الاقتصاد

دليلك الشامل لتعلم كل شيء عن: (التسويق عبر استهداف السوق)

استهداف السوق، أو استهداف العملاء، أو التسويق الموّجه، هو أسلوب تسويقي يستهدف (فئة معينة من المستهلكين) بما يتناسب مع احتياجاتهم الفردية والفريدة في شتى النواحي لدواع ترفيهية أو حياتية.

 

هذا التفرد في (الطلب) يمكن حصره في مرحلة ما، ضمن مجموعات، حيث يعمل الاستهداف على ترشيح العميل المناسب، من خلال ترشيحات عدة أو فلترة للمجتمعات الفرعية داخل مجتمع أكبر.

 

هذه العملية (استهداف السوق) تمرّ بمرحلتين أساسيتين؛

 

الأولى هي تصنيف المجتمع إلى فئات وشرائح طبقا لمجموعة من العوامل، نستعرضها في الآتي.

 

الثانية هو تقييم واختيار وتوظيف الفئات المناسبة لطبيعة وقوة نشاطك التجاري، وما أنت قادر على تقديمه.

 

هذه العملية ضرورية جدا، ثبت بالتجربة وبدعم من كافة الدراسات العلمية -لدرجة ترقى إلى القوانين الاقتصادية- أنه لا غنى عنها من أجل الوصول رقميا أو مكانيا إلى العميل الذي سوف يتخذ أحد إجرائين

 

إما سوف يشتري منك، ويستمر في الشراء، وقد يرافق ذلك إهتمام بما تقدمه أنت تحديدا أو شركتك من منتجات وخدمات (الولاء للعلامة التجارية).

وإما سوف يشتري منك، مرة أو بضعة مرات، لكنك سوف تظل في تصوراته دائما عند التفكير في منتج أو خدمة مشابه لما تقدمه أنت (الانتشار).

 

أي مسوق مبتدئ قد يحسب أن التسويق بالاستهداف، ليس ذات أهمية كبيرة، مع الوقت، وبعد أن يهمله الجميع، سوف يتعلم بالطريقة القاسية أن الاستهداف هو شريان الحياة لأي نشاط تجاري أو تسويقي، وذلك لأنه في الحقيقة (الجميع لا يتجاهلك)، ولا حتى أن (الجميع لا يعرفوك)، ربما تكون معروف على نحو ملائم عند جميع من لن يهتموا بك أصلا. لفترة من الفترات كنت أنا مشهورا -عالقا- بقصصي وسط مجتمع من الرسامين لا يهتمون أصلا بالنصوص الأدبية والكتابة، لو أدرت الدفة، سوف تجد مجتمع غني من القراء الذين يقدّرون حقا ما قمت بكتابته.

 

حتى في أكثر أساليب التسويق تعميما، مثل (التسويق الشامل) لا يكون الهدف إلا استقطاب أو تفريز فئات معينة من العملاء / المستخدمين / المستهلكين، من خلال مجموعة منظمة من الخطوات تسمى بـ (التسويق الشامل)، أي أنه ليس تسويقا مفتوحا على اتساعه لدرجة تفسده وتجعله (مبهوئا) كما نقول نحن المصريين، فكل ما زاد عن حده انقلب ضده، مثل كرة تصطدم بقوة في الجدار وترتد إليك، بينما الغرض هو رمي الكرات لتستقر في السلة المخصصة لها.

 

لذا، أي استهداف عشوائي وغير مرتب وفق خطة واضحة، غالبا سوف يؤدي إلى نتائج عكسية، وحتى لو لم يفعل، فالاستثناء يؤكد القاعدة (لكل قاعدة شواذ)، ولا يخرج ذلك عن قبيل الصدفة، والصدف، في السياق العلمي، يصعب تكرارها، أو اختبارها، وبالتالي يستحيل تقريبا توظيفها للاستفادة منها.

 

وللعلم، هناك فرق بين الصدفة (التي تفتقد إلى تفسيرات واضحة)، والحركة الطبيعية للأشياء، وللسلوك البشري، فحتى أولئك الذين لا يفقهون أي شيء في التسويق، بحكم معايشتهم للسوق يكتسبون نزعة بديهية نحو الميل لفعل الصواب، واتباع السلوك الذي يُعطي نتائج أكبر، حتى ولو بدون علم دقيق منهم.

 

فحتى رجل الشارع، على ناصية أو رصيف بالقرب من مترو العتبة، يبيع كتبا، أو ملابس، أو طعاما، أو أي شيء، هو، وربما بدون قصد، يستهدف فئة من المستهلكين، ذو قدرة شرائية منخفضة أو متوسطة، بحكم أنهم يمرون من أمامه للوصول إلى مدخل محطة القطار النفقي، ويحدث المرور كثيرا، يكثير المارة، وقد يمرّ نفس الشخص كل يوم لعدم امتلاكه وسيلة أكثر رفاهية تساعده على التنقل (مثلا بين العمل والمنزل، أو للزيارات العائلية أو التنزه أو التسوق). لا يملك إلى المرور من أمام البائع للوصول إلى محطة المترو، أو للوصول إلى محطة الأتوبيس بجوار محطة المترو.

 

هذا النوع من المستهلكين، حتى ولو لا يهتم، يثير فضوله دائما العروض المتاحة على الأرصفة، لأنها، وبحكم كونها على الأرصفة أو الأرضيات والمفارش، فهي لا تقدم إلا منتجات رخيصة الثمن، أو منتجات غالية تباع -هنا- بأسعار مخفضة، أو مخفضة جدا في بعض الأحوال من الرخص، أو متيسر شراؤها في بعض الأحوال من الغلاء.

 

البائع العشوائي الذي ترعرع في الأحياء والأسواق الشعبية، يتعمد أن (يجرّ رجل) زبون ينتمي إلى فئة يعرفها هو حق المعرفة من العملاء، فلا يهتم مثلا بذلك الذي ترك سيارته في العمل أو في الصيانة أو تعطلت، وقرر أن يمر ليركب القطار، خاصة وأنه سوف يكون متعبا جدا (لأنه سوف يتعالى دون أي نية حقيقية للشراء، ولا حد أدنى من الإهتمام)، زبون تنك على حد قول الباعة. بل ينادي ذلك العميل الذي (يفاصل) معه، وهو وحتى وإن كان يكره مفاصلته تلك، إلا أنها تفصح بوضوح عن نية حقيقية للشراء، تنتهي غالبا بإتمام البيع، بل وأن التاجر قد (يُربي زبون).

 

البائع العشوائي، يعرف جيدا، أن موقعه على الرصيف، وفرشته أو حانوته أو كشكه هذا، هو اللي فاتح عليه (باب رزق)، وقد يقاتل ويستميت من أجل الحفاظ عليه، حتى أنه يطوّر سلوكيات عدوانية جدا، قد تصل إلى مستويات إجرامية، من أجل بسط هيمنته على (الفرش) أو (الأرضية)، من باب (يا جاي على قوتي يا ناوي على موتي)، مع الإذعان غالبا لمجموعة من النظم السوقية التي لا تقل إجراما وفسادا (يدفع أرضية، أو كارتة، أو إتاوة، إلخ).

 

هذا النوع من الباعة، يفهم جيدا، أنه هنا، سوف يصادفه يوميا، عشرات، مئات، قل آلاف، من المستهلكين اللي راح (ينفّعوه). هذا البائع، لن يصلح طبعا في العمل للبيع أو التسويق داخل المحال الكبرى في المعارض والمولات، هو يعلم ذلك، فبعضهم يرفض فرص تأتيه للعمل خارج أسواقه الشعبية تلك، مفضلا الاستقرار على أرضية، أو حتى التجول في الأسواق الشعبية (سوق الثلاثاء في المرج، سوق الجمعة في السيدة، سوق الأحد في المنشية، سوق السبت في العتبة ومناطق وسط البلد، سوق الخميس في المطرية، إلخ). وهي لمن لا يعلم، عبارة عن بديل أسبوعي وشعبي في الشارع، للمعارض الدولية والفعاليات الكبرى.

 

لذا، وباختصار، يساعد الاستهداف، على تجنب إهدار الموارد وضياع الفرص، بل هو ضروري جدا لذلك.

 

الفئة المستهدفة باختصار، هي شريحة مجتمعية تتكون من مجموعة من الأفراد، يتشاركون في مجموعة من الخصائص التي توحد إهتماماتهم الاستهلاكية والشرائية، ذلك يساعد على اختصار الوقت، بدلا من قراءة أفكار كل عميل على حدة، نقرّب المسافة بين الفرد وآخر، من خلال جمع الأفراد داخل هذا التصنيف (شرائح العملاء).

 

وعمليتي تصنيف، وتقييم، شرائح العملاء، قد تحدث معا بالتوازي لاختصار الوقت، فنحن لا يهمنا تصنيف كل الشرائح المجتمعية، ولا يهم التاجر أو البائع، بل هو فقط يلجأ إلى التصنيف، أو يقوم به، للوصول أو التعرف على الفئة التي تناسب ما يقدمه هو (هؤلاء هم العملاء الذين سوف يشترون منك، أو لديهم نية للشراء).

 

يتم التصنيف من خلال اعتماد عدد كبير من المعايير، يعنينا منها عشرة عوامل فقط، أحاول ترتيبها في الآتي من حيث الأكثر أهمية إلى الأقل أهمية

 

1-القدرة الشرائية: (معدلات الدخل ومصادره)

2-المكان والجغرافيا

3-الإهتمام: (التجزئة السيكوجرافية، وحجم السوق)

4-السلوك: (الدوافع، التفضيلات، الاستهلاك)

5-الموقع الوظيفي والاجتماعي

6-العمر والديموغرافيا – النوع (العرق، والجندر)، الثقافة

7-المواسم والتوجهات الإعلامية وحجم السوق (مرة أخرى)

8-عرض البيع الفريد / إنشاء شخصيات المشتري

9-الأسئلة، والرؤى وأبحاث السوق، (حجم السوق مرة ثالثة)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *