سيرة حقيقية، ومكتوبة بأسلوب كاتب محترف. ليست كسير كثيرة ربما تمرّ بك، يتحدث فيها الكاتب عن تنقلاته في السنوات التعليمية، والوظائف، مع حديث فيزيائي عن عائلته، وبعض معارفه، برتابة قبيحة، بحيث لو حذفت اسم الكاتب، ووضعت اسم أول شخص يقابلك عند إشارة المرور فسيكون ذلك إجراءً معقولاً في الغالب.
قرأت قبل سنين لولسون قطعة قليلة من كتابه الأشهر”اللامنتمي”، والذي كتبه حين كان في الـ24 من العمر، جلب له هذا الكتاب شهرة هائلة في العالم بأسره، أثرت عليه سلباً في بقية حياته. وهكذا الشهرة والمال قد تدمر الإنسان، فكيف إذا جاءت في وقت مبكر من العمر. واستمر في تأليف الكتب بإفراط، وحين مات في 2013م ترك وراءه مكتبة صغيرة من تأليفه، تتكون من 118 كتاباً!
صُنّف “اللامنتمي” كوجودية جديدة، وجودية متفائلة، مقارنة بوجودية ج.سارتر والبير كامو العدمية السوداء. ربما يعود تفاؤله لمسببات فطرية، ولافتخاره الواضح والمبالغ فيه بذاته، واعتداده الشديد بنفسه، والحياة الجيدة التي قُدّرت له. وهو يقول “النزعة التفاؤلية ليست مسألة مزاج شخصي، بل مسألة منطق في المقام الأول”.
ثم تتابعت كتبه، كتب خمس روايات، و8 قصص من الخيال العلمي، وكتب في النقد الأدبي، ودرس الظواهر الخارقة للعادة في 11 كتاباً (وهنا انزلق ولسون لأوهام وخزعبلات مؤسفة)، وكتب عن الدوافع الجنسية، وكتب سير غيرية لعدة مشاهير، وكتب في دراسة تاريخ الجريمة، وسيكولوجية المجرمين…الخ.
وفي سيرته يبدو كم كان مولعاً بالقراءة والكتب، فجمع مكتبة تزيد عن 30000 كتاب، كما يظهر جلده وصبره على الكتابة، والتأليف، وكان يحاول مراراً تبرير إفراطه في النشر، بينما السبب الأبرز -الذي يحاول تقزيم دوره- هو الحصول على المال اللازم للعيش.
وموقفه من الكتابة في مطلع حياته ملفت، يقول أنه اكتشف في وقت مبكر من حياته “وسيلة عجائبية يمكن لها أن تحفظ شعور المرء بوجود غرض ما في حياته، وهي الكتابة”، وكانت تجربة الكتابة بالنسبة له أول اختبار لعالم من الفرح والابتهاج لم يعهد له مثيلاً من قبل.
بالنسبة للترجمة فهي لا بأس بها، وقد أحسنت المترجمة بترجمة عدة مقالات تتناول إنتاج ولسون وأفكاره، كما ترجمت حوار مهم مطول مع الكاتب.
بقلم: عبد الله الوهيبي
رابط المنشور الأصلي: هنا
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.