغريب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغرابة تجاه أي شيء هو شعور يحدث لأننا لم نألف هذا الشيء بعد,كله أو سماته أو بعض من صفاته.
وهو شق متفرد ينبثق من المجهول,فالغرابة غير الاختلاف (إلا أن الاختلاف قد يدرج تحت مفهوم الغرابة). لأن في اختلاف الشيء نعرف طبيعة ذلك الاختلاف,بينما في غرابة الشيء لم نتعرف على النظام الطبيعي الذي يفسر لنا تلك الغوامض المحيطة بذلك الشيء,ويجعله معتادا لنا. ويصير الشيء شيئا عاديا معتادا. والعادة تغلب كثيرا. فحتى لو لم نتعرف على نظام تنتمي إليه هذه الغرائب,سنتبنى أو نبني لها نظاما بعد مدة معينة من التعود على وجودها,وتصير ضمن مفاهيمنا. العادة تقتل الغرابة,وهي مقولة تبنتها رضوى عاشور في أطياف وأحمد خالد توفيق أيضا في ما وراء الطبيعة.
الناقد والفيلسوف تزفيتان تودوروف يعرّف الغرابة على أنها نوع من الشعور بالحيرة. “ذلك التردد Hesitation أو الالتباس والحيرة والشك الذي يتم إنتاجه لدى القارئ”(1)
والحيرة تدل على تواجد عنصر المجهول في تكوين الغرابة,فهي نوع من عدم المعرفة قائم بين العلم والجهل. ولكي تدخل الغرابة إلى باب المألوف يتم بناء نظم معرفية من خلال مفاهيم مثل التعود لكي تحتوي الغريب وتبدد الجهل عنه. وذلك هو الأدعى لمزيد من الغرابة بحسب الناقد عبد الحميد شاكر.
“الأكثر غرابة من الغرابة نفسها أن تتحول الأشياء,التي كان ينبغي النظر إليها على أنها غريبة,إلى أشياء عادية ومألوفة”.(2)
كما أن الغرابة تدرج كنوع فرعي من الرعب,ومن الفانتازيا القريبة من الرعب,ومن أمثلة ذلك مجلة حكايات غريبة Weird Tales الشهيرة التي كتب فيها رواد أدب الرعب وعلى رأسهم لافكرافت نفسه.
وفيما بعد نظّر لها -الغرابة- النقاد وجرب فيها الأدباء حتى عدوها كنوع رابع من الأنواع الخيالية الرئيسية بالتجاور مع الرعب والفانتازيا والخيال العلمي. يؤيد هذا التصنيف أن عنصر الغرابة متواجد في كل الأنواع الثلاثة المذكورة.
من أشهر الأمثلة الرعبية للغرابة ما يذكره ستيفن كينج عن كون أقوى الأماكن التي تبث شعور الغرابة,هي الفنادق.
“إن غرف الفنادق أماكن مخيفة بطبيعتها حقًا، ألا ترى ذلك؟ أعني، كم شخصًا سبقك إلى النوم في هذا الفراش؟ كم منهم كان مريضًا؟ كم منهم كان يشعر بأنه يفقد عقله؟ كم منهم كان يفكر ربما في قراءة بضع آيات أخيرة من الكتاب المقدس الموضوع في درج الكومود المجاوز للفراش، قبل أن يشنق نفسه في الخزانة القريبة من التليفزيون؟ على كل حال دعونا ندخل. ها هو مفتاحك… ولربما كنت ترغب في استغراق بعض الوقت لتلاحظ مجموع تلك الأرقام الأربعة البريئة”.(3)
وما يتناوله فرويد في مقالته عن الأشياء التي تبث الغرابة,مثل الدمى والتماثيل.
كما يعقد أحمد خالد توفيق في قصصه مقارنة بين تأثير الظلام والظلال على الشعور والخيال,مستنتجا أن الظلام يمثل المجهول,والظلال تجسد الغرابة.
ويقول بيتر ستروب “غرابة البشر أفضل مادة لصنع القصص”.(4)
ومن أنواع الغريب
1-الغريب,وهو الغير مألوف,وأشهر النماذج البشرية هم غريبوا الأطوار.
2-الشاذ,وهو المنفر منه أو المستبعد وجوده / حدوثه.
3-القبيح,الجمال هو الصورة المعتاد رسمها في مخيلة أي شخص.
4-المختلف,وهو الغير منتمي للقوالب النمطية المعروفة والمألوفة والمعتادة.
5-البشع,هو الدرجة الأعلى من القبح.
6-اللاعتيادي,هو أمر مألوف ولكن غير معتاد.
7-المنيع,صورة أخرى للغريب مثل البشاعة,تتمثل في كل ما يتصدى للموت.
[2] المجهول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجهل هو حالة شعورية تحدث تجاه شيء غائب / خارج عن نظام محدداتنا.
والمجهول إذن يجمع بين صفتين؛صفة الخفاء المرادفة للغياب,وصفة الفوضى بحكم أنه بلا أي ملامح تحدد هويته.
لتعريف المجهول (وكذلك الغريب) نعرف المعلوم,والمعلوم يقتضي المعرفة,والمعرفة هي شعور (حدس) أو فكرة (معلومة) لدى الإنسان تجاه شيء ما,تؤثر على منظوره نحو هذا الشيء,وعلى مشاعره سلبا أو إيجابا. المعرفة هي علاقة تجعل الشيء معروفا لدى الإنسان. أما المجهول فهو كصفحة سوداء لا تتخللها أي معالم أو معلومات من أي نوع. مما يثير مشاعر سلبية تجاه المجهول. مثل الترقب والقلق وبقية تفريعات الخوف الذي يكون الفضول به في تلك الحالة مخيفا. فحتى الذي يفتح علبة وفيه فضول ليعرف ما بداخلها,لا يمكن تسمية ذلك بفضول إيجابي أو مشاعر سعيدة من الفرحة والبهجة لأنه لا يعلم ما بداخلها. وهذه هي متعة الهدايا. إلا أن المهدى إليه,يكون لديه معلومة تفيد بأن ذلك الشيء المقدم له,هو هدية. وعادة تكون الهدية من شخص موثوق به,وفي مناسبة احتفالية. كل تلك معلومات تجعله ينتظر أمرا سوف يزيد سعادته. عدا ذلك وكل تلك المعلومات قد يصير الأمر مخيفا. قد تكون قنبلة أو رأس جثة داخل العلبة أو مظروف فيه نبأ سيء.
والغريب هو شيء نجهله أيضا,إنه وإن كان معروفا على نحو ما,إلا أنه يظل مجهولا في أغلب وربما أهم صفاته,مما يجعله مخيفا نحونا,حتى تقوم العادة بتعريفه لنا ليصير معروفا من خلال أن نتبنى (اكتشاف) أو نبني (اختراع) نظام يصير داخله الغريب معروفا.
والإنسان تقع ذاته بين الحياة والموت,اللذة والألم. لذا هو دوما يخاف من أن يصيبه الألم أو يفقد اللذة. في الصورة الأوضح يخاف أن يصيبه الموت,أو يفقد الحياة. أن يصيبه الأذى أو يفقد عزيزا (شيء أو شخص). حيث ينبثق نوعي الخوف الأشهر,يخاف من أو يخاف على.
ولافكرافت يقول في مقالته الشهيرة الطويلة (الرعب الماورائي في الأدب Supernatural Horror in Literature) أن الخوف هو أكثر العواطف قوة,والخوف من المجهول هو أكثر المخاوف حدة.
ومن أمثلة الخوف من المجهول
1-ما وراء الباب المغلق / ما في الصندوق المغلق / أو خلف الجدار.
2-مكان آخر ولكن أكثر مكانية,وهو الخوف الكامن داخل منزل.
3-الشيء القادم مثل ترقب حدوث أمر غير متحددة ملامحه.
4-المغلف بالغموض,وهنا نقصد أي شخص / شيء غير واضح أو مفهوم أو معروف.
5-الخوف من الظلام
[3] الخطر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطر,بعكس المجهول تماما,هو معرفة لدى المتلقي تفيد بأن هناك تهديد بأمر قد يصيبه.
سواء كان يهدد حياته بالموت,أو يهدد أمانه بعدد من المصائر قد تكون أكثر تنوعا وهولا من الموت,أو يهدد حاجياته (أرواح أو أشياء) بالسلب أو الفقد -وهو ما نتناوله في مقال آخر. إن الخطر هو معرفة أن هناك تغييرا للأسوأ قد يصيبك. والخطر يظل خطرا حتى بعد أن يصيبك,ولكنه يتحول إلى مسميات أخرى مثل الحزن,الألم,الخوف,العجز,الذل,الفقد,القيد. وغيرها. أي أنه نوع من التحول قد يسبقه تعرّف,وقد يكون فجأة ما ينبثق عنه النوع الرابع رعب الفجأة. وقد ميز أرسطو بين التعرف والتحول وعممه على كل الأنواع الأدبية,كما فعل لاحقا ألفريد هيتشكوك ملك الإثارة والتشويق. فالتشويق قائم على عاملين أساسيين. الترقب والمفاجأة. لذا أي عمل قصصي,بغض النظر عن نوعه (بوليسي / رومانسي / تراجيدي),يعمد إلى إثارة مجموعة من الإنفعالات يكون المحرك الأساسي لها واحد من هذان أو الإثنان معا.
وقد عبر أحمد خالد توفيق عدة مرات بمجموعة من المقولات في عمله الروائي الأشهر سلسلة ما وراء الطبيعة. خاصة في الصورة الأشنع للخطر,أي المصير المحتوم,رابطا بين المأساة والرعب كما ينظّر لها أرسطو.
“أن يتهددك خطر لا يجدي معه إبلاغ البوليس ولا امتلاك سلاح ولا تربية كلب،ولا تحصين النوافذ.. أليس هذا مريعا؟” (لعنة الفرعون وبعد منتصف الليل و ألمح إليها أيضا في سافاري).
“حين تعود لدارك بعد منتصف الليل .. وأنت واثق أنه لا أحد بالداخل،وتجد الباب مفتوحا .. والأنوار مضاءة .. ثم _برغم ذلك_ لا تستخلص أية نتائج .. وتدخل الشقة لتجد لصًا ..! عندئذ تلوم نفسك،لماذا لم تستنتج هذه النتيجة البديهية؟!! لأنك_ببساطة_ لم تتوقع أن يحدث لك هذا أنت بالذات!” (بعد منتصف الليل)
“إن الهلع لا يجدي,والموت هو ميعاد مكتوب لن يغيره حذري ولا رعبي فإذا جاءت فلأمت كرجل مبتسما واثقا”.
العبارة الأخيرة هي نوع من المقاومة متمثلة في عملية الإنكار الذي يقع فيه أي شخص وقع فوق رأسه الخطر. كما وضح في رواياته مثل ثنائية رونيل السوداء. عملية الإنكار المتمثلة في عبارة “هذا لا يحدث لي!”.
وأشهر نموذجان للخوف من الخطر
1-الخوف من المرتفعات
2-الخوف من الأماكن المغلقة
[4] المفاجأة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفاجأة هو شيء يحدث شعور الدهشة لدينا.
والدهشة هي شعور ينتج عن تغيير غريب يحدث للإنسان.
وتتمثل غرابة ذلك التغيير في ثلاثة أنواع أساسية
-حدث غير مفهوم
بالرغم من كون المفاجأة تنبثق من الخطر,إلا أنها تستمد خصائصها أيضا من المجهول. وتلعب على الغريزة البدائية للإنسان,وفطرته الأولى وهي الخوف,وكل الأشياء مخيفة,وكلها تعد خطرا. ويستمر خطرها حتى تصير غير خطيرة,أو أقله تصير معلومة.
هذا هو رعب الإرتباك أو الجهل.
-حدث غير متوقع
بغض النظر عن كونه حدثا سارا أو مؤسف,فإن عدم توقعه يؤدي إلى خلق صدمة داخل العقل,ربما تكون نتيجة الخوف الفطري من المجهول. الخوف من التغيير. فكرة أن لا شيء يظل على حاله فكرة مرعبة في حد ذاتها. لذا كان التغيير مخيفا لأن الإنطباع الأولي عنه هو التغيير للأسوأ حتى لو حدث التغيير للأفضل.
هذا هو رعب الغفلة.
-حدث غير مصدق
وهذه ينطبق عليها نفس فكرة الثانية,وأيضا الأولى من بعدها. إن إمكانية حدوث حدث كان غير ممكن حدوثه وفقا لتصور معين. يعطي فرصة لإمكانية حدوث أي شيء. وذلك يولد الخوف من المجهول مرة أخرى.
ولا أحتاج هنا لدعم كلامي عن أثر المفاجأة في صنع الخوف سوى الاستشهاد بما يتبع في أغلب أفلام الرعب,وهو التخويف المبني على أسلوب الفزعات,أو ما يسمى بـ قفزة التخويف Jump Scare. وهو أسلوب حديث يستخدم في السينما منذ النصف الثاني من القرن العشرين. وصار يستهلك بكثافة وبشكل نمطي في أواخر القرن العشرين من قبل المخرجين والمنفذين في أفلام الرعب وألعاب الفيديو لإرعاب المشاهد / المستخدم. وهو يعتمد على المزج بين عناصر بصرية لافتة (أشياء تقفز / تظهر / تقترب أمام الشاشة فجأة) بالتزامن مع عناصر صوتية حادة (صراخ / موسيقى / ضجة).
كما أن الخضات شائعة جدا كواحدة من أشهر حيل المزاح المستخدمة بين الناس حول العالم.
وهذا هو رعب الصدمة.
المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-مدخل إلى الأدب العجائبي / تزفيتان تودوروف,ص 18-19.
2-الغرابة,المفهوم وتجلياته في الأدب / شاكر عبد الحميد,ص 7.
3-1408 وقصص أخرى / ستيفن كينج,ترجمة هشام فهمي,مقدمة الكتاب.
4-منشور في جريدة الجريدة الكويتية.
https://www.aljarida.com/articles/1463606061319215300/
[3]
مستويات الخوف أو أنواع الخوف (مرة أخرى) فلا يمكن أن نؤسس لما يشبه فلسفة الرعب، دون أن نحاول التعرف على (أكثر الأشياء التي يخاف منها البشر)
المخاوف السبعة
وربما,ولو من باب المزاح,أدرج قائمة أخرى معنونة بـ (المخاوف الثلاثة عشر) في مقال لاحق. وعموما يمكنني أن أعد مائة حالة,أو سبعين (كما عنوان كتابي الموسوم (سبعون شخصية أرعبت البشرية) للمخاوف الأشهر في تاريخ المخيلة البشرية. والمخيلة هنا لا تنحصر على المخيلة,بل تتقاطع مع الذاكرة,وتتعمق في أغوار الوعي مشكلة ذلك الخوف, والذي قد ينبثق منه أحاسيس مريعة بدئا من اللاشعور بالأمان,مرورا بالقلق,وصولا إلى اضطراب الخوف اللامبرر (الفوبيا Phobia).
[1] الدماء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل مخاوف الإنسان تقع بين الحياة والموت. يخاف الإنسان من زوال الحياة (زوال الحياة تماما أو زوالها كما تعود عليها من خلال التعرض للأذى النفسي أو الجسدي). أو يخاف من الموت (التجلي الأكبر لزوال الحياة). والدماء هي أقوى تجليات الخوف من الموت,والخوف من الألم معا. فإذا نزف الإنسان دماءا سيموت,وبأقل تقدير سيشعر بألم غير هين. جرّب أن تمر بتجربة وخزة إبرة أو كشطة سقطة وهي أبسط أشكال الأذى الدامي وأقلها إيلاما. هذا غير أن الدماء تعد بمصائر أخرى غير الموت أو الألم. فإذا قطعت إحدى أطرافك صرت عاجزا. وإذا ضربت شظية عينيك تفقد البصر ليصيبك عجز من نوع آخر ربما هو الأكثر قسوة وقتامة. هذا غير الأذى النفسي المتنامي من فكرة أن إنسان,قادر على أن يفعل ذلك بإنسان آخر. دعك بالطبع من الصبغات المريعة التي يضيفها الأحمر القاني المميز للدماء على عناصر بصرية أخرى لا تقل رعبا من الجسد الممزق؛تقع جميعها بين الأشلاء والأحشاء.
[2] الموت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو افترضنا أن الدماء تشكل نصف الموت من حيث تقسيم الطرائق التي يموت بها إنسان,إلا أنه قطعا لا يشمل الموت كله. الشيخ العجوز يموت مغمض العينين ولموته رهبة,والمشنوق يموت وهو يرقص على نغمات يعزفها عزرائيل ويكون لذلك رهبة أشد وطأة. وقد يكون الأكثر رهابة هو شخص يموت فجأة,شاب فتي لا هو بكبير السن ولا معتل الصحة. ولا أحد مسه بضرر!.
هنا بدلا من التركيز على الدماء يكون النظر إلى العيون,ومتابعة ذلك الوميض الذي يتلاشى ساحبا معه الحياة. الوجه الذي كان نابضا منذ لحظة,نبضة,ومضة. هذا إذا لم يغمض الميت عينيه أثناء موته,ثم تكريمه بإغماض عينيه فالموت الأنسب والأكثر راحة ومهابة هو شخص يغمض عينيه في سكون,حتى وإن لم يكن في راحة. ربما حين يأتيك الموت مباشرة بعد النوم.
[3] الروح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان إزهاق الروح يبث كل هذا الرعب,فما بالك بعدم إزهاقها؟ ولا تزهق عبر طرائق
عدم خروج الروح,كما في الخلود.
وعودة الروح,كما في التناسخ والأشباح والإحياء.
وثالثا الأرواح الغير بشرية,مثل الجن التي لا يُعرف تحديدا -بإفتراض وجودها- كيفية قتلها.
هذا غير تفشي مفهوم الروح في الأشياء والموجودات,فتصنف نصف الموجودات على صفة الروح (روحية) أو المادة (مادية).
وقد استطاع الإنسان بواسطة العلوم أن يبدد ظلمات العالم المادي حوله,ويكشف كل المواد ويحددها وقوانينها في جداول وقوانين تخطت الكيمياء إلى الفيزياء. ولكن لا يزال الجانب الروحي (مثل السرّ الأعظم الموت) عصيا عليه لم يكشف أقل القليل من جوانبه المظلمة. يشمل ذلك الموت وما بعد الموت,ومفاهيم مثل الآخرة والروح والله والكائنات العاقلة الغير بشرية وأشكال الحياة الأخرى في عالمنا أو في عوالم غيبية. الروح ربما هي الباعث الأكبر للخوف من النفس بالنسبة للمؤمنين بالغيبيات.
[4] الظلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يكون الظلام أول ما يخافه الإنسان في طفولته,حين يترك وحيدا وهو نائم,يستيقظ فيكتشف غياب أمه. يرتبط الظلام لديه بغياب أمه للمرة الأولى. كما أنه يعني حضور سكون مخيف يلغي كل الضجة التي كان يسمعها. أصوات تدل على وجود أمه,أباه,ومجموعة من الأشخاص الودودين الذين يشعروه بالأمان؛الأخ والجد والعم وغيرهم. إنه وقت نوم الجميع وأمه لا تتركه وهو نائم,هي في الحمام الآن ولن تغيب أكثر من دقائق,لكنها دقائق مريرة جدا عليه. هذا غير إكتناف الظلام على مجموعة كبيرة من المخلوقات المجهولة,فنحن لا نرى ما بداخله. وبالتالي تتبدد كل أحاسيس الأمان في ظله. وفي طفولة الإنسان نفسه,أي فجر البشرية والأبناء الأوائل لآدم,ارتبط الظلام بخروج وحوش الليل,والنار أقوى سلاح لمواجهتها. النار تبدد الظلام قبل أن تحرق الوحوش. لذا الظلام التام يلغي وجود النار,ويرجع الإنسان الأول عاريا مرتجفا مرة أخرى. حيث لا يرى ما في الظلام. فيصبح عاجزا.
يقول لافكرافت أن أقوى مخاوف الإنسان هو الخوف من المجهول,والظلام حاضن لهذا المجهول.
[5] القدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجلي آخر للمجهول متمثل في مفهوم القدر,وارتباط القدر بالخوف عميق جدا,فالإنسان يخاف على ثلاثة أشياء أساسية؛حبه وكرامته وطموحه.
القدر يسلب من المرء أحباءه,وقد يهدر كرامته,وقد يبدد ما أنجزه.
ولهذا تغنت معزوفة الشيطان كارمينا بورانا Carmina Burana.
القدر يوزع النصيب والحظوظ على الناس,فيجعل شخص وحيد,وآخر محبوب,واحد غني والثاني فقير,يعطي السعادة لشخص ويسلبها من آخر,واحد يحافظ على صحته,والثاني مريض,واحد جائع والآخر شبعان,واحد مات باكرا والآخر لازال في عمره بقية وقد طال وجوده على سطح الدنيا. وحتى في الموت يكون التقسيم على من يموت منسيا ومن يظل حاضرا بعد موته,من يموت على فراشه,ومن يموت وعينيه مفتوحتان. هناك من يقبع في السجن متمنيا موته,وآخر يتمتع بحريته. هناك من حصل على الأمان والطمأنينه وآخر يعيش خائفا دوما. خائفا من الموت الذي يحيط به من كل مكان أكثر من آخرين.
كل هذا ينقلنا إلى الفقرة التالية
[6] الخطر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الخوف من الظلام والخوف من المرتفعات من أشهر المخاوف التي يدرسها علماء النفس لدي الإنسان,والفوبيا المرتبطة بها هي من أشهر الإضطرابات النفسية إضافة إلي الخوف من الأماكن المغلقة كما تشمل الأنواع الأخرى من أشهر عقد الفوبيا الخوف من وسائل النقل أيضا ودوار البحر,وغيرها من العقد الشائعة.
المصدر الأول لهذا الخوف,هو ذاته نفس مصدر الخوف الأول,أي الخوف من الخطر,منبع هذه المخاوف التي انتشرت في أشهر اضطرابات البشر وأكثرها اتساعا جغرافيا وثقافيا وإجتماعيا. ومن تعريف الفوبيا أو تعليلها يتضح أكثر كيف أنها نابعة من الخطر -وأحيانا من المجهول- فالفوبيا أو الخوف اللامبرر,هو خوف كان له مبرر سابقا,ثم اختفى السبب / المبرر دون زوال الخوف نفسه معه. وبناء على هذا تصبح الأسباب والمسببات واضحة أكثر تجاه تلك العقد.
-الخوف من الظلام لأن أحد قد يتربص بك خلف ستاره.
-الخوف من المرتفعات لأنك قد تسقط.
-الخوف من الأماكن المغلقة لأنك قد لا تخرج (الدفن حيا).
-الخوف من الحيوانات لما تملكه من وحشية.
هذا يذكرني بحبكات قصص الرعب الأشهر,والتي لا تخرج عادة عن الإقتراب من أحد هاتين
-إنه قادم
-وأن تكون هناك
[7] الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شئنا أم أبينا هذا الكيان هو الأكثر فتكا بما أنه يحظى بفوقية لا يعلوها فوق. وذلك يعني أيضا قوة لا نهائية تتخطى المعاني التي يمكننا إدراكها بعقولنا الفانية للقوة. لا يوجد ما هو أكثر فتكا من إستمراية لانهائية للتمزق والألم. وفوق ذلك هناك إبداع غير محدود في صنوف العذاب الدنيوي والأخروي بما لا يحتمله بشر أو غير بشر حتى ولو بالتفكير فقط. ولقد استخدم الإله في جميع مراحل الحياة الإنسانية من الصغر (إذا فعلت كذا الله سيغضب) إلى الكبر (إذا لم نفعل كذا الله سيغضب). لقد نجح لافكرافت كما لم يفعل كاتب آخر في تفجير كل هذه المخاوف عبر أعماله الأدبية لكشف ما لا يسبق إليه شرّ من قبل.
[4]
وبعد أن تعرضنا إلى الرعب لغويا ونفسيا، يلزم التطرق إليه واقعيا / إجتماعيا / تاريخيا. ويلزم البدء بهذه الأخيرة؛ تاريخ الخوف.
يرى أغلب المؤرخين أن الصورة ظهرت قبل الكلمة, ومع ذلك كانت الكلمة, والأدب بشكل عام متصلان بالإنسان منذ فجر التاريخ, ويمكن اعتبار الأدب هو أول فن متماسك في تاريخ الإنسانية, خاصة وارتباطه باللغة التي كانت وسيلة التواصل الأكثر عقلانية (الإنسان كائن متكلم) بعد الإشارات البصرية والصوتية. لذا كان الأدب منذ القدم هو الوسيلة الأبرز للتعبير عن الأفكار وترسيخ قنوات التواصل بين البشر الذي يعد الأدب أحدها وربما أهمها. ونجد الأدب متفشي في كل الفنون تقريبا, على الأقل السردية منها (بمعنى حدث يتبعه حدث). لذا نجد أن كل الفنون إما سردية (تحكي حكاية) مثل الأدب والسينما, وإما غير سردية (قد تولد معنى ولكن ليس قصة) مثل الموسيقى والرقص والفن التشكيلي. وكل الفنون إما بصرية (الصورة هي بنيتها الأساسية) مثل الرسم والسينما, وإما ذهنية (تستخدم بنى أخرى مثل الكلمة والنغمة) مثل الأدب والموسيقى. ومن هذه التصنيفات يتضح لنا أن الأدب يعد محور أساسي -في مقابل كل الفنون البصرية- في التفرقة والتصنيف بين أنواع الفنون. وليس هذا الشاهد الوحيد على مكانة الأدب أو تغلغله في الفنون الأخرى, فنجد أن أهل السينما يطلقون على الأنواع التي تستخدمها (رومانسية – كوميدية – بوليسية, إلخ…) أنواعا أدبية, لأن الفيلم السينمائي لا يمكن أن يتواجد بدون النص السينمائي. وكذلك الحال في كل الفنون السردية خاصة تلك المتشابهة مع السينما في آليات السرد -بل ربما تقع بين الأدب والسينما- مثل المسرح والأدب المصور (الكوميكس). ناهيك عن نوعي التفكير الإنساني؛ السردي والبصري.
وعند حديثنا هنا عن أحد الأنواع الموضوعية (بمعنى أن موضوعه هو الخوف), ونقصد نوع أدب الرعب, نتعامل معه بصفته نوعا أدبيا ما يجري عليه ينطبق على الأدب والسينما والكوميكس وغيره من فنون السرد. ربما أحب أن أطلق عليه مسمى فلسفة الرعب بدلا من أدب الرعب للتفرقة أحيانا بين الأمرين. واتباعا لمدرسة الفن للفن هنا, فإن الأنواع الأدبية تنقسم وتتعرف بحسب ما تثيره من عواطف, وأدب الرعب هو كل ما يثير لدى المتلقي عاطفة الخوف. والخوف هو شعور مزعج من الألم النفسي -والمقارب للحزن- ينتج عن تصور مسبق تجاه خطر أو تهديد ما, ويعد المجهول من أنواع التهديدات والمخاطر. والرعب هو الدرجة المكثفة من الخوف. الرعب هو مفهوم يمكن النظر إليه من عدة زوايا, وأبعاده عديدة وواسعة, تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية. أي أنه لا يقل ثقلا عن مفاهيم أخرى مثل الحرية والهوية والأمان، وتلك المفاهيم المقررة سلفا في أي عقد اجتماعي سليم (الحق في الحياة, والحرية, والتملك) هي نفسها القاعدة التي يبنى عليها كل أسس الخوف. ويمكننا أن نتحدث كثيرا عن مقالاتي الأخرى التي ناقشت هذا المفهوم؛ الخوف, أو عن المقالات النقدية التي تناولت أدب الرعب, أو سينما الرعب. سواء كنت أنا الكاتب أو غيري, خاصة حين لفت انتباهي مقالة يكتبها محرر مهتم بالنشر معه. لكن لنتجاوز هذه النقطة التقديمية المعتادة, وننتقل إلى موضوع لا يبتعد كثيرا عن كل ما سبق. وهو الرعب والرمزية. ونعني هنا -مبتعدين عن الموضوع العام حيث نطرح رمزية الرعب بشكل موسع أكثر في مقال آخر- برمزية الرعب داخل الأطر المجتمعية. أي الرعب حسب المتغيرات الإجتماعية. وارتباط الرعب بالرمزية في كل تلك المتغيرات قوي جدا,ولكن نوضح قبل ذلك ثلاث نقاط
أولا في القصص عامة أي نوع ينفع لأي وقت بشرط اختلاف الفكرة وجمال الإسلوب, ما عدا بعض الإستثناءات طبعا, حيث تؤدي الظروف المجتمعية إلى نسيان بعض الحالات الفريدة. ولكن، أكثر قصص الرعب قسوة, برأيي، هي تلك التي يمكن أن تتحقق ظروفها وملابساتها على أرض الواقع.
ثانيا فارتباط الرعب بالرمزية لا يشترط أن يكون في الحالة الاجتماعية فقط بل يشمل أمور أخري مثل النفس البشرية (وفعل مثل القتل) والمؤسسة الاجتماعية (ومكان مثل السجن), وغير ذلك من الموضوعات مما قد يأتي في مقالات أخرى كما وضحنا.
ثالثا, وبما أننا تناولنا سابقا تأثير المكان على الأدب, وعلى الأدب القوطي أهم مدارس أدب الرعب, نتناول هنا ضمن مقالات أخرى, أثر الزمان في أدب الرعب, أحيانا دون انفصال عن المكان. والزمان مرتبط جدا بالحالة الإجتماعية لأنه يضم في عصره الظروف المعيشية التي حكمت مجتمع ما في فترة ما.
[4]
تاريخ أدب الرعب
قبيل إهتمامي بأدب الرعب,وسينما الرعب,وفنون الرعب الأخرى من موسيقى أو تصوير أو غيره. أنا مهتم بعناية وتركيز بفلسفة الرعب التي تشمل في أولها تعريف الخوف وتفصيل أنواعه المختلفة. يمكن الإطلاع على ذلك في مقالاتي الأخرى. ولكن وبعودة لموضوع هذا المقال أشعر أنه يأتي مكررا بعد مقال أو مقالات عن أدب الرعب,والتي تطرقت بالضرورة أحيانا إلى تاريخه. فماذا يفيد مقال مفصل عن تاريخ أدب الرعب.
التفصيل يفيد التنظيم.
لعلي أستطيع أن أصنع مرجع زمني لأدب الرعب عبر إدراج أسماء أبرز أدباءه. مركزا هنا على الأدب الغربي فقط. وحاصرا الفترة الزمنية الممتدة عبر القرن الأخير من الألفية المنقضية متجاوزها إلى مطلع الألفية الحالية.
وبعد,سوف أقدم إلى القارئ
تاريخ أدب الرعب
تتبع زمني / كورنولوجي لنصوص أدب الرعب
فهرسة / بيبلوجرافيا أدب الرعب
قاموس أدب الرعب
الرعب حسب المتغيرات الإجتماعية
وقبل كل ذلك نعرض هذه المقدمة القصيرة
أدب الرعب يمكن تعريفه ببساطة على أنه كل أدب يهدف إلى تخويف القارئ.
ولافكرافت قرر أن الخوف هو أقوى عاطفة في الإنسان,وأقدم العواطف جميعا,وربما لهذا يولد الطفل باكيا,وبالرجوع أكثر إلى ولادة البشرية كان رجل الكهف يخاف من الظلام, والنار,وضواري الليل,وغرباء النهار,ودواب الأرض,وعواصف السماء,ومن كل شيء تقريبا. هنا,وكما يبدوا معتادا,ينبثق أدب الرعب مع أولى القصص التي خمنها أحد النقاد في كتاب له (لا أذكر الكاتب ولا الكتاب) بأنها الخوف من المجهول إتفاقا مع لافكرافت. وكما هو معتاد أن الإنسان جرب التجارب الأولية (والرعب منها) في فجر التاريخ متقدما,وفيما قبل تدوين التاريخا متأخرا. وكانت الأساطير دليلا على وجود أدب الرعب (الشفاهي) في هذه الفترة المظلمة.
ولكن على ما يبدوا,فإن المناسب للوعي الإنساني / الحضاري / السردي الآن,هو إقتران الأدب والتاريخ,ولهذا تظل كل حكايات ما قبل التاريخ منسية,ربما لإستحالة الوصول إليها. والتاريخ جرى تعريفه بأنه هو سجل رسمي عن الحضارات السابقة,ولهذا سمي ما قبل التاريخ بهذه الصفة الماقبلية,فمهما توغلنا للوراء,يظل كل إكتشاف جديد هو تمديد خلفي للتاريخ بإعتباره أن ما دون / سجل هو تاريخ,وما قبل التاريخ يظل كما هو ما قبل التاريخ لأنه عصي على الإستكشاف.
ولهذا ترتبط أولى الأدبيات الرعبية بأولى الأدبيات المحفوظة عموما,مثل أهوال البحر في الأوديسة,أو مجاهل الغابات في جلجاميش أو الأساطير والخرافات والحكايات الشعبية القديمة كما تؤكد موسوعة المعارف البريطانية [صفحة الرعب / موسوعة بريتانيكا https://www.britannica.com/art/horror-story]. ومع ذلك,فنحن سنأخذ قفزة أخرى للأمام,حيث عصور التصنيف والتكثيف الغربية,والتي صارت تركز على سردية تخدم عاطفة معينة هي الخوف. بدئا بتمييز السردية الأساسية التي ستصبغ القرون الثلاثة المتأخرة من القرن التاسع العشر إلى تيارات ما بعد الحداثة في الألفية الثالثة؛أي الرواية. ومعها تميزت قائمة طويلة من التصنيفات صارت زائدة عن اللازم -حتى صار لكل موضوع تصنيف وهي مشكلة غربية بإمتياز,يقابلها لدينا نحن العرب مشكلة غياب التصنيف- وأكثر مما قد يتفرغ لنا لعدها هنا.
لذا,ومع القفزة الثانية -وقفزة أخرى تتجاوز القصة القصيرة ولو مؤقتا- نكتشف أن أول رواية رعب في التاريخ هي قلعة أوترانتو Castle of Otranto 1764 لـ هوارس والبول الذي كان بالإضافة إلى كونه أديبا,سياسيا,ومعماريا. ابتدع وهو المهندس البارع طرازا معماريا جسّده في روايته عن قلعة أوترانتو وهو الأديب الأريب. هذا هو الطراز القوطي في العمارة,فهو بذلك مبتدع المدرسة القوطية في الأدب,مدرسة قاتمة تصنف أغلب أعمالها على أنها قصصا قوطية نسبة إلى العمارة القوطية التي تميزت بتصميم فخيم ولكن مخيف. حيث الأسوار العالية والقاعات الواسعة والأسقف المرتفعة والأقبية الخافضة والقبب الحادة والسراديب الخافية والممرات المتاهية,وغير ذلك من التفاصيل التي تبعث على القشعريرة في الجسد أمام هذا الهيكل المهيب.
أعطت هذه الرواية للمكان مكانته الحقة وسطوته الحقيقية على الأدب وعلى النفس البشرية التي تنشطر إلى نفس تشعر بالضآلة تحت وطأة هذا البناء الشامخ,أو تشعر بالضخامة في كنف هذه القلعة المنيعة. قلعة أوترانتو.
هذا الإنشطار أثر في مدرسة كاملة من الأدباء النجباء على رأسهم ماري شيلي (فرانكنشتاين 1818) وبرام ستوكر (دراكولا 1897) اللذان صنعا إنسانا يشعر بأنه أكبر من حدوده الإنسانية. وعلى الجانب الآخر وإدغار آلان بو (قناع الموت الأحمر 1842) وهوارد فيليب لافكرافت (نداء كتولو 1928) اللذان صنعا إنسانا يشعر بضآلته الإنسانية في هذا العالم الرهيب المتسع.
ولا يفوتنا بهذا الصدد أن نذكر واحدة من أشهر الإجتماعات الأدبية في التاريخ,والتي خرج عنها أدب الرعب وأدب الخيال العلمي. عام 1816 حيث أجتمع الأصدقاء الخمسة؛ماري شيلي وبيرسي شيلي (الذي تزوجته في نفس العام وتلقبت بإسمه),وكلير كليرمونت (شقيقة ماري شيلي),ولورد بايرون,وطبيب العائلة جون بوليدوري. إجتماع طارئ لعدم تمكنهم من الخروج أثناء عاصفة رعدية خيمت فوق رؤوسهم. لذا قرروا قضاء ليلتهم في جوف القصر القوطي (فيلا ديوداتي Villa Diodati) الذي جمعهم تلك الليلة المخيفة والمطل على إحدى بحيرات جنيف.
ننتقل ختاما إلى ذكر الأربعة الكبار المعاصرون لزمننا هذا,وهم من رسخوا لأدب الرعب كما نعرفه في العصر الحديث والمعاصر. وعلى رأسهم ستيفن كينغ,ثم دين كونتز الذي اشتهر في ظله وتحت رعايته. مع أن الأخير سبقه إلى الكتابة والنشر بعام واحد. وكليف باركر الذي جمع بين الكتابة في أدب الرعب,والإخراج السينمائي له. وبيتر ستروب المتوفي حديثا. وعلى ذكر الموتى يمكن إضافة خامستهم آن رايس الراحلة منذ عام.
[4]
الرعب حسب المتتغيرات الإجتماعية
والآن نعرض سريعا عدة حالات مجتمعية / أدبية مختلفة للرعب والتي قدمها أحمد خالد توفيق ناقلا عن كتاب (السينما الخيالية) واحد من أهم كتب النقد السينمائي إلى جوار السينما التدميرية والسينما النوعية (الأنواع السينمائية).
1-قصص الغزو الخارجي والإستحواذ الشيطاني
(1954-1994)
وتيمة (هل أمك هي أمك حقا؟!) تلك تيمة شهيرة ومفزعة,وتحدث عنها أحمد خالد توفيق, حيث علل إنتشاهرها إلى خوف أمريكا من الغزو الشيوعي في الخمسينات,الفترة التي يسمونها بـ (المكارثية). يقول: “والمعني واضح: هل يأتي يوم يتحول فيه جيرانك وأهلك إلي شيوعيين؟ إن الشيوعيين خطر داهم علي المجتمع الأمريكي ولكنهم -وهذا المخيف- يبدون مثلنا بالضبط.” وهو هنا ينقل عن كتاب السينما الأمريكية للناقد بيتر نيكولز.
والمكارثية McCarthyism,هو سلوك يقوم بتوجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة دون الاهتمام بالأدلة. ينسب هذا الاتجاه إلى عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي اسمه جوزيف مكارثي. كان رئيساً لإحدى اللجان الفرعية بالمجلس واتهم عدداً من موظفي الحكومة وبخاصة وزارة الخارجية،وقاد إلى حبس بعضهم بتهمة أنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفيتي. وقد تبين فيما بعد أن معظم اتهاماته كانت على غير أساس. وأصدر المجلس في عام 1954 قرارا بتوجيه اللوم عليه. ويستخدم هذا المصطلح للتعبير عن الإرهاب الثقافي الموجه ضد المثقفين. وعليه انتشر ما يمكن تسميته بالرعب المكارثي / الشيوعي في الفترة بين الخمسينات والسبعينات. واستمرت التيمة المرعبة في أفلام الرعب الشيطاني,وأفلام الخيال العلمني (عن الغزو الفضائي والاستحواذ على الأجساد) إلى منتصف التسعينات. أهم أفلام هذه المرحلة هو فيلم غزو خاطفي الأجسادInvasion of the Body Snatchers 1956 ثم فيلم طارد الأرواح الشريرة The Exorcist 1973.
جدير بالذكر أنه قد تم إحياء هذا النوع من الرعب مرة أخرى في مصر على أيدي النظام الحالي مع إختلاف التسميات ومسببات الخطر من الشيوعية إلى الإخوانية.
2-قصص مصاصي الدماء
“يقولون أنها تنتشر حين يسود الرخاء والإستقرار الإجتماعي. إن مصاصي الدماء في القصص يرمزون إلي الطبقة الثرية والراقية. حيث يرتبط مصاصي الدماء والطبقة الأرستقراطية. أي من هم في رغد من العيش.” هكذا تحدث العرّاب. ولكن الظاهر,ولو مجازيا عند العامة,أن مصاصي الدماء ينتشرون أكثر في الطبقة الوسطى,والطبقة الفقيرة وبين الناس التي تعيش تحت خط الفقر. هذه كانت فكرة فيلم أنياب 1981 الذي حسب مخرجه محمد شبل (صانع فيلم التعويذة) أن عبقرية الفكرة وحدها كافية لتصوير فيلم عظيم.
إلا أن الفكرة تظل حاضرة,ومرعبة بشكل موارب,في حاضرنا المعاصر,وفي بعض كلاسيكيات الأدب العربي (زكريا تامر نموذجا).
3-قصص الزومبي والمذئوبين
تسود في فترات القلاقل والتضخم والثورات,فالمذئوب هو رمز الطبقة العاملة المطحونة. أما الزومبي هو رمز لوضع إجتماعي أكثر سوءا. وسوف أفترض أن قصص نهاية العالم وأدب الديستوبيا تحمل ذات الطبيعة الزمنية. خاصة وأن إنتشارها بات واضحا وملحوظا في أدبياتنا العربية مؤخرا. وأزعم أن الفضل -فضل تمصير هذا النوع من الأدب- في المقام الأول,بأيامنا المعاصرة,يرجع إلى ثلاثة أدباء شباب.
4-قصص الأشباح
يقول العراب:-
“أما عن الأشباح,فعلى ما يبدوا أنها لا تزور سوى (اللي عيشتهم طين) من يعيشون حياة قحطا وبؤسا. حياة جافة بلا أي متع. تزدهر كلما زاد الواقع ضيقا وبؤسا فهي وسيلة لا بأس بها للفرار من الواقع.”
والعلاقة بين (الأشباح والفقر) قائمة,والظاهر أنها أزلية,فكما أشار أحمد خالد إلى إنتشار تيمة قصص الأشباح والأرواح الشريرة في أحياء أوروبا الفقيرة,نلحظ نحن الإنتشار الهائل لثقافة الروحانيات والإيمان بالتأثير الكاسح للجن على حيواتنا.
هذا تحليل اشتراكي واضح، ينصب الأربعة الكبار أو الخمسة ليقودوا المخاوف الأساسية لكل فئة من المجتمع. وهناك في الأدب والسينما المزيد من القصص الغامضة أو المخيفة عن الموت والمرض أو المكثفات منها؛ الحرب مثلا تكرار للقتل الذي لا يتوقف، والوباء تكرار للمرض الذي لا شفاء منه.
هناك الوحوش، وهناك الرعب العبثي، والرعب الأسطوري ورعب الخيال العلمي، ولكن كلها تتفق في موافقتها لطبيعة البشر، في مقال لي عن منابع الخوف الأربع، كانت أربع ثلاثة منها تلتف حول شيء، والمنبع الرابع يتمحور حول شيء آخر؛ الخوف من المجهول، والغريب، والمفاجأة، تجليات ثلاث للخوف مما لا نعلم. أما الخوف من الخطر، فهو خوف مما نعلم، ومن ثم يأتي ما نا لا نعلم في آخر محطاته إذا استقر الخطر؛ الموت. والفقراء يخافون كما الأغنياء, حتى لو ليس لديهم الكثير ليفقدوه. تحدث أحمد خالد توفيق عن أدب الرعب في بلد مرعوب, حين يرتبط الرعب والسياسة, وهو ارتباط وثيق الصلة لم أجد من يملك جرأة التطرق إليه بعد العرّاب إلا عدد قليل جدا من المدونات الصحافية؛
ولكن من كل هذا ماذا أريد أن أقول؟ والله لا أعرف، ويبدوا أن الخواء ينضم إلى سلسلة من المخاوف التي لن يتخلص منها البشر أبدا
الدراسات الرعبية أو دراسة الرعب عبر كتب نادرة في مواضيعها، ونحو تأسيس نوع من فلسفة الرعب، كما حاولنا سابقا مع فلسفة الموت، وكنت أخطط لجمع كل مقالاتي، ضمن كتاب واحد كان يحمل عنوان (الشق) فلا ننسى غرامي بالثقوب
في سلسلة من المقالات -ربما أسميها باسم مخيف ذو دلالة مثل الشق (بدأت كتابة كتاب عنوان إسمه الشق بالفعل وأنهيت منه نص كبير هذه مقتطفات منه) أو ما شابه- عن الرعب. تنشر في هذا الكتاب / المقال. الكتاب يتحدث من أوله إلى آخره عن الرعب,أدب الرعب,سينما الرعب. ويتلخص بعبارة دراسة في أدب الرعب التي تصف الكتاب جيدا,وكانت لتكون تسميته هي (الشق) لأن في الإسم شيئا من الحذاقة علي غرار كتاب الحافة لأحمد خالد توفيق. ولهذا آثرت أن أسميه الرعب مقالا,وربما الشق كتابا.
يشمل ذلك بالطبع الحديث عن (صناعة الرعب), وهنا، ربما يكون مربط الفرس، لأنها صناعة تسير على مستويين؛ المستوى الثقافي الأشبه بجدلية ضفائرها هي فنون الأدب والموسيقى والتصوير والسينما وألعاب الفيديو وألعاب الملاهي، وعلى الناحية الأخرى، هناك صناعة الرعب على المستوى السياسي، والتي تعمل بكل جهد من خلال آليات النشر الأدبي والثقافي والصحافي والإعلامي.
وفي الأخير، يمكننا الحديث عن ثلاثة عشر مكان، مثل البحر، الحفرة، الحمام، السجن، الصحراء، الغابة، القبر، القفر، القلعة، المجزر، والمشرحة، والمشفى، والمسرح (أو منصة الإعدام). وكلها أمثلة لأماكن تظهر الخوف من التيه والشتات، الغيب، الحبس، المجهول، الموت، الفقر أو القتل، المرض، السلطة، وغير ذلك من مخاوف عديدة صارت منتشرة في مصر (التي لا تزال للمفارقة أكثر الدول العربية آمانا وهذه ليست سخرية).
أنا أرى أن نفس الأشياء وتيمات الرعب، نحن نخشى منها دائما وباستمرار, وكل ما يأتي في أدب الرعب ما هو إلا من باب التنويع ولا جديد تحت الشمس. مع ذلك، هناك مواضيع بعينها تظل هاجسا دون أكثر من غيرها، وفي فترات معينة, وقد تعود مرة أخرى. لفترة طويلة جدا، قبيل الألفية الثالثة، في العقود الأخيرة من القرن العشرين؛ السبعينات والثمانينات والتسعينات, ساد تخوف من قرب نهاية البشرية مع قدوم الألفية، أقصد الألفية الثالثة بالطبع، وعبر العقود الثلاثة تزايد الخوف، وتكالبت الشكوك حتى أضحت يقين أو شبه يقين، بأنه أولا نحن نعيش في جحيم, ثانيا، ربما هي النهاية.
لما نتتبع الرعب المنتشر آنذاك، حتى قبل ظهر أدب الرعب العربي كما نعرفه اليوم، نعثر على كتب كثيرة وشهيرة تحوم كلها حول موضوعات معينة؛ الجن والشياطين، الأرواح والأشباح، مثلث برمودا، المسيخ الدجال، لعنة الفراعنة، يأجوج ومأجوج، الحرب الأخيرة، علامات الساعة، عين الماسونية، انمساخات الكفرة، تنبؤات نوسترادموس، حدث بالفعل (أو أغرب من الخيال، صدق أو تصدق، قصص واقعية، إلخ). ويمكن العثور على هذا التراث الحداثي من خلال التنقيب في مصادر مختلفة على الشبكة العنكبوتية (الويب / الإنترنت), وخاصة في مكتبة القاهرة (القائم عليها كاتب المقالة).
نلاحظ أن التركيز واضح على أحداث النهاية والتطلع على ما يأتي فيها، فلا ننسى أن أدب الخيال العلمي، بكل غرابته, وكل رعبه، ظهر لأول مرة في مطلع القرن التاسع عشر.
أنا مغرم بتتبع الأصول الأدبية، أيا كانت الحالة الاجتماعية، نحن نبحث عن جديد لإرعابنا به، هذه المحاولات انبثق عنها ثلاث تيارات رائجة اليوم
1-الرعب الراقي
2-الرعب السياسي
3-الرعب من منظور آخر
ربما لم تخرج أفظع السرديات الرعبية في تاريخ الأدب عبر الرواية,بل ويا للهول,وبنفس القصر الذي قد تخرج به كلمة (آه) أو (لا) أو (ااا) أو أي تعبير آخر عن الرعب. فإن أفظع القصص (نعم) خرجت من القصص. أقصد القصص القصيرة. ونتناول هنا القصص السبعة التي يمكن إعتبارها الأكثر إرعابا.
-قناع الموت الأحمر
-نداء كتولو
-مخلب القرد الذهبي
-المحاكمة / المسخ
-هو الذي يمشي خلف الصفوف
-لا تنظر الآن
أدب القصة القصيرة مرتديا عباءة الرعب
الرعب القوطي في الأدب العربي؛ شيرين هنائي نموذجا أو 1818
[1]
-التعريف
انظر العنوان أو التيار القوطي في الأدب العربي؛ شيرين هنائي أنموذجا, ومرة أخرى أو (1818) -وكنت أريد إنشاء موقع رقمي بهذا العنوان- فهذا تاريخ مميز لأن فيه إعلان رسمي, وإجماع من النقاد, على نشأة أدب الرعب, وأدب الخيال العلمي معا في أوروبا, على يد فتاة واحدة, كانت في عمر المراهقة آنذاك, وتملك من الحساسية الشاعرية ما تضاهي به نصف بنات (اليومين دول). طال المقال وتطاول عليّ فصرت أنظر إليه كتابا, يعرض لأدب الرعب في أوروبا وأمريكا (قطبي الغرب) وخلاله أتناول موضوعة أثيرة إلى قلبي هي (الرعب حسب المتغيرات الإجتماعية). كبر الكتاب وكنت أنوي أن أنشره على شبكة حسوب أو منتدى عرب كوميكس, ولكن هذا ليس مما أثقل به كاهلي الآن, أكثر من التركيز على موضوعنا الرئيس, والذي نتتبع فيه تاريخ أدب الرعب مما قبل هذا العام, ونتراجع في التاريخ للوراء بسنين طوال, إلى ما قبل التاريخ نفسه, نجد أن هذا الأدب, وأي أدب كتابي أو بصري أو شفاهي, نشأ مع نشوء الأساطير كما تؤكد النظريات السائدة في علم التاريخ والاجتماع والنفس ونظرية الفن. ونحن لسنا في حاجة إلى تعداد الأساطير المتصلة بالخوف البدائي منذ بداية التاريخ, لأن العديد من الكتب تغني عن ذلك, وأغلبها كتب معجمية في عرض سريع لأسماء الوحوش والظواهر المخيفة من حول العالم, ومن مختلف الأزمان, أو في كتابنا (70 شخصية أرعبت البشرية) وفيه موجز عن الشخصيات الأكثر إرعابا وتأثيرا عبر التاريخ. أو في أي موسوعة للأساطير. ولكن يمكن أن نكتفي بالتركيز قليلا على الأساطير العربية, ويمكن تقسيمها إلى خمس فئات كبرى
1-التاريخ ما قبل التاريخ
2-التاريخ الجاهلي
3-التاريخ الإسلامي والتراث
4-التاريخ الحديث
5-التاريخ المعاصر
وقبل المرور على التاريخ, يلزم أولا التعريف.
ولكي نعرف أدب الرعب, يلزم أولا تعريف الخوف, والرعب هو نسخة متقدمة أو مكثفة من الخوف.
منابع الخوف
المشوه والقبيح
هذا معناه بعض من تناول في (فلسفة الرعب)
[2]
-التاريخ
لا يوجد كاتب مصري / عربي معاصر قرأ في أدب الرعب بقدر ما قرأت أنا. وهذا تصريح خطير (لما فيه من شبهة غرور قد تنفر القارئ مني) ولكنه حكم ذاتي يمكن إثباته, لاحقا تأكد لي قدر العجرفة المفرطة في هذه المقولة, وأنا الذي لا أقرأ حتى بالإنجليزية. ولكن فرضا لو صح صدقه, فمن خير مني للكتابة عن أدب الرعب في العالم العربي؟. خاصة مع انضباطي الفكري الصارم وتمسكي بمجموعة من القواعد, التي أحاول جعلها لينة بقدر ما هي صارمة, لتوجهنا نحو المعرفة السليمة (والذائقة السليمة). وأنا هنا لا أفرض على القارئ شيء معين, ولا يمكن أن أدعي امتلاكي لهذه المعرفة, بل أعرض عليه, وأنبهه إلى ما قد يكون فاته, وقد أكون مصيبا فيه, وهو من يختار في الأخير.
وحين الكتابة عن موضوع ما,فإن أول ما يستدعي النظر فيه هو تاريخه,فبحكم حتمية الزمن يفترض أننا لا نستقبل أي شيء ذهنيا إلا في إطار تصور زمني سردي بأن له بداية ووسط ونهاية. ولأن الأدب,مثل الفنون الأخرى,غير منقضي إلا في زمن ينتهي معه البشر. نتتبع بدلا من ذلك -أي بدلا من تناول عمل أدبي معين,نركز على الكتلة الأدبية- المراحل الثلاثة من التأسيس مرورا بالتطوير وصولا إلى التحديث الغير منتهي في تعاقب لفترات ثلاثية تصبح تراثية أو حداثية بحسب موقعها من الزمن.
لذا قدمت طرحا -بل وساعدت فعلا في الكتابة لـ (أطروحة في أدب الرعب) على نحو أكاديمي / جامعي,وقد نتحدث عن تلك التجربة- ينص بتقسيم تاريخ أدب الرعب إلى ثلاث مراحل رئيسية هي
1-التراث
2-المطورون
3-الحداث
وهي ثلاثة معهودة على أي تيار أدبي,ويقف أحمد خالد توفيق,موقف المتحير من قيمة نفسه, فهو (المرحوم والعرّاب) قد طوى صفحة التراث,مؤسسا لتيار جديد تماما في العالم العربي. فالتأسيس ما هو إلا نوع قائم ودائم من التراث. ويمكن إعتبار روايات أحمد خالد من الآن كلاسيكيات في هذه الأنواع الأدبية لأنه مثلت فترة انتقالية مهمة. وأدب توفيق غير سطحي ولا مبتذل,بل قدم فيه مدرسة أدبية هي مزيج بين السخرية التهكمية,والتاريخية,والسوداوية, مع تأثر واضح بالأساطير الإغريقية. وبعض واقعية الأدب العربي.
في كتاباتي عن أدب الرعب,كان لي توجهين؛إما الكتابة عن الأدب نفسه,في مجموعة مطولة من الدراسات عن الأدب عموما وأدب الرعب خصوصا وأدب الرعب في العالم العربي بشكل أخص,وما يتعلق به من تيارات خيالية,أي دراسة الأدب الخيالي في العالم العربي, رعب أو فانتازيا أو خيال علمي.
لما أريد الكتابة عن الأدباء,أسير في خط يتفرع إلى طريقين,الكتابة عن الأدباء أنفسهم,وقبلا الكتابة عن أعمال هؤلاء الأدباء.
حين الكتابة عن أدب الرعب,ألاحظ أنني فصلت الحديث عن الخيال في جانبين,أو في الثلاثة وهو تيارات الرعب,والفانتازيا,والخيال العلمي,وحتى الغرائبية. لكن عند الحديث عن الرعب تحديدا تأخذ التيارات الأخرى أدوارا هامشية,فقد خصصت لهما موضعهما,عن الخيال العلمي والغرائبي والتأملي,وعن الخيال الفانتازيا وعلاقته المستمرة بالأدب المصور والصورة.
وحين نتناول أدب الرعب في العالم العربي,لا يجب أن يفوتنا المرور على عمليات القراءة والتلقي العشرة,وهي الاقتباس والتحرير والترجمة والتصميم والتصوير والعنونة والقراءة والمعالجة والنقد (كان هناك موضوعا عاشرا لا أتذكره الآن!). ثم نأتي على عمليات الكتابة المكونة للأدب نفسه من خلال أعماله وأعلامه ومؤسساته. ولكن يمكن قبلا التعرض قليلا للأفكار التي كانت منتشرة جدا بين عموم القراء,الذين انكبوا مثل كلاب مسعورة -وأنا أكبر كلب مسعور بينهم- على قطع من العظم بلا لحم.
فنجد أن التراث القديم والحديث منه,مليء بالكثير من الاستجابات تجاه أشياء توصف بأنها ماورائية أو خوارقية. على سبيل المثال العبارة الشهيرة (جالك الموت يا تارك الصلاة) والتي تقال لكل مسلم لا يصلي في وعيد بالعذاب المنتظر. ومثل الهالة الرعب العملاقة المختزنة داخل كتاب غامض مثل شمس المعارف الكبرى. وحكايات من التراث عن يأجوج ومأجوج.
الرعب والفانتازيا والخيال العلمي في الأدب العربي كان يحظى باهتمام في أنواعه الرئيسية مرتبة على التوالي. وهي الأنواع التي تشكل معا الإتجاه الخيالي في العالم العربي. ولكن يخرج الأمر عن هذا التصنيف,ليشمل ما يمكن تسميتهم بـ الغير روائيون أمثال المترجمين (هشام فهمي) والرسامين (شادي سيد عتاب) والمذيعين (أحمد يونس) والنقاد والمحررين أو الناشرين (أحمد صلاح المهدي,رغم أنني وددت أن أضع رايفين فرجاني مثالا).
[1] ما قبل التاريخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] التاريخ الجاهلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[3] التاريخ الإسلامي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[4] التاريخ الحديث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويتشكل في إرث هائل ممتد بجذوره في أعماق التاريخ مثل الشجر العتيق في الأرض, ولكن إرث مرّ بالعديد من التحولات التي آلت إلى الشاكلة التي عليها اليوم. هذا الإرث مشتمل على حكايات الوحوش التي تروى للأطفال عن تلك المخلوقات التي يمكن أن تأكل أجسادنا, مثل الغيلان (وبالأخص أمنا الغولة), والسلعوة, والوحش ذو الأسنان الطويلة. أو التي يمكن أن تسرق أرواحنا, مثل الأشباح الشريرة وأرواح الموتى العائدين. أو الوحوش التي نجهل مصيرنا معها, ولكنها مخيفة, مثل أبو عين واحدة, وأبو رجل مسلوخة, والمساخيط.
[3]
-أدب الرعب الغربي
وبعد تأريخ سريع لمسيرة الرعب المتخيل سطرا وليس نصا, أسطورة وليس أدبا, وقبل الانتقال إلى أدب الرعب العربي, نأخذ نظرة على نظيره الغربي.
قبيل إهتمامي بأدب الرعب,وسينما الرعب,وفنون الرعب الأخرى من موسيقى أو تصوير أو غيره. أنا مهتم بعناية وتركيز بفلسفة الرعب التي تشمل في أولها تعريف الخوف وتفصيل أنواعه المختلفة. يمكن الإطلاع على ذلك في مقالاتي الأخرى. ولكن وبعودة لموضوع هذا المقال أشعر أنه يأتي مكررا بعد مقال أو مقالات عن أدب الرعب,والتي تطرقت بالضرورة أحيانا إلى تاريخه. فماذا يفيد مقال مفصل عن تاريخ أدب الرعب.
التفصيل يفيد التنظيم.
لعلي أستطيع أن أصنع مرجع زمني لأدب الرعب عبر إدراج أسماء أبرز أدباءه. مركزا هنا على الأدب الغربي فقط. وحاصرا الفترة الزمنية الممتدة عبر القرن الأخير من الألفية المنقضية متجاوزها إلى مطلع الألفية الحالية.
وبعد,سوف أقدم إلى القارئ
تاريخ أدب الرعب
تتبع زمني / كورنولوجي لنصوص أدب الرعب
فهرسة / بيبلوجرافيا أدب الرعب
قاموس أدب الرعب
وقبل كل ذلك نعرض هذه المقدمة القصيرة
أدب الرعب يمكن تعريفه ببساطة على أنه كل أدب يهدف إلى تخويف القارئ.
ولافكرافت قرر أن الخوف هو أقوى عاطفة في الإنسان,وأقدم العواطف جميعا,وربما لهذا يولد الطفل باكيا,وبالرجوع أكثر إلى ولادة البشرية كان رجل الكهف يخاف من الظلام, والنار,وضواري الليل,وغرباء النهار,ودواب الأرض,وعواصف السماء,ومن كل شيء تقريبا. هنا,وكما يبدوا معتادا,ينبثق أدب الرعب مع أولى القصص التي خمنها أحد النقاد في كتاب له (لا أذكر الكاتب ولا الكتاب) بأنها الخوف من المجهول إتفاقا مع لافكرافت. وكما هو معتاد أن الإنسان جرب التجارب الأولية (والرعب منها) في فجر التاريخ متقدما,وفيما قبل تدوين التاريخا متأخرا. وكانت الأساطير دليلا على وجود أدب الرعب (الشفاهي) في هذه الفترة المظلمة.
ولكن على ما يبدوا,فإن المناسب للوعي الإنساني / الحضاري / السردي الآن,هو إقتران الأدب والتاريخ,ولهذا تظل كل حكايات ما قبل التاريخ منسية,ربما لإستحالة الوصول إليها. والتاريخ جرى تعريفه بأنه هو سجل رسمي عن الحضارات السابقة,ولهذا سمي ما قبل التاريخ بهذه الصفة الماقبلية,فمهما توغلنا للوراء,يظل كل إكتشاف جديد هو تمديد خلفي للتاريخ بإعتباره أن ما دون / سجل هو تاريخ,وما قبل التاريخ يظل كما هو ما قبل التاريخ لأنه عصي على الإستكشاف.
ولهذا ترتبط أولى الأدبيات الرعبية بأولى الأدبيات المحفوظة عموما,مثل أهوال البحر في الأوديسة,أو مجاهل الغابات في جلجاميش أو الأساطير والخرافات والحكايات الشعبية القديمة كما تؤكد موسوعة المعارف البريطانية [صة الرعب / موسوعة بريتانيكا.
https://www.britannica.com/art/horror-story]. ومع ذلك,فنحن سنأخذ قفزة أخرى للأمام,حيث عصور التصنيف والتكثيف الغربية,والتي صارت تركز على سردية تخدم عاطفة معينة هي الخوف. بدئا بتمييز السردية الأساسية التي ستصبغ القرون الثلاثة المتأخرة من القرن التاسع العشر إلى تيارات ما بعد الحداثة في الألفية الثالثة؛أي الرواية. ومعها تميزت قائمة طويلة من التصنيفات صارت زائدة عن اللازم -حتى صار لكل موضوع تصنيف وهي مشكلة غربية بإمتياز,يقابلها لدينا نحن العرب مشكلة غياب التصنيف- وأكثر مما قد يتفرغ لنا لعدها هنا.
لذا,ومع القفزة الثانية -وقفزة أخرى تتجاوز القصة القصيرة ولو مؤقتا- نكتشف أن أول رواية رعب في التاريخ هي قلعة أوترانتو Castle of Otranto 1764 لـ هوارس والبول الذي كان بالإضافة إلى كونه أديبا,سياسيا,ومعماريا. ابتدع وهو المهندس البارع طرازا معماريا جسّده في روايته عن قلعة أوترانتو وهو الأديب الأريب. هذا هو الطراز القوطي في العمارة,وهو كذلك مبتدع المدرسة القوطية في الأدب,مدرسة قاتمة تصنف أغلب أعمالها على أنها قصصا قوطية نسبة إلى العمارة القوطية التي تميزت بتصميم فخيم ولكن مخيف. حيث الأسوار العالية والقاعات الواسعة والأسقف المرتفعة والأقبية الخافضة والقبب الحادة والسراديب الخافية والممرات المتاهية,وغير ذلك من التفاصيل التي تبعث على القشعريرة في الجسد أمام هذا الهيكل المهيب.
أعطت هذه الرواية للمكان مكانته الحقة وسطوته الحقيقية على الأدب وعلى النفس البشرية التي تنشطر إلى نفس تشعر بالضآلة تحت وطأة هذا البناء الشامخ,أو تشعر بالضخامة في كنف هذه القلعة المنيعة. قلعة أوترانتو.
هذا الإنشطار أثر في مدرسة كاملة من الأدباء النجباء على رأسهم ماري شيلي (فرانكنشتاين 1818) وبرام ستوكر (دراكولا 1897) اللذان صنعا إنسانا يشعر بأنه أكبر من حدوده الإنسانية. وعلى الجانب الآخر وإدغار آلان بو (قناع الموت الأحمر 1842) وهوارد فيليب لافكرافت (نداء كتولو 1928) اللذان صنعا إنسانا يشعر بضآلته الإنسانية في هذا العالم الرهيب المتسع.
ولا يفوتنا بهذا الصدد أن نذكر واحدة من أشهر الإجتماعات الأدبية في التاريخ,والتي خرج عنها أدب الرعب وأدب الخيال العلمي. عام 1816 حيث أجتمع الأصدقاء الخمسة؛ماري شيلي وبيرسي شيلي (الذي تزوجته في نفس العام وتلقبت بإسمه),وكلير كليرمونت (شقيقة ماري شيلي),ولورد بايرون,وطبيب العائلة جون بوليدوري. إجتماع طارئ لعدم تمكنهم من الخروج أثناء عاصفة رعدية خيمت فوق رؤوسهم. لذا قرروا قضاء ليلتهم في جوف القصر القوطي (فيلا ديوداتي Villa Diodati) الذي جمعهم تلك الليلة المخيفة والمطل على إحدى بحيرات جنيف.
ننتقل ختاما إلى ذكر الأربعة الكبار المعاصرون لزمننا هذا,وهم من رسخوا لأدب الرعب كما نعرفه في العصر الحديث والمعاصر. وعلى رأسهم ستيفن كينغ,ثم دين كونتز الذي اشتهر في ظله وتحت رعايته. مع أن الأخير سبقه إلى الكتابة والنشر بعام واحد. وكليف باركر الذي جمع بين الكتابة في أدب الرعب,والإخراج السينمائي له. وبيتر ستروب المتوفي حديثا. وعلى ذكر الموتى يمكن إضافة خامستهم آن رايس الراحلة منذ عام.
هذه مجموعة من النصوص المتناثرة لي والتي أحاول فيها أن أقوم بنوع من القص واللصق لكتاباتي العشوائية والتي لازلت أتمسك بأمل يائس في تنظيمها,وأول هذا النظام أن أسجل تأكيدا على أن أدب الرعب,وأدب الخيال العلمي,هما أدبان وليدان عصرنا الحديث.
لأن الأدب قديما كان إما تسجيلا لوقائع حصلت وتحصل,وهذا هو التاريخي والواقعي,وإما كان تصويرا لمعتقدات حول أمورا معينة,أو تصوراتنا تجاه الأشياء,وهي بالضرورة تصورات خيالية لما غاب عنها من معرفة علمية دقيقة في العصور السالفة. لازال الخيال حاضرا حتى في عصر العلم,ولكن ظهر نوع من التحديد وضعه آباء التصنيف الغربيين, والذين درجوا على تصنيف كل شيء,فجعلوا أدبا للخوف تنامي مع مولد الإنسان الصناعي والاصطناعي وصولا إلى عصر الإنسان الافتراضي. إن وجود بديل الإنسان,يهدد بإلغاء الإنسان ذاته.
وكانت البداية الحقيقية مع اكتشاف هوارس والبول لمنجز من أهم منجزات هذا الإنسان الآخر (الإنسان القادر) وهو التشييد والبناء المعماري الهائل والمتطلع إلى فسحات من المكان صعودا واتساعا حتى ملأ المكان وطغى بسطوته (سطوة المكان) على الإنسان.
أدب الرعب أو خيال الرعب (horror fiction) نوع خاص جدا من الأدب يهدف من خلال مجموعة من الأحداث المتشابكة إلى إثارة شعور الرعب والخوف.
بصورة عامة لا أحد يعرف متى بدأ هذا النوع من الأدب، ولكن أغلب الباحثين يعتقدون أنه قد بدأ منذ زمن بعيد جدا فقد اكتشف الإنسان منذ القدم الشعور بالخوف ويعتقد أن الأساطير القديمة هي الدليل على ذلك فقد كانت تحتوي على قصص تهدف إلى إثارة الخوف لدى المستمع أو القارئ. ويتفق الباحثون على أن هذا النوع من الأدب لم يتخذ شكله الحالي إلا مع بداية ظهور روايات الرعب القوطي الشهيرة والتي تحكي القصص في أجواء مرعبة قديمة مثل حوت القلاع والبرق وأضواء الشموع وقد حاز هذا النوع من القصص شعبية واسعة في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر على يد كل من آن رادكليف التي كتبت قصة أسرار أودولفو (Mysteries of Udolpho) وهوراس والبول صاحب رواية قلعة أوترانتو (The Castle of Otranto).
تاريخ
الكثير من أدب الرعب مستمد من أقسى الشخصيات في القرن الخامس عشر. يمكن تتبع دراكولا إلى أمير والاشيا فلاد الثالث، الذي نُشرت جرائم الحرب المزعومة في كتيبات ألمانية. تم نشر كتيب 1499 من قبل ماركوس آيرر، الذي اشتهر بصوره الخشبية. تعتبر سلسلة عمليات القتل المزعومة لـ غيل دي ريز بمثابة مصدر إلهام لـ «اللحية الزرقاء». يُستمد فكرة مصاصي الدماء من الحياة الحقيقية النبيلة مع القتل، إليزابيث باثوري ساعدت في ظهور خيال الرعب في القرن الثامن عشر، كما هو الحال من خلال كتاب لازلو توروشى لعام 1729.
أدب الرعب (horror fiction) هو نوع خاص جدا من الأدب يكون الهدف من خلاله إثارة الرعب والخوف في نفس المتلقي سواءاً قراءة او مشاهدة ، ويكون ذلك ايضا من خلال مجموعة من الاحداث المتشابكة او المتتالية .
في الحقيقة لا احد يخمن تاريخ انطلاق هذا النوع من الادب ، لكن أغلب الباحثين يعتقدون أنه قد بدأ منذ زمن بعيد جدا فقد اكتشف الإنسان منذ القدم الشعور بالخوف ويعتقد أن الأساطير القديمة هي الدليل على ذلك فقد كانت تحتوي على قصص تهدف إلى إثارة الخوف لدى المستمع أو القارئ. ويتفق الباحثون على أن هذا النوع من الأدب لم يتخذ شكله الحالي إلا مع بداية ظهور روايات الرعب القوطي الشهيرة والتي تحكي القصص في أجواء مرعبة قديمة مثل حوت القلاع والبرق وأضواء الشموع وقد حاز هذا النوع من القصص شعبية واسعة في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر على يد كل من (آن رادكليف) التي كتبت قصة (mysteries of udolpho) و(هوريس وبليس) صاحب رواية (the castle of oranto).
لكن الباحث حول هذا النوع من الأداب يجب عليه العودة بالتاريخ من عهد الظلمات في القرنين الثالث عشر والرابع عشر والأهوال التي سادت تلك المرحلة، وأبرزها محاكم التفتيش التي كانت تطارد المتمردين وتحرق السحرة المتهمين وهم أحياء أمام العامة، والملهاة الإلهية لدانتي أليغييري (1265 ؟ 1321) التي تعتبر من روائع الأدب الإيطالي والعالمي، والتي يصف فيها الشاعر ظاهريا رحلته إلى الجحيم والفردوس، لكنه في العمق يتحدث عن ملحمة رحلة الروح باتجاه خالقها، ليعيش القارئ في رحلة دانتي إلى الجحيم، حالة من الرعب والفزع لما يواجه الشاعر من أهوال وفظائع بشرية.
في القرن الخامس عشر، ظهرت قصة فلاديسلاف باساراب حاكم والاشيا وهي مقاطعة في ترانسلفانيا برومانيا، الذي أخذ عن أبيه لقب (دراكولا) أي ابن التنين، لكنه اكتسب لنفسه لقب (المخوزق) لتفضيله هذه الطريقة في تنفيذ حكم الإعدام، وقد سبقته شهرته كسفاح وحشي حيث قيل أنه قتل من البشر ما يتجاوز 40 ألف إنسان.
وفي نفس القرن، لوحات الفنان الهولندي هيرونيموس بوش (1450 ؟ 1516) الذي رسم فيها كوابيس استلهمها من جحيم الآخرة واشهرها (حديقة متع الدنيا)، وكذلك الطبعة الأولى من رسمة (رقصة الموت) للفنان الفرنسي غويو مارشانت (1483 ـ 1505)، والنص الأدبي (مطرقة الساحرات) الذي كتبه المحققون الألمان الثلاثة هنريك إينستيتوريس وهنري كرامر وجاكوب سبرينغر. ويلخص كتابهم الذي وزع على كافة بلدان أوروبا أسس أفكار السحر الذي انتشر، والذي كان القاعدة التي انطلقت منها محاكم التفتيش في القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث عذب وقتل آلاف البشر.
أما مرجع الكتاّب في القرن السادس عشر، فتمثل بكل من الأعمال الفنية للألماني هانس هولبين الأصغر (1498 ؟ 1543) الذي صور في رسوماته المطبوعة عذابات الموت، إلى جانب المسرحيات التراجيدية التي عمت مسارح بريطانيا منها مسرحية (التراجيديا الاسبانية) لتوماس كيدس (1558 ؟ 1594) ويتناول فيها موضوع الانتقام، وهي مسرحية ضمن مسرحية، حيث يتم السعي لوقف قاتل وشبح عاد للإنتقام بعد مقتله خلال الحرب بين البرتغال واسبانيا. وقد استلهم كبار الأدباء العديد من موضوعات أعمالهم من تلك المسرحية مثل وليام شكسبير وكريستوفر مارلو.
ومن ألمانيا الأسطورة التي جمعت بين السيرة الذاتية وأدب الخيال لجوهانس فوستوس، الساحر والخيميائي الذي بلغ حد الجنون وباع روحه للشيطان لقاء اكتساب المعرفة، والتي استلهم منها الأديب الألماني يوهان غوته (1749 ـ 1832)، مسرحيته (فاوست) التي اعتبرت من روائع الأدب الألماني.
بالانتقال إلى القرن السابع عشر، نجد الملحمة الشعرية (الفردوس المفقود) للشاعر البريطاني جون ميلتون (1608 ـ 1674) والتي يتحدث فيها عن هبوط الإنسان من الفردوس إلى الأرض، ويصف فيها الصراع مع غريمة الشيطان، إلى جانب الأهوال التي مارستها محاكم التفتيش ضد المتهمين بالهرطقة وأشهرها محاكم سالم وماساشوستس.
الرعب هو إحداث الخوف,والخوف هو شعور مزعج يصيب الفرد نتيجة تهديد من نوع ما.
وهذا التعريف يؤكد أن الخوف شعور غير سار,ولكن مبيعات روايات وأفلام الرعب تبرز مفارقة تدعو للحيرة,وتطرح السؤال؛
لماذا نريد تخويف أنفسنا؟
هذا مقال يحاول أن يحلل ظاهرة عشق تخويف النفس (تخويف أنفسنا بأنفسنا),تسليط عاطفة (الحب) على أخرى (الخوف). فنجد الملايين حول العالم يعشقون الأعمال المرعبة في الأدب والسينما مما جعلها تجارة فنية رابحة للغاية ولازالت كذلك حتى هذه اللحظة,بل وشهد الأدب العربي تحول ملحوظ فيها بعد توجه معظم جيل الشباب -وما يرافقهم من أجيال سابقة أو لاحقة- للكتابة في أدب الرعب.
أرجح النظريات هي مفهوم التطهير,الذي صكه أرسطو عام 335 قبل الميلاد في كتابه الشهير (فن الشعر) الذي لازال مرجعا مهما للعديد من النظريات الأدبية والنقدية.
ويأتي هنا التطهير بمعنى التنفيس.
التطهير Catharsis هو تجميل القبيح من خلال رؤية الأكثر قبحا.
وهو ما يعبر عنه المثل الشعبي الشهير “اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته” أي من رأى إبتلاء غيره هان عليه بلاءه. فإذا مرضت مرضا أرهقك,ولكنه لا يزيد عن كونه بردا, ومع ذلك لا تكف عن التذمر. فإذا قابلت شخصا مرض مرضا لا شفاء منه,سرطانا خبيثا, شعرت بمدى ضآلة حالتك. وإذا داس شخص على مسمار,فكاد أن يبكي من شدة الألم,وفي نفس اللحظة رأى شخص يخرج زاحفا من تحت سيارة مقلوبة بدون ساقيه. سوف ينسى ألمه وحاله على الفور.
ولكن تلك الحوادث العارضة,غير متحكم بها,لا من قبل المبدع ولا المتلقي كما يحدث في الروايات أو الأفلام. فالمبدع يستطيع في أرضه أن يتخيل ما شاء من الأحداث,والمتلقي يملك الخيار في انتقاء ما يناسبه منها. هذا الشعور هو ما تصنعه تلك الأعمال الفنية الأدبية أو السينمائية,وهي سرّ شعبيتها. خاصة التراجيديا,لأنها تفّعل شعور الحزن لدينا,والرعب لأنه يفعّل شعور الخوف لدينا. فالتنفيس يمثل عملية هوميوباثية تحقق فيها عاطفتي الشفقة والخوف تطهير النفس من العواطف مثل هاتين العاطفتين بعينهما.
يقول ستيفن كينغ,وكل الأقوال المقبسة له إلا إذا ذكرنا غير ذلك
“نحن نذهب لمشاهدة تلك الأفلام كي نعيد ترسيخ وعينا بحياتنا الطبيعية الأساسية؛فيلم الرعب عمل مُحافظ بطبيعته،بل رجعيٍ. إن شخصية فريدا چاكسون مُنصهرة الوجه في فيلم «مُت،أيُّها الوحش،مُت!» تثبت لنا أننا مهما كنا بعيدين كل البعد عن وسامة روبرت ريدفورد أو جمال مُحَيَّا ديانا روس،إلا أننا ما زلنا على مسافة سنوات ضوئية من القبح الحقيقي”.
الدم والهم من أجل واقع مغاير عن واقعنا الجاثم على صدورنا,مرتديا أحد ثوبين؛الألم والملل. فإن كان واقعنا مؤلما,ننظر إلى واقع أكثر قبحا لنحمد الله أنه لم يتحول إلى واقع أشد ألما. وإذا كان واقعنا مملا,ننظر إلى واقع أكثر قبحا لنحمد الله أنه لم يتحول إلى واقع غير ممل,أو ربما إلى واقع أكثر مللا. يعني حتى اللذين لا يعانون في حياتهم سوى من الملل الناتج عن رتابة الأحداث, يحتاجون إلى التطهير.
آلية أخرى تستخدم في التطهير,ليس من خلال تعذيب أنفسنا,بل من خلال مواجهة الخطر لإكتساب الشجاعة,خطر غير خطير,أي غير حقيقي هو ما توفره لنا السينما.
“نتيجة ان العمل الفني عموما يقدم في بيئة مناسبة تخلو من وجود تهديد حقيقي يصبح الإيحاء بوجود تهديد هو المتسبب في شعور المتلقي بالخوف،و لذلك حين ينتهي العمل الفني يشعر المتلقي بالانتشاء الناتج عن تخلصه من التهديد دون أن يتعرض شخصيًا لأي أذي،و هذا هو مصدر متعته .
أنه يعلم تمامًا بالرغم من شعوره بالخوف أن ما يحدث أمامه هو تمثيل و أمور غير حقيقية بالمرة و هذا على مستوي من مستويات وعيه.”
هناك نوع آخر (الآلية الثالثة) من التطهير ينبثق منه,وهو التطهر / التنقية,أي تطهير أنفسنا وليس واقعنا. بعبارة أخرى (التفريغ). وكما يقول ستيفن كينغ “أظن أننا جميعًا مختلون عقليًّا؛فقط القاطنون منا خارج المصحَّات النفسية بارعون في إخفاء جنونهم بشكلٍ أفضل قليلًا،وربَّما لسنا بتلك البراعة في النهاية.
المتعة النَّاشِئة عن رؤية أُناس آخرين يُهدَّدون،بل يُقتلون أحيانًا. أحد النُّقَّاد أشار أنه إذا كانت كرة القدم الأمريكية البديل المُعاصر لنشوة القتال،كمن يتلقَّى متعته الجنسية من مُراقبة الآخرين يمارسون الجنس؛إذًا فأفلام الرعب قد أصبحت البديل المعاصر للإعدام العام.
إن فيلم الرعب الخرافي المعتمد على حكاية خيالية يتعمَّد طمس درجات اللون الرمادي .. إنه يحثُّنا أن نضع ذواتنا الأكثر تحضُّرًا وميلًا إلى النقد والتحليل بعيدًا،وأن نعود أطفالًا من جديد، ونرى الأشياء باللونين الأبيض والأسود. قد تكون أفلام الرعب قادرة على تقديم راحة نفسية على هذا المستوى لأن مثل هذه الدعوة للانزلاق إلى البساطة،واللا عقلانية،وحتَّى الجنون التام،نادرًا ما تدوم. إنها تخبرنا أنه مُخوَّل لنا إرخاء الزِّمام عن مشاعرنا قليلًا .. أو إطلاق عنانها بالكامل.
إن كنَّا جميعًا مجانين،فالسلامة العقلية تصبح مسألة رُتبة لا أكثر. مثلًا،إذا حثَّك جنونك إلى تقطيع أوصال النسوة مثل چاك السفَّاح أو قاتل كليڤلاند قاطع الجذوع،فستودع نزيلًا في مصحِّة المجاذيب (بالمناسبة لم يُقبض على جرَّاحيّ الليل الهاويين هذين قط؛هي هي هي). من الناحية الأخرى،إذا قادك جنونك فقط إلى مُحادثة نفسك عندما تكون مضغوطًا،أو دس إصبعك في أنفك في أثناء ركوبك الحافلة الصباحية؛فلسوف تُترك وشأنك للذهاب إلى عملك .. لكن من المُستبعد أن تُدعى في أيِّ وقت إلى أفضل الحفلات التي تُقام في المدينة.”
ويضرب ستيفن كينغ مثلا آخر
“عندما نتداول نِكاتًا مريضة، كـ «ما الفرق بين شاحنة مُحمَّلة بكرات البلياردو،وشاحنة مُحمَّلة بجثث الرُضَّع؟» (الجواب أنك لن تستطيع تفريغ حمولة شاحنة مُحمَّلة بكرات بلياردو بواسطةِ مِذراة… وهذه بالمناسبة نكتة سمعتها من صبي سنه عشر سنوات). مثل هذه المُزحَة قد تُضحكنا أو تجعلنا نبتسم جافلين،وهو احتمال يؤكِّد صحة النظرية القائلة: إذا كنا نتشارك في أخوية الإنسان،فنحن نتشارك أيضًا في جنون الإنسان. لا أقصِدُ بهذا الدفاع عن النكتة المريضة أو عن الجنون،بل هو مُجرَّد تفسير لماذا نجد أن أفضل أفلام الرعب كأفضل القصص الخيالية تمامًا- قادرة على أن تكون رجعية،وأناركية،وثورية في الآنِ ذاته.
فيلم الرعب الخيالي -تمامًا كالنكتة المريضة- يقع على عاتقه وظيفة قذرة ليؤديها. إنه يُناشد -عمدًا- أسوأ ما فينا. إن جنونه المريض يفك قيود أكثر غرائِزنا بدائية ويُحرِّرها،ويجعلنا نُدرِك نزواتنا الأكثر شرًّا .. وكل هذا يحدث -لحسن الحظ- في الظلام.
نوعٍ من فتح بابٍ سحريٍ ما في قاع الفص الأمامي المُتحضِّر من الدماغ،ثم إلقاء سلة تحوي لحمًا نيِّئًا إلى التماسيح الجائعة التي تسبح في ذلك النهر الجوفي القابع وراءه.
لماذا أهتم؟ لأن هذا يكف التماسيح عن الهروب يا صاح. إنه يبقيها هناك في الأسفل،ويبقيني هنا في الأعلى.”
وكل منا لديه مستنقع من التماسيح الجائعة في عقله,الأدب والسينما توفر ظروف آمنة للغرق في حالات السادية والسايكوباثية والشهوانية وتفريغها في المشاهد على الشاشة أو الورق,من خلال تقديم آلية للتحكم العقلاني في المشاعر الغير عقلانية. وبهذا نتمكن من إشباع التماسيح ولو مؤقتا.
في مقابل التطهير يتيح لنا التخييل خيار آخر,هو الهروبية Escapism. أي الهروب إلى واقع آخر أجمل من واقعنا,حيث أبطال أقوى من الوحوش,وعوالم نقية من ماضي لم تفسدها التقنية الآتية من المستقبل,والمصاحبة معها كل أنظمة القمع الجديدة,والأمراض المصنعة من أيدي البشر.
“إن الهروب أمر حميد: الذهاب إلى مكان مختلف، لتعلم أشياء جديدة، ثم الرجوع بأدوات ربما لم يكن لك علم بها,والشيء الرائع في جيه كيه رولنج هو الفكرة المفاجئة المتعلقة بإمكانية تأليف كتب للصبية قادرة على المضيّ إلى أماكن غريبة رائعة، فتكون قراءة ممتعة بحق، وهذا من جملة الأسباب التي حوّلت كتب الأطفال من نطاق ثانوي في متاجر الكتب إلى قوة هائلة في صناعة النشر في بريطانيا..” نيل جايمان.
الأدبيات التي تفعل هذا التلقي الذهني نتعامل معها مثل المخدرات أو الخمر. إنها تنسينا,ولو مؤقتا,مرارة واقعنا. وهذا يفسر شيوع نوعيتي الفانتازيا والرومانسية بالتوازي مع نوعيتي الرعب والإثارة.
وهذا يعطينا تفسير آخر عن لماذا الأعمال الواقعية غير محببة لدى الشريحة الأكبر من المجتمع. ذلك لأنها تقدم لنا واقع آخر لا يختلف عن واقعنا,ولا يكف عن تذكيرنا به.
في الأخير نذكر أن نسخة ويكيبيديا العربية إستنادا إلى المرجع السادس في المصادر (كتاب Catharsis in Healing, Ritual, and Drama للباحث توماس جاي شيف Thomas J. Scheff) تقدم التطهير بصفته “مصطلح في الفن الدرامي يصف تأثير المأساة أو الكوميديا وعدة أشكال أخرى من الفن في الجمهور (إلا أن البعض يرى أنه يصف تأثيرها في الشخصيات الدرامية أيضًا)”. والتطهير ليس إلا تأثير واحد ضمن تأثيرات مختلفة يحدثها العمل الدرامي في عقل المتلقي وهو ما نتناوله في مقال آخر.
المصادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-فن الشعر / أرسطو,ت إبراهيم حمادة
2-لماذا نهوى أفلام الرعب؟ / ستيفن كينج ت نادر أسامة
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10210157973718798&set=a.1178789982889&type=3
3-هيا نتكلم عن النوع / حوار بين نيل جايمان وكازو إيشيجورو
http://readingtuesday.blogspot.com/2015/06/blog-post_22.html
4-أفلام الرعب – لماذا نصنعها؟ لماذا نشاهدها؟
https://kareembahaa.wordpress.com/2018/07/11/%d8%a3%d9%81%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%b9%d8%a8-1-%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%86%d8%b5%d9%86%d8%b9%d9%87%d8%a7-%d8%9f-%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%86%d8%b4%d8%a7%d9%87/
[4]
-أدب الرعب العربي
والآن إلى أدب الرعب العربي, وقد كتبت فيه وفي الأدب الخيالي عموما, بل هي كتابات كثيرة جدا, ومشتتة على نحو كبير أحاول تنظيمه من خلال تهيؤ أو محاكاة حاسوبية لعقلي ضمن ملفات الحاسوب, لولا أن جهازي هو مقبرة للملفات بالفعل. ولكن بفرض أن هناك قارئ يقرأ هذه الكلمات .. رجاء تحملني قليلا. يمكننا التعرف على الأدب الخيالي, من خلالي, بواسطة التعريف الدائم لي؛ فأنا قاص وكاتب روائي مهتم بأدب الرعب والفانتازيا والخيال العلمي, عاشق لهذه الآداب الثلاثة في الواقع, وبدرجات متفاوتة من الأول للأخير, فلا شيء يضاهي عشقي لأدب الرعب عندي, يليه الفانتازيا بجموحها الغير محدود, وإن كنت بت مؤخرا أنظر للأنواع الثلاث بنفس القدر من الشغف تقريبا بالتساوي بين الأنواع الثلاثة, فالخيال العلمي فيه جموح يتجاوز بناطقاته تلك المساحات المفتوحة بشكل يعطيه نفس لا نهائية الفانتازيا, وأيضا أحب النوع الرابع إن كان لنا أن نضيفه مستقلا, وأقصد الغرائبية بما لها من وشائج القربى مع التأملية الرمزية والواقعية السحرية. ربما اهتمامي المنصب في المقام الأول بأدب الرعب يرجع لترسبات لا يمكن أن تزول من طفولتي, وكذلك الخيال الذي جعلني أفهم وأستمتع بالليالي العربية قبل أن أعي فعلا ماهية الخيال العلمي. يمكن أن يشمل التعريف وصفي بأني كاتب روائي وناقد سينمائي, فأنا أعشق السينما أيضا, وأول ما عرفت منها هو سينما الرعب, وأول ما عرفت من الأدب هو أدب الرعب, وأول ما نظرت للفنون الأخرى نظرت تقريبا إلى قدرتها على تصوير أو التعبير عن الرعب بالصورة أو الموسيقى أو خلافه.
وحين قسمت الفنون عندي إلى سبعة من الأدب والسينما والموسيقى والصورة والتصميم والرياضة والأداء, وقبل أن أضرب هذا التصنيف وأبدده مرة أخرى, قبل ذلك كان الرعب يحتل مكانته في الأدب والسينما ثم الصورة والصور الفنية الأخرى.
والأدب قسمته إلى قسمين؛ الأدب الواقعي والنقد الأدبي (عموما), والقسم الثاني هو المدرسة الخيالية المشتملة على ثلاث تصنيفات رئيسية؛ الرعب, والفانتازيا, والخيال العلمي.
قسمت الرعب إلى شرقي وغربي, وانفردت بالعربي نقدا وتأليفا وتأصيلا, فآثرت أن أعني بدراسة أدب الرعب وأفصله تفصيلا, ولكن من زاوية عربية, وأنا كاتب عربي بطبيعة الحال, وبالمقارنة الدائمة مع الأعمال العربية قديمها وجديدها, مؤلفاتها أو نقدياتها.
لذا تجد كتاباتي هنا -في هذا الموضوع تحديدا- موزعة على الدراسات حول الأعلام, والدراسات حول الأعمال, وآليات كتابة الرعب -إن كان للإبداع من آلية- أو نقده. مع التركيز أيضا على العلاقة بين أدب الرعب, وأدب الفانتازيا, وأدب الخيال العلمي. كل هذا قد يصلح تمهيد -وقد لا يصلح- بعده يلزم الانتقال إلى عجلة سريعة لعرض مسيرة أدب الرعب في العالم العربي, وهو بالطبع أدب حديث, الرعب هو أكثر الآداب حداثة بالتوازي مع الخيال العلمي؛ لأن الإنسان في حاضره, مشطور دائما بين خوفه من الماضي, ومحاولات فهمه لهذا الخوف (كافكا / بو), والحاضر هنا يتسلسل ببطء ليتحول إلى خوف آخر يتسلل إلى قلوبنا, والشطر الآخر ينظر إلى خوفه من المستقبل, ويحاول فهمه, فهم المستقبل أو تحليل خوفه الدائم من الغد (ويلز, وجورج أورويل). ومن اللحظة الآتية, أو حتى مرورها على نحو غير التي مضت عليه (أدبيات الخيال البديل نموذجا).
[5]
-أدب الرعب العربي؛ عودة إلى التراث
وتنقسم إلى نوعين؛ الأساطير الماضوية, وتشمل أساطير الجن, والقطرب, والقرين, والغيلان والشيطان
والأساطير المستقبلية, وتشمل أساطير القيامة, والمسيخ الدجال, ويأجوج ومأجوج,
وقد ذكرنا موجز لتاريخ أدب الرعب من حيث هو مجموع أسماءه من أدباء أو مؤسسات أو أعمال. وعند هذه النقطة نأخذ منحى آخر لدراسة تاريخ الرعب العربي من حيث هو مجموع أفكاره. أي مجموع مخاوفه
والتي تقع بين مجموعتين كبريتين من المصادر؛غيبيات تراثية وراهنية معيشية,ولا يوجد بعد أي تطلعات مستقبلية,عدا تلك التي تكون إستدعاءا لخرافات غيبية. ولهذا يظل أدب الخيال العلمي الأكثر تهميشا بين الآداب الثلاثة؛الرعب,الفانتازيا,والخيال العلمي.
من الناحية الأولى (الماضي),فإن كتب الأقدمين تحتشد بالكثير من الأساطير والخرافات والغرائبيات التي تصلح أن تكون منبعا خصبا لأدب الرعب العربي. هذه الفكرة البحثية من طرح ثلاثة نقاد يصعب أن أحدد حاليا أسبقية أي منهم -أو غيرهم- إليها؛ياسين أحمد سعيد بمبادرة لأبعدى مدى,محمد عبد العليم عبر كتابه (تاريخ الرعب العربي),رايفين فرجاني من خلال مقالاته المتناثرة هنا وهناك. وربما لنا مقالة لتبين ذلك,ولكننا يمكن أن نرجع أصل الفكرة إلى ناقد كبير دون أن يساورنا الشك في جهده وأثره. وهو فاروق خورشيد أول من اقترح فكرة الإستفادة من أدب التراث في تدعيم أرضية عربية صلبة لأدب الفانتازيا الحديث. وكل ما فعلناه أن نقلنا هذا الطرح إلى نوعية أخرى من الأدب الخيالي,أي أدب الرعب.
هذه نقطة قد تكون لصالحنا ضد الغرب,لا أقصد الغرب الأوروبي,بل الغرب الذي تمثل متأخرا في أمريكا,وقد تمكن من صنع حضارة أمريكية استعاضت بالحداثة عن التراث, ويحاول الغرب أن يؤسس لحضارة إسرائيلية أخرى لا أساس لها ولا تراث.
من الناحية الثانية (الحاضر),نحن أفضل من الغرب من هذه الناحية أيضا,فالغربي,وخاصة الأمريكي كما تصوره لنا السينما الأمريكية,يستشعر أمانا وهميا وزائدا عن الحد. هذا الأمان المفقود في ظل رعب مستشري في الوطن العربي. وقبل أن نقع في فخ الخطاب السياسي المعارض,فالأمان مفقود في العالم كله,وإن كان عالمنا العربي,الشرقي,المحافظ والحريص بطبعه,أكثر وعيا بالمخاطر التي تتهدد حياته وأمنه ومعيشته. راهنية معيشية رعبية تشكل أرضية خصبة,نقف عليها حاليا بدلا من أن نسترجعها بأذهاننا,قد نحاول إلتقاطها بمخليتنا, وقد نشهد عليها بأعيننا. ونظرة واحدة إلى النوافذ الإعلامية التلفزيونية أو الشبكية أو الصحفية كفيلة بتأكيد ذلك؛الحروب,جرائم القتل والخطف والإغتصاب,وحالات التعذيب / العنف / الإرهاب اليومية. وغير ذلك. بل ويمكن أن نستحضر شواهد أخرى تصلح أدلة عينية لحظية أو موثقة في الحوادث التي نلقاها على الطريق السريع,أو المشاجرات المحتدمة تحت نافذتي في حارتنا. هذه نافذة أكثر واقعية من أي نافذة إعلامية. هذا غير الأذن التي تسمع عن فلان قتل أو علان اختفى!. وهذا يفسر التزايد المفرط للمجتمعات السكنية المغلقة (كمباوند Compound) المتميزة بجهاز أمني قد يكون أكثر فاعلية من الأحياء العشوائية أو التقليدية. في محاولة لخلق أي عزلة عن كل هذا التلوث البصري والسمعي الذي يدب الرعب في القلوب.
يقابله إزدهار في أدب الرعب العربي الذي بلغ ذروته في العقد الماضي,وهو الآن يحافظ على إستقراره,إن لم نقل يزيد في توسعه.
[6]
-أدب الرعب العربي؛ تطلع للحداث
هذا معناه أن نتعامل مع أدب الرعب, مثل أي أدب آخر, والنظر إلى مسألة التلقي, في أخذ جميع الشرائح المعرفية والقرائية على محمل الجدية, انظر مثلا إلى بعض الجهات المؤسساتية مثل عرب لايت https://arablit.org/ التي تتعامل مع العديد من الأنواع المختلفة للأدب العربي, وتحاول تصديره بالصورة المناسبة إلى قراء الإنجليزية. ومنصة مثل https://www.full-stop.net/ تخصص مساحة لأدب الرعب العربي.
أما من قبلنا نحن, فيمكن لنا أن نطرق موضوعة مكررة, وغاية في الأهمية, في أدب شيرين هنائي, وهي العلاقة بين شيرين هنائي والموت.
غردت شيرين هنائي وحيدة, خارج السرب, عما يعرف رعب التكية المشتملة على أدباء معروفين مثل علاء محمود وحسن الجندي, أو غير معروفين مثل إسلام وهدان, إسماعيل وهدان, داليا مصطفى, صلاح معاطي, علا بركات, علاء سعد حسن, فاطمة الصباحي, محمد سامي, مدحت عبد الله مطر, هبة الله محمد, ولاء نصر.
الموت والعنف, هي مقاربة الباحثة كارين غرومبيرغ Karen Grumberg عن الأدب القوطي في الشرق الأوسط Middle Eastern Gothics, حيث قرنت التطور الحداثي لهذا الأدب في إيران وتركيا والبلاد العربية, وربما جزء من أفريقيا الجنوبية, بهذين المفردتين, وما يتبعهما من قمع سياسي أو تعنيف ضد المرأة, ومزيج غريب من الكراهية والطبقية والعنصرية والتنمر والإرهاب وحب الذات. وعنوان جانبي الحداثة الطيفية والماضي المضطرب Spectral Modernities and the Restless Past.
6-واقع الرعب في العالم العربي
القسم الثاني: الرعب أدبيا وفنيا
القسم الثالث:- سينما الرعب
[7]
-شيرين هنائي, وما يجعلها مميزة
أبواب الرسالة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-أدب الرعب
2-التلقي العربي
3-مراجعة وتحليل رواية (…….)
[1] أدب الرعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ماهية أدب الرعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو نوع أدبي غايته تحريك عاطفة الخوف لدى المتلقي
[2] تاريخ أدب الرعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[3] أعلام أدب الرعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولا أعظم أدباء الرعب في التاريخ
1-إدجار آلان بو
2-هوارد فيلب لافكرافت
3-ريتشارد ماثيسون
4-ستيفن كينج
5-برام ستوكر
6-ماري شيلي
7-توماس هاريس
8-غوته
9-أوسكار وايلد
10-روبرت لويس ستيفنسون
11-هنري جيمس
12-غاستون ليرو
13-واشطن إيرفينج
14-فرانتز كافكا
15-دافني دي مورييه
16-الماركيز دي ساد
ثانيا بعض أعلام أدب الرعب المعاصرين
1-بيتر ستروب
2-آن رايس
3-دان سيمونس
4-نيل غايمان
5-جو هيل
6-روبرت بلوخ
7-كليف باركر
8-دين كونتز
[2] التلقي العربي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أدب الرعب العربي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] أدب الرعب بين المنظور الغربي والعربي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[3] أبرز رواد أدب الرعب العربي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-أحمد خالد توفيق
2-شيرين هنائي
3-وائل رداد
4-حسن الجندي
5-تامر إبراهيم
[3] رواية نيكروفيليا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.